السلام عليكم ورحمة الله وبركاته بعد أن هداني الله أصبحت أصلي صلواتي المفروضة، وبعض النوافل، وقيام الليل والفجر، والدعاء والاستغفار والتسبيح 1000 مرة كل يوم بأنواعه المختلفة، والصلاة على النبي محمد عليه أفضل الصلوات، وقول لاحول ولاقوة إلا بالله ، ولا أزكي نفسي.
مشكلتي أني اقترضت دينا من العائلة لكي أذهب إلى الخارج من أجل العمل، فلم يكتب لي، والآن أعدت المحاولة إلا أنها صعبة، ولا زلت أنتظر.
أصبحت شخصا مديونا بلا عمل ولا مال وعالة على أسرتي فأصابني الحزن واليأس ودائم البكاء، وأحب فتاة أريدها للزواج لكن ليس لدي المقدرة، وأعاني من بعض الأمراض التي تستوجب العلاج ولكن لا يتوفر المال، فهل هذا ابتلاء أو عذاب من الله عز وجل بسبب ذنوبي التي اقترفتها سابقا؟ لقد أرهقني الحزن واليأس والإحباط بسبب عدم تيسير أموري، حتى أني لا أقدر على الأخذ بالأسباب؛ لأني لا أملك دبلوما أو مهارة، فقال لي شخص أني مصاب بالسحر، ووجب علي التداوي بالرقية والادهان بزيت الزيتون وبعض الطقوس، ألا تكفي الصلاة والقيام والدعاء العريض والاستغفار والتسبيح؟ وما الحل جزاكم الله خيرا؟ شكراً على مجهوداتكم، ولا تنسوني بدعوة صادقة عسى أن يفرج ربي همي ويفك كربتي...
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبًا بك – ولدنا الحبيب – في استشارات موقعنا.
أولاً: نسأل الله تعالى بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يُفرّج كربك، ويُزيل همّك، ويُيسّر رزقك.
ثانيًا: لقد سُررنا كثيرًا – أيها الحبيب – حينما قرأنا وصفك للأعمال التي تقوم بها من النوافل والإكثار من ذكر الله تعالى، ونحن على ثقة تامّة – أيها الحبيب – من أن سلوكك هذا الطريق وصبرك عليه والإكثار من ذكر الله سيجعله الله تعالى سببًا لزوال الهم والحزن من قلبك، فإن الله سبحانه وتعالى أخبرنا في كتابه عن هذه الحقيقة فقال: {ألا بذكر الله تطمئن القلوب}.
الإكثار من الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، قد قال عنها النبي صلى الله عليه وسلم: (إذًا تُكفى همَّك ويُغفر لك ذنبك)، فذكر الله تعالى والاشتغال به سببٌ أكيد لزوال الهموم.
الحياة الطيبة رتّبها الله تعالى على الإيمان والعمل الصالح، ولا يعني ذلك حصول المال للإنسان، وإنما يعني أن تغمر السعادة قلبه، وأن يُرضيه الله سبحانه وتعالى بما قدّره له، وأن ييسّر له الأمور حتى تُصبح عليه سهلة ليّنة، وقد كان صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم يخرجون للجهاد في سبيل الله ويقطعون الأسفار الشاقة وليس لهم زاد أو طعام، يُعطى الواحد منهم تمرة واحدة في اليوم، ويأكل معها أوراق الشجر، ومع ذلك يشعر بسعادة غامرة وحياة طيبة.
هذه الحياة الطيبة – أيها الحبيب – الله تعالى وعد بها لمن آمن وعمل صالحًا وأكثر من ذكره واشتغل بطاعته، وهي قريبة منك بإذن الله تعالى، ليست بعيدة.
اثبت على ما أنت عليه من الخير، وجاهد نفسك لإخلاص العمل لله تعالى، وستجد ثمار ذلك قريبًا غير بعيد.
ثالثًا: اعلم – أيها الحبيب – أن الله تعالى قد يبتلي عبده المؤمن ليختبر صبره وليُثيبه على هذا الصبر، ويُرتّب له الأجور العظيمة، لا ليُهلكه ويُدخل المشقة عليه، فإن الله أرحم بنا من أنفسنا، وقد قال الله تعالى: {ما يريد الله ليجعل عليكم من حرج}، وقال: {يريد الله بكم اليسر ولا يُريد بكم العسر}، و{يريد الله أن يُخفف عنكم وخلق الإنسان ضعيفًا}، ولكنّه إذا أحبّ العبد يبتليه كما أخبر بذلك الرسول صلى الله عليه وسلم، يبتليه أي: يختبره ليُكفّر عنه ذنوبه وليرفع له درجته وليُثيبه على هذا الابتلاء بأنواع من الثواب ما كان ليصل إليه لولا هذا الابتلاء، فالله تعالى لا يُقدّر لك إلَّا ما فيه خير لك، وقد قال في كتابه: {وعسى أن تكرهوا شيئًا وهو خيرٌ لكم، وعسى أن تُحبوا شيئًا وهو شرٌ لكم، والله يعلم وأنتم لا تعلمون}.
رابعًا: اعلم – أيها الحبيب – أن الله تعالى شرع لنا الأخذ بالأسباب لنصل إلى النتائج، فحاول ولا تيأس، وأحسن ظنّك بالله أنه سبحانه وتعالى سيُفرّج عنك قريبًا، ويُسهّل لك الأمور قريبًا، فإنه يقول في الحديث القدسي: (أنا عند ظنّ عبدي بي)، فلا تيأس.
اعلم بأن النصر مع الصبر، وأن الفرج قريب، فحاول بالأسباب ثانيةً وثالثةً ورابعةً، واعلم بأن الحزن واليأس لن يصنع شيئًا، ولن يُغيّر من حياتك، إنما سيزيدك إرهاقًا وعناءً ومشقة، فكن عاقلاً حازمًا، وخذ بما ينفع، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (احرص على ما ينفعك، واستعن بالله ، ولا تعجز).
أمَّا عن الرقية الشرعية: فإن الرقية تنفع بإذن الله تعالى ممَّا نزل بالإنسان وممَّا لم ينزل، ولو فعلت الرقية الشرعية وداومت عليها فإنه شيءٌ حسن، ولكنّها بالمواصفات التي جاءت في سُنّة رسول الله صلى الله عليه وسلم، بأنها أذكار وأدعية مفهومة، ولا بأس من قراءة القرآن والأدعية على الماء وشُربه أو على الزيت والدهن به، أمَّا ما عدا ذلك فينبغي عنه بالتفصيل ليُعرف هل هو ممَّا شرعه الله أم أنه من كذب الدجّالين والمشعوذين.
مع هذا – أيها الحبيب – نحن ننصحك بأن لا تسترسل وألَّا تقبل هذه الأوهام بأنك مُصابٌ بالسحر أو غيره، فإن هذه الأوهام لن تزيدك إلَّا عناءً ومشقّة، فانفض عنك غبار هذه الأوهام، وتوكّل على الله سبحانه وتعالى، وخذ بما تقدر عليه من الأسباب الحسّية في طلب رزقك وتحسين حالك، وأكثر من دعاء الله تعالى، وستجد الفرج بإذن الله تعالى عن قريب.
نسأل الله تعالى أن ييسّر لك كل عسير..