مجموعة نيرمي الإعلامية

اخر المشاهدات
مواقعنا
الاكثر بحثاً

مجموعة نيرمي الإعلامية




سؤال وجواب | حكم قتل الزوج لزوجته وعشيقها إذا ضبطهما متلبسين بالزنا

اقرأ ايضا

-
سؤال وجواب | ضبط النفس وحسن إدارة العلاقات الاجتماعية
- سؤال وجواب | ما هي الأعراض التي تثبت وجود الحمل؟
- سؤال وجواب | احتجاب المرأة من الطفل الذي قارب البلوغ
- سؤال وجواب | حكم من يقرأ (كفوا) في سورة الإخلاص بإسكان الفاء
- سؤال وجواب | أعاني من إحساس بفقدان الواقع وتغير الحياة .
- سؤال وجواب | ظهر عندي تكيس مبايض بسيط، هل السمنة تزيد التكيس وتسبب تأخر الحمل؟
- سؤال وجواب | تشنج في الرقبة وآلام في الرأس. كيف يمكنني التخلص منهما؟
- سؤال وجواب | لا أشعر بنبض قلبي، وأعاني من وساوس.
- سؤال وجواب | كيف يمكن معرفة ارتفاع نسبة هرمون الحليب؟
- سؤال وجواب | زادت شكوكي ووساوسي بسبب خوفي من الأمراض.
- سؤال وجواب | فوائد عشبة المدينة والخزامى وأثرهما في الحمل
- سؤال وجواب | قلق واكتئاب وأعراض جسدية متنوعة
- سؤال وجواب | صداع وطنين في الأذن يخف عند جلوسي مع أصدقائي، فما تشخيصكم؟
- سؤال وجواب | هل غياب آلام الدورة له علاقة بالخصوبة أو بضعف المبيض؟
- سؤال وجواب | الجهل بأحكام الطلاق لا يمنع وقوعه
آخر تحديث منذ 24 ثوانى
5 مشاهدة

سمعت شيخا يقول : إن من رأى زوجته تزني مع رجل وقتلهما ، فإنه يقتل ، واستشهد بحديث أن النبي قال لصحابي ذلك ، وقال أما حديث الصحابي الذي يغار ، فقال فيه : لا يوجد فيه حث على القتل ، فما رأيكم ؟.

الحمد لله.

من دخل على زوجته فوجدها تزني – والعياذ بالله – فإن كان معه شهود أربعة يشهدون : فليُشهدهم ويذهب بهم - إن أراد - إلى القضاء الشرعي ، ليدعي على زوجته بالزنا ، ويقيم البينة على ذلك ، ليقام عليها وعلى الزاني الحد.

وإن لم تكن له بينة : فقد شرع له القرآن الملاعنة أمام القضاء الشرعي أيضا , وقد سبق الكلام عن الملاعنة وما يترتب عليها من أحكام في الفتوى رقم (

33615

).

أما إن تملكه الغضب فقتلها ، وقتل الزاني بها ؛ فإن كان معه أربعة شهود يشهدون على فعلهما للزنا ، أو شهد ورثة القتيل بذلك : فلا شيء عليه من قصاص أو دية , ويؤيد ذلك " مَا رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ (رضي الله عنه) أَنَّهُ سُئِلَ عَمَّنْ وَجَدَ مَعَ امْرَأَتِهِ رَجُلًا ، فَقَتَلَهُ ، فَقَالَ: إنْ لَمْ يَأْتِ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ ، فَلْيُعْطَ بِرُمَّتِهِ ، فَإِنْ اعْتَرَفَ الْوَلِيُّ بِذَلِكَ ، فَلَا قِصَاصَ عَلَى قَاتِلٍ وَلَا دِيَةَ؛ لِمَا رُوِيَ عَنْ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يَوْمًا يَتَغَدَّى ، إذْ جَاءَ رَجُلٌ يَعْدُو ، وَفِي يَدِهِ سَيْفٌ مُلَطَّخٌ بِالدَّمِ، وَوَرَاءَهُ قَوْمٌ يَعْدُونَ خَلْفَهُ، فَجَاءَ حَتَّى جَلَسَ مَعَ عُمَرَ ، فَجَاءَ الْآخَرُونَ، فَقَالُوا: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إنَّ هَذَا قَتَلَ صَاحِبَنَا، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: مَا تَقُولُ؟ فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إنِّي ضَرَبْتُ فَخِذَيْ امْرَأَتِي ، فَإِنْ كَانَ بَيْنَهُمَا أَحَدٌ فَقَدْ قَتَلْته، فَقَالَ عُمَرُ: مَا تَقُولُونَ؟ فَقَالُوا: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إنَّهُ ضَرَبَ بِالسَّيْفِ ، فَوَقَعَ فِي وَسَطِ الرَّجُلِ وَفَخِذَيْ الْمَرْأَةِ، فَأَخَذَ عُمَرُ سَيْفَهُ فَهَزَّهُ ثُمَّ دَفَعَهُ إلَيْهِ، وَقَالَ: إنْ عَادُوا فَعُدْ.

