[ الصحابة والتابعون ] تعرف على 9 معلومات عن سيرة علي بن أبي طالب رضى الله عنه
تم النشر اليوم [dadate] | تعرف على 9 معلومات عن سيرة علي بن أبي طالب رضى الله عنه
مقتل علي ليلة ميلاد علي بن عبد الله بن عباس في رمضان 40 هجريًا
كتب اليعقوبي في تاريخه: كتب إلى كعب بن مالك فقال في كتابه: أما بعد فاستخلف على عملك، واخرج في طائفة من أصحابك، حتى تمر بأرض كورة السواد فتسأل عن عمالي وتنظر في سيرتهم (وهذه المتابعة والمراقبة أقرب ما تكون لمهام إدارات المتابعة والرقابة الإدارية للكشف عن التعسف في استخدام السلطة أو الفساد) ، وكانت الرسائل التي تصل من المراقبين السريين لعمل الولاة تتسبب أحيانا في حدوث الخلاف بين علي بن أبي طالب وبعض ولاته لشعورهم بضعف الثقة، كما حدث من أبي الأسود الدؤلي الذي كان سبباً في استقالة عبد الله بن عباس من عمله والياً على البصرة.وكذلك تدخل الأشتر بين علي وجابر بن عبد الله، وقد التمس علي بن أبي طالب طريقة عمر بن الخطاب في محاسبة ولاته مع شدة جعلت واحداً من ذوي القربى وهو ابن عمه عبد الله بن عباس الذي لم يتحمل توبيخ علي له في ما بلغه من بعض التصرفات الماليه إحساسه بغياب ثقة علي فيه واستجابته لما يصله من عيون علي على الولاة والعمال الذين يتولون تسيير أحوال البلاد في الولايات ويشرفون على الوظائف العامة بها.ومن المأثور عن علي بن أبي طالب أنه كان يقول حين تبلغه مظلمة أو شكاية: اللهم إني لم آمرهم أن يظلموا خلقك أو يتركوا حقك، وذكر ابن الأثير أخبراً عن علي أنه قد أمر بحبس الولاة وضربه بالدرة وتأديبه لما بلغه من شكوى في حقه، حتى قيل أن شدة علي من ولاته كانت سبباً في حدوث خلاف بين علي وبعض ولاته، وقد تسبب الخوارج في انشغال علي بن أبي طالب بهم، فضلاً عن حرب معاوية له ، وأضيف لذلك جنود عبد الله بن سبأ في الجيش مما تسبب في حدوث فتن وضغوط متعددة في وقت واحد، الأمر الذي حال بين علي وبين ما كان يأمل في تحقيقه في البلاد استمراراً على نهج أبي بكر وعمر، حتى نجح عبد الرحمن بن ملجم وهو من الخوارج في قتله، وقد أخرج الشوكاني في در السحابة ورجاله ثقات عن علي بن أبي طالب: أنَّ عليًّا مرِضَ وقال إنِّي لستُ ميِّتًا مِن مرَضي هذا أو من وجَعي هذا وإنَّهُ عَهِدَ إليَّ رسولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أنِّي لا أموتُ حتّى تَخضَّبَ هذِه من هذِه (أي تنزل الدماء من رأسه على لحيته) فكان مقتله في رمضان من العام الأربعين للهجرة في نفس ليلة ولادة علي بن عبد الله بن عباس الذي عرف بالسجاد لكثرة عبادته.
