شبكة بحوث وتقارير ومعلومات
اخر المشاهدات
مواقعنا
اخر بحث
الرئيسية الدليل خارطة الموقع
غسيل سجاد رخيص كفالة يومين – نغطي الكويت
[ تعرٌف على ] مبتدأ تم النشر اليوم [dadate] | مبتدأ

المبتدأ الوصف

المبتدأ من ناحية المسند إليه نوعان، النوع الأول والأكثر شيوعاً هو المبتدأ الذي يسند إليه الخبر، والنوع الآخر هو المبتدأ الذي يُسند إليه اسم مرفوع سدَّ مسدَّ الخبر، وذلك عندما يكون المبتدأ اسم وصف. ويشترك النوعان نحوياً في تجرُّدهما من العوامل اللفظية غير الزائدة ويشتركان كذلك في العامل في رفع كل منهما، وهو عامل «الابتداء». وفي المقابل فإنَّ النوعين يختلفان في أمور أخرى، فالمبتدأ الذي يُسند إليه الخبر يكون اسماً صريحاً أو مؤولاً بالصريح كما سبق، أمَّا المبتدأ الذي أُسند إليه فاعل أو نائب فاعل فلا يكون إلا اسماً ظاهراً، وبالتحديد اسم وصف. والمبتدأ الوصف، على عكس المبتدأ من النوع الأول، يحتاج إلى لفظ يسبقه لكي يعتمد عليه وفقاً لأغلبية النحاة، وهذا اللفظ هو إمَّا أداة استفهام أو نفي.[100][ملاحظة:5] قالوا أنَّ خبره محذوف [أي المبتدأ الوصف] لسد فاعله مسدَّ الخبر، وليس بشيء، بل لم يكن لهذا المبتدأ أصلاً من خبر حتى يحذف ويسدُّ غيره مسدَّه، ولو تكلَّفت له تقدير لم يتأتَّ، إذ هو في المعنى كالفعل. والفعل لا خبر له، فمن ثم تم بفاعله كلاماً من بين جميع اسم الفاعل والمفعول والصفة المشبهة، ولهذا أيضاً لا يُصَغَّر ولا يُوصَف ولا يُعَرَّف ولا يُثَنَّى ولا يُجمَع —رضي الدين الاستراباذيشرح الرضي على كافية ابن الحاجب (92/1) الوصف في تعريف النحويين هو ما دلَّ على معنى محدد ودلَّ على صاحبه، والاسم الوصف يتضمَّن الأسماء المشتقة العاملة كاسم الفاعل، مثل: «قائم» والاسم المفعول، مثل: «مضروب» والصفة المشبهة باسم الفاعل، مثل: «حسن» وأمثلة المبالغة، مثل: «سميع» واسم التفضيل، مثل: «أحسن»، والاسم الجامد المؤول بالمشتق، مثل: «»، والاسم المنسوب، مثل: «قرشي». ويجب التفريق بين مصطلح الوصف ومصطلح الصفة، فالأخير هو مرادف للنعت. وليست الأسماء المشتقة هي الوحيدة التي ترفع فاعلاً أو نائب فاعل، فهناك المصدر العامل واسم المصدر وأسماء الأفعال، ولكن هذه الأسماء تحتاج إلى خبر ولا يسدُّ معمولها مسدَّه. ويُقصد باسم الوصف الأسماء المشتقة العاملة عمل الفعل كاسم الفاعل والاسم المفعول، وهذه الأسماء لا يُسند إليها خبر وإنَّما فاعل ونائب فاعل. وهذا الأسلوب هو في الأصل أسلوب فِعلي، أي أنَّ أصل الجملة «هَل ذَاهِبٌ مُحَمَّدٌ» هو الجملة الفعلية «هَل سَيَذهَبُ مُحَمَّدٌ»، ثُمَّ قُلِب الفعل اسماً للدلالة على الثبوت، وهذا يُفسِّر رفع الأسماء المشتقة فاعلاً أو نائباً له وعدم احتياجها إلى خبر.[101] وتظلُّ جملة اسمية الجملة المركبة من المبتدأ الوصف إضافة إلى الفاعل أو نائب الفاعل، حتى وإن كانت دلالتها على الفعلية.[102] ومتى ما أصبح المبتدأ وصفاً ورفع فاعلاً أو نائباً للفاعل يلزم الإفراد ولا يُجمع أو يُثنى على غرار الفعل في عمله، وهو في مشابهته الفعل لا يُوصَف ولا يُصَغَّر ولا يُعَرَّف كذلك.[103] ويُشترط في الاسم الوصف أن يكون متقدِّماً على معموله الذي سدَّ مسدَّ الخبر، أمَّا إذا تقدَّم معموله عليه فلا يكون الوصفُ مبتدأً.[104] والاسم المرفوع بالمبتدأ الوصف لا يكون إلا منفصلاً، سواء أكان اسماً ظاهراً أو ضميراً منفصلاً، ولا يأتي على أية صورة أخرى غير هاتين الصورتين فقط.[105] ويرى جمهور الكوفيين أنَّ الاسم المرفوع بالمبتدأ الوصف لا يكون إلَّا اسماً ظاهراً فقط، ويمنعون مجيئه بصورة ضمير منفصل، بحجة أنَّ الاسم الوصف يُعامل معاملة الفعل، والفعل لا ينفصل الضمير عنه، فلا يقال: «مَا ذَاهِبٌ أَنتَ» لأنَّه لا يجوز القول: «مَا ذَهَبَ أَنتَ».[106] ويُشترط في الاسم المرفوع بالمبتدأ الوصف أن يكون قادراً على أن يسدَّ مسدَّ الخبر بمفرده، أي أن يصحَّ الوقوف عنده مع اكتمال معنى الجملة وصحتها، أمَّا إذا لم يقدر على ذلك وظلَّ مفهوم الجملة ضبابي غير واضح إلى حدٍّ ما في حين اضطر موقف ما إلى تبيين الجهة المسؤولة عن الفعل بوضوح، يُلحق اسم مرفوع بعد الاسم المعمول لتوضيح أعمق وأكثر اختصاصاً لمعنى الجملة، ويتغير الإعراب ويكون الاسم المرفوع هو المبتدأ ويُسند إليه الاسم الوصف الذي يصير خبراً مقدماً، مثل: «أَمُجتَهِدٌ صَدِيقَاهُ مُحَمَّدٌ».[107] شرط الاعتماد ويَشترِط أغلبية النحاة لكي يكون المبتدأ وصفاً أن تُسبق الجملة بأداة نفي أو استفهام، وهذه هو مذهب نحاة البصرة ما عدا الأخفش، مثل: «مَا كَاتِبٌ أَنتَ مَا أَقُولُ» أو «هَل مَكتُوبٌ مَا أَقُولُ؟» حيث اسم الفاعل «كَاتِبٌ» المسبوق بأداة نفي في المثال الأول هو مبتدأ، والضمير المنفصل «أَنتَ» في محلِّ رفع فاعل سدَّ مسدَّ الخبر وأغنى عنه من ناحية اللفظ والمعنى. واسم المفعول «مَكتُوبٌ» المسبوق بأداة استفهام في المثال الثاني هو مبتدأ أيضاً، والاسم الموصول «مَا» في محلِّ رفع نائب فاعل سدَّ مسدَّ الخبر بعد أنْ كان مفعولاً به قبل حذف الفاعل.[108] ونحو قول الشاعر: ‌خَليلَيَّ ‌ما ‌وافٍ بعهدي أنتماإذا لم تكونا لِي عَلَى مَنْ أقاطِعُ ولا يجب أن يكون الاستفهام بالحرف كما هو في الأمثلة السابقة، فقد يكون بدون ذلك من أسماء الاستفهام أو غيرها، مثل: «مَتَى ذَاهِبٌ أَنتَ إِلى العَمَلِ؟»، «أَينَ جالسٌ الزيدان»، ولا يُشترط كذلك أن يكون النفي بالحرف فقد يأتي المبتدأ الوصف منفياً بغير ذلك، كأن يكون منفياً بالاسم، مثل: «غَيرُ مَوجُودٍ مَا ذَكَرتَهُ» وحينها سيكون معمول اسم الوصف سادّاً مسدَّ خبر الاسم الأول والوصف في المثال السابق مضاف إليه، ونحو قول الشاعر: ‌غيرُ ‌لاهٍ عِداك فاطّرح الَّلهْــوَ ولا تَغْتَرِرْ بعارضِ سِلْم وقد يكون النفي بالفعل، مثل: «لَيسَ كَاذِبٌ الرَّجُلُ»، و«كَاذِبٌ» اسم ليس، و«الرجلُ» فاعل «كاذبٌ» مرفوع وقد سد مسد خبر ليس. وقد يأتي النفي كذلك من تأويل سياق الكلام وليس بالضرورة بأداة ظاهرة، مثل: «».[103][109] لا يوافق نحاة الكوفة والأخفش على هذا الشرط، فهم يجيزون أن يسدَّ معمول اسم الوصف مسدَّ الخبر بغير شروط، ويستدلون فيما ذهبوا إليه بشواهد شعرية فصيحة، وضع لها البصريون استثناء من قاعدتهم ورأوا فيها خروج من المألوف لدواعٍ شعرية.[110][ملاحظة:6] وتوسط ابن مالك فقال: يجوز وهو قليل غير مستحسن، ونسب هذا القول إلى سيبويه.[111] حالات الوصف مع مرفوعه إذا طابق الوصف ما بعده - ما يقترن معه في الإسناد - من ناحية التثنية والجمع، وُجِبَ اعتبار الوصف خبر مُقدَّم والاسم المرفوع بعده مبتدأ مؤخَّر، مثل: «مَا ذَاهِبَانِ أَنتُمَا» أو «مَا ذَاهِبُونَ أَنتُم»، وأصل الجملتين: «مَا أَنتُمَا ذَاهِبَانِ» و«مَا أَنتُم ذَاهِبُونَ». ويجوز على لغة «أكلوني البراغيث» أن يكون الوصف مبتدأ والاسم المرفوع سدَّ مسدَّ الخبر، ولكن في الأغلب لا يؤخذ بهذه اللغة.[112][113][114] أمَّا إذا لَزَمَ الوصف الدلالة على الإفراد، ولم يطابق الاسم بعده من ناحية التثنية والجمع، كان الاسم الوصف مبتدأ، والاسم المرفوع بعده إمَّا يكون فاعل أو نائب فاعل وفقاً لنوع الوصف، فيكون فاعل بعد الاسم الفاعل والصفة المشبهة بالاسم الفاعل وصيغ المبالغة بينما يكون نائب فاعل بعد الاسم المفعول، مثل: «مَا ذَاهِبٌ أَنتُمَا» أو «مَا ذَاهِبٌ أَنتُم». ولا يجوز على الإطلاق اعتبار الوصف خبر مقدم، لأنَّ المبتدأ عندما يكون مثنى أو جمع، لا يأتي الخبر مفرداً.[112][113][114] أمَّا إذا كان كلا من الوصف والاسم المرفوع بعده اسم مفرد، مثل: «مَا ذَاهِبٌ أَنتَ» ﴿أَرَاغِبٌ أَنتَ﴾[مريم:46]، يصحُّ الأخذ بالوجهين كليهما، فيجوز اعتبار الاسم الوصف مبتدأ والاسم المرفوع فاعل أو نائب فاعل، ويجوز كذلك اعتبار الوصف خبرًا مقدمًا والاسم المرفوع مبتدأ مؤخرًا.[112][113][114] إذا كان الاسم الوصف من الأسماء التي لا تثنى أو تجمع صرفياً أو لفظياً، ولكن تتغير دلالتها من الدلالة على الإفراد إلى التثنية أو الجمع مع بقاء صياغتها ملازمة صورة الاسم المفرد، يُعتبر الاسم الوصف في هذه الحالة مطابقاً الاسم المرفوع بعده في جميع الأحوال، سواء كان الاسم المرفوع مفرد أو مثنى أو جمع، وتنطبق عليهما القواعد السارية على الوصف والاسم المرفوع المتطابقَين.[107]

