[ شهر رمضان ] ما هو شهر رمضان؟ 5 معلومات عن الشهر الفضيل
تم النشر اليوم [dadate] | ما هو شهر رمضان؟ 5 معلومات عن الشهر الفضيل
الصيام قبل الإسلام وبعده
قال تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} سورة البقرة – الآية 183، وفي تفسير هذه الآية نقل الكيا هراسي في كتابه أحكام القرآن مجموعة من الأقوال التفسيرية منها قول ابن عباس: كان الصوم من العتمة ولا يحل بعد النوم أن يأكل ويشرب وينكح، ثم نسخ فكان ذلك صوماً بالليل لا تشبهاً بالصائمين ولا عقوبة على أكل حرام بل كان عبادة، وقال آخرون: معناه أنه كتب علينا صيام أيام، ولا دلالة فيه على مساواته في المقدار، بل جائز فيه الزيادة والنقصان.وروى عبد الرحمن بن أبي ليلى عن معاذ بن جبل قال: أحيل الصيام ثلاثة أحوال، قدم أولاً رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة فجعل يصوم كل شهر ثلاثة أيام، وصيام عاشوراء، ثم إن الله تعالى فرض الصيام، وكان من صيام الأمم السابقة من أهل الكتاب قبلنا الصمت وعدم الكلام، كما كان من صيامهم الإمساك عن مباحات الطعام والشراب والزواج مثل صيامنا في نهار رمضان، وكان صيام يوم عاشوراء تصومه اليهود ويصومه العرب قبل الإسلام كما جاء في صحيح مسلم عن عبدالله بن عباس: أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم، لَمّا قَدِمَ المَدِينَةَ، وجَدَهُمْ يَصُومُونَ يَوْمًا، يَعْنِي عاشُوراءَ، فَقالوا: هذا يَوْمٌ عَظِيمٌ، وهو يَوْمٌ نَجّى اللَّهُ فيه مُوسى، وأَغْرَقَ آلَ فِرْعَوْنَ، فَصامَ مُوسى شُكْرًا لِلَّهِ، فَقالَ أَنا أَوْلى بمُوسى منهمْ فَصامَهُ وأَمَرَ بصِيامِهِ.وفي مسند الإمام أحمد بإسناد صحيح عن عبد الله بن عمر: أن أهلَ الجاهليةِ كانوا يصومون يومَ عاشوراءَ، وأن رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم صامَه والمسلمون قبلَ أن يُفترضَ رمضانُ، فلما افتُرِض رمضانُ قال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: إن عاشوراءَ يومٌ من أيامِ اللهِ تعالى فمَن شاء صامه ومن شاء تركَه.وفي تفسير التحرير والتنوير للطاهر بن عاشور لقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} قال: فهذه الآية شرعت وجوب صيام رمضان، لأن فعل) كتب (يدل على الوجوب، وابتداء نزول سورة البقرة كان في أول الهجرة كما تقدم فيكون صوم عاشوراء تقدم عاماً ثم فُرض رمضان في العام الذي يليه).وفي ( الصحيح ) أن النبي ( صلى الله عليه وسلم ) صام تسع رمضانات فلا شك أنه صام أول رمضان في العام الثاني من الهجرة ويكون صوم عاشوراء قد فرض عاماً فقط وهو أول العام الثاني من الهجرة، والمراد بالذين من قبلكم من كان قيل المسلمين من أهل الشرائع وهم أهل الكتاب أعني اليهود؛ لأنهم الذين يعرفهم المخاطبون ويعرفون ظاهر شؤونهم وكانوا على اختلاط بهم في المدينة وكان لليهود صوم فرضه الله عليهم وهو صوم اليوم العاشر من الشهر السابع من سنتهم وهو الشهر المسمى عندهم (تِسْرِي) يبتدىء الصوم من غروب اليوم التاسع إلى غروب اليوم العاشر وهو يوم كفارة الخطايا ويسمونه (كَبُّور) ثم إن أحبارهم شرعوا صوم أربعة أيام أخرى وهي الأيام الأُوَل من الأَشْهرِ الرابعِ والخامِس والسابعِ والعاشِر من سنتهم تذكاراً لوقائع بيت المقدس وصوم يوم (بُورِيمْ) تذكاراً لنجاتهم من غصب ملك الأعاجم (أحشويروش) في واقعة (استيرَ)، وعندهم صوم التطوع، وفي صحيح النسائي عن عبد الله بن عمرو أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: أفضلُ الصِّيامِ صيامُ داودَ، كانَ يصومُ يومًا ويُفطِرُ يومًا، فكان الصوم معروفاَ لدى بني إسرائيل ما بين المكتوب وهو الفريضة والتطوع مثل صيام نبي الله داود عليه السلام.