قواعد أرساها علي بن أبي طالب في قضائه
في صحيح أبي داود عن عبد الله بن عباس قال: أُتِي عمرُ بمجنونةٍ، قد زنت فاستشار فيها أناسًا، فأمر بها عمرُ أن تُرجَمَ، فمرَّ بها على عليِّ بنِ أبي طالبٍ فقال: ما شأنُ هذه؟ قالوا: مجنونةُ بني فلانٍ زنت، فأمر بها عمرُ أن تُرجَمَ. قال: فقال: ارجِعوا بها، ثمَّ أتاه فقال: يا أميرَ المؤمنين، أما علِمتَ أنَّ القلمَ قد رُفِع عن ثلاثةٍ؛ عن المجنونِ حتّى يبرأَ، وعن النّائمِ حتّى يستيقظَ، وعن الصَّبيِّ حتّى يعقِلَ؟ قال: بلى، قال: فما بالُ هذه تُرجَمُ؟ قال: لا شيءَ، قال فأرسِلْها، قال: فأرسِلْها، قال: فجعل يُكبِّرُ، كما أشار علي بن أبي طالب بإدخال التعزير وهو العقوبة التي ينزلها الحاكم في الجرائم العامة للزجر عنها، إضافة إلى الحد، حتى وصلت إلى ثمانين جلدة، ذلك لأن السكران يهذي فيصل لإلى حد الإفتراء وحد الإفتراء ثمانين جلدة، وكانت هيئة حد شارب الخمر هو الضرب بالنعال وأطراف الثياب.
علي بن أبي طالب يقتل أكثر من عشرة من المشركين يوم بدر
في غزوة بدر الموافق يوم الجمعة السابع عشر من شهر رمضان، قال المشركون: أخرجْ إلَيْنَا أكْفاءَنا مِنْ قَوْمِنَا؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: “قُمْ يَا عُبيدة بْنَ الْحَارِثِ، وَقُمْ يَا حَمْزَةُ، وَقُمْ يَا عَلِيُّ”، فَلَمَّا قَامُوا وَدَنَوْا مِنْهُمْ، قَالُوا: مَنْ أَنْتُمْ؟ قَالَ عُبيدة: عُبَيْدَةُ، وَقَالَ حَمْزَةُ: حَمْزَةُ، وَقَالَ عَلِيٌّ: عَلِيٌّ؛ قَالُوا: نَعَمْ، أكْفاء كِرَامٌ، فَبَارَزَ عُبَيْدَةُ، وَكَانَ أَسَنَّ الْقَوْمِ، عُتبة بْنَ رَبِيعَةَ وَبَارَزَ حَمْزَةُ شَيْبة بْنَ رَبِيعَةَ وَبَارَزَ عَلِيٌّ الْوَلِيدَ بْنَ عُتْبَةَ. فَأَمَّا حَمْزَةُ فَلَمْ يُمْهِلْ شَيْبَةَ أَنْ قَتَلَهُ، وَأَمَّا عَلِيٌّ فَلَمْ يُمْهِلْ الْوَلِيدَ أَنْ قَتَلَهُ، وَاخْتَلَفَ عُبَيْدَةُ وَعُتْبَةُ بَيْنَهُمَا ضَرْبَتَيْنِ، كِلَاهُمَا أَثْبَتَ صَاحِبَهُ١، وكَرَّ حَمْزَةُ وَعَلِيٌّ بِأَسْيَافِهِمَا عَلَى عُتبة فذَفَّفا عَلَيْهِ (أجهزا عليه وقتلاه)، وَاحْتَمَلَا صَاحِبَهُمَا فَحَازَاهُ إلَى أَصْحَابِهِ.وقد ذكر ابن هشام أسماء القتلى من المشركين الذين قضى عليهم علي بن أبي طالب في هذه المعركة فكانوا في مجموعهم اثني عشر قتيلاً ، انفرد علي بقتلهم، وقتيلان من المشكرين تم قتلهما بسيفي علي بن أبي طالب وحمزة بن عبد المطلب (عمه وعم النبي صلى الله عليه وسلم) ، وستة قتلى آخرين تختلف الروايات بأنهم قتلوا على يد علي بن أبي طالب أو على يد غيره من الصحابة، فيكون مجموع القتلى المؤكد قتلهم على يد علي بن أبي طالب هو أربعة عشرة قتيلاً ، وستة محتملين، أي أن مجموع قتلى المشركين عى يدي علي يتراوح بين الأربعة عشرة والعشرين.