رَوَاهُ سَعِيدٌ.

وَلِأَنَّ الْخَصْمَ اعْتَرَفَ بِمَا يُبِيحُ قَتْلَهُ، فَسَقَطَ حَقُّهُ، كَمَا لَوْ أَقَرَّ بِقَتْلِهِ قِصَاصًا ، أَوْ فِي حَدٍّ يُوجِبُ قَتْلَهُ، وَإِنْ ثَبَتَ بَيِّنَة : فَكَذَلِكَ " انتهى من مطالب أولي النهى في شرح غاية المنتهى (6 / 42).

ويلاحظ أن هذا المذهب لم يفرق في عدم مؤاخذة الزوج بقتل الزاني - حال وجود البينة - بين كونه محصنا ، أو غير محصن.

وهناك من اشترط في عدم مؤاخذة الزوج القاتل : كون الزاني المقتول محصنا , لأن الزاني المحصن هو الذي يستحق القتل ، دون غير المحصن.

قال النووي في شرحه على مسلم (10 / 121): " اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِيمَنْ قَتَلَ رَجُلًا ، وَزَعَمَ أَنَّهُ وَجَدَهُ قَدْ زَنَى بِامْرَأَتِهِ , فَقَالَ جُمْهُورُهُمْ: لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ ، بَلْ يَلْزَمُهُ الْقِصَاصُ ، إِلَّا أَنْ تَقُومَ بِذَلِكَ بَيِّنَةٌ ، أَوْ يَعْتَرِفُ بِهِ وَرَثَةُ الْقَتِيلِ , وَالْبَيِّنَةُ أَرْبَعَةٌ مِنْ عُدُولِ الرِّجَالِ يَشْهَدُونَ عَلَى نَفْسِ الزنى ، وَيَكُونُ الْقَتِيلُ مُحْصَنًا , وَأَمَّا فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى : فَإِنْ كَانَ صَادِقًا ، فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ.

وَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا: يَجِبُ عَلَى كُلِّ مَنْ قَتَلَ زَانِيًا مُحْصَنًا : الْقِصَاصُ ، مَا لَمْ يَأْمُرِ السُّلْطَانُ بِقَتْلِهِ.

وَالصَّوَابُ : الْأَوَّلُ.

وَجَاءَ عَنْ بَعْضِ السَّلَفِ : تَصْدِيقُهُ فِي أَنَّهُ زَنَى بِامْرَأَتِهِ ، وَقَتَلَهُ بِذَلِكَ" انتهى.

وقد حقق العلامة ابن القيم رحمه الله هذه المسألة ، فأفاد وأجاد رحمه الله , فقد جاء في زاد المعاد في هدي خير العباد (5 / 362): " وَقَوْلُهُ فِي الْحَدِيثِ: (لَوْ أَنَّ رَجُلًا وَجَدَ مَعَ امْرَأَتِهِ رَجُلًا يَقْتُلُهُ فَتَقْتُلُونَهُ بِهِ ) : دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ مَنْ قَتَلَ رَجُلًا فِي دَارِهِ ، وَادَّعَى أَنَّهُ وَجَدَهُ مَعَ امْرَأَتِهِ أَوْ حَرِيمِهِ : قُتِلَ فِيهِ ، وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ ، إِذْ لَوْ قُبِلَ قَوْلُهُ : لَأُهْدِرَتِ الدِّمَاءُ، وَكَانَ كُلُّ مَنْ أَرَادَ قَتْلَ رَجُلٍ أَدْخَلَهُ دَارَهُ ، وَادَّعَى أَنَّهُ وَجَدَهُ مَعَ امْرَأَتِهِ.

