سؤال و جواب . كوم

اخر المشاهدات
مواقعنا
الاكثر بحثاً
مغسلة
خدمات الكويت

سؤال و جواب . كوم




سؤال وجواب | هل يجوز للجنب أن يقرأ القرآن دون مس المصحف ؟

اقرأ ايضا

-
سؤال وجواب | التفاعل مع القرآن أثناء التلاوة
- سؤال وجواب | مساكنة من لا يصلي في المسجد
- سؤال وجواب | حكم زيارة قبور الأولياء والصالحين
- سؤال وجواب | هل بعض الآلام الجسدية سببها نفسي؟
- سؤال وجواب | هل هجر الأخ لأخته لمعاصيها يحرمه من المغفرة يومي الإثنين والخميس
- سؤال وجواب | حكم الاعتماد في تفسير الأحلام على كتاب ابن سيرين
- سؤال وجواب | الإقامة سنة مؤكدة
- سؤال وجواب | القطيعة والهجر بدون سبب مشروع
- سؤال وجواب | تدخر مالا بنية الصدقة بدون تحديد وقت إخراجها
- سؤال وجواب | الحكم ينبني على معرفة طبيعة هذه الوظيفة وطبيعة المخالفة القانونية
- سؤال وجواب | حكم الحصول على شهادة دراسية لمجرد حضور الدراسة دون اختبار
- سؤال وجواب | زوج عصبي كيف أتفادى عصبيته؟
- سؤال وجواب | فضل التبرع بالدم، وهل يكون صدقة؟
- سؤال وجواب | تحصيل ما هو معلوم من الدين بالضرورة لا يتعارض مع نوافل العبادات
- سؤال وجواب | هل صح أن الصيام والصدقة وعيادة المريض واتباع الجنازة ( مَا اجْتَمَعْنَ فِي امْرِئٍ إِلَّا دَخَلَ الْجَنَّةَ )؟
آخر تحديث منذ 22 يوم
- مشاهدة

هل يجوز قراءة القراّن من دون لمس للجنب ، منهم من قال : لا يجوز ، واستدلوا بحديث كان لا يحجزه عن القراّن إلا الجنابة ، ومنهم من قال : يجوز ، فكان عليه الصلاة والسلام يذكر الله في جميع أحواله ، فما هو القول الصحيح ؟.

الحمد لله.

أولاً : ذهب عامة الفقهاء من المذاهب الأربعة وغيرهم إلى تحريم قراءة القرآن على الجنب ، ولو من غير مسٍّ للمصحف.

قال الترمذي رحمه الله : " وَهُوَ قَوْلُ أَكْثَرِ أَهْلِ العِلْمِ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَالتَّابِعِينَ ، وَمَنْ بَعْدَهُمْ مِثْلِ : سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ ، وَابْنِ الْمُبَارَكِ ، وَالشَّافِعِيِّ ، وَأَحْمَدَ ، وَإِسْحَاقَ " انتهى من " سنن الترمذي " (1/195).

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : " فَإِنَّ الْأَئِمَّةَ الْأَرْبَعَةَ مُتَّفِقُونَ عَلَى مَنْعِهِ مِنْ ذَلِكَ " انتهى من " مجموع الفتاوى " (21/ 344).

وقال الكاساني رحمه الله : " وَلَا يُبَاحُ لِلْجُنُبِ قِرَاءَةُ الْقُرْآنِ عِنْدَ عَامَّةِ الْعُلَمَاءِ " انتهى من " بدائع الصنائع " (1/37).

وقد ورد في النهي عن قراءة الجنب للقرآن عدد من الأحاديث ، ولكنها لا تخلو من ضعف.

ومن أقربها للصحة حديث علي بن أبي طالب.