وقوع المبتدأ منزلة اسم شرط

إذا كان الخبر مبهم وغير واضح المعنى ولكنَّه سبباً شرطياً في حدوث الخبر، يمكن اعتباره بمنزلة اسم شرط والخبر بمنزلة جواب الشرط، وإذا تأخّر الخبر فيجب حينها اتصاله بالفاء الداخلة على جواب الشرط.[120][121]

التعريف والتنكير

تعريف المبتدأ المبتدأ في معظم الأحيان يكون اسماً مُعرّفاً، كما سبق من الأمثلة الكثير، والأصل أن يكون كذلك إلا أنَّه في بعض الأحيان الأخرى وتحت أوضاع وشروط معينة يصح أو يوجب الابتداء باسم نكرة. وفي مقابل تعريف المبتدأ فإنَّ الأصل في الخبر التنكير، ولكن يصح الإتيان به معرَّفاً، وإذا حدث أن كان المبتدأ اسم نكرة، فيمنع في هذا الحالة أن يُؤتى بالخبر معرَّفاً، وإذا وُجِدَ في الجملة الاسمية اسمان أحدهما مُعرَّف والآخر مُنَكَّر وُجِب اعتبار الاسم المعرف مبتدأ. ويكون المبتدأ اسماً معرفاً لأنَّه مُحدث عنه، والمحدث عنه يجب أن يكون معلوماً معروفاًُ بين المتَكلِّم والمخاطب حتى يصحُّ التحدث عنه وحتى يصبح للحديث معنى أو فائدة يستوحيها منه طرفي الحديث، فالحديث عن أمر مجهول لا فائدة ترجى منه، ولا يصحُّ الابتداء بالنكرة لأنَّها لا تدلُّ على معنى محدد يميّزه السامع فيتعرف عليه ويتلقى الفائدة، إذاً فمَنعُ الابتداء بالنكرة مقرون بعدم إفادتها معنى معين، فإنْ أفادت تحت أوضاع وظروف محددة يصحُّ الابتداء بها. ومعنى الفائدة أن تكون الجملة التي مبتدأها اسم نكرة قابلة للاستعمال في الحديث الروتيني، ويمكن للمخاطب أن يستوعبها ويفهم معانيها. الابتداء بالنكرة لم يشترط سيبويه والمتقدمون لجواز الابتداء بالنكرة إلا حصول الفائدة، ورأى المتأخرون أنَّه ليس كل أحد يهتدي إلى مواضع الفائدة، فتتبعوها، فمن مُقِلٍّ مُخِل، ومن مُكثِرٍ مُورِدٍ ما لا يصح، أو مُعَدِّدٍ لأمور متداخلة. —الأشموني وقد سجَّل النحاة أكثر من ثلاثين موضعاً يصحُّ فيه الابتداء بالنكرة، والبعض جعلها أكثر من أربعين موضعاً، حتى قيل أنَّ المُلكة وموافقة السليقة واللسان العربي بشكل عام هو المطلوب ليكون المبتدأ نكرة، وقال بذلك سيبويه الذي اشترط حصول الفائدة لجواز الابتداء بالنكرة. ومع ذلك لم يجد النحاة بأساً في عرض كثير من تلك المواضع لما في ذلك من مرانة وإطلاع، وأيضاً لتكون مرجعاً لمن لا يثق بسليقته واستقامة عربيته. ومعظم هذه الحالات تعود في النهاية إلى دلالة النكرة على العموم أو الخصوص. وفي سبيل توثيق كلِّ مواضع الفائدة كَثُرَ الخلاف وعَظِمَ بين النحاة المجتهدين، غير أنَّ هناك مواضع استقرَّ عليها جمهور النحاة، وتكرَّرت بينهم على اختلاف آرائهم وتوجهاتهم النحوية، ومن أكثر هذه الحالات شيوعاً:[ملاحظة:2] إذا كان الخبر شبه جملة مفيدة متقدمة على المبتدأ، سواءً كانت شبه الجملة من الجار والمجرور، مثل: «فِيِ المُحِيطَاتِ حَيَاةٌ». أو من ظرف ومضاف إليه، مثل: «فَوقَ الشَجَرَةِ طَيرٌ». وبعض النحاة يجعل الخبر من الظرف فقط، وليس شبه الجملة من الظرف والمضاف إليه. ويصحُّ في بعض الأحيان الابتداء بالنكرة إذا كان الخبر جملة كاملة الأركان متقدمة على المبتدأ، مثل: «آلَمَكَ عِتَابُهُ صَدِيقٌ». إذا كانت النكرة موصوفة، مثل: «طَيرٌ جَمِيلٌ يُحَلِّقُ عَالِياً». وقد يكون النعت تقديريّاً، مثل: «امتِحَانٌ أَسهَلُ مِن امتِحَانَينِ» وتقدير النعت المحذوف: «امتِحَانٌ وَاحِدٌ أَسهَلُ مِن امتِحَانَينِ». ويُشترط في الوصف أن يكون وصفاً مخصِّصاً ليصحَّ الابتداء بالاسم النكرة الموصوف قبله، فإن لم يكن الوصف مخصصاً لم يصح الابتداء بالنكرة، فلا يقال: «دَرسٌ مِنَ الدُّرُوسِ دَرَستُهُ». وقد يحدث أحياناً أن يُحذف المبتدأ النكرة ويبقى النعت ظاهراً دالاً على المبتدأ المحذوف، ويكثر هذا في الأمثلة التي يكون فيها المبتدأ معروف مشهور، مثل: «مُثقَلٌ استَعَانَ بِذَقنِهِ» ويطلق المثل على من يعتمد ويستعين بمن هو أضعف منه وأقلُّ قدرة، وأصل المثل: «بَعِيرٌ مُثقَلٌ استَعَانَ بِذَقنِهِ»، لأنَّ البعير إذا لم يستطع جسمه النهوض بالثقل استعان بذقنه أي بما هو أضعف. إذا كانت النكرة مضافة، مثل: «ثَورَةُ الشَّعبِ أَطَاحَت بِالطَّاغِيَةِ». فبالإضافة تكون النكرة قد أفادت وأصبحت أقرب إلى التعريف. ولا يشترط أن تكون الإضافة ظاهرة، فقد تكون تقديرية، مثل: «سَلَامٌ عَلَيكَ» وتقدير الجملة بعد إظهار المضاف إليه: «سَلَامُ اللَّهِ عَلَيكَ». وبعض النحاة