[ فن الكتابة والتعبير ] المُعلم.. ما هو واجبنا نحوه؟ تعلم من خُلق الرُسل والصحابة

تم النشر اليوم 05-12-2025 | [ فن الكتابة والتعبير ] المُعلم.. ما هو واجبنا نحوه؟ تعلم من خُلق الرُسل والصحابة
تم النشر اليوم [dadate] | المُعلم.. ما هو واجبنا نحوه؟ تعلم من خُلق الرُسل والصحابة

كيف يكون الأدب مع المعلم؟ وما هو فضل المُعلم علينا؟ وما واجبنا نحوه؟

أمرنا الله عز وجل بطلب العلم فقال تعالى (وَقُل رَّبِّ زِدْنِي عِلْمًا) سورة طه أية ١١٤، وقد بين الله أدب التعلم في قصة سيدنا موسى عليه السلام وهو رسول الله من أولي العزم حينما علم بأن نبي الله الخضر لديه علم ليس لديه فسعى للتعلم منه فقال للخضر عليه السلام: (قَالَ لَهُ مُوسَىٰ هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَىٰ أَن تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا) سورة الكهف أية ٦٦، ولأن العلم يحتاج إلى الصبر فإن الخضر عليه السلام: (قَالَ إِنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا * وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلَىٰ مَا لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْرًا) سورة الكهف ٦٧-٦٨.فأجابه موسى عليه السلام (سَتَجِدُنِي إِن شَاءَ اللَّهُ صَابِرًا وَلَا أَعْصِي لَكَ أَمْرًا) وهكذا فإن الصبر وحسن الإتباع والعشرة كانت من واجبات المتعلم تجاه معلمه وقد أضيف إلى هذه الواجبات ما اشترطه الخضر عليه السلام على موسى عليه السلام وهي الشرط الذي لم يصطبر عليه موسى عليه السلام لأن مشاهداته كانت لا يعلم خلفياتها ولا خفاياها كما جاء في القصص الثلاثة (السفينة التي خرقها، والطفل الذي قتله الخضر، والجدار الذي قام بترميمه ولم يأخذ عليه أجرا)، وكان شرط الخضر السابق لهذه المشاهد الثلاث قال ( فَإِنِ اتَّبَعْتَنِي فَلَا تَسْأَلْنِي عَن شَيْءٍ حَتَّىٰ أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْرًا) سورة الكهف أية ٧٠.والأدب ملكة تعصم صاحبها من كل شيء قبيح، وتدعو إلى كل محمود من محاسن الأخلاق، وخير الأدب ما كان مع الآباء الثلاث (الأب والأب بالمصاهرة والأب بالتعليم أي المعلم)، وفضل المعلم مذكور في السنة النبوية إذ قال صلى الله عليه وسلم: فضل العالم على العابد كفضلي على أدناكم ثم قال صلى الله عليه وسلم: إن الله وملائكته وأهل السماوات والأرض حتى النملة في جحرها وحتى الحوت ليصلون على معلم الناس الخير.وكان جعفر الصادق حفيد الخليفة الرابع على ابن إبي طالب رضي الله عنهما يقول: أربع لا ينبغي لشريف أن يأنف منها: قيامه من مجلسه لأبيه وخدمته لن يتعلم منه، وخدمته لضيفه وقيامه على دابته ولو أن له مائة عبد.وفي التاريخ قام ولدا الخليفة العباسي المأمون إلى معلمهما الفراء حيث أخذ كل واحد منهما بفردة من النعل أي حذاء (الفراء معلم إبني الخليفة) لتقديمهما إلى معلمهما تأدباً منهما مع معلمهما بالرغم أن كل منهما ولي للعهد من بعد الخليفة العباسي وقد بلغ ذلك الخليفة المأمون فاستدعى الفراء فوقف بين يديه وسأله فقال له: من أعز الناس؟ فقال: لا أعرف أحدا أعز من أمير المؤمنين في الناس فقال: مستنكرا عن تصرف ولديه لحمل نعل الفراء (يعني من أنت حتى تترك وليا العهد يحملان فردتي نعلك إليك) فقال: يا أمير المؤمنين قد أردت منعهما عن ذلك ولكن خشيت أن أدفعهما عن مكرمة سبقا إليها، وأكسر نفوسهما عن شريفة حرصا عليها.وقد روي عن ابن عباس أنه أمسك للحسن والحسين ركابيهما حين خرجا من عنده فقال له بعض من حضر: أتمسك لهذين الحدثين ركابيهما وأنت أسن منهما فقال: اسكت لا يعرف الفضل لأهل الفضل إلا ذو الفضل، فاستحسن المأمون جوابه واستطرد قائلا: ليس يكبر الرجل وإن كان كبيراً عن ثلاث: تواضعه لسلطانه ولوالديه ولمعلمه ثم قال: قد عوضتهما (أي ولديه) عما فعلا بعشرين ألف دينار، ولك عشرة آلاف درهم على حسن أدبك لهما.وقال عبد الله بن عباس: مكثت سنة وأنا أريد أن أسأل عمر بن الخطاب عن أية فلا أستطيع هيبة له، فالاحترام والوقار واجب للمعلم.وقد روي الإمام الثوري عن الإمام الشافعي قوله كنت أصفح الورقة بين يدي مالك (الإمام مالك) صفحاً رقيقاً هيبة له يسمع وقعها (حتى لا يسمع صوت تقليب الصفحات للكتاب فلا يكون إزعاجاً له ويكون رفقاً وأدباً واحتراماً فكما أمر الله رسوله صلى الله عليه وسلم بالعلم (وَقُل رَّبِّ زِدْنِي عِلْمًا) سورة طه ١١٤ – مدحه بقوله (وَإِنَّكَ لَعَلَىٰ خُلُقٍ عَظِيمٍ) سورة القلم أية٤، فالأدب مقدم على العلم.