وقد رواه الإمام أحمد (1011) ، وأبو داود ( 229) ، والنسائي (265) ، وابن ماجه (594) من طريق شُعْبَة عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلِمَةَ قَالَ : أَتَيْتُ عَلِيًّا أَنَا وَرَجُلَانِ ، فَقَالَ : ( كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْرُجُ مِنْ الْخَلَاءِ فَيَقْرَأُ الْقُرْآنَ ، وَيَأْكُلُ مَعَنَا اللَّحْمَ ، وَلَمْ يَكُنْ يَحْجُبُهُ عَنْ الْقُرْآنِ شَيْءٌ لَيْسَ الْجَنَابَةَ ) ، [ أي : غير الجنابة ].

وفي لفظ : ( لَا يَحْجُزُهُ عَنْ الْقُرْآنِ شَيْءٌ إِلَّا الْجَنَابَةُ ).

وهذا الحديث مما تنازع العلماء في صحته ، نظراً لاختلافهم في راويه عن علي بن أبي طالب وهو : ( عبد الله بن سَلِمة المرادي ).

فقد وثقه : ابن حبان ، والعجلي ، ويعقوبُ بن شيبة ، وتكلم فيه غيرهم من : حيث الضبط والإتقان.

قَال العجلي : " كوفي ، تابعي ، ثقة ".

وَقَال يعقوب بْن شَيْبَة : " ثقة ، يعد في الطبقة الأولى من فقهاء الكوفة ، بعد الصحابة ".

وقَال البُخارِيُّ : " لا يتابع فِي حديثه ".

وَقَال أَبُو حاتم : " تَعرف وتُنكر ".

وقال عمرو بن مرة : " كان عبد الله بن سلمة يُحدثنا فكان قد كَبِرَ ، فكنا نَعرف ونُنكر".

وقال ابن عدي : " وقد روى عبد الله بن سلمة عن علي وعن حذيفة وعن غيرهما غير هذا الحديث ، وأرجو أنه لا بأسَ به ".

وقد لخص الحافظ ابن حجر أقوال العلماء فيه ، ومال إلى تضعيفه ( ولكنه ضعف ليس بالشديد ) ، فقال في " التقريب " : " صدوق تغير حفظه ".

ينظر في ترجمته وكلام الأئمة فيه : " الكامل في ضعفاء الرجال " (5/281) ، " تهذيب الكمال في أسماء الرجال " (15/52) ، " ميزان الاعتدال " (2/430) ، " إكمال تهذيب الكمال " (7/388) وممن صحح هذا الحديث من الأئمة : الترمذي ، وابن خزيمة ، وابن حبان ، والحاكم ، والبغوي ، وعبد الحق الإشبيلي ، وابن عبد البر.

ومن المتأخرين : الشيخ أحمد شاكر ، وكذا محققو مسند الإمام أحمد في طبعة الرسالة ، وكذلك الشيخ ابن باز ، رحم الله الجميع.

ولكن أكثر أهل الحديث على تضعيفه.

قَالَ الإمام الشَّافِعِي : " أهل الحَدِيث لَا يثبتونه " انتهى من " خلاصة الأحكام " (1/207).

وقال البيهقي : " وَإِنَّمَا تَوَقَّفَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي ثُبُوتِ الْحَدِيثِ ؛ لِأَنَّ مَدَارَهُ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلِمَةَ الْكُوفِيِّ ، وَكَانُ قَدْ كَبُرَ ، وَأُنْكِرَ مِنْ حَدِيثِهِ وَعَقْلِهِ بَعْضُ النَّكْرَةِ ، وَإِنَّمَا رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ بَعْدَ مَا كَبُرَ ، قَالَهُ شُعْبَةُ " انتهى من " معرفة السنن والآثار " (1/323).

وقال الإمام النووي : " قَالَ التِّرْمِذِيُّ حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ ، وَقَالَ غَيْرُهُ مِنْ الْحُفَّاظِ الْمُحَقِّقِينَ : هُوَ حَدِيثٌ ضَعِيفٌ " انتهى من " المجموع شرح المهذب " (2/159).

وضعفه كذلك الشيخ الألباني.

