سؤال وجواب | هل هناك وقت معين للرقية ؟
هل هناك وقت محدد خلال اليوم لعمل الرقية ؟ فقد سمعت أنه ينبغي أن تكون بعد طلوع الشمس ، وبعد العصر، فهل هذا صحيح ؟ وإذا لم يكن كذلك ، فمتى وقتها الصحيح ، وكم يستمر مفعولها ؟.
الحمد لله.
أولا : الرقية الشرعية مستحبة ، فقد رقى النبي صلى الله عليه وسلم نفسه ، ورقى أصحابه رضي الله عنهم أنفسهم ، وهي من العلاجات الشرعية التي يستعملها العبد للوقاية من الآفات البدنية والنفسية والشيطانية.
وليس هناك وقت معين للرقية ، بل تفعل في أي وقت من ليل أو نهار ، ولو تحرى بها بعض أوقات الإجابة ، كجوف الليل الآخر : فهو حسن إن شاء الله ، لكن ليس لأن للرقية علاقة أو تقيدا بوقت معين ؛ بل لأن الرقية في حقيقتها : دعاء ورغبة إلى الله ، فلو تحرى بها وقت إجابة الدعاء ، فهو حسن.
وهكذا سائر الأوقات التي يرجى فيها إجابة الدعاء.
مع أنها مشروعة في كل وقت ، ولم يتقيد ورودها في السنة بوقت دون آخر.
روى البخاري (4439) ، ومسلم (2192) عن عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا : ” أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا اشْتَكَى نَفَثَ عَلَى نَفْسِهِ بِالْمُعَوِّذَاتِ ، وَمَسَحَ عَنْهُ بِيَدِهِ ، قالت : فَلَمَّا اشْتَكَى وَجَعَهُ الَّذِي تُوُفِّيَ فِيهِ ، طَفِقْتُ أَنْفِثُ عَلَى نَفْسِهِ بِالْمُعَوِّذَاتِ الَّتِي كَانَ يَنْفِثُ ، وَأَمْسَحُ بِيَدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْهُ “.
قال ابن عبد البر رحمه الله : ” فِيهِ إِثْبَاتُ الرُّقَى وَالرَّدُّ عَلَى مَنْ أَنْكَرَهُ مِنْ أَهْلِ الْإِسْلَامِ ، وَفِيهِ الرُّقَى بِالْقُرْآنِ “.
انتهى من “التمهيد” (8/ 129).
وروى مسلم (2185) عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ : ” كَانَ إِذَا اشْتَكَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَقَاهُ جِبْرِيلُ ، قَالَ : ( بِاسْمِ اللهِ يُبْرِيكَ ، وَمِنْ كُلِّ دَاءٍ يَشْفِيكَ ، وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ ، وَشَرِّ كُلِّ ذِي عَيْنٍ ).
وروى مسلم (2186) عَنْ أَبِي سَعِيدٍ : ” أَنَّ جِبْرِيلَ أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ اشْتَكَيْتَ ؟ فَقَالَ : ( نَعَمْ ) ، قَالَ: ( بِاسْمِ اللهِ أَرْقِيكَ ، مِنْ كُلِّ شَيْءٍ يُؤْذِيكَ ، مِنْ شَرِّ كُلِّ نَفْسٍ أَوْ عَيْنِ حَاسِدٍ ، اللهُ يَشْفِيكَ ، بِاسْمِ اللهِ أَرْقِيكَ ).
وروى البخاري (5742) عَنْ عَبْدِ العَزِيزِ بن صهيب قَالَ: ” دَخَلْتُ أَنَا وَثَابِتٌ عَلَى أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ، فَقَالَ ثَابِتٌ : يَا أَبَا حَمْزَةَ ، اشْتَكَيْتُ ، فَقَالَ أَنَسٌ: أَلاَ أَرْقِيكَ بِرُقْيَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؟ قَالَ: بَلَى، قَالَ: اللَّهُمَّ رَبَّ النَّاسِ، مُذْهِبَ البَاسِ ، اشْفِ أَنْتَ الشَّافِي ، لاَ شَافِيَ إِلَّا أَنْتَ ، شِفَاءً لاَ يُغَادِرُ سَقَمًا “.
ثانيا : تستحب الرقية قبل النوم ؛ لما روى البخاري (5017) عَنْ عَائِشَةَ: ” أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا أَوَى إِلَى فِرَاشِهِ كُلَّ لَيْلَةٍ جَمَعَ كَفَّيْهِ ، ثُمَّ نَفَثَ فِيهِمَا فَقَرَأَ فِيهِمَا: قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ، وَقُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الفَلَقِ ، وَقُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ ، ثُمَّ يَمْسَحُ بِهِمَا مَا اسْتَطَاعَ مِنْ جَسَدِهِ ، يَبْدَأُ بِهِمَا عَلَى رَأْسِهِ وَوَجْهِهِ وَمَا أَقْبَلَ مِنْ جَسَدِهِ ، يَفْعَلُ ذَلِكَ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ ).
ثالثا : لم يوقت الشرع وقتا معينا لمفعول الرقية ، والمشروع أن العبد إذا اشتكى رقى نفسه ، ولا يزال يرقيها حتى يبرأ بإذن الله ، كما أنه لا يزال يتناول الدواء حتى يبرأ بإذن الله.
وما يقال من كون الرقية يسري مفعولها عشرة أيام أو نحو ذلك : قول لا دليل عليه ، وإنما المشروع أن المسلم إذا اشتكى ، قرأ على نفسه حتى يبرأ.
راجع إجابة السؤال رقم : ( 3476 ).
والله أعلم ..