شبكة بحوث وتقارير ومعلومات
اليوم: ,Tue 16 Dec 2025 الساعة: 07:19 AM


اخر بحث





- عمري21لدي ألم ليس دائم ولكن يظهر ويعود من حين لآخر بالجانب الايسر من الاعلى عند المعده وعندما يأتيني الالم لا استطيع التنفس واخذه بصعوبه حتى يختفي الا | الموسوعة الطبية
- [ تعرٌف على ] اختبار الإنجليزية كلغة أجنبية
- [ مطاعم السعودية ] مطعم موال زماني
- [ خدماتوخدمات الإنترنت قطر ] اللمعان للخدمات
- [ شقق مفروشة السعودية ] بلنسية للوحدات السكنية المفروشة
- [ اغذية السعودية ] مؤسسة تيهود للتجارة
- [ أطباق الدجاج ] طريقة عمل جوانح الدجاج
- [ منوعات في فن الطهي ] طريقة عمل البيض المسلوق
- نبذة عن الملك الصالح نجم الدين أيوب
- طريقة صلاة سنة الفجر

[ السيرة النبوية ] 14 مقتطف من سيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم

تم النشر اليوم 16-12-2025 | [ السيرة النبوية ] 14 مقتطف من سيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم
[ السيرة النبوية ] 14 مقتطف من سيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم تم النشر اليوم [dadate] | 14 مقتطف من سيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم

الرسالة والبعث

الوحي نزلت الرسالة على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في عمر الأربعين، ولكن قبل ذلك عرف عن أشهر خلق الله أنه لم يسجد أبدا لصنم ولم يعبد أحد غير الله حتى قبل أن ينزل عليه وحي السماء، وكان رسول الله في كل عام من شهر رمضان يذهب إلى دار حراء حتى يختلي بنفسه ويتأمل في خلق الله ويتساءل عن صاحب هذا الخلق خلقه، حتى جاء الميعاد، ميعاد الرسالة التي أنزلها الله لتكون نورا وهداية ورحمة للبشرية أجمعين، وكان الرسول في غار حراء حتى نزل عليه جبريل وقال له “إقرأ” فرد رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال “ما أنا بقارئ” وقد جاء ذكر هذه الحادثة مفصلة في السيرة النبوية عن رواية السيدة عائشة أنها قالت “(أَوَّلُ ما بُدِئَ به رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مِنَ الوَحْيِ الرُّؤْيَا الصَّادِقَةُ في النَّوْمِ، فَكانَ لا يَرَى رُؤْيَا إلَّا جَاءَتْ مِثْلَ فَلَقِ الصُّبْحِ، فَكانَ يَأْتي حِرَاءً فَيَتَحَنَّثُ فِيهِ، وهو التَّعَبُّدُ، اللَّيَالِيَ ذَوَاتِ العَدَدِ، ويَتَزَوَّدُ لذلكَ، ثُمَّ يَرْجِعُ إلى خَدِيجَةَ فَتُزَوِّدُهُ لِمِثْلِهَا، حتَّى فَجِئَهُ الحَقُّ وهو في غَارِ حِرَاءٍ، فَجَاءَهُ المَلَكُ فِيهِ، فَقالَ: اقْرَأْ، فَقالَ له النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: فَقُلتُ: ما أنَا بقَارِئٍ، فأخَذَنِي فَغَطَّنِي حتَّى بَلَغَ مِنِّي الجَهْدُ، ثُمَّ أرْسَلَنِي فَقالَ: اقْرَأْ، فَقُلتُ: ما أنَا بقَارِئٍ، فأخَذَنِي فَغَطَّنِي الثَّانِيَةَ حتَّى بَلَغَ مِنِّي الجَهْدُ، ثُمَّ أرْسَلَنِي فَقالَ: اقْرَأْ، فَقُلتُ: ما أنَا بقَارِئٍ، فأخَذَنِي فَغَطَّنِي الثَّالِثَةَ حتَّى بَلَغَ مِنِّي الجَهْدُ، ثُمَّ أرْسَلَنِي فَقالَ: {اقْرَأْ باسْمِ رَبِّكَ الذي خَلَقَ} iiالعلق: 1ii- حتَّى بَلَغَ – {عَلَّمَ الإنْسَانَ ما لَمْ يَعْلَمْ} وعندما ذهب الرسول صلى الله عليه وسلم إلى السيدة خديجة رضي الله عنها مرتاعا من هول ما رأى طلب منه أن تدثره من شدة شعوره بالبرد وحكى لها ما حدث، أيقنت السيدة خديجة بأن أمر النبوة قد حدث، ويذكر أنه حدث أن جاء جبريل ورسول الله مع السيدة خديجة فلما رآه رسول الله أخبرها أنه موجود فكان عليها أن تعرف هل هو وحي أم هو شيطان تجسد في صورة الوحي، فقامت بإزالة وشاحها من على كتفها فلما رأى جبريل ذلك اختفى، فعلمت السيدة خديجة أنه ملاك موحى إليه من الله لإن إبليس لا حياء عنده.. ذهبت بعدها السيدة خديجة إلى ورقة بن نوفل وهو ابن عمها وكان يدين بالديانة المسيحية، وقص عليه رسول الله ما حدث فقال ورق بن نوفل “هذا النَّامُوسُ الذي أُنْزِلَ علَى مُوسَى، يا لَيْتَنِي فِيهَا جَذَعًا، أكُونُ حَيًّا حِينَ يُخْرِجُكَ قَوْمُكَ، فَقالَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: أوَمُخْرِجِيَّ هُمْ فَقالَ ورَقَةُ: نَعَمْ، لَمْ يَأْتِ رَجُلٌ قَطُّ بمِثْلِ ما جِئْتَ به إلَّا عُودِيَ، وإنْ يُدْرِكْنِي يَوْمُكَ أنْصُرْكَ نَصْرًا مُؤَزَّ”. وبعد هذه الحادثة انقطع الوحي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم لأيام وكان الهدف من ذلك أن يخفف حالة الخوف التي أصابتها وذهب الرسول إلى غار حراء مرة أخرى حتى جاء جبريل وألقى عليه كلمات ربه “ا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ * قُمْ فَأَنذِرْ * وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ * وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ * وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ”.. وكان ذلك بمثابة رسالة يوجهها الله سبحانه وتعالى من عليائه إلى نبيه لكي يبدأ دعوته إلى قومه وإلى البشرية حتى يؤمنوا بالله وحده العزيز الجبار وقد جاء في قول الله تعالى “يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ (1) قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا (2) نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا (3) أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا (4) إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا (5) إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئًا وَأَقْوَمُ قِيلًا (6) إِنَّ لَكَ فِي النَّهَارِ سَبْحًا طَوِيلًا (7) وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلًا (8) رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَاتَّخِذْهُ وَكِيلًا (9) وَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَاهْجُرْهُمْ هَجْرًا جَمِيلًا (10) وَذَرْنِي وَالْمُكَذِّبِينَ أُولِي النَّعْمَةِ وَمَهِّلْهُمْ قَلِيلًا (11) إِنَّ لَدَيْنَا أَنْكَالًا وَجَحِيمًا (12) وَطَعَامًا ذَا غُصَّةٍ وَعَذَابًا أَلِيمًا (13) يَوْمَ تَرْجُفُ الْأَرْضُ وَالْجِبَالُ وَكَانَتِ الْجِبَالُ كَثِيبًا مَهِيلًا (14) إِنَّا أَرْسَلْنَا إِلَيْكُمْ رَسُولًا شَاهِدًا عَلَيْكُمْ كَمَا أَرْسَلْنَا إِلَى فِرْعَوْنَ رَسُولًا”..سورة المزمل نشر الإسلام سرا في البداية كان من الصعب أن يجهر رسول الله بدعوته إلى أهل مكة حيث لم يأته هذا الأمر الصريح من الوحي، كما أن أهل مكة كانوا معروفين بالعناد في الكفر ولم يكن من السهل أن يتخلوا عن عصبيتهم وجاهليتهم من أجل دعوة الإسلام التي سوف تقوض من نفوذهم، حيث أن نشر الإسلام يعنى المساواة بين السيد والعبد بين الأبيض والأسود والغني والفقير وذو النسب الكبير والشخص البسيط، نشر الإسلام يعني أنهم سوف يتخلون عن عصبيتهم وجهالتهم و يتصدقون بأموالهم و يتطهرون وهذا لم يكن من الصعب أن يتخلى عنه كفار مكة بسهولة. لذا اقتصر رسول الله صلى الله عليه وسلم على دعوة المقربين منه، فكانت أول من تؤمن به من النساء هي السيدة خديجة بنت خويلد، وأول من يؤمن به من الرجال هو صاحبه ومصدقه وصديق أبي بكر بن أبي قحافة، وأول من آمن به من الصبية هو ابن عمه وحبيبه علي بن أبي طالب، وكان ابن الرسول بالتبني زيد بن حارثة من أول المؤمنين به من الموالي – وقد كان ذلك قبل أن يحرم الإسلام التبني- وبعدها قام أبي بكر بنشر الدعوة بين المقربين إليه فآمن بها كل من عثمان بن عفان وعبد الرحمن بن عوف والزبير بن العوام وسعد بن أبي وقاص وطلحة بن عبيد الله.. وقد استمر الدعوة سرية لمدة ثلاثة أعوام مستمرة حتى جاء أمر الله سبحانه وتعالى بالجهر بدعوة الإسلام، وقد جاء في كتاب الله الكريم “فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ (94) إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ (95) الَّذِينَ يَجْعَلُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ (96) وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ (97) فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ (98) وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ”..