ينظر: " صحيح ابن حبان " (977) ، " الاستذكار " (2/460) ، " شرح السنة " (1/359) ، " الأحكام الصغرى " صـ 134 ، " إرشاد الفقيه " (1/62) ، " المحرر " صـ 73 ، " خلاصة الأحكام " (1/207) ، مسند الإمام أحمد (2/61).

وقال الحافظ ابن حجر عن هذا الحديث : " وَالْحَقُّ أَنَّهُ مِنْ قَبِيلِ الْحَسَنِ يَصْلُحُ لِلْحُجَّةِ " انتهى من " فتح الباري " (1/408).

وقال الشيخ الألباني : " هذا رأى الحافظ في الحديث , ولا نوافقه عليه , فإن الراوي المشار إليه وهو عبد الله بن سلمة قد قال الحافظ نفسه فى ترجمته من التقريب : صدوق تغير حفظه.

وقد سبق أنه حدث بهذا الحديث فى حالة التغير ، فالظاهر هو أن الحافظ لم يستحضر ذلك حين حكم بحسن الحديث , والله أعلم" انتهى من " إرواء الغليل " (2/242).

وقال : " فهذا الإمام الشافعي وأحمد والبيهقي والخطابي قد ضعفوا الحديث ، فقولهم مقدَّم لوجوه : الأول : أنهم أعلم وأكثر.

الثاني : أنهم قد بينوا علة الحديث ، وهي كون راويه قد تغير عقله وحدث به في حالة التغير ، فهذا جرح مفسر لا يجوز أن يصرف عنه النظر" انتهى من " تمام المنة " (ص/109).

وعلى القول بصحة الحديث ، فقد رأى بعض الأئمة أنه ليس صريحاً في منع القراءة للجنب.

قال الحافظ : " قَالَ ابْنُ خُزَيْمَةَ : لَا حُجَّةَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ لِمَنْ مَنَعَ الْجُنُبَ مِنْ الْقِرَاءَةِ ، لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ نَهْيٌ وَإِنَّمَا هِيَ حِكَايَةُ فِعْلٍ ، وَلَمْ يُبَيِّنْ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ إنَّمَا امْتَنَعَ مِنْ ذَلِكَ لِأَجْلِ الْجَنَابَةِ " انتهى من " التلخيص الحبير" (2/ 244).

يعني أن مجرد ترك الرسول صلى الله عليه وسلم لقراءة القرآن وهو جنب لا تدل على التحريم.

وأجيب عن هذا بأن قول علي رضي الله عنه : ( لا يحجبه عن القرآن شيء ليس الجنابة ) وفي لفظ ( لا يحجزه ) يدل على أن الجنابة حاجب وحاجز بينه وبين قراءة القرآن ، وهذا لا يكون إلا في شيء هو ممنوع منه.

ولذلك قال الإمام الشافعي عنه : " إنْ كَانَ ثَابِتًا فَفِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى تَحْرِيمِ الْقِرَاءَةِ عَلَى الْجُنُبِ " انتهى من " المجموع شرح المهذب " (2/159).

وقد احتج بعض العلماء بهذا الحديث بعد تقويته بالأحاديث الأخرى الواردة في المسألة ذاتها ، وكأنهم يرون أنه يصير من قبيل الحديث الحسن لغيره.

قال تاج الدين السبكي رحمه الله : " وفي الباب أحاديث أخر ضعيفة ، وقد ينتهي مجموعها إلى غلبات الظنون ، وهي كافية في المسألة ، فالمختار ما عليه الجمهور" انتهى من " طبقات الشافعية الكبرى " (4/ 15).

وقال المباركفوري رحمه الله : " وَقَدْ وَرَدَتْ أَحَادِيثُ في تحريم قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ لِلْجُنُبِ ، وَفِي كُلِّهَا مَقَالٌ ، لَكِنْ تَحْصُلُ الْقُوَّةُ بِانْضِمَامِ بَعْضِهَا إِلَى بَعْضٍ وَمَجْمُوعُهَا يَصْلُحُ لِأَنْ يُتَمَسَّكَ بِهَا " انتهى من " تحفة الأحوذي" (1/ 346).

ويؤيد هذا القول شهرته بين الصحابة ، فقد ثبت عن خمسة منهم ، وهم : 1- عمر بن الخطاب رضي الله عنه : روى عبد الرزاق في "مصنفه" (1/337) عَنْ عَبِيدَةَ السَّلْمَانِيِّ قَالَ : ( كَانَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ يَكْرَهُ أَنْ يَقْرَأَ الْقُرْآنَ وَهُوَ جُنُبٌ ).

[ والكراهة عند السلف تعني الحرمة ].

ورواه ابن أبي شيبة في المصنف (1/ 97) بلفظ : ( لَا يَقْرَأُ الْجُنُبُ الْقُرْآنَ ).

وصحح إسناده البيهقي في الخلافيات (325).

وقال ابن كثير : " هذا إسناد صحيح " انتهى من " مسند الفاروق " (1/128).

وقال ابن حجر : " وَصَحَّ عَنْ عُمَرَ : أَنَّهُ كَانَ يَكْرَهُ أَنْ يَقْرَأَ الْقُرْآنَ وَهُوَ جُنُبٌ ، وَسَاقَهُ عَنْهُ فِي الْخِلَافِيَّاتِ ، بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ " انتهى من " التلخيص الحبير " (1/241).

2- علي بن أبي طالب رضي الله عنه : رواه الدارقطني في "سننه" (1/212) عن أَبي الْغَرِيفِ الْهَمْدَانِيُّ , قَالَ : كُنَّا مَعَ عَلِيٍّ فِي الرَّحَبَةِ , فَخَرَجَ إِلَى أَقْصَى الرَّحَبَةِ , فَوَاللَّهِ مَا أَدْرِي أَبَوْلًا أَحْدَثَ أَوْ غَائِطًا , ثُمَّ جَاءَ فَدَعَا بِكُوزٍ مِنْ مَاءٍ , فَغَسَلَ كَفَّيْهِ ثُمَّ قَبَضَهُمَا إِلَيْهِ , ثُمَّ قَرَأَ صَدْرًا مِنَ الْقُرْآنِ , ثُمَّ قَالَ : ( اقْرَءُوا الْقُرْآنَ مَا لَمْ يُصِبْ أَحَدَكُمْ جَنَابَةٌ , فَإِنْ أَصَابَتْهُ جَنَابَةٌ فَلَا ، وَلَا حَرْفًا وَاحِدًا ).

قال الدارقطني : " هُوَ صَحِيحٌ عَنْ عَلِيٍّ ".

3- ابن مسعود رضي الله عنه : روى ابن أبي شيبة في " المصنف " (1/102) عَنْ إبْرَاهِيمَ ، أَنَّ ابْنَ مَسْعُودٍ كَانَ يَمْشِي نَحْوَ الْفُرَاتِ ، وَهُوَ يُقْرِئُ رَجُلاً ، فَبَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ ، فَكَفَّ الرَّجُلُ عَنْهُ ، فَقَالَ : ابْنُ مَسْعُودٍ : مَا لَكَ ؟ قَالَ : إنَّك بُلْت.

فَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ : إنِّي لَسْتُ بِجُنُبِ.

4-عبد الله بن عمر رضي الله عنهما.

قال الإمام مالك : أَخْبَرَنَا نَافِعٌ ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ ، أَنَّهُ ، كَانَ يَقُولُ : ( لا يَسْجُدُ الرَّجُلُ [ يعني : سجدة التلاوة ] ، وَلا يَقْرَأُ الْقُرْآنَ ، إِلا وَهُوَ طَاهِرٌ ) انتهى من " موطأ الإمام مالك رواية محمد بن الحسن الشيباني " (ص/107).

