هل يجوز استخدام الأمثلة الدنيوية في تقريب الفهم لأمور أخروية، وعلاقة العبد مع الله تعالى ؟.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد: فيجوز استخدام الأمثال الدنيوية لتقريب الأمور الأخروية لفهم العبد، وقد صنف ابن القيم في ذلك كتاباً يشرح فيه أمثال القرآن.قال في مطلعه: وقع في القرآن أمثال، وإن أمثال القرآن لا يعقلها إلا العالمون، وإنها تشبيه شيء بشيء في حكمه، وتقريب المعقول من المحسوس، أو أحد المحسوسين من الآخر، واعتبار أحدهما بالآخر؛ كقوله تعالى في حق المنافقين: (مثلهم كمثل الذي استوقد نارا ."وقال ابن حجر تعليقاً على حديث تشبيه المؤمن بالنخلة: وَفِيهِ ضَرْبٌ الْأَمْثَالِ وَالْأَشْبَاهِ لِزِيَادَةِ الْإِفْهَامِ، وَتَصْوِيرُ الْمَعَانِي لِتَرْسَخَ فِي الذِّهْنِ، وَلِتَحْدِيدِ الْفِكْرِ فِي النَّظَرِ فِي حُكْمِ الْحَادِثَةِ ."انتهى.وقد استعمل الصحابة فمن بعدهم من الأئمة أمثلة دنيوية لتقريب الأمور الأخروية.
قال أبو هريرة وسئل عن التقوى فقال: هل أخذت طريقا ذا شوك؟ قال: نعم.
قال: فكيف صنعت؟ قال: إذا رأيت الشوك عزلت عنه، أو جاوزته، أو قصرت عنه قال: ذاك التقوى.
نقلاً عن جامع العلوم والحكم لابن رجب.وقد سبق لنا بيان جواز ضرب الأمثال بالفتوى رقم:
فإنه من المعلوم أن كل كمال ونعت ممدوح لنفسه لا نقص فيه يكون لبعض الموجودات المخلوقة المحدثة، فالرب الخالق الصمد، القيوم، القديم، الواجب الوجود بنفسه هو أولى به، وكل نقص وعيب يجب أن ينزه عنه بعض المخلوقات المحدثة الممكنة فالرب القدوس، السلام، القديم الواجب وجوده بنفسه هو أولى بأن ينزه عنه.
انتهى من شرح الأصفهانية.وراجع مزيد كلام له -رحمه الله - في مطلع التدمرية.ونكتفي بمثل لشيخ الإسلام، وآخر لابن القيم.فأما الأول فهو للمحاسبي نقله عنه ابن تيمية -رحمه الله - في الحموية مستدلاً به فقال: ولو اجتمع القوم في أسفل، وناظر إليهم في العلو، فقال: إني لم أزل أراكم، وأعلم مناجاتكم لكان صادقًا ـ ولله المثل الأعلى أن يشبه الخلق.
انتهى.وأما ابن القيم -رحمه الله -فقال: وفي إخفاء الدعاء فوائد عديدة:.
ثانيها: أنه أعظم في الأدب والتعظيم، ولهذا لا تخاطب الملوك، ولا تسأل برفع الأصوات وإنما تخفض عندهم الأصوات، ويخف عندهم الكلام بمقدار ما يسمعونه، ومن رفع صوته لديهم مقتوه، ولله المثل الأعلى.
فإذا كان يسمع الدعاء الخفي فلا يليق بالأدب بين يديه إلا خفض الصوت به.
انتهى من بدائع الفوائد.فما ذكرته، لا يبعد عن طريقهما في الأمثال، مع مراعاة التحري في ذلك.والله أعلم..