يجد أنَّ المبتدأ النكرة هو في الواقع مُعَرَّفاً إذا أُضيف إلى اسم معرفة، فيكون المبتدأ في المثال السابق مُعَرَّف بالإضافة وليس اسم نكرة، ووفقاً لمن يأخذ بهذا القول فإنَّ الابتداء بالنكرة في هذه الحالة سيقتصر فقط عندما يضاف المبتدأ النكرة إلى اسم نكرة آخر، مثل: «كَلبُ شَخصٍ عَضَّنِي». إذا جاء اسم النكرة دَالّاً على العموم، مثل: «كُلٌّ يَحتَرِمُ الشُّجَاعَ». ويرى البعض أنَّ النكرة هنا ليست دالّة على العموم وإنَّما هي مخصوصة بالإضافة المعنوية، فكأنَّ قائل الجملة السابقة عنى بقوله: «كُلُّ أحَدٍ يَحتَرِمُ الشُّجَاعَ» وتخصيص النكرة بالإضافة في هذه الحالة هو السبب للابتداء بها وليس دلالتها على العموم. إذا سُبِقَ المبتدأ بأداة نفي أو استفهام، مثل: «هَل مِثَالِيَّةٌ وُجِدَت مِن قَبلِ؟» أو «مَا مِثَالِيَّةٌ وُجِدَت مِن قَبلِ». وعلة الابتداء بالنكرة في هذه الحالة هو دلالتها على العموم. عندما يَعمَل المبتدأ عمل الفعل، فيرفع فاعلاً وينصب مفعولاًُ، مثل: «ضَربٌ المُعَلِّمُ تَلمِيذَهُ مَكرُوهٌ» فالمبتدأ هنا هو المصدر العامل عمل فعله «ضَربٌ»، حيث رفع «المُعَلِّمُ» فاعلاً ونصب «تَلمِيذَ» مفعولاً به. وقد يكون المبتدأ اسم فاعل أو اسم تفضيل نكرة، وغيرهما من الأسماء المشتقة العاملة عمل أفعالها. إذا جاءت النكرة بعد حرف الجرٍّ الزائد «رُبَّ»، مثل: «رُبَّ عِلمٍ يَنفَعُ». ويرى بعض النحاة أنَّ المبتدأ يكون نكرة إذا سُبق بأي حرف جر زائد، وليس «رُبَّ» بالتحديد، مثل: «بِحَسبِكَ كُرمُ أَحمَدِ». إذا كانت النكرة مُبهمة يصحُّ الابتداء بها، كأن تكونَ اسماً من أسماء الشرط أو من أسماء الاستفهام. مثل: «مَنْ يَصدِقُ فِي قَولِهِ يَصدِقُ فِي عَمَلِهِ» أو «مَنْ أَنتَ؟». وذلك لأنَّ أسماء الشرط والاستفهام أسماء مُنَكَّرة ولا تُعَرَّف على الإطلاق. وتقع «مَا» التعجبية في محل رفع مبتدأ لنفس السبب أيضاً، مثل: «مَا أَجمَلَ كَلَامَكَ». اِذا جاءت النكرة بعد «إِذَا» الفجائية، مثل: «خَرَجتُ فَإِذَا رَجُلٌ يُكَلِّمُنِي» أو «لام الابتداء»، مثل: «لَصَدِيقٌ خَيرٌ مِن عَدُوِّ» أو «كَمْ» الخبرية، مثل: «كَم مُحَاضَرَاتٌ حَضَرتُهَا ولَم اَستَفِد مِنهَا كَثِيراً»، أو «فَاءِ» الجزاء، مثل: «» أو «لَولَا»، مثل: «لَولَا قَانُونٌ لَعَمَّتِ الفَوضَى البِّلَادَ». و«كَم» في المثال السابق هي مفعول مطلق واجب التقديم، وأصل الجملة: «مُحَاضَرَاتٌ كَم حَضَرتُهَا حَضرَةً». إذا جاءت النكرة مصغّرة، مثل: «شُجَيرَةٌ نَبَتَت». ويرى بعض النحاة أنَّ السبب الكامن خلف الابتداء بالاسم المُصَغَّر مُنكَّراً هو أنَّ الاسم المصغر في الأصل اسم طبيعي موصوف بالصُغر، أي موصوف بلفظ «صَغِير»، فكأنَّ قائل الجملة السابقة عنى بقوله: «شَجَرَةٌ صَغِيرَةٌ نَبَتَت»، ووصف الاسم النكرة هو العلة الأصلية في الابتداء به. إذَا دَلَّت النكرة على الدعاء، مثل: «وَيلٌ لِلمُعتَدِينِ». أو إذا دلَّت على التعجب، مثل: «عَجَبٌ لرَجُلٍ يُحِبُّ الكَذِبَ». نقل البطليوسي عن الفراء أنَّه يجيز الابتداء بالنكرة على الإطلاق، ولم يضع قيوداً أو شروطاً للابتداء بها. يختصر عدد من النحاة الحالات السابقة في حالتين فقط، فيجوز الابتداء بالنكرة وفقاً لمذهبهم إذا دلّت النكرة على الخصوص أو إذا دلّت على العموم. فدلالتها على الخصوص يجعلها قريبة من التعريف، وقربها هو العلة في جواز الابتداء بها. ودلالتها على العموم هو في الأصل دلالتها على جميع أفراد الجنس الذي دلّت عليه، فيجعلها هذا قريبة من الاسم المعرف بأل الجنسية. وجميع الحالات المذكورة سابقاً تؤول في النهاية إلى أحد الأمرين، فوصف النكرة أو إضافتها أو الإتيان بها مصغرة يجعلها مخصوصة، وكونها اسم استفهام أو اسم شرط أو مجيئها بعد أداة استفهام أو نفي أو وقوعها بعد فاء الجزاء أو كم الخبرية أو حرف الجر رُبَّ يجعلها مُعمّمة. ويكتب يوسف الصيداوي أنَّ جميع الحالات التي يكون فيها المبتدأ نكرة تُرَدُّ إلى حالتين فقط، فإمَّا يكون المبتدأ النكرة منعوت نعت ظاهر أو تقديري، أو أن يكون المبتدأ النكرة مضاف إضافة ظاهرة أو تقديرية. ففي جملة مثل: «وَيلٌ لَهُ» أو «سَلَامٌ عَلَيكَ» علة الابتداء بالنكرة في المثال الأول هو كونه منعوت نعتاً خفيّاً تقديره: «وَيلٌ عَظِيمٌ لَهُ»، وفي المثال الثاني إضافته إلى لفظ غير ظاهر تقديره: «سَلَامُ اللَّهِ عَلَيكَ».