سورة الحجر الجهر بدعوة الإسلام بعد أن جاء أمر الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم بالجهر بالدعوة بدأ بدعاء أهل مكة، ووقف رسول الله صلى الله عليه وسلم على جبل الصفا يدعو الناس إلى عبادة الله وحده عز وجل لا شريك، لكن في هذا الوقت لم يستمع له أي من الناس ولم يأخذوا الأمر بجدية واستهزءوا به، وظنوا أن الأمر عابر لا أساس له وأنه سوف ينتهي، إلا أنها كانت دعوة ورسالة غيرت وجه الحياة في مكة وفي جزيرة العرب، وقد جاء في قوله تعالى “مَا يَنْبَغِي لَهُمْ وَمَا يَسْتَطِيعُونَ (211) إِنَّهُمْ عَنِ السَّمْعِ لَمَعْزُولُونَ (212) فَلَا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ فَتَكُونَ مِنَ الْمُعَذَّبِينَ (213) وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ (214) وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (215) فَإِنْ عَصَوْكَ فَقُلْ إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تَعْمَلُونَ (216) وَتَوَكَّلْ عَلَى الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ (217) الَّذِي يَرَاكَ حِينَ تَقُومُ (218) وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ (219) إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (220)..سور الشعراء. ولقد كان الجهر بالدعوة بمثابة فتح باب تنطلق منه كل رياح الألم حول رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلد حاول الكفار منعه بالين والترغيب وعندما رفض رسول الله وأصر على أن هذه هي رسالة الله عز وجل بدأ يقابل كل أنواع التعذيب المادي والمعنوي ليس هو فقط بل هو وكل من تبعه ووالاه، وقد كان الفقراء والعبيد هم أول من أسلموا وآمنوا برسول الله بالرغم من أنهم لاقوا كل صنوف التنكيل والتعذيب على يد قريش. محاصرة المؤمنين في شعاب مكة انتشرت دعوة الإسلام بين الناس وكل يوم كان يشهد مسلمين جدد يؤمنون بالله عز وجل ويصدقون رسوله الكريم ولا يتاونون عن الدفاع عن دينهم بأموالهم وأنفسهم، كل يوم يدخل السادة والعبيد إلى الدين الجديد لا يأبهون بكل أنواع التعذيب ولا التنكيل يتوكلون على الله وحده بأنه هو مولاهم لا شريك له، وإمام انتشار الدعوة وإصرار الناس على الدخول فيها لجأت قريش إلى نوع آخر من التعذيب وهو انهم قاموا بمقاطعة المسلمين، وتمت محاصرة الرسول وكل من آمن به في شعب بني هاشم، وقام الكفار بكتابة وثيقة علقوها داخل الكعبة، وكانت الوثيقة تقضي بأن يمنع البيع والشراء من وإلى المسلمين، وأن يمتنع الكفار عن التعامل معهم أو مدهم بالمال أو الطعام، فظل الرسول واتباعه في الشعب محاصرين لمدة ثلاثة سنوات يذوقون فيها ألم الجوع والقيظ، حتى جاء أمر الله عندما دخل المشركون الكعبة فوجدوا أن الأرضة قد أكلت تلك الرقعة المكتوب عليها عهد المقاطعة ولم يبقى منها سوى كلمة :باسمك اللهم”. وقد قال ابن القيم في زاد المعاد: لما رأت قريش أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلو والأمور تتزايد أجمعوا أن يتعاقدوا على بني هاشم وبني المطلب وبني عبد مناف ألا يبايعوهم ولا يناكحوهم ولا يكلموهم ولا يجالسوهم حتى يسلموا إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكتبوا بذلك صحيفة وعلقوها في سقف الكعبة… فانحازت بنو هاشم وبنو المطلب مؤمنهم وكافرهم؛ إلا أبا لهب فإنه ظاهر قريشاً على رسول الله صلى الله عليه وسلم وبني هاشم وبني المطلب، وحبس رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن معه في شعب أبي طالب ليلة هلال المحرم سنة سبع من البعثة، وبقوا محصورين مضيقاً عليهم جداً مقطوعاً عنهم الميرة والمادة نحو ثلاث سنين حتى بلغ بهم الجهد… ثم أطلع الله رسوله على أمر صحيفتهم وأنه أرسل إليها الأرضة فأكلت جميع ما فيها من جور وقطيعة وظلم؛ إلا ذكر الله عز وجل، فأخبر بذلك عمه فخرج إليهم فأخبرهم أن ابن أخيه قال كذا وكذا، فإن كان كاذباً خلينا بينكم وبينه، وإن كان صادقاً رجعتم عن ظلمنا، قالوا: أنصفت… فأنزلوا الصحيفة فلما رأوا الأمر كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم ازدادوا كفراً وعناداً… وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن معه من الشعب. وفاة السيدة خديجة وأبي طالب ثم جاء عام من أشد الأعوام حزنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث فقد أعز الناس وأقربهم إلى قلبه، وكان أولهم هي السيدة خديجة رضي الله عنها زوجة رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد حزن عليها حزنا شديد، ولم يكد صلى الله عليه وسلم ينتهي من حزنه عليه حتى تجرع الكأس مرة أخرى بوفاة عمه أبي طالب، وبذلك فقد رسول الله احبائه وليس ذلك فقد فلقد كانوا هم أشد الحاميين له بنفوذهم في مكة وبذلك صار النبي وحيدا أمام قريش ليس معه إلا ربه وهو كافيه. بعد أن يأس رسول الله صلى الله عليه وسلم من إيمان أهل مكة وتصديق دعوته قرر أن يقوم بدعوة القبائل حول مكة للإيمان به ومساندته إلا أنهم قابلوه بالسخرية والاستهزاء وكان حادثة الطائف من أشهر حوادث السيرة النبوية حينما ذهب إليهم رسول الله ليدعوهم إلى دين الإسلام ، لكنهم لم يستجيبوا لدعوته وقاموا بإيذائه والسخرية منهم سخرية شديدة وقد كانت هذه الحادثة من أكثر الحوادث التي مرت ثقيلة على قلب رسول الله وجعلته يشعر بالحزن الشديد، وعندما انصرف رسول الله عن أهل الطائف جلس تحت ظل شجرة وصلى ركعتين ودعى ربه قائلاً “اللهم إني أشكو إليك ضعف قوتي وهواني على الناس، أرحم الراحمين أنت أرحم الراحمين إلى من تكلني إلى عدو يتجهمني أم إلى قريب ملكته أمري، إن لم تكن غضبان علي فلا أبالي، غير أن عافيتك أوسع لي، أعوذ بوجهك الذي أشرقت له الظلمات وصلح عليه أمر الدنيا والآخرة أن ينزل بي غضبك أو يحل بي سخطك، لك العتبى حتى ترضى، ولا حول ولا قوة إلا بالله”. الهجرة إلى الحبشة بعد أن اشتد إيذاء الكفار للمسلمين أمرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بالهجرة إلى الحبشة، وقال عن ملكها أنه لا يظلم عنده أحد، أخذ المسلمين أموالهم وأزواجهم وهاجروا إلى هناك وبالفعل تم التعامل معهم بترحيب من قبل الملك وأعوانه، وقد وصل عدد المسلمين الذين هاجروا إلى الحبشة إلى حوالي 83 رجلاً، وعندما وصل الخبر إلى أهل مكة بأن المسلمين قد استقروا في الحبشة وأنهم في آمان هناك فكروا في حيلة لكي يستلموا هؤلاء المسلمين من ملك الحبشة ويرجعونهم كأسرى إلى مكة مرة أخرى، ووقع الاختيار على عمرو بن العاص الذي كان على علاقة وثيقة بملك الحبشة وكبار رجال الدولة فيها نظرا إلى انه كان يقوم بالعديد من رحلات التجارة إلى هناك، وقد قبل عمر بن العاص المهمة وذهب إلى النجاشي وقال له أن هؤلاء المسلمين خرجوا عن أمر قومهم وعاداتهم وتقاليدهم وأن قريش تريد أن تسترجعهم، ولم يكن للنجاشي هذا الملك العادل أن يحكم في الأمر دون أن يسمع المسلمين، وطلب منهم أن يختاروا رجلا يتكلم عنهم فكان الاختيار على جعفر بن أبي طالب الذي سأله النجاشي عن دعوتهم وعن دينهم فقال له جعفر بن أبي طالب كلاما في غاية البلاغة والإقناع وكان نص خطابه كالآتي “أيها الملك، كنا قومًا أهل جاهلية، نعبد الأصنام، ونأكل الميتة، ونأتي الفواحش، ونقطع الأرحام، ونسيء الجوار، يأكل القوي منا الضعيف، أيها الملك، كنا قومًا أهل جاهلية، نعبد الأصنام، ونأكل الميتة، ونأتي الفواحش، ونقطع الأرحام، ونسيء الجوار،و يأكل القوي منا الضعيف، فكنا على ذلك حتى بعث الله إلينا رسولاً نعرف نسبه وصدقه وأمانته وعفافه، دعانا إلى الله لنوحده ونعبده، ونخلع ما كنا نعبد نحن وآباؤنا من دونه من الحجارة والأوثان، وأمرنا بصدق الحديث، وأداء الأمانة، وصلة الرحم، وحسن الجوار، والكف عن المحارم والدماء، ونهانا عن الفواحش، وقول الزور، وأكل مال اليتيم، وقذف المحصنة، وأمرنا أن نعبد الله وحده لا نشرك به شيئًا، وأمرنا بالصلاة والزكاة والصيام،صدقناه، وآمنا به، واتبعناه على ما جاء به، فعبدنا الله وحده فلم نشرك به شيئًا، وحرمنا ما حرم علينا، وأحللنا ما أحل لنا، فعدَا (طغى) علينا قومنا، فعذبونا وفتنونا عن ديننا، ليردونا إلى عبادة الأوثان من عبادة الله، وأن نستحل ما كنا نستحل من الخبائث..