السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أنا فتاة أدرس في الجامعة، متفوقة، عمري 21 ولكني أعاني من صعوبة أثناء الاستذكار والدراسة منذ طفولتي، فيتشتت ذهني لأي صوت حتى صوت المكيف، وأسرح كثيرا، وأعاني من أحلام اليقظة، والكلام مع نفسي، وأعاني من صعوبة في تنظيم نفسي، وعفوية جدا في تصرفاتي، لم أستطع أن أعمل كنترول لنفسي، ولا أتحمل لحظات الانتظار.
صديقاتي يصفنني بأنني كثيرة الحركة، ولكني لا ألاحظ ذلك على نفسي، وكل ما أتذكره في طفولتي كنت أحب اللعب مع الصبيان، وأتذكر أني كنت متفوقة وهادئة في المدرسة، وأيضا في بعض الأحيان أعاني من الارتباك في حل المشكلات التي تواجهني في البيت أو المدرسة أو الجامعة، وقد جربت طرقا عديدة للتخلص من السرحان وتشتت الانتباه، مثل تنظيم الوقت والاستذكار في فترات الصباح وقبيل الفجر، ومكافأة نفسي عند الإنجاز، لكني مازلت أعاني وأجد صعوبة في التركيز.
أحب تخصصي ومجال دراستي، ومشكلة التصرف بتصرفات طفولية وساذجة، والحديث بعفوية وتلقائية، لم أستطع أن أعمل كنترولا لها، مع أنني حاولت أن أفكر قبل أن أتكلم لكن دون جدوى.
أشعر في بعض المرات بقلق يمنعني من النوم في الليل، وأعاني من عسر في الهضم، وانتفاخات واحتباس للبول، وغازات، وخاصة بعد تناول بعض الأطعمة، فهل هذه أعراض القولون؟ وأعاني من صعوبة التركيز، مثلا يتحدث أمامي بموضوع أثناء حديثنا أدخل بموضوع آخر لا علاقة له، ودائما أحشر نفسي في شؤون الآخرين، ويصفني الناس بأنني طيبة القلب، حنونة، ذات إحساس مرهف.
فأرجو تشخيص حالتي؛ فقد تعبت من نفسي، وعلاقاتي الاجتماعية تتوتر، لا أستطيع الحفاظ على أصدقائي بسبب عفويتي وكثرة حركتي, أنا أتصرف بعفوية، ومن حولي يعتقدون بأنها محاولات لجذب الانتباه...
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أشكرك على رسالتك هذه، وأسأل الله لك العافية والشفاء.
من التشخيصات التي أخذت اهتمامًا كبيرًا في السنوات الأخيرة المتلازمة التي تعرف بفرط الحركة وضعف الانتباه، وهي علة معروفة عند الأطفال، لكن كما ذكرت في الآونة الأخيرة أصبحت المعايير التشخيصية واضحة، كما أنه أصبحت هنالك علاجات مفيدة ومؤثرة جدًّا، وانجذب اهتمام المختصين أيضًا حول إمكانية وجود هذه الحالة لدى الكبار، حتى وإن لم يُصابوا بها في أيام الطفولة، وقد أثبت ذلك جليًّا أن كثيرًا من اليافعين ومن الشباب وحتى من هم في نهاية العشرين ربما يكون لديهم هذه العلة، ولكنها لم تُشخّص، والآن أعرفُ حالات كثيرة قد شُخّصتْ وأثبت أنها تعاني من هذه الحالة وأُعطيت العلاج اللازم وتحسنتْ جدًّا.
هذه المقدمة ضرورية؛ لأن رسالتك احتوت على تلميحات كثيرة تجعلني على درجة معقولة من اليقين أنك ربما تعانين من علة فرط الحركة مع تشتت الانتباه.
كل ما وصفته من أعراض حقيقة يجعلني لا أجد أي حيز تشخيصي آخر غير هذه العلة، ربما يكون هنالك شيء من القلق والاندفاعية، لكن هذه أيضًا تكون مصاحبة لعلة فرط الحركة، وتشتت الانتباه.
وبهذه المناسبة ليس من الضروري أن تكون الحركة مفرطة لدرجة شديدة حتى يتشتت الانتباه، فكثيرًا ما يكون تشتت الانتباه وحده موجودًا كعلة تشخيصية.
لا تنزعجي -أيتها الفاضلة الكريمة-، وبناء على ما ذكرته لك فإني أنصحك وبكل قوة وقناعة بأن تذهبي وتقابلي طبيبًا نفسيًا، حالتك بالفعل حالة تستحق الاهتمام، وتستحق أن يؤكد التشخيص؛ لأن وسائل العلاج سهلة وسهلة جدًّا، فأرجو أن تذهبي إلى طبيب نفسي مقتدر ليقوم بفحصك ومحاورتك بصورة أكبر، وربما يعطيك بعض الاختبارات، هناك اختبار معروف جدًّا يُطبَّق في حالة احتمال وجود فرط الحركة مع ضعف وتشتت الانتباه.
فإذًا اذهبي وقابلي الطبيب، وأرجو أن تتواصلي معي، وتخبريني بنتيجة مقابلتك مع الطبيب، ومن جانبي أنا مطمئن تمامًا أن حالتك سوف تُعالج وتعالج بصورة ممتازة جدًّا.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، أسأل الله لك الشفاء والعافية والتوفيق والسداد..