حذف المبتدأ

الحذف على وجه الجواز لا يُحذف شيءٌ في اللغة العربية وفقاً لجمهور النحاة، إِلَّا في حالات استثنائية يحدّدها النحويون، غير أَنَّ جزءاً من الكلام قد يُخفى إذا ذُكِرَ من قبل بحيث يصير من العبث إعادة ذكره، وهو ما يُسَمِّيه بعض النحاة حذفاً، ويشترط في ذلك ألَّا يحدث أي لبس في المعنى، مثل: «فَوقَ الطَّاوِلَةِ» جواباً لمن يسأل «أَينَ القَلَمُ؟»، فحُذِفَ المبتدأ لوجود قرينة معنوية تدلُّ عليه. وفي مقابل إمكانية الحذف فيمكن كذلك إظهار المبتدأ الممكن حذفه، فيجوز القول: «القَلَمُ فَوقَ الطَّاوِلَةِ» جواباً على السؤال السابق. ويَكثُر حذف المبتدأ في العناوين، كعناوين الكُتب أو الصحف أو الشركات أو المنظمات أو المنشئات وغيرها، وعادة ما يُقدر المبتدأ المحذوف اسمَ إشارة للمذكر أو المؤنث، ومثل العناوين محذوفة المبتدأ لافتة في واجهة مبنى مكتوب عليها: «مَركَزُ الشُّرطَةِ»، والتقدير قبل حذف المبتدأ «هَذَا مركز الشرطة». ويَكثر حذف المبتدأ أيضاً في جملة جواب الاستفهام، مثل: «فِي البَيتِ» جواباً لمن يسأل: «أَينَ مُحَمَّدٌ؟»، حيث شبه الجملة «فِي البَيتِ» خبر لمبتدأ محذوف تقديره «مُحَمَّدٌ»، وتقدير الجملة قبل حذف المبتدأ: «مُحَمَّدٌ فِي البَيتِ». ويُحذف المبتدأ إذا وقع بعد فاء الجواب، مثل: «إِذَا صَلَّى الإِمَامُ فَفِي المَسجِدِ»، وتقدير الجملة قبل حذف المبتدأ: «إِذَا صَلَّى الإِمَامُ فَصَلَاتُهُ فِي المَسجِدِ». ويُحذَف المبتدأ بعد القول، مثل: «قَالُوا: أَسَاطِيرُ الأَوَّلِين» والتقدير قبل حذف المبتدأ: «قَالُوا: هِيَ أَسَاطِيرُ الأَوَّلِين». ويُحذَف المبتدأ إذا كان الخبر بمعنى صفة له، مثل: «التَّائِبُونَ العَابِدُونَ» والتقدير: «هُمُ التَّائِبُونَ العَابِدُونَ». ولا يشترط أن يبقى الخبر مذكوراً بعد حذف المبتدأ، فقد يحذف كلاهما، فيقال مثلاً: «نَعَم» لمن يسأل «هَل مُحَمَّدٌ هُوَ المُشرِفُ؟»، والأصل أن يتبع «نَعَم» جملة اسمية أو فعلية، فيكون التقدير قبل الحذف: «نَعَم، مُحَمَّدٌ هُوَ المُشرِفُ». الحذف على وجه الوجوب في جميع الحالات السابقة المبتدأ يُحذَفُ جوازاً، فبالإمكان إظهاره وبالإمكان إخفاءه، والأمرُ عائد إلى المتكلِّم فله الحريّة في حذفه أو الإبقاء عليه. غير أنَّ هناك حالات معينة يوجب فيها حذف المبتدأ ولا يصحُّ إظهاره، وهي: يجب حذف المبتدأ إذا أُخبر عنه بنعت مقطوع، وهو النعت الذي يلزم الرفع مماثلةً للخبر في إعرابه ولا يتبع المنعوت، والنعت المقطوع من أساليب الاختصار في العربية، ولا يقطع النعت إلا لإفادة المدح، مثل: «رَأَيتُ الجُندِيَّ الشُّجَاعُ» أو لإفادة الذم، مثل: «رَأَيتُ المُجرِمِينَ الحُقَرَاءُ» أو الترَحُّم، مثل: «سَمِعتُ عَنِ الطِّفلَةِ المِسكِينَةُ». ويعرب النعت المقطوع خبر لمبتدأ محذوف وجوباً تقديره ضمير منفصل يماثل النعت من ناحية التذكير والتأنيث ومن ناحية العدد، فيُقدَّر المبتدأ المحذوف وجوباً في الجمل السابقة على النحو: «رَأَيتُ الجُندِيَّ هُوَ الشُّجَاعُ»، «رَأَيتُ المُجرِمِينَ هُمُ الحُقَرَاءُ»، «سَمِعتُ عَنِ الطِّفلَةِ هِيَ المِسكِينَةُ». ويُوجب حذف المبتدأ عندما يكون خبره مخصوص بالمدح أو الذم، مؤخر عن فعلي المدح والذم، مثل: «نِعمَ العَامِلُ أَحمَدٌ» أو «بِئسَ الطَالِبَةُ فَاطِمَةٌ» حيث «أَحمَدٌ» المخصوص بالمدح و«فَاطِمَةٌ» المخصوصة بالذم خبر لمبتدأ محذوف وجوباً، تقدير المبتدأ «هُوَ» في المثال الأول و«هِيَ» في المثال الثاني، وتقدير الجملة الأولى قبل الحذف الواجب للمبتدأ: «نِعمَ العَامِلُ هُوَ أَحمَدٌ» وتقدير الجملة الثانية: «بِئسَ الطَالِبَةُ هِيَ فَاطِمَةٌ». عندما يكون الخبر من الألفاظ التي تدلُّ على القسم، وجواب القسم حينها سدَّ مسدَّ المبتدأ، مثل: «فِي ذِمَّتِي لَأنقُذَنَّكَ» حيث شبه الجملة «فِي ذِمَّتِي» خبر لمبتدأ محذوف وجوباً تقديره «يَمِينٌ» أو «قَسَمٌ» أو «عَهدٌ»، سدَّ مسدَّه جواب القسم وهو الجملة الفعلية «لَأنقُذَنَّكَ»، وتقدير الجملة قبل الحذف: «فِي ذِمَّتِي يَمِينٌ أَو لَأنقُذَنَّكَ». ومن الألفاظ الأخرى الدَّالة على القسم: «فِي عُنُقِي لَأَكرِمَنَّكَ كَثِيراً» بمعنى «فِي عُنُقِي قَسَمٌ لَأَكرِمَنَّكَ كَثِيراً». ويُحذف المبتدأ عندما يكون الخبر مصدراً يعمل عمل فعله، مثل: «صَبرٌ جَمِيلٌ»، وتقدير الجملة قبل الحذف: «صَبرِي صَبرٌ جَمِيلٌ». ومن مثل هذا أيضاً: «سَمعٌ وطَاعَةٌ»، وتقدير الجملة مع المبتدأ المحذوف وجوباً: «أَمرِيَ - أو حَالِي - سَمعٌ وَطَاعَةٌ». ويثير البعض شكوكاً حول هذه النقطة باعتبار أنَّ المصدر «صَبرٌ» لم يتضمن معنى الفعل ولم يعمل عمله، كما أنَّ المصدر جاء مرفوعاً في المثالين السابقين المستشهد بهما لإثبات صحة هذه القاعدة، والمشهور أنَّ المصدر يعمل عمل فعله عندما يكون مفعولاً مطلقاً، فيكون عندها منصوباً، ويرى محمد بهجة البيطار أنَّ «صَبرٌ» هو في الأصل مصدر منصوب يعمل عمل الفعل، إلَّا أنَّه رُفِعَ للدلالة على الثبوت والدوام. إذا كان الخبر هو الاسم المرفوع بعد «لَاسِيَّمَا» التي تأتي بمعنى الاستثناء، فمبتدؤه محذوف وجوباً، مثل: «أَكرِم الضِّيُوفَ لَاسِيَّمَا أَحمَدٌ» والتقدير قبل الحذف «هُوَ أَحمَدٌ». عندما يجيء المبتدأ بعد مصدر يعمل عمل فعله، وتعلَّقَ بالمصدر حرف جر واسم مجرور لتبيان الفاعل أو المفعول به، مثل: «سُحقاً لَكَ» أو «تُعساً لَكَ» أو «تَبّاً لَكَ» أو «سَقياً لَكَ»، وهذه المصادر تعرب مفعول مطلق لفعل محذوف وجوباً، والجار والمجرور متعلق بمحذوف خبر لمبتدأ محذوف وجوباً تقديره «الدُّعَاءُ»، وتقدير الجملة قبل الحذف الواجب: «سَحُقَتَ سُحقاً، الدُّعَاءُ لَكَ»، أي «بَعُدَتَ بُعداً». والملاحظ أنَّ هذا التعبير يتكون في الأساس من جملتين، جملة فعلية محذوف فعلها والظاهر منها المفعول المطلق، وجملة اسمية محذوف مبتدؤها وجوباً والظاهر منها ما هو متعلق بمحذوف الخبر. والضمير الواقع بعد حرف الجر جاء لتبيان الفاعل في المثال السابق، وهو ليس في محل رفع فاعل، ولم يجز تعليق حرف الجر بالمصدر لأن تعدِّي حرف اللام يكون إلى المفعول به لا الفاعل. إذا حُذِفَ أحد ركني الجملة الاسمية ولم يُعرَف ما إذا كان الاسم الظاهر مبتدأ أو خبر، اختلف النحاة في هذه المسألة، فبينما يذهب فريق منهم إلى جعل المبتدأ هو المحذوف، ومنهم الواسطي النحوي الذي علَّلَ موقفه بكون الخبر هو موطن الفائدة في الجملة، فإنَّ فريقاً آخر يجعل المحذوف هو الخبر، ومنهم أبو طالب العبدي «لأَنَّ التجوز أواخر الجملة أسهل» حسب قوله. وفي بعض الأحيان يقع اللبس بين المبتدأ والفعل في تحديد أيَّهما اللفظ المحذوف، فيُختلف في إعراب الاسم الظاهر من كونه فاعل لفعل محذوف أو خبر لمبتدأ محذوف. ويفضِّل ابن هشام الأنصاري اعتبار المحذوف مبتدأ لأنَّ الخبر كما يقول عين المبتدأ، أي أنَّ الخبر يشارك المبتدأ في الكثير من الصفات من ناحية المدلول، مما يؤهله للقيام بدور المبتدأ أو أجزاء منه على الأقل، وعلى النقيض لا نجد مثل هذا التماثل في المدلول بين الفعل والفاعل.