لما قهرونا وظلمونا وشقوا علينا، وحالوا بيننا وبين ديننا، خرجنا إلى بلدك، واخترناك على من سواك، ورغبنا في جوارك، ورجونا ألاَّ نظلم عندك أيها الملك”. ولما بدا النجاشي متأثرا بكلمات جعفر بن أبي طالب حاول عمرو بن العاص أن يخلع عنه هذا التأثر وأن يشعل النار بينه وبين المسلمين، فقال للملك أن هذا الدين به ما ينفي العقيدة المسيحية، فطلب الملك النجاشي من جعفر بن عبد المطلب أن يقول له ماذا يقول هذا الدين عن النبي عيسى، فاستأذن جعفر أبي طالب أن يقرأ عليه من القرآن ما جاء عن عيسى وأمه مريم فأذن له الملك النجاشي فتلى جعفر آيات من سورة مريم وقال “وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ إِذِ انْتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِهَا مَكَانًا شَرْقِيًّا (16) فَاتَّخَذَتْ مِنْ دُونِهِمْ حِجَابًا فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيًّا (17) قَالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَنِ مِنْكَ إِنْ كُنْتَ تَقِيًّا (18) قَالَ إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلَامًا زَكِيًّا (19) قَالَتْ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ وَلَمْ أَكُ بَغِيًّا (20) قَالَ كَذَلِكِ قَالَ رَبُّكِ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَلِنَجْعَلَهُ آيَةً لِلنَّاسِ وَرَحْمَةً مِنَّا وَكَانَ أَمْرًا مَقْضِيًّا”. وأكمل جعفر السورة حتى قوله تعالى ” قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا (30) وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنْتُ وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا (31) وَبَرًّا بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّارًا شَقِيًّا (32) وَالسَّلَامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدْتُ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا”. وهنا فهم النجاشي مقصد الدين الجديد، وقال أنه ينبع من نفس المشكاة التي نبعت منها دعوة عيسى عليه السلام، وأعطى المسلمين الأمان في بلاده وجعل كل من يعتدي عليهم كأنه اعتدى على الملك نفسه. معجزة الإسراء والمعراج بعد عام الحزن والألم الشديد الذي مر به رسول الله صلى الله عليه وسلم تملك اليأس منه وظن أن الله جل وعلى تخلى عنه، ولكن رحمة الله كانت بنبيه واسعة إذا جائه الفرج كبيرا وواسعا وأحدث له معجزة لم تحدث لنبي من قبله، فكانت معجزة الإسراء والمعراج، وفي هذه المعجزة انتقل رسول الله صلى الله عليه وسلم في رحلة مباركة من المسجد الحرام وحتى المسجد الأقصى ثم عرج إلى السماء السابعة وفيها قابل نبي الله آدم ونبي الله إدريس، وقد أقر له جميع الأنبياء نبوته وألقوا عليه السلام، وكانت معجزة الإسراء والمعراج هي الحادثة التي فرض الله سبحانه وتعالى على المؤمنين الصلاة، وقد كانت في بدايتها خمسون فرضا في اليوم فطلب الرسول من الله أن يخففها حتى لا يشق على الناس فوصلت إلى خمس صلوات، وهي الفريضة التي نقر بها حتى يومنا هذا. بيعة العقبة بعد حادثة الإسراء والمعراج أخذت الدعوة الإسلامية تأخذ منعطفا مختلفا تماما ومن الممكن أن نقول أن الدعوة أخذت أولى خطواتها لكي تفرض نفسها على الجزيرة العربية بانضمام الناس إلى الإسلام ومبايعتهم لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد ذهب وفد من أنصار المدينة المنورة لكي يبايعوا الرسول صلى الله عليه وسلم على الدخول في الإسلام وعدم الشرك بالله وترك المعاصي والذنوب والسرقة