[ تاريخ ] 8 من مظاهر الحياة العقلية في العصر الجاهلي

تم النشر اليوم 12-12-2025 | [ تاريخ ] 8 من مظاهر الحياة العقلية في العصر الجاهلي
تم النشر اليوم [dadate] | 8 من مظاهر الحياة العقلية في العصر الجاهلي

مظاهر الحياة العقلية في العصر الجاهلي

قسّم المؤرخون العصور التاريخية خاصة في التاريخ الإسلامي إلى عدة عصور منها العصر الجاهلي وهو العصر الذي سبق ميلاد الرسول عليه الصلاة والسلام والدعوة إلى دين الإسلام، وهذا العصر كان تقريباً حوالي قرن ونصف من الزمان، والعصر الجاهلي له العديد من الخصائص العقلية والعلمية والثقافية والسياسية والاقتصادية، في هذا المقال نعيش من خلال جولة ثقافية، حيث نتعرف على ملامح الحياة العقلية في العصر الجاهلي.

8 من ملامح الحياة العقلية في العصر الجاهلي

العصر الجاهلي له العديد من الخصائص العقلية والعلمية، فالعصر الجاهلي ليس بالضرورة عصر جهل، فليس المقصود بالجاهلية سيادة الجهل وعدم التعليم، وإنما الجاهلية نفسها عصر يمتد إلى عصرين وهما الجاهلية الأولى، وهي عصور بعيدة قبل الإسلام، كان العرب فيها قبائل لا يعرف عنها التاريخ شيئاً. أما الجاهلية الثانية وهي المقصود بالعصر الجاهلي، وهي فترة أمتدت قبل الإسلام بنحو قرن ونصف إلى قرنين من الزمن وحتى بداية دعوة الإسلام وظهوره وانتشاره. وهذه الفترة تميزت بالعديد من الخصائص منها خصائص علمية وثقافية وعقلية ظهرت بشكل واضح وهو ما نناقشه ونتعرف عليه عزيزي القارىء من خلال النقاط التالية: تطوّر اللغة خلال العصر الجاهلي العرب هم أهل الكلام، هذه هي الحقيقة التاريخية التي سادت خلال العصر الجاهلي، فلقد تطوّرت أدوات اللغة العربية ومظاهرها خلال العصر الجاهلي وكان ذلك يظهر من خلال الشعر الجاهلي والمعلقات التي ظهرت خلال العصر الجاهلي من خلال فطاحل الشعراء العرب. فاللغة تطورت خلال العصر الجاهلي من بين جيل وجيل آخر، ولم تخلق اللغة من الفراغ، حيث ظهرت العديد من الألفاظ المحددة التي تلبي الاحتياجات المرتبطة بها وقد اندثرت الألفاظ القديمة، كذلك تلاشت الأمور التي كانت تدل عليها بعض الكلمات الأخرى، وقد ظهرت العديد من المفردات الخاصة في اللغة العربية، وهذه المفردات أصبحت خصيصاً للعصر الجاهلي، أما عن أهم المظاهر اللغوية الموجودة في العصر الجاهلي نجدها في اختلاف اللهجات بين القبائل العربية، والتي تستعملها كل قبيلة على حدة، كما ندر استخدام الألفاظ التشبيهية و الاستعارات المكنية والتي ظهرت من القرآن الكريم الذي استخدمها وأضاف إلى اللغة العربية بعداً جديداً. كما ظهرت في العصر الجاهلي العديد من الدلالات التي كانت في نظر البدو والتي اختلفت عن نظر الحضر. ظهور الأمثال كعلم مستقل بذاته في العصر الجاهلي المثل هي عبارة عن جملة قصيرة قد تغني عند سماعها العديد من المقالات في موضوع معين ومحدد، فإذا افترضنا بعض المواضع التي تتحدث عن الجوانب الاجتماعية، يمكن بمثل واحد تعبر عن هذه الجوانب وما فيها من تفاصيل كثيرة. وتحمل الألفاظ الموجودة في كل مثل عن تجارب حياتية أو قصص طويلة تم اختصارها في مجمل التشبيه في جملة قصيرة فقط، وتعتبر الأمثال العربية علم مستقل بذاته لا يوجد في العديد من الأمم القديمة الأخرى في الجوانب الثقافية، فاللغة العربية بها العديد من التشبيهات الثقافية التي لا توجد في