أبوه أبو طالب عم الرسول ﷺ ونصيره
درجة قرابته للنبي صلى الله عليه وسلم أنه أبن عمه أبي طالب، وأبو طالب قام بمساندة النبي صلى الله عليه وسلم ومناصرته، كما جاء في سيرة ابن هشام وسيرة ابن إسحاق وتاريخ الطبري موقف زعماء قريش مع أبي طالب للضغط على رسول الله صلى الله عليه وسلم.ثم إن قريشا مشوا إلى أبي طالب تارة أخرى فكلموه، وقالوا: ما نحن يا أبا طالب، وإن كنت فينا ذا منزلة بسنك وشرفك وموضعك، بتاركي ابن أخيك على هذا حتى نهلكه أو يكف عنا ما قد أظهر بيننا من شتم آلهتنا، وسب آبائنا، وعيب ديننا، فإن شئت فاجمع لحربنا، وإن شئت فدع، فقد أعذرنا إليك، وطلبنا التخلص من حربك وعداوتك فكل ما نظن أن ذلك مخلصاً، فانظر في أمرك، ثم اقض إلينا قضاك.وبعد انتهاء زعماء قريشا من تهديدهم لأبي طالب بهذه المقالة بعث إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له: يا ابن أخي إن قومك قد جاءوني فقالوا: كذا وكذا، للذي قالوا له، وآذوني قبل، فأبق علي وعلى نفسك، ولا تحملني من الأمر ما لا أطيق أنا ولا أنت، واكفف عن قومك ما يكرهون من قولك هذا الذي فرق بيننا وبينهم، فظن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه خاذله ومسلمه؛ وضعف عن نصرته والقيام معه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا عم لو وضعت الشمس في يميني والقمر في يساري ما تركت الأمر حتى يظهره الله أو أهلك في طلبه، ثم استعبر رسول الله صلى الله عليه وسلم فبكى، فلما ولى قال له- حين رأى ما بلغ الأمر برسول الله صلى الله عليه وسلم-: أقبل يا ابن أخي، فأقبل عليه، فقال: امض على أمرك وافعل ما أحببت، فو الله لا نسلمك بشيء أبداً.وقد أخرج الألباني في السلسلة الضعيفة رواية يعقوب بن عتبة بن المغيرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا عَمِّ! واللهِ لو وضَعُوا الشمسَ في يَمينِي، والقَمَرَ في يَسارِي، على أنْ أترُكَ هذا الأَمرَ حتى يُظهِرَهُ اللهُ أوْ أهلِكَ فيه ما تَركْتُهُ، وصدق أبو طالب في نصرته للرسول صلى الله عليه وسلم فلم يتركه لزعماء قريش من المشركين حتى توفى في في عام الحزن الذي توفت فيه السيدة خديجة زوجة النبي صلى الله عليه وسلم، وقد توفى دون أن يؤمن بالإسلام على الرغم من مناصرته للرسول صلى الله عليه وسلم، وفي الحديث الذي أخرجه البخاري بإسناد صحيح عن أبي سعيد الخدري: أنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم ذُكِرَ عندَه عمُّه أبو طالبٍ، فقال: «لعلَّه تَنفَعُه شَفاعَتي يومَ القِيامةِ، فيُجعَلُ في ضَحْضاحٍ من نارٍ يَبلُغُ كَعبَيْه يَغْلي منه دِماغُه».