وَلَكِنْ هَاهُنَا مَسْأَلَتَانِ يَجِبُ التَّفْرِيقُ بَيْنَهُمَا: إِحْدَاهُمَا: هَلْ يَسَعُهُ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى أَنْ يَقْتُلَهُ أَمْ لَا؟ وَالثَّانِي: هَلْ يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي ظَاهِرِ الْحُكْمِ أَمْ لَا؟ وَبِهَذَا التَّفْرِيقِ يَزُولُ الْإِشْكَالُ فِيمَا نُقِلَ عَنِ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ فِي ذَلِكَ، حَتَّى جَعَلَهَا بَعْضُ الْعُلَمَاءِ مَسْأَلَةَ نِزَاعٍ بَيْنَ الصَّحَابَةِ، وَقَالَ: مَذْهَبُ عمر رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ لَا يُقْتَلُ بِهِ، وَمَذْهَبُ علي: أَنَّهُ يُقْتَلُ بِهِ، وَالَّذِي غَرَّهُ مَا رَوَاهُ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ فِي سُنَنِهِ (أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : بَيْنَا هُوَ يَوْمًا يَتَغَدَّى ، إِذْ جَاءَهُ رَجُلٌ يَعْدُو ، وَفِي يَدِهِ سَيْفٌ مُلَطَّخٌ بِدَمٍ ، وَوَرَاءَهُ قَوْمٌ يَعْدُونَ، فَجَاءَ حَتَّى جَلَسَ مَعَ عمر، فَجَاءَ الْآخَرُونَ فَقَالُوا: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، إِنَّ هَذَا قَتَلَ صَاحِبَنَا، فَقَالَ لَهُ عمر رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: مَا تَقُولُ؟ فَقَالَ لَهُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، إِنِّي ضَرَبْتُ بَيْنَ فَخِذَيِ امْرَأَتِي، فَإِنْ كَانَ بَيْنَهُمَا أَحَدٌ، فَقَدْ قَتَلْتُهُ، فَقَالَ عمر: مَا تَقُولُونَ؟ فَقَالُوا: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ، إِنَّهُ ضَرَبَ بِالسَّيْفِ فَوَقَعَ فِي وَسَطِ الرَّجُلِ، وَفَخِذَيِ الْمَرْأَةِ، فَأَخَذَ عمر رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ سَيْفَهُ فَهَزَّهُ، ثُمَّ دَفَعَهُ إِلَيْهِ ، وَقَالَ: إِنْ عَادُوا فَعُدْ) فَهَذَا مَا نُقِلَ عَنْ عمر رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ.

وَأَمَّا علي ، فَسُئِلَ عَمَّنْ وَجَدَ مَعَ امْرَأَتِهِ رَجُلًا فَقَتَلَهُ ، فَقَالَ: إِنْ لَمْ يَأْتِ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَلْيُعْطَ بِرُمَّتِهِ.

فَظَنَّ أَنَّ هَذَا خِلَافُ الْمَنْقُولِ عَنْ عمر، فَجَعَلَهَا مَسْأَلَةَ خِلَافٍ بَيْنَ الصَّحَابَةِ.

وَأَنْتَ إِذَا تَأَمَّلْتَ حُكْمَيْهِمَا ، لمْ تَجِدْ بَيْنَهُمَا اخْتِلَافًا، فَإِنَّ عمر إِنَّمَا أَسْقَطَ عَنْهُ الْقَوَدَ ، لَمَّا اعْتَرَفَ الْوَلِيُّ بِأَنَّهُ كَانَ مَعَ امْرَأَتِهِ، وَقَدْ قَالَ أَصْحَابُنَا - وَاللَّفْظُ لِصَاحِبِ " الْمُغْنِي ": فَإِنِ اعْتَرَفَ الْوَلِيُّ بِذَلِكَ : فَلَا قِصَاصَ وَلَا دِيَةَ ؛ لِمَا رُوِيَ عَنْ عمر ثُمَّ سَاقَ الْقِصَّةَ، وَكَلَامُهُ يُعْطِي أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ مُحْصِنًا وَغَيْرَ مُحْصِنٍ، وَكَذَلِكَ حُكْمُ عمر فِي هَذَا الْقَتِيلِ، وَقَوْلُهُ أَيْضًا: " فَإِنْ عَادُوا فَعُدْ " وَلَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَ الْمُحْصِنِ وَغَيْرِهِ ، وَهَذَا هُوَ الصَّوَابُ ، وَإِنْ كَانَ صَاحِبُ " الْمُسْتَوْعِبِ " قَدْ قَالَ: وَإِنْ وَجَدَ مَعَ امْرَأَتِهِ رَجُلًا يَنَالُ مِنْهَا مَا يُوجِبُ الرَّجْمَ ، فَقَتَلَهُ وَادَّعَى أَنَّهُ قَتَلَهُ لِأَجْلِ ذَلِكَ : فَعَلَيْهِ الْقِصَاصُ فِي ظَاهِرِ الْحُكْمِ، إِلَّا أَنْ يَأْتِيَ بِبَيِّنَةٍ بِدَعْوَاهُ، فَلَا يَلْزَمُهُ الْقِصَاصُ، قَالَ: وَفِي عَدَدِ الْبَيِّنَةِ رِوَايَتَانِ؛ إِحْدَاهُمَا: شَاهِدَانِ، اخْتَارَهَا أبو بكر؛ لِأَنَّ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْوُجُودِ لَا عَلَى الزِّنَى.