أهم الأحداث التاريخية في شهر رمضان
غزوة بدر الكبرى في السابع عشرة من رمضان
في العام 2(الثاني من الهجرة) في 17 (السابع عشرة من شه رمضان) كانت غزوة بدر الكبرى التي انتصر فيها المسلمون على مشركي قريش بقيادة النبي صلى الله عليه وسلم ، وقد قتل فيها النضر بن الحارث وعقبة بن أبي معيط وهما من قادة المشركين وكانا من أشد أعداء الإسلام والمسلمين وقد وقعا في الأسر فتم إعدامهما ولم يقبل فيهما أي فداء، أما باقي الأسرى السبعين من المشركين فقد قبل الرسول صلى الله عليه وسلم الفداء، والذين تعذر عليهم الفداء مثل أبي عزة الجمحي الذي تفضل عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فأطلق سراحه لرعاية ابنتيه وقد أخذ عليه العهد بعدم العودة لمحاربة المسلمين أو التحريض عليهم ، ولكنه لم يلتزم بعهده مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأعاد التحريض على المسلمين وخرج في جيش قريش محارباَ للمسلمين في معركة أحد، حيث وقع أبو عزة الجمحي أسيرا في أيدي المسلمين للمرة الثانية فقال لرسول الله صلى الله عليه وسلم، أقلني أي لا تحاسبني فقال صلى الله عليه وسلم : إن المؤمن لا يلدغ من جحر مرتين – اضرب عنقه يا عاصم بن ثابت فضرب عنقه وقتله وفي رواية أخرى قال صلى الله عليه وسلم له والله لا تمسح عارضيك بمكة تقول خدعت محمدا مرتين.
فتح مكة في العشرين من رمضان
في العام 8 (الثامن من الهجرة) كان فتح مكة، وفي صحيح مسلم عن جابر بن عبد الله: أنَّ رَسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم خَرَجَ عامَ الفَتْحِ إلى مَكَّةَ في رَمَضانَ فَصامَ حتّى بَلَغَ كُراعَ الغَمِيمِ، فَصامَ النّاسُ، ثُمَّ دَعا بقَدَحٍ مِن ماءٍ فَرَفَعَهُ، حتّى نَظَرَ النّاسُ إلَيْهِ، ثُمَّ شَرِبَ، فقِيلَ له بَعْدَ ذلكَ: إنَّ بَعْضَ النّاسِ قدْ صامَ، فَقالَ: أُولَئِكَ العُصاةُ، أُولَئِكَ العُصاةُ. iiوفي روايةii: وَزادَ فقِيلَ له: إنَّ النّاسَ قدْ شَقَّ عليهمِ الصِّيامُ، وإنَّما يَنْظُرُونَ فِيما فَعَلْتَ، فَدَعا بقَدَحٍ مِن ماءٍ بَعْدَ العَصْرِ.وفي صحيح مسلم عن أبي سعيد الخدري َقالَ: سافَرْنا مع رَسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم إلى مَكَّةَ وَنَحْنُ صِيامٌ، قالَ: فَنَزَلْنا مَنْزِلًا، فَقالَ رَسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: إنَّكُمْ قدْ دَنَوْتُمْ مِن عَدُوِّكُمْ، والْفِطْرُ أَقْوى لَكُمْ فَكانَتْ رُخْصَةً، فَمِنّا مَن صامَ، وَمِنّا مَن أَفْطَرَ، ثُمَّ نَزَلْنا مَنْزِلًا آخَرَ، فَقالَ: إنَّكُمْ مُصَبِّحُو عَدُوِّكُمْ، والْفِطْرُ أَقْوى لَكُمْ، فأفْطِرُوا وَكانَتْ عَزْمَةً، فأفْطَرْنا، ثُمَّ قالَ: لقَدْ رَأَيْتُنا نَصُومُ، مع رَسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم بَعْدَ ذلكَ، في السَّفَرِ.