مطابقة الخبر للمبتدأ

عندما يكون المبتدأ مُذَكَّراً فيؤتى بالخبر مُذَكَّراً مطابقةً له، مثل: «أَحمَدٌ طَالِبٌ مُهَذَّبٌ». وكذا عندما يكون المبتدأ مؤنث فإنَّ الخبر يكون مؤنثاً أيضاً، فيقال: «فَاطِمَةٌ طَالِبَةٌ مُهَذَّبَةٌ». وعندما تدخل علامات التثنية أو الجمع على المبتدأ، فإنَّ الخبر يُثنَّى أو يُجمَعُ مطابقةً له بدخول علامات تثنية أو جمع عليه، فيقال: «العَامِلَانِ مُجتَهِدَانِ» أو «العَامِلُونَ مُجتَهِدُون» أو «الطَّالِبَاتُ مُجتَهِدَاتُ»، وأيضاً عندما يكون المبتدأ جمع تكسير فإنَّ الخبر يكون جمعاً كذلك، مثل: «العُمَّالُ مُجتَهِدُون».[115][116] ويُستَثنَى من هذه القاعدة إذا كان الخبر اسم تفضيل نكرة أو اسماً سببياً أو مصدراً أو اسماً يتشابه فيه صيغة الجمع والإفراد.[115] وإذا سدَّ فاعل أو نائب فاعل مسدَّ الخبر، فلا يطابق الفاعل ونائب الفاعل المبتدأ من ناحية التذكير والتأنيث أو من ناحية العدد.[116][117] إذا كان كلاً من المبتدأ والخبر اسماً مفرداً وكان المبتدأ اسم نكرة، فيوجب الإتيان بالخبر منكَّراً أيضاً مطابقة للمبتدأ، مثل: «صَدِيقٌ مُخلِصٌ أَفضَلُ مِن قَرِيبٍ لَئِيم». أمَّا إذا كان المبتدأ مُعرَّفاً فقد يكون المبتدأ نكرة أو معرفة.[118] غالباً ما يطابق الخبر المبتدأ من ناحية الإعراب، فيكون كلاهما مرفوعاً، وذلك عدا عدد من الحالات لا يعرب فيها المبتدأ أو الخبر بالرفع. ويحدث هذا عندما يسبق المبتدأ حرف جر زائد أو شبه زائد، فيكون عندها المبتدأ مجرور اللفظ مرفوع المحل، كما سيجيء من الأمثلة. وتدخل حروف الجر الزائدة على الخبر أيضاً، فتجرُّه لفظاً، مثل: «مَا أَنَا بِمُصَدِّقٍ مَا تَقُولُ». وينصب الخبر على الظرفية عندما يكون ظرف زمان أو مكان، مثل: «غَداً المُبَارَاةُ» أو «الطَّيرُ فَوقَ الشَّجَرَةِ». ويُنصَب المبتدأ إذا دخل على الجملة الاسمية حرفٌ ناسخٌ من أخوات إنَّ، ويكون المبتدأ منصوب لفظاً ومحلاً، مثل: «كَأَنَّ السَّرَابَ مَاءٌ». وبالمثل فالخبر ينصب لفظاً ومحلاً إذا دخل على الجملة الاسمية فعل ناسخ من أخوات كان، مثل: «صَارَ الحُلمُ حَقِيقَةً».[119]