وَالْأُخْرَى: لَا يُقْبَلُ أَقَلُّ مِنْ أَرْبَعَةٍ.

وَالصَّحِيحُ أَنَّ الْبَيِّنَةَ مَتَى قَامَتْ بِذَلِكَ ، أَوْ أَقَرَّ بِهِ الْوَلِيُّ : سَقَطَ الْقِصَاصُ، مُحْصِنًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ، وَعَلَيْهِ يَدُلُّ كَلَامُ عَلِيٍّ، فَإِنَّهُ قَالَ فِيمَنْ وَجَدَ مَعَ امْرَأَتِهِ رَجُلًا فَقَتَلَهُ: (إِنْ لَمْ يَأْتِ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَلْيُعْطَ بِرُمَّتِهِ) وَهَذَا؛ لِأَنَّ هَذَا الْقَتْلَ لَيْسَ بِحَدٍّ لِلزَّنَى، وَلَوْ كَانَ حَدًّا لَمَا كَانَ بِالسَّيْفِ، وَلَاعْتُبِرَ لَهُ شُرُوطُ إِقَامَةِ الْحَدِّ وَكَيْفِيَّتُهُ، وَإِنَّمَا هُوَ عُقُوبَةٌ لِمَنْ تَعَدَّى عَلَيْهِ ، وَهَتَكَ حَرِيمَهُ ، وَأَفْسَدَ أَهْلَهُ.

وَكَذَلِكَ فَعَلَ الزبير رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : لَمَّا تَخَلَّفَ عَنِ الْجَيْشِ وَمَعَهُ جَارِيَةٌ لَهُ ، فَأَتَاهُ رَجُلَانِ فَقَالَا: أَعْطِنَا شَيْئًا، فَأَعْطَاهُمَا طَعَامًا كَانَ مَعَهُ ، فَقَالَا: خَلِّ عَنِ الْجَارِيَةِ.

فَضَرَبَهُمَا بِسَيْفِهِ فَقَطَعَهُمَا بِضَرْبَةٍ وَاحِدَةٍ.

وَعَلَى هَذَا : فَيَجُوزُ لَهُ ، فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى : قَتْلُ مَنِ اعْتَدَى عَلَى حَرِيمِهِ، سَوَاءٌ كَانَ مُحْصنًا أَوْ غَيْرَ مُحْصِنٍ، مَعْرُوفًا بِذَلِكَ أَوْ غَيْرَ مَعْرُوفٍ، كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ كَلَامُ الْأَصْحَابِ ، وَفَتَاوَى الصَّحَابَةِ.

وَقَدْ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَبُو ثَوْرٍ: يَسَعُهُ قَتْلُهُ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى إِذَا كَانَ الزَّانِي مُحْصِنًا، جَعَلَاهُ مِنْ بَابِ الْحُدُودِ.

وَقَالَ أحمد وإسحاق: يُهْدَرُ دَمُهُ إِذَا جَاءَ بِشَاهِدَيْنِ، وَلَمْ يَفْصِلَا بَيْنَ الْمُحْصِنِ وَغَيْرِهِ.

وَاخْتَلَفَ قَوْلُ مالك فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ، فَقَالَ ابن حبيب: إِنْ كَانَ الْمَقْتُولُ مُحْصنًا ، وَأَقَامَ الزَّوْجُ الْبَيِّنَةَ : فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَإِلَّا قُتِلَ بِهِ.

وَقَالَ ابن القاسم: إِذَا قَامَتِ الْبَيِّنَةُ : فَالْمُحْصِنُ وَغَيْرُ الْمُحْصِنِ سَوَاءٌ، وَيُهْدَرُ دَمُهُ، وَاسْتَحَبَّ ابن القاسم الدِّيَةَ فِي غَيْرِ الْمُحْصِنِ.

