في قلبي انثى عبرية

تم النشر اليوم 06-12-2025 | في قلبي انثى عبرية
نهاية مسدودة في قلبي أنثى عبرية، أول إصدار أدبي للتونسية د.خولة حمدي، من مواليد تونس العاصمة 1984، مُقيمة حاليا بالمملكة السعودية اين تعمل أستاذة في تقنية المعلومات بجامعة الملك سعود بالرياض. هي رواية مستوحاة من الواقع في قالب روائي مشوق وربما تكون واقعية إلى حد الخيال، وقائعها تدور بين ثنائيات تونس و لبنان، حياة و موت، مودة و نفور و بين كل من الأديان الإبراهيمية الثلاث الإسلام ،اليهودية و المسيحية. دخلت دور النشر منذ إلا إنو مع بداية شهدت نطاقاً أوسع. وفسرت الكاتبة للقراء سبب اختيارها لاسم الرواية في قلبي أنثى عبرية مؤكدة أن العنوان تجاري بالأساس، ولعله ليس أفضل ما يعبر عن محتوى الرواية لكنه مناسب لشد الانتباه، وأضافت لست أخجل من قول ذلك، فالكاتب المبتدئ يحتاج واجهة بليغة لتعرف القراء بعمله وتلفت أنظارهم إليه ، أما عن المعنى فهو متعدد الزوايا فقد تكون عبارة في قلبي أنثى عبرية على لسان أحمد أحد أبطال الرواية المؤثرين، أو على لسان كل من أحب ندى أو على لسان ندى نفسها، فهي تبقى عبرية رغم إسلامها، فلفظ عبرية مختلف عن يهودية لأن العبرية هي اللغة وليست الديانة. وأكدت الكاتبة أن الرواية مستوحاة من أحداث حقيقية كما أوضحت في البداية وأنها تعرفت على الأحداث عن طريق حديثها مع ندى ، وقراءة مقاطع من مذكراتها قامت ندى بترجمتها من العبرية إلى الفرنسية ثم ترجمتها الدكتورة خولة إلى اللغة العربية، حديث ندى كان أشبه بـ الفضفضة كما أن تلك المقاطع من مذاكراتها لا تصنع رواية متكاملة الأركان غير أنها طلبت حجب بعض التفاصيل وعدم ذكرها في الرواية فكان على الكاتبة أن تسد الثغرات بقدر من الخيال، لكنها لم تستطع تحديد نسبة الخيال بدقة، وهناك شخصيات غيرت من طابعها خاصة اليهود، لتظهر بشكل يتقبله القارئ وتخص بالذكر شخصية سونيا مع إضافة شخصيات يهودية شريرة مثل زوج راشيل لإضفاء توازن بين اليهود الطيبين والأشرار؛ فلا تبدو الحكاية تلميعا لصورة اليهود. أشارت خولة حمدي إلى أنها كتبت المسودة الأولى من الرواية على المنتديات وكان اسم زوج تانيا هو جوزيف تمويها عن الاسم الحقيقي للشخصية ثم تبين لها أن الاسم مسيحي في حين يقول اليهود يوسف كما المسلمون، لذلك غيرت الاسم إلى جاكوب في النسخة الورقية. وردا على تساؤلات القراء عن بعض التفاصيل في الرواية، أوضحت الكاتبة أن الأحداث المهمة فقط هي الحقيقية مثل سفر ريما عند ندى في لبنان واستشهادها في القصف الصهيوني على قانا ، وخطبة ندي لـ أحمد وعملها معه في المقاومة قبل إسلامها، وغياب أحمد وفقدانه الذاكرة، وسفر ندى إلى فرنسا وإسلامها، وإسلام بقية الشخصيات. ولكن ما لا تعرفه هو كيفية استشهاد ريما ولا أحد يعرف حقيقة ذلك، وحقيقة إسلام تانيا ، فلا تعرف إذا كانت أسلمت اقتناعا أم للحفاظ على عائلتها من الشتات، وهل ارتدت بعد ذلك ونقضت العهد أم لا؟