علي بن أبي طالب ذو قرني الجنة
في مسند أحمد بإسناد صحيح عن علي بن أبي طالب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: يا عليُّ، إنَّ لكَ كَنزًا مِنَ الجَنَّةِ، وإنَّكَ ذُو قَرْنَيْها، فلا تُتْبِعِ النَّظرةَ النَّظرةَ ؛ فإنَّما لكَ الأُولى، وليستْ لكَ الآخِرةُ، وقد شرح المنذي هذا الحديث في كتابه الترغيب والترهيب فقال: قَوله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لعَلي وَإنَّك ذُو قرنيها أَي ذُو قَرْني هَذِه الْأمة وَذَاكَ لِأَنَّهُ كَانَ لَهُ شجتان فِي قَرْني رَأسه (جانبي رأسه) إِحْدَاهمَا من ابْن ملجم وهو قاتل علي بن أبي طالب من الخوارج وَالْأُخْرَى من عَمْرو بن ود والذي قتله علي في غزوة الحزاب، وَقيل مَعْنَاهُ إِنَّك ذُو قَرْني الْجنَّة أَي ذُو طرفيها ومليكها الْمُمكن فِيهَا الَّذِي يسْلك جَمِيع نَوَاحِيهَا كَمَا سلك الْإِسْكَنْدَر جَمِيع نواحي الأَرْض شرقا وغربا فَسُمي ذَا القرنين على أحد الْأَقْوَال وَهَذَا قريب.
علي بن أبي طالب هو عالم المدينة وقاضيها
كان أبو بكر وعمر يشاوران علي بن أبي طالب، وقد استعان به عمر بن الخطاب وعثمان في أمر القضاء بين الناس، وذلك لشهادة النبي صلى الله عليه وسلم لعلي بن أبي طالب في عدالة قضائه، ففي الحديث الذي أخرجه ابن ماجه في صحيحه عن أنس بن مالك أن رسول الله الله صلى الله عليه وسلم قال: أرحمُ أمَّتي بأمَّتي أبو بَكرٍ وأشدُّهم في دينِ اللَّهُ عمرُ وأصدقُهم حياءً عثمانُ وأقضاهم عليُّ بنُ أبي طالبٍ وأقرؤُهم لِكتابِ اللَّهِ أبيُّ بنُ كعبٍ وأعلمُهم بالحلالِ والحرامِ معاذُ بنُ جبلٍ وأفرضُهم زيدُ بنُ ثابتٍ ألا وإنَّ لِكلِّ أمَّةٍ أمينًا وأمينُ هذِه الأمَّةِ أبو عبيدةَ بنُ الجرّاح.وفي كتابي (علل الحديث ومعرفة الرجال) و(المعرفة والتاريخ) جاء فضل علي بن أبي طالب كما يلي: كان الناس يأخذون عن ستة: عمر وعلى وعبد الله وأبي موسى وزيد بن ثابت، وأبي بن كعب وقال: شاممت أصحاب محمد – صلى الله عليه وسلم – فوجدت علمهم انتهى إلى ستة نفر: عمر وعلى وعبد الله وأبي الدرداء وأبي بن كعب وزيد بن ثابت، ثم شاممت هؤلاء الستة فوجدت علمهم انتهى إلى رجلين منهم: إلى على، وعبد الله، وجاء أيضًا: انتهى العلم إلى ثلاثة، عالم بالمدينة، وعالم بالشام، وعالم بالعراق، فعالم المدينة على بن أبي طالب، وعالم الكوفة عبد الله بن مسعود، وعالم الشام أبو الدرداء، فإذا التقوا سأل عالم الشام وعالم العراق، عالم المدينة ولم يسألهما.