أنواع المبتدأ الذي له خبر

يأتي المُبَتَدأَ فِي ثَلَاثَةُ صُوَرٌ. فيكون المبتدأ اسماً صريحاً، مفرداً أو مثنى أو جمعاً، مذكَّراً أو مؤنَّثاً، مثل: «سَعدٌ حَضَرَ الاِجتِمَاعَ». ويشمل هذا المصادر الصريحة والأسماء المشتقة[ملاحظة:2]، مثل: «الاِطمِئنَانُ مَكَانُهُ القَلبُ» أو «مَا صَادِقٌ أَنتَ». ويأتي المبتدأ كذلك ضميراً منفصلاً، وذلك على اختلاف أنواعه من ناحية التذكير والتأنيث ومن ناحية الإفراد والتثنية والجمع، مثل: «أَنتَ حَدِيثُكَ مُشَوِّقٌ». ويكون المبتدأ مصدراً مؤولاً، أي أنَّ المبتدأ في لفظه المقدَّر والمفهوم يُستخرج من حرف مصدري وما بعده، مثل: «وَأَنْ تَصُومُوا خَيرٌ لَكُمْ» حيث المصدر المؤول من «أَنْ» الناصبة والفعل المضارع في أول الجملة في محلِّ رفع مبتدأ، وتقدير الكلام: «صِيَامُكُم خَيرٌ لَكُمْ». ويأتي المصدر المؤول كذلك من همزة التسوية وما بعدها، كما في الآية: «» حيث المصدر المؤول من همزة التسوية «أَ» والفعل «أَنذَرَ» بعدها في محلِّ رفع مبتدأ تقديره «إِنذَارُكَ». ويُلاحظ كثرة مجيء المبتدأ مصدراً مؤولاً في الحديث النبوي والكلام العربي القديم. لا يأتي المبتدأ ضميراً متصلاً إلَّا في حالتين فقط، وذلك إذا تحوّل المبتدأ من كونه ضميراً منفصلاً إلى متصل بحرف جر زائد، مثل: «كَيفَ بِكَ». حيث كاف المخاطب ضمير متصل مبني في محل رفع مبتدأ، وأصل الجملة القول: «كَيفَ أَنتَ» حيث تحوَّل الضمير المنفصل إلى متصل باتصاله بحرف الجر الزائد، وكلا الضميرين مبتدأ، ومن هذا أيضاً: «كَيفَ بِهِ» أو «كَيفَ بِنَا». ويأتي المبتدأ ضميراً متصلاً إذا جاءَ بعد «لَولَا»، مثل: «لَولَاهُ» أو «لَولَايَ» أو «لَولَاكَ» أو «لَولَانَا»، في جملةٍ مثل: «لَولَاكَ لخَسَرنَا اللُّعبَةَ». ويصلح ما يكون في قوة الاسم الصريح أن يكون مبتدأ، مثل «الجملة المحكية بالقول»: «حَسبِيَ اللَّه وَنِعمَ الوَّكِيلِ مَا يَقُولُهُ المُؤمِنُ عِندَ المُصِيبَةِ». حيث المبتدأ في الجملة السابقة هو الجملة المحكية «حَسبِيَ اللَّه وَنِعمَ الوَّكِيلِ»، ولا يجب النظر إلى الجملة المحكية باعتبارها جملة حقيقية تتركب من مفردات منفصلة، ولكن باعتبارها بنية لغوية واحدة تشكل ككل ما يعادل اسماً مفرداً.

نماذج للإعراب

العامل في المبتدأ

ليس للمبتدأ أي عامل لفظي، والعامل في رفعه هو معنى الابتداء نفسه، فالعامل في المبتدأ هو عامل معنوي غير ظاهر ولكنّه مفهوم في الذهن. وهذا هو أشهر الآراء، وقال به جمهور البصريين، وهناك أقوال أخرى غير هذه، أشهرها أنَّ المبتدأ والخبر يترافعان، أي أنَّ كل منهما هو العامل في رفع الآخر، وأخذ بهذا الرأي جمهور الكوفيين ومنهم ابن جني وأبو حيان. ولا يوجد موقع إعرابي آخر غير المبتدأ يُجرَّد من العوامل اللفظية وفقاً لأغلبية النحاة. ولكن ليس كل اسم مجرد من العوامل اللفظية هو بالضرورة مبتدأ، فقد تأتي بعض الأسماء مجردة من العوامل اللفظية ولكن لم يسند إليها أي لفظ، فإذا قلنا مثلاً: «الحَقُّ» لم يكن «الحَقُّ» مبتدأ، على اعتبار المثال السابق جملة صحيحة، لأنَّه لم يُسند إليه أي لفظ بعد، وإذا أُسند إليه لفظ يُخبِر عنه فسيكون عندها مبتدأ. بإمكان عوامل لفظية زائدة أن تعمل في المبتدأ، وهذه العوامل الزائدة لا تؤخذ كعوامل حقيقية، لأن الزائد في عُرف النحاة حكمه حكم الساقط. مثل حروف الجر الزائدة التي تتصل بالمبتدأ فتعمل على جرّه لفظاً، ولكنَّه محلّا يبقى مرفوعاً بالابتداء، وهذه العوامل وما شابهها التي تدخل زيادة على المبتدأ عوامل ثانوية لا يُعتد بها، وذلك لأنَّ وجودها من عدمها لا يغير شيئاً من المفهوم العام للجملة. وقد تسبقه أيضاً عدد من الأدوات غير العاملة فلا تؤثر فيه كذلك، ولا يُعتد بها كعوامل أيضاً، غير أنَّ هذه العوامل الثانوية تزيل أثر العامل المعنوي الأول، فعملها في المبتدأ عمل لفظي وليس وظيفي. دائماً ما تدخل الإشارة إلى تَجَرُّد المبتدأ من العوامل اللفظية في تعريفه، وذلك للتمييز بينه وبين الفاعل ونائب الفاعل، وأيضاً للتمييز بين المبتدأ ومعمول «كان وأخواتها» المرفوع، الذي هو في الأصل والمدلول مبتدأ، ونفس الشيء ينطبق على معمول «أفعال المقاربة والرجاء والشروع» المرفوع وكذلك معمول «أخوات إنَّ» المنصوب.

إعراب المبتدأ

الرفع المبتدأ ملازم للرفع في أي موقع كان، وقد يجرُّ لفظاً لكنَّه محلاً يبقى مرفوعاً، وإذا دخلت عليه إنَّ وأخواتها يُنصب ولكن يتغير موقعه الإعرابي من كونه مبتدأ إلى اسم لإن وأخواتها. والرفع في المبتدأ يكون ظاهرياً أو تقديرياً أو محلياً. ويرتفع المبتدأ بعلامة أصلية، أي بالضمة الظاهرة أو التنوين المضموم، إذا كان اسماً مفرداً أو جمعاَ مؤنثاً سالماً أو جمع تكسير. وقد يرتفع كذلك بعلامات فرعية، ويرتفع المبتدأ بالألف إذا كان اسماً مثنى، ويرتفع بالواو إذا كان جمعاً مذكراً سالماً أو اسماً من الأسماء الخمسة. يرى بعض النحاة، وأشهرهم ابن يعيش وجلال الدين السيوطي، أنَّ الرفع في أصله مختصٌّ بالمبتدأ إلى جانب الخبر فقط، وكلُّ المرفوعات غيرهما مُلحَقة بهما من هذه الناحية. بينما يرى نحاة آخرون أنَّ أصل الرفع أن يكون مختصاً بالفاعل فقط، والمبتدأ جاء مرفوعاً إلحاقاً به. ويذهب غيرهم إلى أنَّ المرفوعات جميعها أصول، وليس أحدها مرفوع إلحاقاً أو مشابهةً بآخرٍ. وكان المبرد يرى أنَّ المبتدأ والفاعل مرفوعان للسبب ذاته، وهو أنَّ كلاهما لفظ يصحُّ السكوت عنده. وقد أجمع جمهور النحاة على أنَّ الرفع هو علم الإسناد، بمعنى أنَّ حاجة المبتدأ إلى ما يُسند إليه هو العلة في رفعه. وبعض النحاة يخصُّ المبتدأ بالعمدات فقط، بمعنى أنَّ الرفع ليس مخصوصاً بالمبتدأ أو الفاعل دون غيرهما، بل هو عام على كل عمدة في الجملة كالخبر ونائب الفاعل. جرَّه لفظاً الأصل في المبتدأ أن يكون مرفوع المحلّ واللفظ، إلا أنَّه قد يجر لفظاً ويبقى مرفوع محلاً إذا دخلت عليه حروف الجر الزائدة، وحروف الجر الزائدة التي تدخل على المبتدأ ثلاثة حروف هي «مِنْ» و«البَاء» و«رُبَّ». ويشترط لجر المبتدأ بحرف الجر الزائد «مِنْ» أن يكون المبتدأ نكرة ويشترط أن تُسبق الجملة إمَّا بأداة نفي أو استفهام، مثل: «مَا مِن أَحَدٍ عِندِي» أو «هَل مِن أَحَدٍ هُنَاكَ» حيث «أَحَدٍ» مبتدأ مرفوع محلاً مشغول الآخر بحركة حرف الجر الزائد. ويدخل حرف الجر الزائد «البَاء» على المبتدأ إذا كان المبتدأ كلمة «حَسبُ»، مثل: «بِحَسبِكَ لُقَيمَاتُ». ويُجَرُّ المبتدأ ب«رُبَّ» عندما يكون المبتدأ اسم نكرة لفظاً أو معنى، مثل: «رُبَّ كِتَابٍ مُفِيدٌ». يَكثر دخول حرف الجر «البَاء» خطأً على المبتدأ عندما يكون مصدراً مؤولاً من «أنْ» أو من «أنَّ» وما بعدهما، فيقال: «مِن آثارِ الزَّلازِلِ بِأَن تُدَمَّرَ المَنَازِلَ»، ودخول حرف الجر هنا غير فصيح ولم تصل شواهد تدل على فصاحة هذا الأسلوب، وزيادة حرف الباء نتجت عن مقارنة ليس لها أساس بين المبتدأ المؤول من أحرف مصدرية وما بعدها وبين الخبر الجار والمجرور. نصب المبتدأ المقالات الرئيسة: إن وأخواتها ولا النافية للجنس يُنصَب المبتدأ في حالات استثنائية، وذلك عندما يدخل على الجملة الاسمية حرف ناسخ من أخوات إنَّ أو عندما تدخل عليها لا النافية للجنس، وعلى عكس عندما يُجَر المبتدأ بأحرف الجر الزائدة أو شبه الزائده فعندما يُنصب المبتدأ في هذه الحالات فإنَّه لا ينصب فقط من ناحية اللفظ بل وينصب محلاً أيضاً، فيتغيَّر موقعه الإعرابي من كونه مبتدأ مرفوع إلى اسم منصوب لأخوات إنَّ أو للا النافية للجنس.