والوقوع في الزنا وغير ذلك من الفواحش التي تنبذها تعاليم الدين الإسلامي، وقد بايعهم الرسول وأرسل معهم الصحابي الجليل مصعب بن عمير حتى يعلمهم أهم الأمور الدينية ويتلو عليهم آيات القرآن الكريم، وقد سميت هذه المبايعة باسم بيعة العقبة الأولى لأنه وبعد عام واحد منها قد ذهب وفد آخر من الأنصار قوامهم سبعون رجل وامرأتين لكي يبايعوا رسول الله على الدخول في الإسلام.. وقد روي عن عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ رضي الله عنه، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ -وَحَوْلَهُ عِصَابَةٌ مِنْ أَصْحَابِهِ-: «تَعَالَوْا بَايِعُونِي عَلَى: أَنْ لَا تُشْرِكُوا بِاللهِ شَيْئًا، وَلَا تَسْرِقُوا ، وَلَا تَزْنُوا، وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ، وَلَا تَأْتُوا بِبُهْتَانٍ تَفْتَرُونَهُ بَيْنَ أَيْدِيكُمْ وَأَرْجُلِكُمْ، وَلَا تَعْصُونِي فِي مَعْرُوفٍ، فَمَنْ وَفَى مِنْكُمْ فَأَجْرُهُ عَلَى اللهِ، وَمَنْ أَصَابَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا فَعُوقِبَ بِهِ فِي الدُّنْيَا فَهُوَ لَهُ كَفَّارَةٌ، وَمَنْ أَصَابَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا فَسَتَرَهُ اللهُ فَأَمْرُهُ إِلَى اللهِ، إِنْ شَاءَ عَاقَبَهُ، وَإِنْ شَاءَ عَفَا عَنْهُ». قَالَ: فَبَايَعْتُهُ عَلَى ذَلِكَ. هجرة الرسول إلى المدينة المنورة ثم جاء أمر الله سبحانه وتعالى إلى رسوله لكي يترك مكة ويذهب إلى المدينة حيث كان الأنصار الذين بايعوه في انتظاره لكي ينصروه وينصروا دينه، وقد اختار صلى الله عليه وسلم صاحبه ومصدقه أبي بكر الصديق لكي يكون رفيقه في هذه الرحلة المشرفة، واختار ابن عمه على بن أبي طالب لكي ينام في فراشه حتى يعتقد كفار قريش أنه هو رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد كانت هجرة رسول الله ممتلئة بالمعجزات التي بدأت بأن جعل الله كفار قريش لا يبصرون خروج رسول الله من داره، ومن ثم اليمامة التي وضعت بيضها والعنكبوت الذي بنى عشه على باب الغار فظن الكفار أن رسول الله لم يمر به قط.. وقد وصل رسول الله صلى الله عليه وسلم فوجد أنصار المدينة في استقباله وكانت الهجرة هي بداية بناء المجتمع الإسلامي المتكامل وقد بقي رسول الله في المدينة حتى وفاته وفيها كان بيته ومسجده.

من الميلاد حتى البعث

ميلاد رسول الله صلى الله عليه وسلم ولد رسول الله صلى الله عليه وسلم في عام الفيل، وهو العام الذي أتى فيه أبرهه ملك الحبشة لهدم الكعبة المشرفة، ولما اجتمعت قريش للتباحث في هذا الأمر وجدوا أن لا طاقة لهم بصده وأن لديه جيشا كبيرا من الصعب أن يقفوا أمامه، وهنا جاء رأي جد رأي رسول الله عبد المطلب بأن للكعبة رب يحميها، وعندما جاء أبرهه الحبشي أنزل الله عليه عذابه وقضي عليه هو وجيشه. أما نسب رسول الله فهو من أعظم الانساب في جزيرة العرب فهو محمد محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان.. وقد تزوج والداه من السيدة آمنة بنت وهب وهي من أشرف نساء العرب ولها نسب عريق جدا. توفي عبد الله بن عبد المطلب قبل ميلاد رسول الله صلى الله عليه وسلم في فترة حمل آمنة بنت وهب وبعده وفاته كفله جده عبد المطلب حتى صار عمره ثمانية سنوات، وبعد وفاته كفله عمه عم المطلب وكان له خير العون والسند حتى آخر يوم في عمره. وكانت مسيرة حياة الرسول عليه أفضل الصلاة والسلام حافلة بالأحداث الكثيرة التي أثقلت منه وجعلته أشرف المرسلين، ومن أحداث الظلم التي تعرض لها نبت كشخص بداخله قدر كبير من الرحمة بعباد الله المسلمين منهم والكافرين، وكان عطوف في تصرفاته على الجميع مما يجعلنا نأخذ أخلاقه كأساس نعتمد عليه في تطوير أخلاقنا وقيمنا. رضاعة محمد بن عبد الله بن عبد المطلب كان من عادات أهل مكة أن تأتي الرضعاء لكي تقوم بإرضاع أبناء أشراف مكة، لكن بعد وفاة عبد الله بن عم المطلب والد رسول الله كانت الرضعاء ترفض أن تقوم