السلام عليكم.
أجد في كلام العلماء وفي الفتاوى أن جنس الرجال أفضل من جنس النساء للأسباب الآتية: 1- أن الله جعل النبوة في الرجال فقط, ولم يجعلها في النساء.
2- أن الله فرض على الرجل الجهاد والجمع والجماعات والجنازة, إلى آخره.
3- أسباب أخرى أفهمها, ولا أريد مناقشتها.
بالنسبة للسبب الأول فهو غير مفهوم بالنسبة لي, هل معنى أن الرسل من الرجال أن جنس الرجال أفضل من النساء؟ في نظري معناه أن الله فضل هؤلاء البشر (الرسل) على بقية البشر لكن, لم يفضل جنسهم في شيء على الجنس الآخر, فمثلا هل معنى أن الرسول صلى الله عليه وسلم من العرب وليس من أي أمة أخرى أن العرب أفضل من غيرهم من الشعوب؟ أو أنه صلى الله عليه وسلم من قبيلة قريش أن قبيلة قريش أفضل من غيرها من القبائل؟ أم معناه أن الرسول أفضل البشر؟ أما العرب وقبيلة قريش فلا فضل لهم على غيرهم من الشعوب والقبائل؟ أنا أحس أن طريقة تفكيرهم هذه عنصرية, وتذكرني بطريقة تفكير اليهود لما قالوا أنهم شعب الله المختار لأن معظم الرسل والأنبياء من بني اسرائيل, وهم في الواقع لا فضل لهم على غيرهم.
أما السبب الثاني: وهو تكليفهم بما لم تكلف به المرأة من جمع, وجماعات, وجهاد, وجنازة, وغيره فهذا السبب أيضا لا أفهمه؛ لأن المرأة كلفت هي الأخرى بأشياء لم يكلف بها الرجل, كلفنا مثلا بالحجاب الذي علينا أن نتحمله في الحر منذ البلوغ وحتى الموت, وكلفنا بطاعة الزوج, وكلفنا بالطهارة من الحيض والنفاس, غير أننا نكلف قبل الرجال بسنوات, يعني كلا الجنسين أعفاهم الله من بعض الأشياء وكلفهم أشياء لم يكلف بها الآخر, كل واحد على حسب طبيعته, والهدف الذي خلق من أجله, فأين الأفضلية في ذلك إذن؟.
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أمة الله حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد، الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله ، وعلى آله وصحابته ومن والاه.
بداية نشكر لك ابنتنا الفاضلة بالتواصل مع موقعك، ونشكر لك حسن العرض للسؤال، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يصلح لنا ولك الأحوال، وأن ينفع بك البلاد والعباد، هو ولي ذلك والقادر عليه.
وأرجو أن تعلمي عمومًا في البداية لا بد أن نؤكد على المعنى الأصلي وهو قول الله تبارك وتعالى: {إن أكرمكم عند الله أتقاكم} فالعبرة في صلاح الرجال وفي صلاح النساء هو طاعتهم لله تبارك وتعالى، فلا يعلو إنسان –رجلا كان أو امرأة– إلا بتقواه لله تبارك وتعالى، وفي قصة موسى مع الخضر عن الغلام الذي قتله ولماذا قتله، قال تعالى على لسان الخضر: {فأردنا أن يُبدلهما ربهما خيرًا منه زكاة وأقرب رُحمًا} كان المستبدل به أنثى، وعندما قال الله تبارك وتعالى: {وليس الذكر كالأنثى} يعني في خدمة المحراب وفي خدمة المسجد، لأن في الأصل بهذه المهام أن تكون للرجال، لأنها يختلط فيها الناس وهو مكان معزول عن البيوت، وهي دُورُ للعباد يغشاها الناس أشكالاً وألوانًا، ولذلك هذه النصوص ينبغي أن تُفهم بهذا المعنى وفي إطارها.
أما ما ذكرتِ من تفضيل جنس الرجال على جنس النساء فهذا تفضيل وظيفة، حسب الوظائف التي يُكلف بها الرجال، فالرجال يكلفون بمهام كبيرة، فهم الحماة للديار وهم حراس الديار، ومن جميل ما وقفت عليه في ذلك أن هذا تجميل وظيفة، يعني هذا دائمًا يكون هذا الاهتمام وأن هذه الرفعة حسب الوظيفة، فالوظائف تعطي أصحابها أبعاد، حتى قالوا بأن الاعتداء على الرجل الذي عنده حصانة أو الاعتداء على رجل الشرطة ليس كالاعتداء على أي شخص آخر، لأن الاعتداء على رجل الشرطة اعتداء على الوظيفة, واعتداء على مهمة الأمن، مع أن الاعتداء على الآخر أيًّا كان، فالاعتداء على المعلم بكل أسف عادي، لكن إذا اعتدى الإنسان على رجل الشرطة فإن العقوبة مضاعفة.
ليس معنى ذلك أن رجل الشرطة أغلى وأكرم نسبًا وأفضل من المعلم، فقد يكون هذا المعلم أفضلُ، قد يكون هذا التاجر أفضل، قد يكون هذا الموظف أفضلُ، ولكن لأن اعتداء على رجل الشرطة اعتداء على هذه الوظيفة.