أول من قال جعلت فداك يا رسول الله
في كتاب الأوائل للعسكري قال: عن عبارة “جعلت فداك يا رسول الله” أول من قالها على- رضى الله عنه- لما دعا عمرو ابن عبد ود العامرى الى البراز يوم الخندق في غزوة الأحزاب فلم يجبه أحد، فقال على- رضى الله عنه- جعلت فداك يا رسول الله! أتأذن لى؟ قال: انه عمرو بن ود فقال: وأنا على ابن أبى طالب، فخرج اليه فقتله، ولما علمت زوجة عمرو بن ود بأن قاتله هو علي بن أبي طالب قالت في رثائه (لو كان من قتل زوجها غير علي بن أبي طالب لبكت زوجها لعلمها أن علي لا يعير من قتل على يديه)، وقد تغير لقيب عمرو بن ود من صاحب لقب فارس الليل إلى لقب قتيل علي بن أبي طالب (وقصة اللقب مهاجمة عشرة من قطاع الطريق لعمرو بن ود له بالليل وفرار أصحابه من مواجهتهم وثبات عمرو بن ود في مبارزتهم وقضائه على المهاجمين العشرة جميعاً)، فإذا كان عمرو بن قد قتل عشرة فرسان بمفرده، فإن علي بن أبي طالب قد قتل بمفرده اثنا عشر مشركاً في غزوة بدر ثم قتل عمرو بن ود في غزوة الأحزاب.
تربية علي في بيت النبي ﷺ
في كتاب سيرة ابن هشام تمت الإشارة إلى فضل وجود علي بن أبي طالب في بيت النبي صلى الله عليه وسلم في سبقه للإسلام، فقال ابن هشام: كان من نعمة الله عز وجل على علىّ بن أبى طالب وما صنع الله له وأراد به من الخير أن قريشًا أصابتهم أزمة شديدة.وكان أبو طالب ذا عيال كثيرة، فقال رسول الله – صلى الله عليه وسلم – للعباس عمه – وكان من أيسر بنى هاشم-: يا عباس، إن أخاك أبا طالب كثير العيال، وقد ترى ما أصاب الناس من هذه الأزمة، فانطلق بنا فلنخفف عنه عياله، آخذ من بيته واحدًا وتأخذ واحدًا، فنكفيهما عنه، فقال العباس: نعم.. فانطلق حتى أتيا أبا طالب، فقالا له: إنا نريد أن نخفف عنك من عيالك حتى ينكشف عن الناس ما هم فيه، فقال لهما: إن تركتما لي عقيلاً فاصنعا ما شئتما، فأخذ رسول الله – صلى الله عليه وسلم – عليًا فضمه إليه، وأخذ العباس جعفرًا رضي الله عنه فضمه إليه، فلم يزل على بن أبى طالب رضي الله عنه مع رسول الله – صلى الله عليه وسلم – حتى بعثه الله نبيًا، فاتبعه علىّ، فأقر به وصدقه، ولم يزل جعفر عند العباس حتى أسلم واستغنى عنه، وكان علي أصغر من أخيه جعفر بعشرة سنوات.، وقال ابن هشام : ذكروا أنه أي أبو طالب قال لعلى: أي بنى، ما هذا الدين الذي أنت عليه؟ فقال: يا أبت آمنت بالله وبرسول الله وصدقته بما جاء به، وصليت معه لله واتبعته، فزعموا أنه قال له: أما إنه لم يدعك إلا إلى خير فالزمه.أما ابْنُ إسْحَاقَ فقال: ذَكَرَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كَانَ إذَا حَضَرَتْ الصَّلَاةُ خَرَجَ إلَى شِعَابِ مَكَّةَ، وَخَرَجَ مَعَهُ عليُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ مُسْتَخْفِيًا مِنْ أَبِيهِ أَبِي طَالِبٍ وَمِنْ جَمِيعِ أَعْمَامِهِ وَسَائِرِ قَوْمِهِ، فَيُصَلِّيَانِ الصَّلَوَاتِ فِيهَا، فَإِذَا أَمْسَيَا رَجَعَا فَمَكَثَا كَذَلِكَ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَمْكُثَا. ثُمَّ إنَّ أَبَا طَالِبٍ عَثَرَ عَلَيْهِمَا يَوْمًا وَهُمَا يُصليان، فَقَالَ لرسولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: يابن أَخِي! مَا هَذَا الدينُ الَّذِي أَرَاكَ تَدين بِهِ؟ قَالَ: “أَيْ عَمِّ! هَذَا دِينُ اللَّهِ وَدِينُ مَلَائِكَتِهِ، وَدِينُ رُسُلِهِ، وَدِينُ أَبِينَا إبْرَاهِيمَ -أَوْ كَمَا قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بَعَثَنِي اللَّهُ بِهِ رَسُولًا إلَى الْعِبَادِ، وَأَنْتَ أَيْ عَمِّ، أحقُّ مَنْ بذلتُ لَهُ النَّصِيحَةَ، ودعوتُه إلَى الهدَى، وأحقُّ مَنْ أَجَابَنِي إلَيْهِ وَأَعَانَنِي عَلَيْهِ”، أَوْ كَمَا قَالَ؟ فَقَالَ أَبُو طَالِبٍ: أَيْ ابْنَ أَخِي! إنِّي لَا أَسْتَطِيعُ أَنْ أفارقَ دِينَ آبَائِي وَمَا كَانُوا عَلَيْهِ، وَلَكِنْ وَاَللَّهِ لَا يُخْلَصُ إلَيْكَ بِشَيْءٍ تَكْرَهُهُ ما بَقيت.
