السلام عليكم ورحمة الله وبركاته بارك الله فيكم وجزاكم خيراً.

لقد راسلتكم من قبل لكن لم أجد جواباً لعلي أوفق اليوم.

والدي يبلغ 57 سنة، ومنذ 5 سنوات فقد القدرة عن النوم تماماً وهذا ما جعله يترك الصلاة والاغتسال، فأصبح يكره الماء، ويخاف منه، مع العلم أنه كان يتابع علاجه عند طبيب نفسي لأنه أصيب بانهيار عصبي بعد دخوله إلى السجن بسبب تهمة باطلة مدة 6 أشهر، وبعدها ترك العلاج.

المهم أنه الآن لا يتناول الدواء ولا يعالج، ولا يستخدم الرقية، حتى ولو حاولنا معه بالقوة يرفض، يقول لي وأنا ابنه لن أركع ركعة لمن نزع عني النوم، يعني الله -عز و جل- ويكفر به أحياناً.

أرشدوني فأنا لا أعرف ما أفعل معه لأنقذه قبل فوات الأوان؟.

بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

بارك الله فيك وجزاك الله خيراً، هذه رسالة طيبة ومؤثرة حقيقة، وأنا أشكرك كثيراً على اهتمامك بأمر والدك، -أيها الفاضل الكريم- الذي أراه أن الفكر الغير مقبول الذي يعبر عنه والدك أرى أن مرده حقيقة لحالته النفسية السيئة، وأعتقد أن والدك يعاني مما نسميه بالاكتئاب الذهاني، وهو نوع من الاكتئاب النفسي المطبق، الذي قد يفقد الإنسان الاستبصار والارتباط بالواقع.

هذا النوع من الاكتئاب لا بد أن يعالج، ويعالج بصورة مرتبة ومنظمة، وبالتزام من جانب المعالج، أي الطبيب النفسي، وكذلك من جانبكم كأسرة، أيها الفاضل الكريم مثل هذه الحالات كما ذكرت لك لا يمكن علاجها فقط من خلال تناول دواء أو شيء من هذا القبيل، لا بد أن يكون هنالك إشراف مباشر لعلاج هذا الوالد، وأنا أفضل إدخاله حقيقة إلى أحد مراكز الطب النفسي الجيد.

والدك رجل من الواضح أنه يعاني من علة كبيرة غير مستبصر، فالاكتئاب الذهاني يؤدي إلى مثل هذه الأعراض، يؤدي إلى اضطراب النوم، يؤدي إلى أفكار سخيفة، فأرجو أن لا تتهاونوا، وإنقاذ والدك سوف يكون من خلال إدخاله للمستشفى، وسوف يعطى العلاج اللازم، وربما يحتاج إلى جلسات كهربائية استشعارية، فهي من العلاجات الناجعة جداً في مثل هذه الحالات، موضوع أن والدك سوف يرفض ولن يذهب إلى الطبيب أعتقد أن ذلك يمكن التغلب عليه من خلال التلاطف معه، أو أن تجعلوا أحد الأهل أو أصدقاء الوالد يتدخلون في هذا الأمر ويحاولون إقناعه.

المحاولات بالقوة حقيقة يضطر لها الأطباء، والأهل في بعض الأحيان، وهي مكفولة بنص القوانين، إذا كان الإنسان حالته سوف تعرضه للخطورة أو تعرض الآخرين للخطورة هنا تنزع منه أهليته، وتؤول الأهلية إما إلى الدولة أو إلى ذويه، وفي مثل هذه الحالات يتم أخذه للعلاج دون موافقته، وحقيقة من تجاربنا على مدى سنوات طويلة هؤلاء الذين يُحملون إلى أماكن العلاج بالقوة تجد ألسنتهم تلهج بالشكر لمن قاموا بذلك بعد أن يتم شفاؤهم ويتمتعون بنعمة العافية.

والدك يحتاج للعلاج، ويجب أن يعالج، وأن أؤكد لك أن هنالك فرصة عظيمة جداً لمساعدته من خلال الطب النفسي الحديث.

بارك الله فيك وجزاك الله خيرا وبالله التوفيق والسداد..