فقد حمله بعض العلماء على أن المراد به الطهارة الكبرى ، وهي الطهارة من الجنابة ، لأن ابن عمر كان يرى جواز سجود التلاوة بدون وضوء.

انظر : فتح الباري ، كتاب الجمعة ، باب سجود المسلمين مع المشركين.

5= سلمان الفارسي رضي الله عنه.

عَنْ سَلْمَانَ أَنَّهُ أَحْدَثَ فَجَعَلَ يَقْرَأُ ، فَقِيلَ لَهُ : أَتَقْرَأُ وَقَدْ أَحْدَثْتَ ؟ قَالَ : " نَعَمْ , إِنِّي لَسْتُ بِجُنُبٍ " رواه الطحاوي في " شرح معاني الآثار " (1/90).

فهذه خمسة آثار عن الصحابة تدل على منع الجنب من قراءة القرآن ومن بينها آثار عن اثنين من الخلفاء الراشدين الذين أمرنا بالتمسك بسنتهم والعض عليها بالنواجذ.

بل قال أبو الحسن الماوردي : " تَحْرِيمَ الْقِرَاءَةِ عَلَى الْجُنُبِ قَدْ كَانَ مَشْهُورًا فِي الصَّحَابَةِ مُنْتَشِرًا عِنْدَ الْكَافَّةِ حَتَّى لَا يَخْفَى عَلَى رِجَالِهِمْ وَنِسَائِهِمْ " انتهى من " الحاوي الكبير" (1/148).

وقال الحافظ ابن رجب رحمه الله : " والاعتماد في المنع على ما روي عن الصحابة " انتهى من " فتح الباري " (2/49).

والقول بتحريم قراءة القرآن على الجنب هو الذي اختاره شيخ الإسلام ابن تيمية ، وعليه فتوى الشيخ ابن باز وابن عثيمين واللجنة الدائمة للإفتاء.

قال شيخ الإسلام رحمه الله : " الْجُنُبُ مَمْنُوعٌ مِنْ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ " انتهى من " مجموع الفتاوى " (26/190).

وقال رحمه الله أيضاً : " وَكَذَلِكَ لَا يَقْرَأُ الْجُنُبُ الْقُرْآنَ عِنْدَ جَمَاهِيرِ الْعُلَمَاءِ الْفُقَهَاءِ الْأَرْبَعَةِ وَغَيْرِهِمْ كَمَا دَلَّتْ عَلَى ذَلِكَ السُّنَّةُ " انتهى من " مجموع الفتاوى " (17/12).

وفي " فتاوى اللجنة الدائمة – المجموعة الأولى " (5/380) : " أما الجنب فلا يمس المصحف ، ولا يقرأ القرآن ولا يعلمه الطلاب حتى يغتسل" انتهى.

وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : " الواجب على من أصابته جنابة أن يغتسل قبل أن يقرأ القرآن ؛ لأن قراءة القرآن على الجنب حرام على القول الراجح , ولا يحل للإنسان أن يقرأ شيئاً من القرآن بنية قراءة القرآن وهو جنب " انتهى من " لقاء الباب المفتوح ".

ثانياً : نسب بعض العلماء إلى ابن عباس جواز قراءة القرآن للجنب اعتماداً على ما ذكره البخاري في صحيحه معلَّقاً بصيغة الجزم : " وَلَمْ يَرَ ابْنُ عَبَّاسِ بالقِرَاءَةِ لَلْجُنُبِ بَأْساً " انتهى.

وهذا النقل المجمل قد سبب وهماً في فهم مذهب ابن عباس ، حيث ظن بعضهم أنه يرخص للجنب بقراءة القرآن مطلقاً ، بينما مذهبه الترخيص للجنب بقراءة الآية والآيتين فقط أو قراءة الورد ، لا الرخصة المطلقة بقراءة القرآن.

