مجموعة نيرمي الإعلامية
سؤال وجواب | جميع أهل الكتاب سيؤمنون بعيسى عليه السلام قبل موته ، وذلك عند نزوله آخر الزمان
لقد قرأت فتوى في الموقع عن سيدنا عيسى ؛ أنه عندما ينزل سيدنا عيسى يؤمن اليهود به ، كيف يؤمن اليهود والمسلمون سوف يقتلون اليهود ؟.
الحمد لله.
أولا : تقدم في إجابة السؤال رقم : (
170174
) أن الأمم الثلاث تنتظر منتظرا يخرج في آخر الزمان : فالمسلمون ينتظرون المسيح الحق الذي لم يُقتل ولم يصلب ، والنصارى ينتظرون المسيح الموهوم الذي قتل وصلب وقُبر ، واليهود ينتظرون المسيح الدجال الذي يقتله الله على يد عيسى ابن مريم عليه السلام.وروى مسلم (2944) عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( يَتْبَعُ الدَّجَّالَ مِنْ يَهُودِ أَصْبَهَانَ ، سَبْعُونَ أَلْفًا ) راجع إجابة السؤال رقم : ( 8806 ).
وروى البخاري (3593) ، ومسلم (2921) عن عَبْد اللَّهِ بْن عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، يَقُولُ: ( تُقَاتِلُكُمُ اليَهُودُ فَتُسَلَّطُونَ عَلَيْهِمْ ، ثُمَّ يَقُولُ الحَجَرُ : يَا مُسْلِمُ هَذَا يَهُودِيٌّ وَرَائِي، فَاقْتُلْهُ ).
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله : " فِي رِوَايَة أَحْمَد مِنْ طَرِيق أُخْرَى عَنْ سَالِم عَنْ أَبِيهِ : ( يَنْزِل الدَّجَّال هَذِهِ السَّبْخَة - أَيْ خَارِج الْمَدِينَة - ثُمَّ يُسَلِّط اللَّه عَلَيْهِ الْمُسْلِمِينَ فَيَقْتُلُونَ شِيعَته , حَتَّى إِنَّ الْيَهُودِيّ لَيَخْتَبِئ تَحْت الشَّجَرَة وَالْحَجَر فَيَقُول الْحَجَر وَالشَّجَرَة لِلْمُسْلِمِ : هَذَا يَهُودِيّ فَاقْتُلْهُ ) وَعَلَى هَذَا فَالْمُرَاد بِقِتَالِ الْيَهُود وُقُوع ذَلِكَ إِذَا خَرَجَ الدَّجَّال وَنَزَلَ عِيسَى , وَكَمَا وَقَعَ صَرِيحًا فِي حَدِيث أَبِي أُمَامَةَ فِي قِصَّة خُرُوج الدَّجَّال وَنُزُول عِيسَى وَفِيهِ : ( وَرَاء الدَّجَّال سَبْعُونَ أَلْف يَهُودِيّ كُلّهمْ ذُو سَيْف مُحَلًّى ، فَيُدْرِكهُ عِيسَى عِنْد بَاب لُدّ فَيَقْتُلهُ وَيَنْهَزِم الْيَهُود , فَلَا يَبْقَى شَيْء مِمَّا يَتَوَارَى بِهِ يَهُودِيّ إِلَّا أَنْطَقَ اللَّه ذَلِكَ الشَّيْء فَقَالَ : يَا عَبْد اللَّه - لِلْمُسْلِمِ - هَذَا يَهُودِيّ فَتَعَالَ فَاقْتُلْهُ , إِلَّا الْغَرْقَد فَإِنَّهَا مِنْ شَجَرهمْ ) أَخْرَجَهُ اِبْن مَاجَهْ مُطَوَّلًا وَأَصْله عِنْد أَبِي دَاوُدَ , وَنَحْوه فِي حَدِيث سَمُرَة عِنْد أَحْمَد بِإِسْنَادٍ حَسَن , وَأَخْرَجَهُ اِبْن مَنْدَهْ فِي كِتَاب الْإِيمَان مِنْ حَدِيث حُذَيْفَة بِإِسْنَادٍ صَحِيح ".
انتهى من " فتح الباري " (6/610).
فيقتل المسيحُ عليه السلام الدجالَ ، ويقتل المسلمون اليهودَ الذين اتبعوه ، وليس كلَّ يهود الأرض.
ثانيا : إذا نزل المسيح عليه السلام فقتل الدجال وكسر الصليب ، لن يقبل من الناس إلا الإسلام ، ومن طلب منهم أن يدفع الجزية ويبقى على دينه ، لم يقبل ذلك منه.
ثم لم يمت المسيح عليه السلام إلا وقد آمن به أهل الكتاب جميعا.
قال تعالى : ( وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا ) النساء/ 159.