ومن أحداث فتح مكة كما يرويها عبد الله بن عباس في حديث بإسناد صحيح ذكره ابن حجر العسقلاني في كتابه المطالب العالية فقال عبد الله بن عباس:
خرجَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ إلى مكةَ لِعَشْرٍ مَضَيْنَ من رَمَضَانَ، فَصامَ وصامَ الناسُ حتى إذا كان بِالكَدِيدِ أَفْطَرَ، فنزلَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ مَرَّ الظَّهْرَانِ في عشرَةِ آلافٍ مِنَ الناسِ، فيهِمْ أَلْفٌ من مُزَيْنَةَ، وسبعُمِائَةٍ من بَنِي سُلَيْمٍ، وقد عَمِيَتِ الأَخْبارُ على قريشٍ فلا يأتيهِمْ خَبَرٌ عَنِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ، ولا يَدْرُونَ ما هو فَاعِلُهُ، وقد خرجَ تِلْكَ الليلةَ أبو سُفْيانَ بْنُ حَرْبٍ، وحَكِيمُ بْنُ حِزَامٍ، وبُدَيْلُ بْنُ ورْقَاءَ الخُزَاعِيُّ يَتَحَسَّسُونَ الأَخْبارَ.
قال العَبَّاسُ رضيَ اللهُ عنهُ: فلمَّا نزلَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ حيثُ نزلَ قُلْتُ: واصَباحَ قريشٍ، واللهِ لَئِنْ دخلَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ مكةَ عَنْوَةً ، لَيَكُونَنَّ هَلاكُهُمْ إلى آخِرِ الدَّهْرِ، فَرَكِبْتُ بَغْلَةَ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ البَيْضَاءَ حتى جِئْتُ الأَرَاكَ، رَجاء أنْ أَلْتَمِسَ بعضَ الحَطَّابَةِ، أوْ صاحبَ لَبَنٍ، أوْ ذَا حاجَةٍ يأتي مكةَ فَيُخْبِرُهُمْ بِأَمْرِ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ فَيخرجُوا إليهِ، فواللهِ إنِّي لَأَسِيرُ أَلْتَمِسُ ما جِئْتُ لهُ إِذْ سَمِعْتُ كَلامَ أبي سُفْيانَ وبُدَيْلِ بنِ ورْقَاءَ وهُما يَتَرَاجَعَانِ.
فقال أبو سُفْيانَ: واللهِ ما رأيْتُ كَاللَّيْلَةِ نِيرَانًا ولا عَسْكَرًا.
فقال بُدَيْلٌ: هذه واللهِ خُزَاعَةُ قد خَمَشَها الحَرْبُ.
فقال أبو سُفْيانَ: خُزَاعَةُ واللهِ أَقَلُّ وأَذَلُّ من أنْ تَكُونَ هذه نِيرَانُها.
فقُلْتُ: يا أبا حَنْظَلَةَ، فَعَرَفَ صَوْتِي.
فقال: أبو الفَضْلِ؟
قُلْتُ: نَعَمْ.
قال: مالكَ فِدَاكَ أبي وأمِّي؟
فقُلْتُ: هذا واللهِ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ في الناسِ، واصباحُ قريشٍ.
قال: فما الحِيلَةُ، فِدَاكَ أبي وأمِّي؟
قال: قُلْتُ: واللهِ لَئِنْ ظَفِرَ بِكَ لَيَضْرِبَنَّ عُنُقَكَ فَارْكَبْ عَجُزَ هذه البَغْلَةَ، فَرَكِبَ ورجعَ صاحِباهُ، فَخرجْتُ بهِ، فَكلَّما مَرَرْتُ بنارٍ من نِيرَانِ المسلمِينِ فَقَالوا: ما هذه؟ فإذا رَأوْا بَغْلَةَ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ قالوا: هذه بَغْلَةُ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ عليْها عَمُّهُ.
