صارت بيني وبين زوجتي مشكلة فتركت البيت دون علمي وسافرت إلى أهلها دون علمي ـ أيضا ـ وبعدها طلقتها طلقة واحدة، وهي الأولى، ولدي منها بنتان وأرغب في إرجاعها، وهي وأهلها يرفضون ذلك، حيث إنها لا تزال في العدة وقد مضى على الطلاق شهر واحد ـ أي حيضة واحدة حسب علمي ـ فهل يجوز أن أكتب لها لفظ الرجعة وأرسلها على الإيميل؟ وهل تجوز الرجعة دون رضاها ورضا أهلها؟ علما بأن قرار الرجعة قد يزيد المشكلة تعقيدا..
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد: فإن كانت زوجتك قد خرجت من بيتك بدون إذنك لغير مسوغ، فهي آثمة، ويعتبر ذلك نشوزا، قال ابن قدامة في المغنى: فإن أظهرت النشوز ـ وهو أن تعصيه, وتمتنع من فراشه, أو تخرج من منزله بغير إذنه ـ فله أن يهجرها في المضجع، لقول الله تعالى: وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ.
انتهى.ثم إنها ما دامت لم تنقض عدتها بعد طلاقك لها فلك مراجعتها، ولا يشترط في ذلك رضاها ولا رضى أهلها، لأن الرجعة قبل تمام العدة حق للزوج، قال ابن قدامة ـ أيضا: وجملته أن الرجعة لا تفتقر إلى ولي ولا صداق ولا رضى المرأة ولا علمها بإجماع أهل العلم.
انتهى.وقال الكاساني في بدائع الصنائع: ولا يشترط فيها رضا المرأة، لأنها من شرائط ابتداء العقد لا من شرط البقاء وكذا إعلامها بالرجعة ليس بشرط حتى لو لم يعلمها بالرجعة جازت، لأن الرجعة حقه على الخلوص، لكونه تصرفا في ملكه بالاستيفاء والاستدامة، فلا يشترط فيه إعلام الغير كالإجازة في الخيار، لكنه مندوب إليه ومستحب، لأنه إذا راجعها ولم يعلمها بالرجعة، فمن الجائز أنها تتزوج عند مضي ثلاث حيض ظنا منها أن عدتها قد انقضت.
انتهى.وبإمكانك مراجعتها بواسطة رسالة عبر الهاتف أو البريد الألكتروني، لأن الرجعة تصح بالكتابة، ففي إعانة الطالبين لأبي بكر الدمياطي الشافعي متحدثا عن الرجعة: ويقوم مقام اللفظ الكتابة مع النية وإشارة الأخرس المفهمة كسائر العقود.
انتهى.
وما تحصل به الرجعة قد سبق بيانه في الفتوى رقم:
وبإمكانك أن تجعل بعض أهل الخير والفضل وسطاء بينكما للإصلاح، نسأل أن يوفقك لما فيه الخير.
والله أعلم..