، أما عن استغراب بعض القراء من إسلام تانيا رغم غطرستها وقوة شخصيتها فأكدت الكاتبة أن الهداية من الله –تعالى- يهبها من يشاء ولو استعصى ذلك على عقولنا المحدودة. كما أن شخصية حسان خيالية، وذكرت الكاتبة في الرواية أحداثا خيالية قد لا يكون أحد على علم بها غير من تخصه الأحداث مثل الأحاديث الداخلية والأفكار الحميمة التي لم يطلع عليها أحد، وهذا من باب ما يسمى بـ الراوي العليم . واتفق بعض القراء على أن سبب فقدان أحمد للذاكرة غير مقنع، وفي هذا أوضحت الكاتبة أن موضوع فقدان الذاكرة قد يبدو فيلما هنديا، لكن أحمد فقد الذاكرة بالفعل، ليس للسبب المذكور في الرواية، وأضافت أنا تخيلت السبب وربما لم أوفق في اختياره وتبريره . وردا على استغراب القراء من اعتناق أحمد لديانة المسيحية رغم ما عُرف عنه من فطنة وعقلانية، قالت الكاتبة إن هذا ما حدث بالفعل، ومن حق القارئ استخلاص العبر التي يراها مناسبة من الأحداث. كما استنكر البعض رغبة ندى في الرجوع لـ أحمد بعد عودته رغم خطبتها من حسان وانسحاب حسان من حياتهما، فأكدت الكاتبة أن ندى لم تقل بأنها أحبت حسان لكنها عرفت معه معنى الاستقرار وراحة البال بعد أن كانت قصتها مع أحمد مليئة بالصراعات والمواقف الصعبة، أما حسان فآثر الانسحاب لأنه عرف أن وجود أحمد في الجوار سيجعل هناءه مع ندى مستحيلا، فما بين هذين لا يمكن تجاهله والمضى قدما دونه. وتكررت الأسئلة حول كيفية إسلام بعض الشخصيات في الرواية بأنها كانت ناتجة عن تخبط في الأفكار وشك ثم شهادة بالوحدانية بشكل مفاجئ، كما أنها لم تذكر بالتفصيل قصص إسلامهم، فقالت الكاتبة إن البعض يتوقع أن كل مسلم جديد قد مرَّ بمناظرة مفحمة وحصل على إجابات منطقية ملجمة على كل أسئلته الوجودية في حين أن المنطق والعقل غالبا ما يكون دورهما محدودا حين يتعلق الأمر بالإيمان، وإنه نور يقذفه الله في قلب عبده فلا يدري أين كان وعلى ماذا أصبح، فلا داعٍ لتتبع المنطق في هذه الأمور بالذات. وأضافت أنا لم أفصل قصص إسلامهم كلها لأنها ستتشابه في نهاية الأمر، أسئلة وإجابات، حيرة وشك ثم تسليم واستسلام، ومتأكدة لو أنني فصلت لكان التعليق لماذا كل هذا التكرار؟ وأشارت خولة حمدي أن من الشخصيات من توفي مثل جاكوب ، ومنهم من تفرق في الأرض، وأن اتصالها الوحيد كان مع ندى ولكنها تعتذر عن التواصل مع القراء، وأكدت أن سبب احتجابها في غاية الوجاهة لكنها لا تستطيع الإفصاح عن هذا السبب. وأخيرا أرادت أن تضع نهاية سعيدة للرواية تتويجا لمسار الشخصيات. ان في رواية (في قلبي أنثى عبرية) تحمل موقف الكاتبة من عدة قضايا مرتبطة بالدين الإسلامي، كقضايا المرأة ،الحجاب، الإرهاب ، الزواج المختلط، علاقة الشرق بالغرب، وحاولت في الكثير من القضايا تقديم أدلة شرعية ، وأمثلة من القرآن لدعم مواقفها ليس فقط في الأمور الدينية بل وظفت القرآن في بعض المسائل العلمية كوقوفها أمام مومياء مصرية في متحف اللوفر وربطها بين سلامة الجثة وبين ما جاء في القرآن عند قوله تعالى (و اليوم ننجيك ببدنك لتكون لمن خلفك آية) وتأكيدها على أن( العلماء والمؤرخين أقروا بأن الفرعون المقصود في قصة النبي موسى هو صاحب المومياء الموجودة في المتحف..) والأمثلة كثيرة جدا على النزعة السجالية الحجاجية للرواية .. لكن مناقشة القضايا الكبرى لا يعطي بالضرورة عملا روائيا رائعا، فعلى الرغم من قيام الرواية على التقابل والصراع بين المعتقدات في الديانات الثلاث، وعلى الرغم من حجم الرواية الكبير وطول مسارها السردي ، فالقارئ يشعر أنها تعاني فكثير من المقاطع من اقتضاب سردي فتفاجئه بعض الأحداث التي لم يكن يتوقع حدوثها ، خصوصا ما يتعلق بالظروف والطريقة التي أسلمت بها كل من تانيا وسونيا وجاكوب.. ، ما يجعل الأمر وكأنه صدمة للقارئ الذي لم يكن ليتوقع إسلام شخوص كنتيجة منطقية مترتبة عن الخلفية التي تم تشكيلها عن تلك الشخصيات في الصفحات الأولى من الرواية. غير مصنفة