قال الحافظ ابن حجر رحمه الله - مخرِّجاً أثر ابن عباس الذي ذكره البخاري - : " وَأما قَول ابْن عَبَّاس ، فَقَالَ ابْن أبي شيبَة فِي المُصَنّف : حَدَّثنا الثَّقَفِيّ عَن خَالِد عَن عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس : أَنه كَانَ لَا يرى بَأْسا أَن يقْرَأ الْجنب الْآيَة والآيتين " انتهى من " تغليق التعليق " (2/171).

ورواه ابن المنذر في " الأوسط " (2/ 98) من طريق الزُّهْرِيِّ ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مُكْمِلٍ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما ، قَالَ : " لَا بَأْسَ أَنْ يَقْرَأَ الْجُنُبُ الْآيَةَ وَنَحْوَهَا ".

وفي هذا دليل على أن ابن عباس ممن يمنع الجنب من قراءة القرآن ؛ لأن ترخيصه في قراءة الآية والآيتين يفيد منعه من قراءة ما سواهما ، وإلا لم يكن لهذا التقييد فائدة.

ولا يشكل على هذا ما ذكره ابن المنذر في " الأوسط " (2/98) من طريق يَزِيد النَّحْوِيِّ ، عَنْ عِكْرِمَةَ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ : ( أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ وِرْدَهُ وَهُوَ جُنُبٌ ).

قال الحافظ : " وَإِسْنَاده صَحِيح " انتهى من " تغليق التعليق " (2/172).

لأن كلمة ( ورد ) أعم من قراءة القرآن ، فالمقصود بها الذكر الذي يواظب عليه صباحاً أو مساءً ، وهذا الذكر قد يتخلله آية أو آيتان من القرآن ، ولذلك فهو يلتقي مع قوله السابق في الترخيص بقراءة الآية والآيتين.

وإن قيل : المقصود منها ورده من القرآن ، فهو يدل على الترخيص للجنب في قراءة الورد ، فقط ، لا أكثر.

ولذلك قال ابن قدامة في " المغني " (1/ 199) : " وَلَا يَقْرَأُ الْقُرْآنَ جُنُبٌ.

وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ : يَقْرَأُ وِرْدَهُ " انتهى.

والحاصل : أنه لا يثبت نص صريح عن ابن عباس يدل على جواز قراءة الجنب للقرآن مطلقاً ، وإنما هو ترخيص له بقراءة الآية والآيتين للحاجة ، كما هو قول كثير من العلماء ، أو بقراءة الورد ، فقط.

وهناك روايات أخرى عن ابن عباس قد يفهم منها الترخيص المطلق للجنب بقراءة القرآن ، لكنها لا تروى عنه بسند صحيح.

ثالثاً : ذهب بعض العلماء إلى جواز قراءة القرآن للجنب ، وهو مذهب الظاهرية ، ينظر : " المحلى " (1/77).

قال ابن عبد البر رحمه الله : " وَقَدْ شَذَّ دَاوُدُ عَنِ الْجَمَاعَةِ بِإِجَازَةِ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ لِلْجُنُبِ" انتهى من " الاستذكار " (2/474).

ومما استدلوا به على الجواز : حديث عائشة رضي الله عنها : ( كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَذْكُرُ اللهَ عَلَى كُلِّ أَحْيَانِهِ ) رواه مسلم (117).

قالوا : هذا الحديث يدل على أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يذكر الله على كل أحيانه ، ومنها حال الجنابة ، والذكر يشمل القرآن ، فلا فرق بين القرآن وبين سائر الأذكار.

غير أن في شمول هذا الحديث لقراءة القرآن نظرا عند عامة العلماء.

قال الحافظ ابن رجب رحمه الله : " وفيه دليل على أن الذكر لا يمنع منهُ حدث ولا جنابة ، وليس فيهِ دليل على جواز قراءة القرآن للجنب ؛ لأن ذكر الله إذا أطلق لا يراد بهِ القرآن " انتهى من " فتح الباري " (2/45).