مسائل خلافية

العامل في المبتدأ ذهب جمهور النحاة إلى أنَّ العامل في المبتدأ هو عامل معنوي غير ظاهر، وهو معنى الابتداء نفسه، وهذا هو مذهب نحاة البصرة ومال إليه كثير من النحاة المتأخرين. ولكن ليس جميع النحاة يوافقون هذا الرأي، حيث روى جماعة من النحاة والمحققين أنَّ أغلبية نحاة الكوفة أخذوا بالرأي القائل أنَّ المبتدأ والخبر يترافعان، أي أنَّ كلاً منهما هو العلة النحوية في رفع الآخر، طالما أنَّ كلاهما اسماً أمَّا إذا كان الخبر جملة فعلية فتبطل هذه العلة. وقال بمبدأ الترافع الكسائي والفراء وابن جني وأبو حيان والرضي وأبو بكر الأنباري والسيوطي، ونسب الرضي هذا المذهب إلى الكسائي وتلميذه الفراء وحصره فيهما، بينما عارض هذا الرأي وانتقده كثير من نحاة البصرة إضافة إلى أبو جعفر النحاس، وهناك من الكوفيين من لم يأخذ بهذا المبدأ وهناك عدة أقوال ترجح أنَّ الكسائي والفراء أخذا بمذهب البصريين وقالوا بأنَّ العامل هو الابتداء.[122] يذهب أغلبية الكوفيين إلى أنَّ المبتدأ والخبر يترافعان كما سبق، ولكن ذلك فقط إذا كان الخبر اسماً، أمَّا إذا كان الخبر جملة فعلية فعلها على وزن «فَعَلَ» الماضي أو «يَفعَلُ» المضارع، فإنَّ العامل في رفع المبتدأ هو اللفظ العائد عليه من جملة الخبر، ويُسمَّى العائد بالذكر، سواء كان ذلك اللفظ ظاهراً أو لم يكن، مثل: «الكَاتِبُ نَشَرَ كِتَابَهُ» فالضمير المتصل «هاء الغائب» العائد على «الكَاتِبُ» هو العلة في رفعه على الابتداء، ولا يمكن أن يكون الفعل هو العامل في المبتدأ لأنَّه مشغول بعمله في الفاعل والمفعول به. وينسب بعض من النحاة ومؤرخي النحو، ومنهم ابن جني وأبو البركات الأنباري، هذا القول إلى جميع الكوفيين. ويشترط الفراء ليصحَّ رفع المبتدأ بعائد الذكر أن يأتي بعده فعل يقع على ما يعود عليه، مثل المثال السابق، غير أنَّ بعضهم أجاز رفع المبتدأ بالعائد على الإطلاق، حتى عندما يكون الخبر اسماً. ويشترط الفراء أيضاً أن يكون المبتدأ معرفة أو نكرة جاءت جواباً على سؤال قبلها. ولم يتطرق الكوفيون إلى عامل المبتدأ عندما يكون الخبر جملة اسمية.[123] أمَّا إذا كان الخبر حرف جر واسم مجرور، فإنَّ العامل وفقاً للكسائي هو الضمير الذي في صفة حرف الجر الذي جعلها أقرب إلى الفعل، بينما هو عند الفراء المحل في حرف الجر الذي جعله أقرب إلى الاسم. وأغلبية الكوفيين يرون أنَّ المبتدأ يُرفع بالخلاف ويسمى أيضاً المخالفة إذا كان الخبر شبه جملة متقدم عليها المبتدأ، ما عدا ثعلب الذي يرى بأنَّ المبتدأ يرتفع بعائد الذكر الذي تضمنَّه الخبر المنصوب بفعل محذوف، ومن الفعل المحذوف أخذ الخبرُ اللفظَ «العائد على المبتدأ».[124] مواقع إعرابية مشتركة مع المبتدأ يجوز في الضمير المنفصل في جملة مثل: «إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ العَلِيمُ» ثلاثة أوجه إعرابية، فيجوز اعتباره مبتدأ على لغة تميم، ويجوز اعتباره ضمير فصل بين المبتدأ والخبر لا محلَّ له من الإعراب، ويجوز كذلك اعتباره توكيد لفظي تابِع ومُؤَكِّد للفظ آخر. ويُفَضَّل إعرابه ضمير فصل على غيره من الأوجه الإعرابية، ويُفضل أن يُعرب توكيداً لفظياً على أن يكون مبتدأ الذي يظلُّ أضعف وجه إعرابي من بين الثلاثة. وللاسم المبدوء به في جملة مثل: «صَدِيقِي أَحبَبتُهُ» وجهان إعرابيان، فيجوز اعتباره مبتدأ مرفوع والجملة الفعلية بعده هي الخبر، ويجوز كذلك اعتباره مفعول به منصوب مقدَّم على فعله، ويشترط في ذلك ألَّا تظهر العلامة الإعرابية التي ستميز بين المبتدأ المرفوع والمفعول به المنصوب، ويكون هذا في الأسماء التي تقدر العلامات الإعرابية على آخرها كما في المثال السابق، أو في الأسماء المبنية، مثل: أو «مَن سَبَبتَهُ؟»، أو أن يكون إعرابه محلياً كأن تدخل أحرف الجر الزائدة عليه، مثل: «رُبَّ تَلمِيذٍ عَلَّمتُهُ».[125] قد يعمل الجار مع مجروره في رفع فاعل بعدهما وفقاً لبعض النحاة، بينما الاسم المرفوع وفقاً لأغلبية النحاة هو مبتدأ مؤخَّر وليس فاعل، مثل: «أَفِي اللَّهِ شَكٌّ». ويرى هؤلاء النحاة أنَّ الظرف أيضاً بإمكانه أن يرفع فاعلاً، فتنطبق عليه نفس المسألة. وفي جملة مثل: «عَلِيٌّ كُتِبَ فِي الوَّرَقَةِ اِسمُهُ»[126]

حد المبتدأ

المبتدأ هو الاسم الصريح أو المؤول المجرد عن العوامل اللفظية الغير زائدة، مخبرًا عنه أو وصفًا رافعًا لمكتفى به. فالصريح نحو: «زيد عاذر» والمؤول نحو: ﴿وَأَن تَصُومُوا۟ خَیۡرࣱ لَّكُمۡ﴾[البقرة:184]، والذي دخلت عوامل زائدة نحو: «بحسبك درهم».