حتى مَرَرْتُ بِنارِ عمرَ بنِ الخطابِ رضيَ اللهُ عنهُ فقال: مَنْ هذا؟ وقَامَ إِلَيَّ، فلمَّا رَآهُ على عَجُزِ البَغْلَةِ عَرَفَهُ فقال: واللهِ عَدُوُّ اللهِ، الحمدُ للهِ الذي أَمْكَنَ مِنْكَ، فَخَرَجَ يَشْتَدُّ نَحْوَ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ، ودَفَعْتُ البَغْلَةَ فَسَبَقْتُهُ بِقدرِ ما تَسْبِقُ الدَّابَّةُ البَطِيئَةُ الرجلَ البَطِيءَ، فَاقْتَحَمْتُ عَنِ البَغْلَةِ فَدخلْتُ على رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ.
ودخلَ عمرُ رضيَ اللهُ عنهُ فقال: هذا عَدُوُّ اللهِ أبو سُفْيانَ قد أَمْكَنَ اللهُ مِنْهُ في غَيْرِ عَقدٍ ولا عَهدٍ، فَدَعْنِي أَضْرِبَ عُنُقَهُ.
فقُلْتُ: قد أَجَرْتُهُ يا رسولَ اللهِ، ثُمَّ جَلَسْتُ إلى رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ فَأخذْتُ بِرأسِهِ فقُلْتُ: واللهِ لا يُناجِيهُ الليلةَ iiرجلٌii دُونِي، فلمَّا أكثرَ عمرُ رضيَ اللهُ عنهُ قُلْتُ: مَهْلًا يا عمرُ، فواللهِ لَوْ كان رجلًا من بَنِي عَدِيٍّ ما قُلْتَ هذا، ولَكِنَّهُ من بَنِي عَبْدِ مَنافٍ.
فقال: مَهْلًا يا عَبَّاسُ، لا تَقُلْ هذا، فواللهِ لَإِسَلامُكَ حينَ أَسْلمْتَ كان أحبَّ إِلَيَّ من إِسْلامِ الخطَّاِب لَوْ أسلَمَ، وذلكَ أَنِّي عَرَفْتُ أنَّ إِسْلامَكَ أحبُّ إلى رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ من إِسْلامِ الخطابِ.
فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ: يا عَبَّاسُ، اذْهَبْ بهِ إلى رَحْلِكَ فإذا أَصْبَحْتَ فَأْتِنا بهِ، فَذَهَبْتُ بهِ إلى الرَّحْلِ، فلمَّا أَصْبَحْتُ غَدَوْتُ بهِ، فلمَّا رَآهُ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ قال: يا أبا سُفْيانَ، ويْحَكَ أَلمْ يَأْنِ لكَ أنْ تعلمَ أنْ لا إلهَ إلَّا اللهُ؟
فقال: بأبي أنتَ وأمِّي ما أَحْلَمَكَ، وما أكرمَكَ وأوْصَلكَ، وأَعْظَمَ عَفْوَكَ، لقد كادَ أنْ يَقَعَ في نَفسي أنْ لَوْ كان إِلَهٌ غيرَهُ لقدْ أَغْنَى شيئًا بَعْدُ.
فقال صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ: ويْحَكَ يا أبا سُفْيانَ، أَلمْ يَأْنِ لكَ أنْ تعلمَ أَنِّي رسولُ اللهِ؟
فقال: ما أَحْلَمَكَ، وما أكرمَكَ وأوْصَلكَ، وأَعْظَمَ عَفْوَكَ، أَمَّا هذه فإنَّ في النَّفْسِ مِنْها حتى الآنَ شيءٌ.