فَإِنْ قِيلَ: فَمَا تَقُولُونَ فِي الْحَدِيثِ الْمُتَّفَقِ عَلَى صِحَّتِهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ (أَنَّ سَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَأَيْتَ الرَّجُلَ يَجِدُ مَعَ امْرَأَتِهِ رَجُلًا أَيَقْتُلُهُ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لَا ".

فَقَالَ سعد: بَلَى وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " اسْمَعُوا إِلَى مَا يَقُولُ سَيِّدُكُمْ ) وَفِي اللَّفْظِ الْآخَرِ: ( «إِنْ وَجَدْتُ مَعَ امْرَأَتِي رَجُلًا أُمْهِلُهُ حَتَّى آتِيَ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ؟ قَالَ: " نَعَمْ " قَالَ: وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ إِنْ كُنْتُ لَأُعَاجِلُهُ بِالسَّيْفِ قَبْلَ ذَلِكَ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " اسْمَعُوا إِلَى مَا يَقُولُ سَيِّدُكُمْ إِنَّهُ لَغَيُورٌ، وَأَنَا أَغْيَرُ مِنْهُ، وَاللَّهُ أَغْيَرُ مِنِّي؟) ؟ قُلْنَا: نَتَلَقَّاهُ بِالْقَبُولِ وَالتَّسْلِيمِ ، وَالْقَوْلِ بِمُوجَبِهِ، وَآخِرُ الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ لَوْ قَتَلَهُ لَمْ يُقَدْ بِهِ؛ لِأَنَّهُ قَالَ: بَلَى ، وَالَّذِي أَكْرَمَكَ بِالْحَقِّ ! وَلَوْ وَجَبَ عَلَيْهِ الْقِصَاصُ بِقَتْلِهِ لَمَا أَقَرَّهُ عَلَى هَذَا الْحَلِفِ، وَلَمَا أَثْنَى عَلَى غَيْرَتِهِ، وَلَقَالَ: لَوْ قَتَلْتَهُ قُتِلْتَ بِهِ.

وَحَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ صَرِيحٌ فِي هَذَا، فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: أَتَعْجَبُونَ مِنْ غَيْرَةِ سعد، فَوَاللَّهِ لَأَنَا أَغْيَرُ مِنْهُ، وَاللَّهُ أَغْيَرُ مِنِّي» ؛ وَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِ ، وَلَا نَهَاهُ عَنْ قَتْلِهِ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حُكْمٌ مُلْزِمٌ، وَكَذَلِكَ فَتْوَاهُ حُكْمٌ عَامٌّ لِلْأُمَّةِ، فَلَوْ أَذِنَ لَهُ فِي قَتْلِهِ ، لَكَانَ ذَلِكَ حُكْمًا مِنْهُ بِأَنَّ دَمَهُ هَدَرٌ فِي ظَاهِرِ الشَّرْعِ وَبَاطِنِهِ، وَوَقَعَتِ الْمَفْسَدَةُ الَّتِي دَرَأَهَا اللَّهُ بِالْقِصَاصِ، وَتَهَالَكَ النَّاسُ فِي قَتْلِ مَنْ يُرِيدُونَ قَتْلَهُ فِي دُورِهِمْ ، وَيَدَّعُونَ أَنَّهُمْ كَانُوا يَرَوْنَهُمْ عَلَى حَرِيمِهِمْ، فَسَدَّ الذَّرِيعَةَ، وَحَمَى الْمَفْسَدَةَ ، وَصَانَ الدِّمَاءَ.

وَفِي ذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ قَوْلُ الْقَاتِلِ، وَيُقَادُ بِهِ فِي ظَاهِرِ الشَّرْعِ، فَلَمَّا حَلَفَ سعد أَنَّهُ يَقْتُلُهُ ، وَلَا يَنْتَظِرُ بِهِ الشُّهُودَ : عَجِبَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ غَيْرَتِهِ ، وَأَخْبَرَ أَنَّهُ غَيُورٌ، وَأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَغْيَرُ مِنْهُ، وَاللَّهُ أَشَدُّ غَيْرَةً، وَهَذَا يَحْتَمِلُ مَعْنَيَيْنِ: أَحَدُهُمَا: إِقْرَارُهُ وَسُكُوتُهُ عَلَى مَا حَلَفَ عَلَيْهِ سعد : أَنَّهُ جَائِزٌ لَهُ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ، وَنَهْيُهُ عَنْ قَتْلِهِ فِي ظَاهِرِ الشَّرْعِ، وَلَا يُنَاقِضُ أَوَّلُ الْحَدِيثِ آخِرَهُ.