روى الطبري عَنِ الْحَسَنِ , فِي قَوْلِهِ : ( وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ ) قَالَ: " قَبْلَ مَوْتِ عِيسَى , وَاللَّهِ إِنَّهُ الْآنَ لَحَيُّ عِنْدَ اللَّهِ , وَلَكِنْ إِذَا نَزَلَ آمَنُوا بِهِ أَجْمَعُونَ ".
وعن ابن زَيْدٍ : " إِذَا نَزَلَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ فَقَتَلَ الدَّجَّالَ لَمْ يَبْقَ يَهُودِيُّ فِي الْأَرْضِ إِلَّا آمَنَ بِهِ ".
وعن أَبِي مَالِكٍ قَالَ: " ذَلِكَ عِنْدَ نُزُولِ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ لَا يَبْقَى أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ ".
وعَنْ قَتَادَةَ قَالَ: " قَبْلَ مَوْتِ عِيسَى إِذَا نَزَلَ آمَنَتْ بِهِ الْأَدْيَانُ كُلُّهَا ".
" تفسير الطبري " (7/ 664-666).
وقال ابن جزي رحمه الله : " في هذه الآية تأويلان : أحدهما: أنّ الضمير في ( موته ) لعيسى ، والمعنى : أن كل أحد من أهل الكتاب يؤمن بعيسى حين ينزل إلى الأرض ، قبل أن يموت عيسى ، وتصير الأديان كلها حينئذ دينا واحدا ، وهو دين الإسلام.
والثاني : أنّ الضمير في (موته) للكتابي الذي تضمنه قوله : ( وإن من أهل الكتاب) والتقدير: وإن من أهل الكتاب أحد إلّا ليؤمنن بعيسى ، ويعلم أنه نبي قبل أن يموت هذا الإنسان ، وذلك حين معاينة الموت ، وهو إيمان لا ينفعه " انتهى من " تفسير ابن جزي " (1/ 216).
وقال ابن كثير رحمه الله : " الضَّمِيرُ فِي قَوْلِهِ: (قَبْلَ مَوْتِهِ) عَائِدٌ عَلَى عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ ، أَيْ: وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا يُؤْمِنُ بِعِيسَى قُبَلَ مَوْتِ عِيسَى ، وَذَلِكَ حِينَ يَنْزِلُ إِلَى الْأَرْضِ قَبْلَ يَوْمِ الْقِيَامَةِ ، فَحِينَئِذٍ يُؤْمِنُ بِهِ أَهْلُ الْكِتَابِ كُلُّهُمْ ؛ لِأَنَّهُ يَضَعُ الْجِزْيَةَ وَلَا يَقْبَلُ إِلَّا الْإِسْلَامَ ".
انتهى من "تفسير ابن كثير" (2/ 47).
وقال أيضا : " سَيَنْزِلُ قَبْلَ يَوْمِ الْقِيَامَةِ ، كَمَا دَلَّتْ عَلَيْهِ الْأَحَادِيثُ الْمُتَوَاتِرَةُ فَيَقْتُلُ مَسِيحَ الضَّلَالَةِ ، وَيَكْسِرُ الصَّلِيبَ ، وَيَقْتُلُ الْخِنْزِيرَ، وَيَضَعُ الْجِزْيَةَ - يَعْنِي : لَا يَقْبَلُهَا مِنْ أَحَدٍ مِنْ أَهْلِ الْأَدْيَانِ ، بَلْ لَا يَقْبَلُ إِلَّا الْإِسْلَامَ أَوِ السَّيْفَ - فَأَخْبَرَتْ هَذِهِ الْآيَةُ الْكَرِيمَةُ أَنْه يُؤْمِنَ بِهِ جَمِيعُ أَهْلِ الْكِتَابِ حِينَئِذٍ، وَلَا يَتَخَلَّفُ عَنِ التَّصْدِيقِ بِهِ وَاحِدٌ مِنْهُمْ " انتهى من " تفسير ابن كثير" (2/ 454).
وقال علماء اللجنة الدائمة للإفتاء : " فأخبر سبحانه أن جميع أهل الكتاب سوف يؤمنون بعيسى قبل موته ، أي: موت عيسى ، وذلك عند نزوله آخر الزمان حكمًا عدلاً داعيًا إلى الإِسلام ".
انتهى من " فتاوى اللجنة " (3/301).
وانظر إجابة السؤال رقم : ( 3221 ).
والخلاصة : أن عيسى عليه السلام إذا نزل قتل الدجال ، وقاتل المسلمون اليهود الذين اتبعوه ، ثم بعد ذلك لا يقبل عيسى عليه السلام من الناس إلا الإسلام ، فيؤمن به أهل الكتاب الموجودون في ذلك الوقت كلهم أجمعون.
والله أعلم ..
لم يعلق احد حتى الآن .. كن اول من يعلق بالضغط هنا