قال العباسُ رضيَ اللهُ عنهُ: فقُلْتُ: وَيْلكَ أَسْلِمْ، واشْهَدْ، أنْ لا إلهَ إِلَّا اللهُ وأنَّ محمدًا رسولُ اللهِ قبلَ أنْ تضْرَبَ عُنُقُكَ فَشَهِدَ أنْ لا إلهَ إِلَّا اللهُ وأنَّ محمدًا رسولُ اللهِ، قال العباسُ رضيَ اللهُ عنهُ: قُلْتُ يا رسولَ اللهِ، إِنَّ أبا سُفْيانَ رجلٌ يحبُّ الفَخْرَ، فَاجعلْ لهُ شيئًا.
فقال صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ: نَعَمْ، مَنْ دخلَ دَارَ أبي سُفْيانَ فهوَ آمِنٌ، ومَنْ أَغْلَقَ بابَهُ فهوَ آمِنٌ، فلمَّا انصرفَ رضيَ اللهُ عنهُ إلى مكةَ يخبرُهُمْ قال رسولُ اللهِ: احْبِسْهُ بِمَضِيقٍ مِنَ الوَادِي عندَ حَطْمِ الخَيْلِ حتى تَمُرَّ بهِ جُنُودُ اللهِ – تعالى – فَحَبَسَهُ العَبَّاسُ حيثُ أمرَهُ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ، فمرَّتِ القَبائِلُ على ركبانِها، فَكلَّما مَرَّتْ قبيلةٌ قال: مَنْ هذه؟ فَأَقُولُ: بَنُو سُلَيْمٍ، فيقولُ: ما لي ولِبَنِي سُلَيْمٍ، ثُمَّ تَمُرُّ أُخْرَى فيقولُ: مَنْ هؤلاءِ؟ فَأَقُولُ: مُزَيْنَةُ، فيقولُ: ما لي ولِمُزَيْنَةَ، فلمْ يَزَلْ يقولُ ذلكَ حتى مَرَّتْ كَتِيبَةُ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ الخَضْرَاءُ فيها المُهاجِرُونَ والأنْصارُ، لا يُرَى مِنْهُمْ إِلَّا الحَدَقُ فقال: مَنْ هذا؟ فقُلْتُ: هذا رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ في المُهاجِرِينَ والأنْصارِ، فقال: ما لِأَحَدٍ بِهؤلاءِ قِبَلٌ، واللهِ لقدْ أصبحَ مُلْكُ ابنِ أَخِيكَ اليومَ لَعَظِيمٌ، فقُلْتُ: ويْحَكَ يا أبا سُفْيانَ، إِنَّها النُّبُوَّةُ، قال: فنَعَمْ إِذًا، قُلْتُ: النَّجَاءُ إلى قَوْمِكَ.
فَخَرَجَ حتى أَتَاهُمْ بِمكةَ فَجعلَ يَصِيحُ بِأعلى صَوْتِه: يا معشرَ قريشٍ، هذا محمدٌ قد أَتَاكُمْ بِما لا قِبَلَ لَكُمْ بهِ، فقامَتِ امرأتُهُ هِنْدُ بنتُ عُتْبَةَ فأخذَتْ بِشَارِبِه فقالتْ: اقتلَوْا (الحَمِيتَ) الدَّسِمَ، (حَمِشَ البَعِيرُ) من طَلِيعَةِ قومٍ، فقال أبو سُفْيانَ: لا تَغُرَّنَّكُمُ هذه من أنْفُسِكُمْ، مَنْ دخلَ دَارَ أبي سُفْيانَ فهوَ آمِنٌ، فَقَالوا: قاتَلكَ اللهُ، وما تُغْنِي عَنَّا دَارُكَ قال: ومَنْ أَغْلَقَ بابَهُ فهوَ آمِنٌ.
تعريف شهر رمضان
هو الشهر التاسع من العام الهجري (العام القمري) وفيه أنزل الله القرآن على رسوله محمد صلى الله عليه وسلم في ليلة القدر، فقال تعالى: إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ (1) وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ (2) لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ (3)، وكتب الصيام فيه فريضة على المسلمين كما كتب على الأمم السابقة، وقال ابن القيم: ” كان فرضه في السنة الثانية من الهجرة “.وكان الصيام فريضة على أهل الكتاب السابقين للإسلام، كما في قوله تعالى: في سورة البقرة {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} الآية 183، وقد بدأ نزول القرآن الكريم في رمضان يوم الاثنين، ففي صحيح مسلم عن أبي قتادة الحارث بن ربعي: أنَّ رَسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم سُئِلَ عن صَوْمِ الاثْنَيْنِ؟ فَقالَ: فيه وُلِدْتُ وَفِيهِ أُنْزِلَ عَلَيَّ، (أي أنزل عليه القرآن).وفي سورة البقرة جاء ذكر شهر رمضان في قوله تعالى: {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَن كَانَ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُواْ الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُواْ اللّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ } سورة البقرة – الآية 185، ومعنى الآية: شهر رمضان الذي ابتدأ الله فيه إنزال القرآن في ليلة القدر; هداية للناس إلى الحق, فيه أوضح الدلائل على هدى الله, وعلى الفارق بين الحق والباطل. فمن حضر منكم الشهر وكان صحيحًا مقيمًا فليصم نهاره. ويُرخَّص للمريض والمسافر في الفطر، ثم يقضيان عدد تلك الأيام. يريد الله تعالى بكم اليسر والسهولة في شرائعه، ولا يريد بكم العسر والمشقة، ولتكملوا عدة الصيام شهرًا، ولتختموا الصيام بتكبير الله في عيد الفطر، ولتعظموه على هدايته لكم، ولكي تشكروا له على ما أنعم به عليكم من الهداية والتوفيق والتيسير.ومدة صيام شهر رمضان خلال مدة هلاله وتتراوح بين 29 (تسعة وعشرين يوماَ) و30 (ثلاثين يوماَ)، وذلك تطبيقاَ لقوله تعالى: {أَيَّاماً مَّعْدُودَاتٍ فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَن تَطَوَّعَ خَيْراً فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ وَأَن تَصُومُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ} سورة البقرة – الآية 184.ومعنى الآية: فرض الله عليكم صيام أيام معلومة العدد وهي أيام شهر رمضان، فمن كان منكم مريضًا يشق عليه الصوم، أو مسافرًا فله أن يفطر، وعليه صيام عدد من أيام أُخَر بقدر التي أفطر فيها. وعلى الذين يتكلفون الصيام ويشقُّ عليهم مشقة غير محتملة كالشيخ الكبير, والمريض الذي لا يُرْجَى شفاؤه, فدية عن كل يوم يفطره، وهي طعام مسكين، فمن زاد في قدر الفدية تبرعًا منه فهو خير له، وصيامكم خير لكم -مع تحمُّل المشقة- من إعطاء الفدية، إن كنتم تعلمون الفضل العظيم للصوم عند الله تعالى، وقد بين الله تعالى ما يحل لمن أتم صومه خلال نهر رمضان ما بين آذان الفجر وحتى آذان المغرب وهي مدة تتراوح ما بين 13 ( ثلاثة عشرة ساعة ) إلى 15 ( خمسة عشرة ساعة ) من الصيام بحسب اختلاف المطالع وتوقيت الصيام صيفاَ أو شتاءَ في نهار رمضان، وبعد الإفطار من الصوم ومدة الإفطار من اليوم تتراوح ما بين 9 (تسعة ساعات) إلى 11 (إحدى عشرة ساعة) ابتداءَ من آذان المغرب وحتى آذان الفجر ليباشر الصائمون ما أحله الله لهم في قوله تعالى {أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَآئِكُمْ هُنَّ لِبَاسٌ لَّكُمْ وَأَنتُمْ لِبَاسٌ لَّهُنَّ عَلِمَ اللّهُ أَنَّكُمْ كُنتُمْ تَخْتانُونَ أَنفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنكُمْ فَالآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُواْ مَا كَتَبَ اللّهُ لَكُمْ وَكُلُواْ وَاشْرَبُواْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّواْ الصِّيَامَ إِلَى الَّليْلِ وَلاَ تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ تِلْكَ حُدُودُ اللّهِ فَلاَ تَقْرَبُوهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللّهُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ} سورة البقرة – الآية 187.
التعليقات
لم يعلق احد حتى الآن .. كن اول من يعلق بالضغط هنا