سؤال وجواب | من قتل نفسه خطأ : فلا تجب الدية بقتله ، ولا تجب فيه الكفارة .
أخي قام بعمل سلك مكهرب حول حديقته لإبعاد اللصوص والحيوانات ، ولكن بعد فترة مات هو من الكهرباء من نفس السلك في نفس الحديقة.
فماذا عليه ؟ أو ماذا على أهله من بعده ؟.
الحمد لله.
حيث إن أخاك سوّر حديقته بهذا السلك المكهرب ثم مات بسببه ، فهو في حكم من قتل نفسه خطأ ، وقد اختلف العلماء فيمن قتل نفسه خطأ هل تجب الكفارة في ماله أم لا ؟ وهل تجب الدية فتدفع إلى ورثته أم لا ؟ جاء في ” الموسوعة الفقهية ” (19/165) : ” مَذْهَبُ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَحْمَدَ : أَنَّ مَنْ قَتَل نَفْسَهُ خَطَأً لاَ تَجِبُ الدِّيَةُ بِقَتْلِهِ وَلاَ تَحْمِل الْعَاقِلَةُ دِيَتَهُ [العاقلة هم الأقارب الذكور من جهة الأب ، ويسمون العصبة] ، لأِنَّ عَامِرَ بْنَ الأْكْوَعِ بَارَزَ مَرْحَبًا يَوْمَ خَيْبَرَ فَرَجَعَ سَيْفُهُ عَلَى نَفْسِهِ فَمَاتَ ، وَلَمْ يَقْضِ فِيهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِدِيَةٍ وَلاَ غَيْرِهَا ، وَلَوْ وَجَبَتْ لَبَيَّنَهُ.
وَأَمَّا بِالنِّسْبَةِ لِلْكَفَّارَةِ : فَقَدْ قَال الشَّافِعِيُّ وَالْحَنَابِلَةُ: تَجِبُ فِيهِ الْكَفَّارَةُ.
وَقَال أَبُو حَنِيفَةَ وَمَالِكٌ: لاَ تَجِبُ ؛ لأِنَّ الْكَفَّارَةَ مَشْرُوطَةٌ بِعَدَمِ الْقَتْل ، فَإِذَا حَصَل الْقَتْل بَطَل الْخِطَابُ بِهَا كَمَا تَسْقُطُ دِيَتُهُ عَنِ الْعَاقِلَةِ لِوَرَثَتِهِ ” انتهى.
والراجح – والله أعلم – : أن من قتل نفسه خطأ فلا تجب الدية بقتله ولا تجب الكفارة في ماله ، وقد بوب البخاري رحمه الله لحديث عامر بن الأكوع رضي الله عنه بقوله : ” بَابُ إِذَا قَتَلَ نَفْسَهُ خَطَأً فَلاَ دِيَةَ لَهُ ” انتهى من ” صحيح البخاري ” (9/ 7).
قال ابن بطال رحمه الله : ” اختلف العلماء في من قتل نفسه ، فقالت طائفة: لا تعقل العاقلة أحدًا أصاب نفسه بشيء عمدًا أو خطأ ، [أي لا تتحمل العاقلة ديته] هذا قول ربيعة ومالك والثورى وأبى حنيفة والشافعي.
وقال الأوزاعي وأحمد وإسحاق: ديته على عاقلته.
وحديث سلمة بن الكوع حجة للقول الأول؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يوجب له دية على عاقلته ولا غيرها، ولو وجبت على العاقلة لبين ذلك ؛ لأن هذا موضع يحتاج إلى بيان ، وأيضًا : فإن الدية إنما وجبت على العاقلة تخفيفًا على الجاني فإذا لم يجب على الجاني لأحدٍ شيء لم يحتج إلى التخفيف عنه ، وجعلت الدية أيضًا على العاقلة معونة للجاني فتؤدى إلى غيره، فمحال أن يؤدى عنه إليه “.
انتهى ملخصا من ” شرح صحيح البخاري ” (8/ 519-520).
وقال الشيخ محمد بن إبراهيم رحمه الله : ” من قتل نفسه خطأ فلا دية ولا كفارة عليه ، ولا يجب شيء من ذلك على أحد من قرابته ، والأصل في ذلك ما ثبت في البخاري (4196) وغيره من حديث سلمة بن الأكوع في قصة عامر بن الأكوع مع مرحب اليهودي قال : ” فلما تصاف القوم كان سيف عامر قصيرا فتناول ساق يهودي ليضربه ، ويرجع ذباب سيفه فأصاب عين ركبة عامر [أي طرف ركبته الأعلى] فمات ، قال سلمة : رَآنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ آخِذٌ قَالَ: مَا لَكَ قُلْتُ لَهُ: فَدَاكَ أَبِي وَأُمِّي، زَعَمُوا أَنَّ عَامِرًا حَبِطَ عَمَلُهُ ، قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( كَذَبَ مَنْ قَالَهُ ، إِنَّ لَهُ لَأَجْرَيْنِ ، وَجَمَعَ بَيْنَ إِصْبَعَيْهِ ، إِنَّهُ لَجَاهِدٌ مُجَاهِدٌ ، قَلَّ عَرَبِيٌّ مَشَى بِهَا مِثْلَهُ) ، فدل الحديث على أن الرسول صلى الله عليه وسلم سكت عن إيجاب الدية والكفارة على عامر وعلى أحد من قرابته ، وقد أجمع العلماء على أن تأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز في حقه صلى الله عليه وسلم ، فدل ذلك على عدم الوجوب “.
انتهى من ” فتاوى ورسائل الشيخ محمد بن إبراهيم ” (11/ 368).
وعلى هذا : ليس على أحد من قرابته شيء ، ويستحب لكم أن تكثروا له من الدعاء.
والله أعلم ..