هذه معاني ينبغي أن تكون واضحة منذ البداية، ولكننا نريد أن نقول: كون النبي -صلى الله عليه وسلم– من قريش فهو خيار من خيار، فالنبي -صلى الله عليه وسلم– بشر كالبشر لكنه ياقوتة بين الحجر، كما قال الشاعر: فإن تفق الأنام وأنت منهم *** فإن المسك بعض دم الغزال فالله تبارك وتعالى شرّف الأماكن، وشرف القبائل، واختار من أرفعها نسبًا وأكملها حسبًا النبي -صلى الله عليه وسلم– فهو أشرف الخلق، وأشرف من مشى على وجه هذه الأرض –عليه صلوات الله وسلامه-.
وأيضًا النبوة كانت في الرجال لكونهم أكمل، ولكونهم أقدر على تحمل الصعاب، وتحمل المهام، والله فضل بعضكم على بعض، دائمًا الرجال يفضلون على النساء بما أنفقوا من أموالهم، بما وهبهم الله من قدرات، ولذلك هناك مؤهلات فطرية أعطاها الله رجلا، فيها القوة والحماية والحراسة والقدرة على الكسب والصبر، وأيضًا كسب للمال وإنفاق للمال على الزوجة، أيضًا أنه يصلي دائمًا لا يتوقف لأي سبب من الأسباب، ولا ذنب للمرأة في توقفها عن الصلاة، هي ناقصة عقل لكنها زائدة العاطفة، جرعة العواطف عندها أزيد، ولذلك الرجال فُضلوا بهذه المعاني، لأنهم الذين يتولون المهام.
وأرجو أن تعلم بنتنا الفاضلة أنها أيضًا تفضل الرجال على النساء، فهي تُقدم الأخ، تُقدم الأب، يعني لو جئنا بثلاث فواكه من الفواكه وأعطيناها لأي امرأة وعندها أخ وزوج فإنها تلقائيًا ستُقدم الأخ والزوج، تلقائيًا ستقدم الأب، هذا شيء في فطرة الناس، وهذا الأصل معنى جميل جدًّا، لأن هذا فعلاً يدل على مكانة الرجل عند المرأة، والرجل ليس من كوكب آخر، الرجل هو أخ المرأة، ابن المرأة، زوج المرأة، ولد المرأة، فالرجال من النساء والنساء من الرجال.
فلا تشتغلي بمثل هذه الأمور، فإنه في الحقيقة لا نجد غضاضة أو خلافا أو تفاضل بين أخواتنا وبناتنا وأمهاتنا، وهذه الأشياء لا توجد إلا في عقول بعض الناس، الذين تأثروا بالحضارة الغربية التي فيها ظلم للمرأة، حتى خرجت المرأة لتطالب بحقوقها وبالمساواة، ولكن عندنا لا توجد أبدًا هذه المشكلة، فأنا لا أجد غضاضة في حب أختِي وزوجتي وبنتي وجدتي وخالتي وعمتي، وهنَّ كذلك يقدمنني ويحترمنني، فالمسألة ليست كما يتصور الناس، ولسنا في صراع حتى يُطرح مثل هذا الكلام ومثل هذا السؤال.
ولكن نريد أن نقول باختصار: النبي -صلى الله عليه وسلم– أفضل البشر، من أفضل القبائل، من أفضل السلالات –عليه صلوات الله وسلامه– والله تبارك وتعالى فاضل بين الناس بالتقوى، بالعمل الصالح، {إن أكرمكم عند الله أتقاكم} لقد رفع الإسلام سلمان فارس، ووضع الشيخ الشريف أبا لهب.
إذا كانت المرأة صالحة فهي أفضل من الرجل الذي ليس بصالح، إذا كان الرجل صالحًا فهو أفضل من الرجال وأفضل من النساء بصلاحه وطاعته لله تبارك وتعالى، {إن أكرمكم عند الله أتقاكم}.
ويوم القيامة لا يُحاسب الله الناس حسب أنسابهم, وحسب قبائلهم, أو حسب الجهات التي ينتمون إليها، ولا حسب شهاداتهم، ولا حسب أطوالهم وأشكالهم، وإنما الحساب بين يدي الله تبارك وتعالى بالتقوى وبالعمل الصالح، بل يُؤتى يوم القيامة الرجل الشريف في قومه السمين لا يزن عند الله جناح بعوضة.
فهوني على نفسك -يا ابنتي الكريمة الفاضلة– ولا تشغلي نفسك بمثل هذه الأمور، واعلمي أن الإنسان ينبغي أن يسعى في طاعته لله تبارك وتعالى، والإنسان يرضى بما أعطاه الله ، ولذلك قال: {ولا تتمنوا ما فضل الله به بعضكم على بعض للرجال نصيب مما اكتسبوا وللنساء نصيب مما اكتسبن واسألوا الله من فضله} فأرجو أن تُفهم هذه النصوص بهذا الوضوح وبهذا الشمول.
ونسأل الله تبارك وتعالى لنا ولك الفقه في الدين، ونذكر مرة أخرى بأن العبرة بالصلاح والتقوى، وأن الرجال فُضلوا على النساء في أمور لأنهم القيّمون, ولأن القِوامة بأيديهم, ورعاية البيت بأيديهم, وحماية النساء بأيديهم، وحراسة الديار بأيديهم، وهم أقوى بدنًا، وأقدر على التحمل، ولكن أيضًا من النساء فُضلوا على الرجال بما فضل الله به بعضهنَّ على بعض.
نسأل الله أن يرفعك بالإيمان والعلم، وأن يفضلك على كثير ممن خلق تفضيلاً..