ملاحظات

ملاحظة أولى: الاسم المشتق ويسمى أيضاً الاسم الوصف، للاسم المشتق أحكام خاصة به عندما يكون مبتدأ، انظر: المبتدأ الوصف. ملاحظة ثانية: هناك عدد آخر من الحالات التي يذكر النحاة صحة الابتداء بالنكرة فيها، ومن هذه: يصحُّ الابتداء بالنكرة في أول الجملة الحالية، مثل: «دَخَلنَا الحَقلَ وجَنَّةٌ رَأَينَا». إذا جاءت النكرة دالة على التنويع أو التقسيم، مثل قول امرئ القيس: «فَأَقبَلتُ زَحفاً عَلَى الرُكبَتَينِ فَثَوبٌ لَبِستُ وَثَوبٌ أَجر». [127] إذا كانت النكرة معطوف عليها اسم معرف أو نكرة مخصوصة، مثل: «دَفتَرٌ وَكِتَابٌ ضَخمٌ مَوضُوعَانِ عَلَى الرَّفِ». [127] ويمكن أيضاً الابتداء بالاسم النكرة المعطوف على اسم معرف أو نكرة مخصوصة، مثل: «كِتَابٌ ضَخمٌ وَدَفتَرٌ مَوضُوعَانِ عَلَى الرَّفِ»، ويجوز في المثال السابق الاكتفاء بإعراب «دَفتَرٌ» باعتباره اسم معطوف ويجوز كذلك اعتباره مبتدأ نكرة. أذا تعلَّق بالنكرة شيء من تمام معناها، مثل: «أَسمَاكٌ فِي المُحِيطِ كَثِيرَةٌ». إذا كان المقصود من النكرة الجنس بأكمله وليس فرد واحد بعينه، ويشابه هذا دلالة النكرة على العموم، غير أنَّ العموم هنا هو العموم على جنس النكرة المذكورة، وليس العموم الذي يشمل أي مبتدأ يمكن أن يستقيم به المعنى. يصحُّ الابتداء بالاسم النكرة إذا جاء جواباً لجملة استفهامية، مثل: «غَرِيبٌ» جواباً لمن يسأل: «مَن عِندَكَ»، والتقدير قبل حذف الخبر: «عِندِي غَرِيبٌ». إذا كان الاسم النكرة محصور أو في معنى اسم محصور، مثل: «مَا ذَاهِبٌ إِلَّا زَيدٌ».[128] ملاحظة ثالثة: هذه هي الحالة الوحيدة التي يوجب فيها تأخُّر الخبر على المبتدأ، مما يعني بالضرورة لزوم تقديم المبتدأ عليه، جميع الحالات المتبقية يوجب فيها تقدُّم المبتدأ على الخبر، بمعنى أنَّها الحالة الوحيدة المتعلقة بالخبر التي أثَّرت على موقع المبتدأ في الجملة بتقديمه ملاحظة رابعة: إذا جاء المبتدأ والخبر معرفة فيفصل بينهما ما يُعرف بضمير الشأن، وهدف هذا الضمير هو تمييز الخبر عن التابع، مثل: «أَبِي هو الصَّادِقُ». أمَّا إذا حُذف ضمير الفصل فقد يُفهم أنَّ «الصَّادِقُ» وصف للمبتدأ، فتكون الجملة عندها ناقصة حيث المبتدأ لم يُخبر عنه بعد، فيظلُّ المستمع منتظراً لتكملة الجملة. ملاحظة خامسة: يُقسِّم كثير من النحاة المبتدأ إلى هذين القسمين، غير أنَّ بعض من النحاة، ومنهم محمد بن علي الصبان، لا يرون هذا التقسيم دقيقاً لأنَّه لا يشمل كلَّ الحالات التي يأتي فيها المبتدأ، فأحياناً لا يسند إلى المبتدأ خبر ولا يسدُّ مرفوع مسدَّ خبره، وذلك عندما يكون المبتدأ وصفاً ولا يرفع الوصف فاعلاً أو نائباً عنه، مثل: «أَقَلُّ رَجل يَقُولُ ذَلِكَ»، حيث اسم التفضيل «أَقَلُّ» مبتدأ غير مخبر عنه وفي الوقت ذاته ليس هناك مرفوع عمل فيه اسم التفضيل ليسدَّ مسدَّ الخبر. [129] والجملة الفعلية «يَقُولُ ذَلِكَ» صفة للاسم النكرة «رَجل»، ولا يصحُّ أن تكون خبر لأنَّ حاجة الاسم النكرة إلى صفة أكبر من حاجة المبتدأ إلى خبر. والبعض يرى أنَّ اسم التفضيل هو مبتدأ ظاهرياً فقط، بينما مدلوله ومعناه يشير إلى أنَّه فعل، وهو ما يُفسِّر عدم احتياجه إلى خبر.[بحاجة لمصدر] ومن المواضع المماثلة «غَير» الدالة على النفي في جملة مثل: «غَيرُ كَاتِبٌ الطَّالِبَانِ»، والملاحظ أنَّ «غَيرُ» مبتدأ، ولم يُسند إليه خبر وهو ليس وصفاً حتى يرفع ما يسدُّ مسدَّه ويُغني عنه. ملاحظة سادسة: من الشواهد الشعرية التي يستدلُّ بها الكوفيون على إغناء معمول اسم الوصف عن الخبر بغير شروط، بيت شعري ورد للشاعر الجاهلي زهير بن مسعود الضبي، يقول فيه: . ‌أقاطِنٌ ‌قومُ سلمى أم نَوَوْا ظَعَنًاإنْ يَظعَنُوا فعجيبٌ عيشُ مَنْ قَطَنا

شرح مبسط

في النحو العربي وقواعد اللغة العربية المبتدأ اسم صريح أو مؤول بالصريح مرفوع أو في محلِّ رفع، يأتي غالباً في بداية الجملة الاسمية، ويليه ما يُعرف اصطلاحاً بالخبر، وبإسناد الخبر إليه يكتمل معنى الجملة وتصبح ذات فائدة معنوية، مثل: «الحَقُّ بَيِّنٌ».[1] والمبتدأ هو الاسم المجرَّد من العوامل اللفظية غير الزائدة في الإسناد، والعامل في رفعه هو معنى الابتداء نفسه.[2][3] والجملة التي تتكون من المبتدأ والخبر تسمَّى جملة اسمية، ويُفَرَّقُ بين الاثنين كون المبتدأ هو المُحَدَّث عنه والخبر هو المُحَدَّث به.[4][5] والمبتدأ إمَّا مخبراً عنه أو وصفاً عاملاً في اسم مرفوع سدَّ مسدَّ الخبر.[6] والمبتدأ يأتي اسماً ظاهراً مُعرباً، أو اسماً مبنيّاً كأسماء الإشارة أو الأسماء الموصولة أو أسماء الشرط، ويأتي كذلك ضميراً منفصلاً، ويكون مصدراً مؤولاً من أنْ والفعل المضارع أو من همزة التسوية وما بعدها،[7][8] والأصل في المبتدأ أن يكون معرفة، إلا أنَّه قد يكون نكرة إذا أفادت النكرة معنى محدداً ليكون في الإخبار عنها فائدة.[9][10]
التعليقات

لم يعلق احد حتى الآن .. كن اول من يعلق بالضغط هنا
ماتكتبه هنا سيظهر بالكامل .. لذا تجنب وضع بيانات ذات خصوصية بك وتجنب المشين من القول

captcha
اشتراكات مصبغة محافظة مبارك الكبير والأحمدي
هل أنت صاحب المنشأة؟ قم بتحديث صفحتك مجاناً