لغات وثقافات أخرى قديمة، ومنها الأمثال. والميزة الرئيسية في المثل العربي، أنه لا يوجد شخص محدد هو من قال بالمثل، أو الذي أطلق هذا المثل دون غيره، بل على العكس هو عبارة عن مثل خلق لوحده من تجارب عديدة وقصص متداولة ومتواترة في الثقافة الجاهلية العربية. علم الأنساب.. علم عربي متفرد بدأ في العصر الجاهلي من ضمن العلوم التي بدأ ظهورها في العصر الجاهلي، علم الأنساب، وهو العلم الذي كان العرب يستخدمونه في معرفة أنساب بعضهم البعض في القبائل العربية، وهو يتماشى مع الحمية الجاهلية والعربية والعصبية القبلية، بحيث كانت كل قبيلة على حدة تنتسب لنسب معين ومحدد وتتشرف به وتباهي به الأنساب الأخرى بين القبائل. لذلك ظهر النسابون وهم أفراد لهم ذاكرة حديدية يعرفون جميع أنساب العرب بالنسبة للقبائل العربية، وكان كثيراً ما يتم الاحتكام بهم في مشاكل النسب بين القبائل العربية، ويعرفون من هم أعز نفراً بين القبائل العربية وعليه، فإن علم النسب هذا كان له ضرورة اجتماعية وثقافية كبيرة في العصر الجاهلي وربما استمر طوال التاريخ الإسلامي خاصة بين القبائل العربية التي سكنت البلدان غير العربية وأسسوا حضارة كبيرة وملكاً كبيراً في هذه البلدان في العصور المتتالية. علم الفلك أحد العلوم الشهيرة في العصر الجاهلي يعتبر من العلوم الشهيرة خلال العصر الجاهلي علم الفلك الذي يختص بمعرفة مواقع النجوم والكواكب في السماء، ولقد اتصل العرب بالحضارات القديمة مثل الحضارة الكلدانية في أرض العراق وقد أخذوا منهم علم الفلك والتنجيم. وقد تعرف العرب على هذه العلوم وبالتالي قاموا بتحديد الأنواء والريح ومواقع النجوم ومنازل القمر وأبراج الشمس وقسموا السنة إلى 12 شهراً قمرياً وقد اختلفت أسماء الشهور من قبيلة إلى قبيلة أخرى حتى ثبتت إلى ما هي عليه اليوم. وقد عرفوا السيارات السبع أو الكواكب الموجودة في السماء وهي القمر والشمس والزهرة والمريخ وعطارد والمشتري وزحل. وقد ارتبطت هذه الأبراج والأفلاك السماوية بعلم آخر اختلط بالطقوس الدينية الوثنية عندهم وهو علم الكهانة، حيث حاولوا تفسير الأمور الغيبية بما ترتبط به الأفلاك السماوية الظاهرة مثل كسوف الشمس وخسوف القمر وظهور نجوم معينة في السماء ومعرفة الماضي والمستقبل من خلالها. علم الفراسة واقتفاء الأثر من العلوم الجاهلية الهامة من العلوم الهامة والتي ظهرت عند العرب خلال العصر الجاهلي هي العلوم التي كانت تختص بالجوانب النفسية أحياناً للناس، مثل علم الفراسة، حيث وُجد بعد المتخصصين فيه، وهو يعتمد على معرفة ما يخفيه الإنسان من خلال وجهه وملامحه الطبيعية، وبالتالي معرفة أخلاقه وطباعه. كما هناك علوم أخرى ترتبط باقتفاء الأثر في الصحراء، ومعرفة الاتجاهات التي مروا بها، وهذا يعتبر من العلوم الجغرافية التي تعلمها العرب وبرعوا بها خاصة عندما كانوا يحتاجونها في اقتفاء الأثر للقبائل في الحروب أو القوافل التجارية وتحديد مسارها ومسيرها إلى البلدان والأماكن المختلفة. الشعر الجاهلي .. أعظم العلوم العقلية عند العرب يعتبر الشعر العربي من أهم العلوم الأدبية والثقافية والعقلية في العصر الجاهلي وغيره، والشعر الجاهلي والذي وصل إلينا مروياً عبر التاريخ يتميز بالعديد من الخصائص اللغوية والتشبيهات التي تدل على تفوق العرب في علوم اللغة عن غيرهم من