وقال ابن حبان رحمه الله : " وقد توهم غير المتبحِّر في الحديث أنّ حديث عائشة : ( كان النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يذكر الله على كل أحيانه ) يعارض هذا ، وليس كذلك ؛ لأنها أرادت الذكر الذي هو غير القرآن ، إذ القرآن يجوز أن يُسمى ذكرا ، وكان لا يقرأ وهو جنب ويقرأ في سائر الأحوال " انتهى ، نقلا من " شرح سنن ابن ماجه " لمغلطاي (ص/755) ، وينظر : صحيح ابن حبان (3/81).

وقال الماوردي رحمه الله : " وَأَمَّا حَدِيثُ عَائِشَةَ أَنَّهُ كَانَ يَذْكُرُ اللَّهَ عَلَى كُلِّ حَالٍ فَمَحْمُولٌ عَلَى الْأَذْكَارِ الَّتِي لَيْسَتْ قُرْآنًا " انتهى من " الحاوي الكبير " (1/149).

وللمجيزين أدلة أخرى ذكرها ابن رجب رحمه الله وأجاب عليها فقال : " وأما استدلال المجيزين بحديث عائشة : ( اصنعي ما يصنع الحاج ، غير أن لا تطوفي ) ، فلا دلالة لهم فيهِ ؛ فإنه ليس في مناسك الحج قراءة مخصوصة حتَّى تدخل في عموم هذا الكلام ، وإنما تدخل الأذكار والأدعية.

وأما الاستدلال بحديث الكتاب إلى هرقل ، فلا دلالة فيهِ ؛ لأنه إنما كتب ما تدعو الضرورة إليه للتبليغ " انتهى من " فتح الباري " (2/49).

وحاصل ما سبق : أن القول المعتمد الذي عليه عامة العلماء سلفاً وخلفاً هو تحريم قراءة القرآن على الجنب.

وينظر للفائدة إلى جواب السؤال (

147164

).

والله أعلم ..



شاركنا تقييمك




اقرأ ايضا

- سؤال وجواب | هل يأثم من قصر في دراسته
- سؤال وجواب | هل حقن depo-prover تمنع الحمل؟
- سؤال وجواب | دفع البلاء بالدعاء والرقية
- سؤال وجواب | هل يمحو الزواج التجاوزات التي حصلت فترة الخطبة؟
- سؤال وجواب | طفلتي تعاني من آلام شديدة في البطن مع ارتفاع حرارتها منذ سنة
- سؤال وجواب | حكم قراءة الكتب المكتوبة على طريقة الفلاسفة
- سؤال وجواب | المنافسة الدراسية. رؤية شرعية
- سؤال وجواب | دلالة الرؤيا الطيبة بعد الاستخارة
- سؤال وجواب | توضيحات حول طريقة الحميدي في كتابه الجمعبين الصحيحين
- سؤال وجواب | تفسير قوله تعالى "ويحذركم الله نفسه"
- سؤال وجواب | روايةالإنس والجن والعكس. قبول أم رد
- سؤال وجواب | زوجي يطلق بصره للنساء فأشعر بإهانة. فما الحل؟
- سؤال وجواب | حكم تنبيه الرجلِ النساءَ على بعض المخالفات على الفيس بوك
- سؤال وجواب | أكره نفسي وفقدت رغبتي في الحياة، فما الحل؟
- سؤال وجواب | واجبك النصح وهجر باطله وفارقه حين خوضه فيه
 
شاركنا رأيك بالموضوع
التعليقات

لم يعلق احد حتى الآن .. كن اول من يعلق بالضغط هنا


أقسام سؤال و جواب . كوم عملت لخدمة الزائر ليسهل عليه تصفح الموقع بسلاسة وأخذ المعلومات تصفح هذا الموضوع ويمكنك مراسلتنا في حال الملاحظات او التعديل او الإضافة او طلب حذف الموضوع ...آخر تعديل اليوم 2024/10/10




كلمات بحث جوجل