وَالثَّانِي: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ ذَلِكَ كَالْمُنْكِرِ عَلَى سعد، فَقَالَ: (أَلَا تَسْمَعُونَ إِلَى مَا يَقُولُ سَيِّدُكُمْ ) ، يَعْنِي: أَنَا أَنْهَاهُ عَنْ قَتْلِهِ، وَهُوَ يَقُولُ: بَلَى وَالَّذِي أَكْرَمَكَ بِالْحَقِّ، ثُمَّ أَخْبَرَ عَنِ الْحَامِلِ لَهُ عَلَى هَذِهِ الْمُخَالَفَةِ، وَأَنَّهُ شِدَّةُ غَيْرَتِهِ، ثُمَّ قَالَ: أَنَا أَغْيَرُ مِنْهُ، وَاللَّهُ أَغْيَرُ مِنِّي ؛ وَقَدْ شَرَعَ إِقَامَةَ الشُّهَدَاءِ الْأَرْبَعَةِ ، مَعَ شِدَّةِ غَيْرَتِهِ سُبْحَانَهُ، فَهِيَ مَقْرُونَةٌ بِحِكْمَةٍ وَمَصْلَحَةٍ ، وَرَحْمَةٍ وَإِحْسَانٍ ؛ فَاللَّهُ سُبْحَانَهُ مَعَ شِدَّةِ غَيْرَتِهِ : أَعْلَمُ بِمَصَالِحِ عِبَادِهِ، وَمَا شَرَعَهُ لَهُمْ مِنْ إِقَامَةِ الشُّهُودِ الْأَرْبَعَةِ دُونَ الْمُبَادَرَةِ إِلَى الْقَتْلِ، وَأَنَا أَغْيَرُ مِنْ سعد وَقَدْ نَهَيْتُهُ عَنْ قَتْلِهِ، وَقَدْ يُرِيدُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كِلَا الْأَمْرَيْنِ، وَهُوَ الْأَلْيَقُ بِكَلَامِهِ وَسِيَاقِ الْقِصَّة" انتهى باختصار والله أعلم..



شاركنا تقييمك




اقرأ ايضا

- سؤال وجواب | هل من علاج للبقع السوداء على الخدين؟
- سؤال وجواب | لم أعد أشعر بطعم الحياة ولا الفرح. فهل أنا مصاب بالاكتئاب؟
- سؤال وجواب | الدوخة والتعب ووخزات ناحية اليسار، هل هي أعراض مرض القلب؟
- سؤال وجواب | أعاني من مشكلة التناقضات في اتخاذ القرارات
- سؤال وجواب | حكم صلاة المرأة مع انكشاف باطن قدميها
- سؤال وجواب | لم ينفع معي الفافرين وعاد لي الخوف والقلق والاكتئاب والوسواس!
- سؤال وجواب | أكره نفسي ومن حولي وأشعر بالغضب الشديد، فما تفسير ذلك؟
- سؤال وجواب | تأخر الحمل وعلاقته بالأمراض الجنسية للزوج
- سؤال وجواب | حكم التّطهر بالثّلج قبل الإذابة
- سؤال وجواب | من حين لآخر تنتابني نوبات الهلع ولم أستطع التخلص من الرومازيبام!
- سؤال وجواب | أعاني من الخمول افتقاد الفاعلية والعزم فما نصيحتكم؟
- سؤال وجواب | نية خطبة فتاة لا تسوغ مجالستها
- سؤال وجواب | أعاني من نوبات الصداع الذي يمتد للفك ويستمر أياما ولا يستجيب للمسكنات
- سؤال وجواب | أرهقتني الوساوس وأتمنى أن أعيش حياة سعيدة، فبماذا تنصحونني؟
- سؤال وجواب | حكم قتل الزوج لزوجته وعشيقها إذا ضبطهما متلبسين بالزنا
 
شاركنا رأيك بالموضوع
التعليقات

لم يعلق احد حتى الآن .. كن اول من يعلق بالضغط هنا


أقسام مجموعة نيرمي الإعلامية عملت لخدمة الزائر ليسهل عليه تصفح الموقع بسلاسة وأخذ المعلومات تصفح هذا الموضوع ويمكنك مراسلتنا في حال الملاحظات او التعديل او الإضافة او طلب حذف الموضوع ...آخر تعديل اليوم 2024/10/01




كلمات بحث جوجل