معركة مزبورة

تم النشر اليوم 12-12-2025 | معركة مزبورة
بعد معركة هدية (1328 هـ - 1910 م ) التي دارت بين جيش مبارك بن صباح الصباح حاكم الكويت السابع وبين جيش شيخ سعدون باشا بن منصور السعدون والتي خسر فيها جيش الشيخ مبارك المعركة وانسحبت جموع الجيش تاركة ما كانت تحمله من أسلحة وذخيرة وخيام وأحمال ليغنمها سعدون باشا وإتباعه ، بعد تلك المعركة سار الجيش بقيادة الشيخ جابر المبارك وقائد مبارك الهمام صقر الغانم بعد ان جهز الجيش بأحدث الآلات الحربية كما كان معهم الشيخ احمد الجابر والفارس المغوار إبراهيم بن جابر الفاضل الصباح وعبد العزيز بن حسن ، وفي شمال الجهراء ونتيجة للأثر السيئ الذي تركته معركة هدية أشار عبد العزيز الحسن على جابر المبارك الصباح بالرجوع عن بحثهم المضني عن الظفير لكن مخاوفه من قوة الأعداء لم تجد أذانا صاغية . حيث كان لابد من قطع دابر التردد الذي أثاره عبد العزيز الحسن في نفوس الرجال ، لذا وبعد ان جاوز الجيش أبار (كابدة) أمر القائدان جابر وصقر رجالهما بإفراغ ما معهم من ماء على وجه الأرض وافهموا الجيش ان الماء الوحيد موجود في أحضان العدو الذي يتوقعون ظهوره في أي لحظة . وكان جابر قائد هدية عندما خذله رجاله وفروا تاركين كل شيء في ميدان المعركة ولم يكونوا الآن إلا بعضا من أولئك الرجال وفيهم من جاء يطلب مكسبا سهلا دون عنا لذا خاطبهم جابر بحزم قائلا : ( من لا ينصح في القتال فليس عندنا إلا القتل ) . إما صقر الغانم فقال مخاطبا الشيخ جابر المبارك بعد ان انتهى من كلامه إنكم في الحقيقة لم تجمعوا الجند إلا لمثل هذه الأيام العصيبة ، ولا شك انه سيبذل قصارى جهده في ذلك ، وسيرخص بالنفس والنفيس ولكن الواجب عليكم يقتضي إلا تنظروا غدا الى ما يناله من الغنائم والأموال من عدوه . فقال جابر المبارك لقد قلت الحق ونطقت بالحكمة . وجاء في كتاب " تاريخ الوطن العربي الحديث والمعاصر " للدكتور إبراهيم خليل العلاف : يقال ان الشيخ مبارك تلقى إخبار هذه المعركة بعزيمة قوية فعقد النية على الأخذ بالثأر فاستمر يجمع الأسلحة ويحشد القوات للإجهاز على خصمه سعدون باشا فلما اجتمع شمل هذه القوات سيرها مبارك الى سعدون المنصور . وكلف الشيخ مبارك الصباح ابنه الشيخ جابر بقيادة هذا الجيش يعاونه في القيادة صقر الغانم والشيخ احمد بن جابر الصباح وتجمع هذا الجيش الكبير في الجهراء حيث كان وسائط نقل هذا الجيش من ابل وخيل تشرب من مياه الجهراء وترعى في مراعيها . وبعد ان أكمل الجيش ترتيباته وتنظيم صفوفه تم توزيع الأسلحة على إفراده وتم تجهيزه بالتموين والذخائر اللازمة وأصبح جاهزا بالعدد والعتاد والعدة ، ثم تحرك هذا الجيش من الجهراء بهمة ونشاط وعبر شعيب الباطن متجها الى الشمال حتى وصل الى أبار (كابدة ) وفيها احد عشرة بئرا قليلة العمق تقع الآن ضمن بادية العراق فوردت ركائب هذا الجيش على هذه الآبار وشربت منها ثم واصل جيش مبارك المسير حتى وصل الى الأرض القريبة من أبار ( الخنقة ) يقطن عليها العربان ايام الصيف والقيظ ، ومن تلك البادية شاهد الجيش ( قطعانا ) كثيرة من الإبل بعضها يعود الى العشائر الموالية لسعدون باشا وبعضها يعود لعشائر مهادنة ومتصالحة مع سعدون ، وذلك لكي يسمح لها بالرعي في الأراضي الواقعة تحت سيطرته في ذلك الزمان وقد اخذ عليها سعدون مقابل السماح لها بالرعي عهودا ومواثيق بالا تساند غيره أو تناصر احد ضده . ويقول عبد العزيز بن احمد الرشيد في كتاب (تاريخ الكويت) : وعندما أبصروا يقصد رجال جيش مبارك ابل العدو التي ملئت الفضاء وضاقت منها البيداء وليس معها إلا قليل من الرجال وجدوا أهلها في غفلة عما فوجئوا به ، فأغاروا عليها صباحا وفي مقدمتهم (صقر الغانم) ولكن صقرا وحده صرف همته قبل كل شيء الى قتال الحماية والإجهاز عليها فكان كلما اجتمعت عليه شتت شملها بسيفه وسنانه وهكذا الى ان قتل وجرح كثيرا منها وانهزم الباقون تاركين من ورائهم غنيمة باردة . واستبسل استبسالا يشهد له به ، وعاد الجيش الى الكويت بعد ان غنم الكثير من ابل الظفير وسميت هذه المعركة عند أهل العربان (مزبورة) وجاء الاسم من (تزبير الحلال) أي تجميعه وتكديسه لان أهل الكويت في هذه المعركة كسبوا الحلال (الإبل) بسهولة وزبروه تزبيرا في ساحة الصفاة .