بإرضاعه، حيث كانت من أفكار الجاهلية المنتشرة وقت ذاك أن الطفل الذي يفقد والده يعتبر فأل سيء على أهله وقبيلته، فرفضن جميعهن إرضاعه إلا حليمة السعدية، كانت آنذاك قد حظيت بطفل جديد وكانت لا تجد قوتها فتقدمت إلى آل عبد المطلب وقبلت أن ترضع الوليد الجديد وأخذته معها إلى البادية وهناك نشأ رسول الله صلى الله عليه وسلم نشأة قوية في الصحراء جعلته مختلفا عن باقي سادة وفتيان مكة. ظل رسول الله في البادية في طفولته وفي هذه الفترة حدثت واحدة من أهم المعجزات لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وهي حادثة شق الصدر وفيها جاء جبريل عليه السلام فشق صدر رسول الله وأخرج منه مضغة سوداء، وكانت هذه أول بشارات النبوة وقد في الحديث الشريف “عن أنس رضي الله عنه: “أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِه وَسَلَّمَ أَتَاهُ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ الْسَلاَمُ وَهُوَ يَلْعَبُ مَعَ الْغِلْمَانِ، فَأَخَذَهُ فَصَرَعَهُ، فَشَقَّ عَنْ قَلْبِهِ، فَاسْتَخْرَجَ الْقَلْبَ، فَاسْتَخْرَجَ مِنْهُ عَلَقَةً، فَقَالَ: هَذَا حَظُّ الشَّيْطَانِ مِنْكَ، ثُمَّ غَسَلَهُ فِي طَسْتٍ مِنْ ذَهَبٍ بِمَاءِ زَمْزَمَ، ثُمَّ لَأَمَهُ، ثُمَّ أَعَادَهُ فِي مَكَانِهِ، وَجَاءَ الْغِلْمَانُ يَسْعَوْنَ إِلَى أُمِّهِ -يَعْنِي ظِئْرَهُ- فَقَالُوا: إِنَّ مُحَمَّدًا قَدْ قُتِلَ، فَاسْتَقْبَلُوهُ وَهُوَ مُنْتَقِعُ اللَّوْنِ” رواه مسلم. كفالة محمد بن عبد الله بعد وفاة عبد الله بن عبد المطلب قبل ميلاد رسول الله صلى الله عليه وسلم كفله جده عبد المطلب وقد كان شديد الحب له، وعندما وصل النبي صلى الله عليه وسلم لعامه السادس توفيت السيدة آمنة بنت وهب فذهب محمد إلى بين عبد المطلب وظل في رعايته حتى توفي ورسول الله في عامه الثامن، بعد وفاة عبد المطلب أكمل أبي طالب عم رسول الله كفالته وتربيته وكان يأخذه معه في رحلات التجارة خارج مكة، وخلال رحلة من الرحلات التجارية التي صاحب فيها محمد عمه أبي طالب أخبره واحد من الرهبان بأن هذا الصبي به علامات النبوة وبأن سوف يكون له شأن كبير.. وقد ظل أبي طالب يحمي رسول الله بماله ونفوذه حتى آخر يوم في حياته بالرغم أنه مات على كفره ولم يشهر إسلامه، إلا أنه كان أشد الداعمين لرسول الله وكان بمثابة حائط الصد الذي كان يمنع أذى قبيلة قريش عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. رعاية الأغنام إن الله قد جعل الأنبياء قدوة لكل البشر لذا فإننا نجد أن معظم الأنبياء عملوا في مهن بسيطة كالتجارة والرعي والصيد، وكأن الله يريد أن يضرب بهم مثلا للناس بأن أشرف خلقه كانوا بسطاء ومتواضعين فعملوا في الأشياء البسيطة بالرغم من أنهم أنبياء فما بالنا بالأشخاص العاديين، لذا كان تقديس العمل وشيم التواضع من أهم الأمثال التي ضربها الأنبياء لنا، ورسول الله صلى الله عليه وسلم عمل بالرعي كما عمل بالتجارة، وكان يرعى الأغنام لأهل مكة وفي ذلك جاء حديثه الشريف “ما بَعَثَ اللَّهُ نَبِيًّا إلَّا رَعَى الغَنَمَ، فقالَ أصْحابُهُ: وأَنْتَ؟ فقالَ: نَعَمْ، كُنْتُ أرْعاها علَى قَرارِيطَ -جزء من الدينار والدرهم- لأهْلِ مَكَّةَ”. عمل رسول الله صلى الله عليه وسلم كما عمل رسول الله في رعاية الأغنام فلقد عمل في التجارة أيضا وكما ذكرنا من قبل فإنه خرج مع عمه في العديد من الرحلات التجارية خارج مكة وقد عرف عنه الأمانة والصدق وكان لقبه بين أهل مكة بأنه الصادق الأمين، وفي ذلك الوقت كانت السيدة خديجة بنت خويلد وهي واحدة من أشراف مكة تريد من يقوم بالإشراف على تجارتها فنمى إلى سمعها ما يقال عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأمنت له على تجارتها ومالها، وفي واحدة من الرحلات التجارية جلس رسول الله يستظل بظل شجرة، فلما رآه واحد من الرهبان قال أن هذه الشجرة لا يستظل بها إلا الأنبياء وكانت بنؤته بأن هذا الرجل سوف يصير نبيا، ولما علمت السيدة خديجة