الشعوب والحضارات الشهيرة في البلدان المجاورة. ويتميز الشعر العربي بأن له مكانة كبيرة بين القبيلة العربية وبين الناس ويعتبر مرآة للحياة التي عاشها العرب منذ القدم وحتى ظهور الإسلام، وقد يتميز بالفصاحة والقوة اللغوية والتشبيهات التي ترتبط بالحياة الصحراوية. وكان الشعر وسيلة إعلامية قوية لكل قبيلة على حدة، وكانت كل قبيلة تفتخر بالشعر الذي قيل فيها وبالشعراء المعدودين لديهم وتفوقهم على القبائل الأخرى بهذا الشعر، وقد تنوعت مواضيع الشعر الجاهلي ما بين شعر الغزل وشعر الفخر والحماسة وشعر الرثاء وغيرها من الموضوعات التي انتشرت خلال العصر الجاهلي، وهناك العديد من الشعراء الذين اشتهروا خلال هذا العصر مثل عنترة بن شداد العبسي وامرؤ القيس وزهير بن أبي سلمى وغيرهم الكثير مما كتبوا المعلقات الشعرية. وقد استمر الشعر الجاهلي بقوة كبيرة حتى ظهور الإسلام، ودخول العرب أفواجاً في الدين الجديد، وانشغالهم بمشاريع حياتية ضخمة مثل الفتوحات للبلدان الأخرى ونشر الدعوة الإسلامية وقد انخفضت قيمة الشعر حيناص حتى رجع مرة أخرى بعد استقرار العرب في البلدان المفتوحة واستمر الشعر أحد الوسائل اللغوية الهامة في العصور التالية وكان أحد أركان الحضارة العربية الإسلامية العظيمة. القصص المروية أحد مظاهر الحياة العقلية في العصر الجاهلي القصص المروية الشفهية كانت إحدى العلوم العقلية والثقافية والملامح العلمية التي ظهرت خلال العصر الجاهلي، وهي قصص لأخذ العبرة والعظة منها، عن قصص الملوك والأبطال وقصص أسياد القبائل وقصص كانت ترتبط بالعقائد والأديان الوثنية التي انتشرت بينهم وعن طرائق الحياة وجوانبها المتعددة. وقد كانت هذه القصص لها أهمية كبيرة في احتفالات القبيلة، حيث يلقيها السامر على مسامع الناس في حفلات السمر وفي أندية مخصصة لذلك، حيث يجتمع أبناء القبيلة ليسمعوا هذه القصص ثم تنتشر بينهم عبر الرواية الشفهية جيلاً بعد جيل. الغيبيات في حياة العربي خلال العصر الجاهلي خلال العصر الجاهلي كان العرب دائما ما يعتقدون بأمور غيبية مختلفة عن الغيبيات في الإسلام، فقد ارتبط بالوثن والأصنام التي انتشرت في جميع القبائل العربية، حيث ارتبط العقائد الوثنية ببعض الأمور الغيبية مثل الطيرة والتشاؤم من حيوانات وطيور محددة، أو الخوف من المستقبل وما يحمله وهو ما جعل الكهانة علم معترف به عند العربي خلال العصر الجاهلي، فقد يلجأ للكهانة لمعرفة ما إذا كان سيتعرض لخسارة تجارية مثلاً. كما كان هناك بعض الطرائق العديدة للتحصين والتي ارتبطت بالعقائد الوثنية مثل ارتداء القلائد الزرقاء، والخرز التي كان يصنعها الكهان، وكذلك التمائم المختلفة التي كانت تكتب بها الطلاسم والرقى وغيرها من الأمور الغيبية التي كانت تنتشر خلال العصر الجاهلي بين القبائل العربية المختلفة. في هذه الجولة الثقافية التي تعرضنا لها في هذا المقال؛ تعرفنا على العديد من الجوانب الحياتية للعربي في العصر الجاهلي، وقد تركزت هذه الجوانب على الثقافة والفكر وبعض العلوم التي انتشرت والتي تبيّن أن هذا العصر بالرغم من أنه كان مفككاً من الناحية السياسية للجزيرة العربية، ولم تتوحد إلا في ظل الدعوة الإسلامية، إلا أنه في الوقت ذاته تميزت بوجود العديد من الجوانب الثقافية والعلمية والفكرية وهو ما تحدثنا عنه خلال السطور السابقة.