علي بن أبي طالب الثالث في الإسلام
أخرج صلاح الدين العلائي في فتاوى العلائي بسند جيد عن عبد الله بن عمر قال: أن عُمْرَ عليٍّ رضي الله عنه حين أسلمَ كان اثنتي عشرةَ سنةً، فكان إسلامه مبكراً في حياته وهو أول من أسلم من الفتيان والثالث في الإسلام بعد أبي بكر الصديق والسيدة خديجة.وفي مسند أحمد بإسناد صحيح عن عفيف الكندي: قال: كنتُ امرأً تاجرًا فقدمتُ الحجَّ فأتيتُ العباسَ بنَ عبدِ المطلبِ لأبتاعَ منهُ بعضَ التجارةِ وكان امرأً تاجرًا فواللهِ إني لعندَهُ بمِنًى إذ خرج رجلٌ من خِباءٍ قريبٍ منهُ فنظر إلى الشمسِ فلمّا رآها مالت يعني قام يُصلِّي قال: ثم خرجت امرأةٌ من ذلك الخِباءِ الذي خرج منهُ ذلك الرجلُ فقامت خلفَهُ تُصلِّي ثم خرج غلامٌ حين راهقَ الحُلُمَ من ذلك الخِباءَ فقام معَهُ يُصلِّي قال: فقلتُ للعباسِ: من هذا يا عباسُ قال: هذا محمدُ بنُ عبدِ اللهِ بنُ عبدِ المطلبِ ابنُ أخي قال: فقلتُ: من هذه المرأةُ قال: هذه امرأتُهُ خديجةُ ابنةُ خويلدٍ قال: قلتُ: من هذا الفتى قال: هذا عليُّ بنُ أبي طالبٍ ابنُ عمِّهِ قال: فقلتُ: فما هذا الذي يصنعُ قال: يُصلِّي وهو يزعمُ أنَّهُ نبيٌّ ولم يتَّبِعْهُ على أمرِهِ إلا امرأتُهُ وابنُ عمِّهِ هذا الفتى وهو يزعمُ أنَّهُ سيُفتحُ عليهِ كنوزُ كسرى وقيصرَ قال: فكان عفيفًا وهو ابنُ عمِّ الأشعثِ بنِ قيسٍ يقولُ: وأسلمَ بعد ذلك فحسنَ إسلامُهُ لو كان اللهُ رزقني الإسلامَ يومئذٍ فأكونُ ثالثًا مع عليِّ بنِ أبي طالبٍ رضيَ اللهُ عنهُ، (يقصد أنه تمنى أن يكون الثالث في السبق بالإسلام والصلاة مع الرسول صلى الله عليه وسلم في المسجد الحرام، ولكن انشغاله بالدنيا جعل أمر الدين في نفسه متأخراً حتى فتحت مكة فلما شهد عزة الإسلام تمنى لو كان من السابقين للإسلام وليس من المتأخرين فيه)