تفسير " فجاءته إحدؤاهما تمشي على استحياء "
{ فَجَاءَتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاءٍ قَالَتْ إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا فَلَمَّا جَاءَهُ وَقَصَّ عَلَيْهِ الْقَصَصَ قَالَ لَا تَخَفْ نَجَوْتَ مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ قَالَتْ إِحْدَاهُمَا يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ قَالَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْرًا فَمِنْ عِنْدِكَ وَمَا أُرِيدُ أَنْ أَشُقَّ عَلَيْكَ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ الله مِنَ الصَّالِحِينَ قَالَ ذَلِكَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ أَيَّمَا الْأَجَلَيْنِ قَضَيْتُ فَلَا عُدْوَانَ عَلَيَّ وَالله عَلَى مَا نَقُولُ وَكِيلٌ } [ سورة القصص: 25-28 ]تفسير الآيات ابن كثير : { فَجَاءَتْهُ إِحْدَاهُمَا } لما رجعت المرأتان سريعاً بالغنم إلى أبيهما حالهما بسبب مجيئهما سريعاً، فسألهما عن خبرهما فقصتا عليه ما فعل موسى عليه السلام، فبعث إحداهما إليه لتدعوه إلى أبيها، قال تعالى: { فَجَاءَتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاءٍ } أي مشي الحرائر، جاءت مستترة بكم درعها، قال عمر رضي الله : جاءت { تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاءٍ } قائلة بثوبها على وجهها ليست بسَلْفَع من النساء ولاّجة خرّاجة [ أخرجه ابن أبي حاتم وإسناده صحيح ومعنى السلفع : الجريئة من النساء السليطة الجسور كما أفاده الجوهري ]. { قَالَتْ إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا } وهذا تأدب في العبارة لم تطلبه مطلقاً لئلا يوهم ريبة، بل قالت: { قَالَتْ إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا } يعني ليثيبك ويكافئك على سقيك لغنمنا، { فَلَمَّا جَاءَهُ وَقَصَّ عَلَيْهِ الْقَصَصَ } أي ذكر له ما كان من أمره وما جرى له من السبب الذي خرج من أجله من بلده { قَالَ لَا تَخَفْ نَجَوْتَ مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ } يقول: طب نفساً وقر عيناً فقد خرجت من مملكتهم فلا حكم لهم في بلادنا، ولهذا قال: { نَجَوْتَ مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ } .