السلام عليكم.

أنا عندي تبول لاإرادي منذ الولادة حتى الآن، وهذا المرض بالوراثة، وأنا الآن في الصف الأول الثانوي، ولا زلت أعاني من هذا المرض بدون تحسن، ذهبت إلى طبيبين: الأول قالي لي: خذ دواء (sofenacin) وأخذته لفترة ولكن بلا تحسن، وبعدها بفترة ذهبت إلى طبيب آخر فطلب مني تحليل دم وبول، وقال لي: إن التحاليل سليمة، وكشف علي بشيء مثل السونار، وفتح فتحة البول، وسألني: هل أستطيع أن أمسك البول وأنا مستيقظ؟ فقلت له: نعم، فأعطاني دواء (stimulan) لثقل نومي و (omega press 2)، وعندما سألته: هل تعرف سبب مرضي؟ قال لي: إن عندي فرط حركة في المثانة، فهل من علاج؟ لأنني لا أستطيع أن أنام خارج المنزل.
.
.

بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

يسمى التبول الليلي على الفراش بالتبول الليلي اللاإرادي، ويكون مثل هذا التبول طبيعياً عند الأطفال حديثي الولادة ويقل معدل حدوثه تدريجياً إلى أن يختفي تماماً بعد التعود على استخدام المرحاض، وذلك بطبيعة الحال في الغالبية من الأطفال، وبصفة عامة فإن 10% إلى 15% من الأطفال يستمرون في التبول الليلي اللاإرادي بعد عمر الخامسة، ويقل هذا العدد بمعدل 15% سنوياً، ليبقى معدل من يعانون من التبول الليلي اللاإرادي إلى نسبة 1% إلى 2% فقط من المراهقين والبالغين.

تعتبر حالة التبول الليلي اللاإرادي وراثية، حيث إن نصف أبناء أحد الآباء الذين كانوا يعانون من هذه الحالة يتوقع أنهم يعانون منها، وإن ثلاثة أرباع الأبناء سيعانون منها في حالة تواجد الحالة لدى الوالدين.

وفي حالة استمرار حالة التبول الليلي اللاإرادي بعد عمر الخامسة وإلى مرحلة البلوغ، فإنها تعتبر -أو تسمى- بالحالة الأولية، أما إذا ما عاودت الظهور بعد فترة من اختفائها فإنها توصف بأنها حالة ثانية، ويتوجب هنا البحث بدقة عن مسبباتها، ولكن معظم من يعانون من التبول الليلي اللاإرادي الأولي من الأطفال، لا نجد أن لديهم أية أسباب عضوية، عدا بعض العادات المتشابهة من النوم العميق جداً والثقيل، وعدم المقدرة على الاستيقاظ في الوقت الكافي للذهاب إلى دورة المياه للتبول في الوقت المناسب، وأحياناً يعانون من الإمساك المزمن، والشرب المفرط للسوائل بأنواعها، أما بالنسبة للمراهقين أو البالغين الذين يعانون من التبول الليلي اللاإرادي بنوعيه، فإنه يتوجب علينا البحث بدقة عن مسببات الحالة، وإعطاء العلاج المناسب، لما لهذه الحالة من تأثير نفسي واجتماعي على المريض.

ومن المهم في حالتك معرفة الأسئلة التالية: هل التبول الليلي اللاإرادي لديك هو العرض الوحيد أم أن هناك أعراضاً أخرى مصاحبة له؟ مثلاً: هل هذا التبول اللاإرادي قد يحدث أيضاً في فترات النوم خلال النهار؟ وكم مرة خلال الأسبوع يحدث هذا التبول اللاإرادي؟ وهل هناك أعراض مصاحبة مثل العجلة البولية؟ وهي الإحساس الملح للرغبة في التبول حال شربك للماء أو بصفة متكررة، بحيث تشعرك بالإلحاح والإسراع إلى دورة المياه في كل مرة؟ وهل حدث لك حالة سلس بولي، أي أن البول يكون قد سبقك بالخروج، وتبليل ملابسك الداخلية قبل تمكنك من بلوغ دورة المياه؟ وكذلك هل تضطر للتبول في فترات متقاربة لا تتجاوز الساعتين، أو أكثر من 7 مرات في النهار؟ وهل هناك أعراض أخرى مصاحبةً لها مثل الإحساس بالحرقان؟ وهو الإحساس وكأنك تتبول بولاً ساخناً مرتفع الحرارة؟ وهل هناك تغيرات في لون أو رائحة البول؟ وكذلك هل هناك مرات، وقد شخصت لديك حالات التهابات بولية عن طريق تزريع البول؟ أم هل هناك أمور أخرى مصاحبة تحب أن تذكرها لنا هنا؟ وبالطبع نحتاج أن نعرف بعض المعلومات عن طريقة نومك، وهل نومك ثقيل جداً بحيث إنه يصعب على الغير إيقاظك؟ وهل تعاني من اضطرابات النوم ونوبات الشخير العالية؟ وهل تستيقظ من نومك سيء المزاج وغير مستريح؟ وهل تعاني من فرط السمنة؟ كما يهمنا أن نعرف عادات الشرب لديك، وهل تكثر من شرب السوائل وبخاصة في الفترة المسائية؟ وهنا يجب عليك أن تعطينا تفصيلياً كمية ما تشربه في الليل والنهار.

وهل تعاني من الإمساك المزمن؟ أو هل تعاني من أمراض أخرى طويلة الأمد تحتاج إلى علاج مستمر؟ وماذا تتناول من الدواء يومياً؟ وهل تكثر من شرب المنبهات كالقهوة والشاي؟ وهل أنت مدخن؟ ويمكن للطبيب إجراء فحوصات عامة للدم والبول، وكذلك إجراء دراسات بالموجات الصوتية للكلى والمثانة، والتأكد بخاصة من قدرة المثانة على التفريغ التام عند التبول، بل ويمكنك التبول على جهاز خاص فاحص لدفع البول، وفي بعض العيادات المتخصصة قد يطلب الطبيب من المريض ملء ما يعرف بالمفكرة البولية، وهي جدول يسجل فيه المريض زمن أي سائل مشروب وكميته، مع زمن وكمية التبول لمدة ثلاثة أيام متتالية أو متفرقة، يقوم الطبيب بعدها بدراسة عادات المريض، وهي مفيدة جداً، حيث إن الطبيب وبإجراء بعض التعديلات البسيطة في عادات المريض؛ يمكنه التوصل إلى ضبط تبول المريض الليلي وتحسينه كثيراً.

وقد نلجأ في بعض الحالات إلى إجراء فحوصات تخصصية مثل دراسة ديناميكية وظيفة المثانة، وحتى إلى إجراء المنظار البولي، للتأكد من خلو الجهاز البولي السفلي من الأمراض التشريحية أو الوراثية المختلفة، التي يؤدي تصحيحها إلى شفاء المريض.

وأما العلاج فيتوقف على عموميات وخصوصيات، أما النصائح العمومية فهي كالتالي: - يجب التركيز على شرب السوائل في فترة اليقظة، والتوقف تماماً عن شرب السوائل عموماً لفترة لا تقل عن 3 ساعات قبل النوم.

- يجب التبول قبل النوم.

- ينصح أن تعود نفسك على الاستيقاظ للتبول مرة أو مرتين بعد النوم؛ وذلك عن طريق مساعدة من مرافق أو باستخدام المنبه.

- علاج الإمساك تماماً، وتقليل المنبهات مثل كثرة شرب القهوة.

وأما العلاج الخاص فيكون بمعالجة المشاكل المصاحبة إن تم تشخيصها مثل المثانة المفرطة الحركة، فهنا ينصح في مثل هذه الحالة بوصف أدوية لفرط الحركة مثل الفيزيكير أو الاميبرامين.

- وعلاج الالتهابات البولية في حالة تشخيصها باستخدام المضادات الحيوية المناسبة.

ويمكن للطبيب أن يصف لك (الديزموبرسين)، وهو دواء خاص يوقف عمل الكلية، وينقص إفراز البول؛ بحيث يعطي المريض ليالي كثيرة جافة على أمل تعود المثانة على إيقاظ المريض في حالة امتلائها، وتحسين الشعور العام لدى المريض، وتشجيعه على الاختلاط الاجتماعي بالسفر، أو البيات لدى الآخرين خارج نطاق غرفته.

وهنا أمر مهم قد لا يفطن له الكثير من الزملاء، وهو حاجة بعض المرضى إلى رؤية أطباء نفسيين للمساعدة في علاج حالات الاكتئاب أو القلق لدى بعض المرضى.

وبعد هذه المقدمة الضافية: أطلب من الله أن يشفيك ويعافيك -يا بني-، وأن يصبح ما تعاني منه تاريخاً سحيقاً مدفوناً في ذاكرة الزمن، كما هو حال الغالبية العظمى ممن يعانون من مثل حالتك.

والله الموفق.
.