بهذا الأمر كان من أهم الأسباب التي شجعتها على الزواج منه. بعد أن خرج رسول الله للتجارة بأموال السيدة خديجة وبعد أن علمت أخلاقه الحميدة تزوجت منه صلى الله عليه وسلم وكانت له سندا طوال حياته، وكانت هي أم أولاده فلم يرزق نبي الله أي من الأولاد إلا من السيد خديجة، وفي حياتها لم يتزوج عليها أي من النساء، وقد أحبها حبا كبيرا لا يقارن بأي حب آخر على وجه الآرض، وقد جاء في السيرة النبوية “عن عائشة -رضي الله عنها- أيضاً: (ما غِرتُ على نساءِ النبيِّ -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ- إلّا على خديجةَ، وإنّي لم أُدركها، قالت: وكان رسولُ اللهِ -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ- إذا ذبح الشّاةَ فيقول: أرسلوا بها إلى أصدقاءِ خديجةَ، قالت: فأغضبتُه يوماً فقلتُ: خديجةُ؟ فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ: إنّي قد رُزِقْتُ حُبَّها”. حادثة بناء الكعبة الشريفة تعرضت الكعبة المشرفة إلى العديد من العوامل التي أدت إلى هدم أجزاء منها وقد اجتمعت القبائل في مكة واتفقوا على ضرورة أن يقوموا بترميم الكعبة وهدمها وبنائها من جديد، على شرط أن تكون الأموال التي تبنى بها الكعبة أموالا لم يدخل فيها اي عمل بغيض مثل الربا، بل تكون أموال خالصة لا غبار عليها، وقام الوليد المغيرة بهدم الكعبة وبدأ الباقون في أعمال البناء حتى جاء مكان الحجر الأسود، في هذا الموقف حدث خلاف كبير بين سادة مكة وقبائلها، وكل قبيلة رأت أحقيتها في أن تكون هي من تقوم برفع الحجر الأسود إلى مكانه، ولما اشتد الخلاف رأوا أن عليهم أن يحكموا أحد بينهم، فاتفقوا على أن يكون هذا الشخص هو أول شخص يدخل عليهم، وفي هذا الوقت كان أول شخص يدخل عليهم هو رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولما رأى الخلاف بينهم حكم بأن يوضع الحجر على ثوب وتقوم كل قبيلة من قبائل مكة بحمل طرف من هذا الثوب ويقومون برفع الحجر معا، أعجب هذا القول أهل مكة ونفذوه وكان هذا أروع مثل في توحيد الناس على رأي واحد ونزوع بذور الخلاف من قلوبهم، وقد قال رسول الله عن الحجر الأسود “عبد الله بن عباس ـ رضي الله عنه ـ أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال: ( نزل الحجر الأسود من الجنة، وهو أشد بياضاً من اللبن، فسودته خطايا بني آدم) رواه الترمذي . وهذا المثال دليل على أن الرسول الكريم كان حريصاً على التوحيد بين الناس وجعلهم يد واحدة وعدم التفضيل بينهم وعدم تمييز فئة على أخرى وهذا لتعليمهم معنى وأهمية الوحدة في الإسلام.

سيرة الرسول

إن المتأمل في سيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم يجد أن الحكمة في أن تصل هذه السيرة إلينا لم يكن فقط من أجل معرفة الأحكام الدينية وأحكام التشريع، لكن حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم كانت بمثابة النظام الذي لو اتبعناه جميعا لكانت حياتنا أكثر سعادة.. وذلك لأن سنة أشرف الخلق ممتلئة بالعديد من الجوانب الإنسانية المختلفة، فهو النبي وهو الصاحب وهو الزوج وهو الحبيب وهو الأب وهو القائد، كل هذه الشخصيات كانت في إنسان واحد منحه الله سبحانه وتعالى من نوره فيضا عظيما فأفاض على البشرية كلها واستطاع أن يلين قلوب المتجبرين وأن يحول حياة الجاهلية إلى حياة تليق بعيش الإنسان وتحقق حكمة الله سبحانه وتعالى في خلق بني آدم وفي ذلك يقول الله تعالى “يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا **وداعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُنِيرًا ** وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ بِأَنَّ لَهُمْ مِنَ اللَّهِ فَضْلًا كَبِيرًا ** وَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ وَدَعْ أَذَاهُمْ وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا”..سورة الأحزاب.. وفي مقالنا التالي سوف نتناول العديد من أهم مشاهد السيرة النبوية الشريفة.

شاركنا رأيك