السلام عليكم.

أريد أن أستشيركم: شخص كان ضحية سقوط من مرتفع في العمل، دخل على إثرها في غيبوبة تفوق الشهر، نتيجة كسور في مختلف أنحاء الجسم، وكدمة في الرأس سببت له ارتجاجاً في الدماغ، ونزيفاً داخلياً، لكنه لا يخضع لأي عملية في الرأس.

فقد خلال المدة الأولى وظائف الجسم البدائية كالتنفس والحركة وخضع لتنفس صناعي لفترة 15 يوماً، ثم استعاد بعد ذلك تنفسه إلى أن استفاق.

بعد مكوثه لأكثر من 40 يوماً في العناية المركزة خضع لحصص ترويض استطاع أن يستعيد الكلام والحركة والمشي بشكل عادي، وبعد مدة استعاد عافيته بشكل عادي.

المشكلة أنه يعاني من فقدان للذاكرة وعدم تركيز؛ إذ يتذكر الأحداث القديمة ولا يقدر أن يكون ذاكرة جديدة بالمطلق؛ إذ ينسى الحدث في حينه، بالرغم من أنه يتذكر الأماكن وكل شيء، لكن الأحداث الجديدة لا يتذكرها.

حسب الطبيب المتتبع لحالته أنه لا يعاني من أي مشكل في الدماغ، وأنه يحتاج لوقت طويل حتى تعود ذاكرته، هذا ما قاله طبيب ثان لجراحة الدماغ، وطبيب ثالث، بعد إجراء أشعة وفحوصات واستفسارات.

المشكلة أن المدة تطول إذ تناهز السنة، ولا زال كما هو، فهل من أمل أنه سيستعيد عافيته؟ وهل من علاج؟ إذ أنه يعاني من نوبات خوف شديد وغضب وقلة النوم، وهل هذه الأعراض عادية للارتجاج؟.

بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

الحمد لله على سلامته، هذا الأخ الحادث الذي تعرض له يظهر أنه حادث كبير، وفترة الغيبوبة لمدة شهر لا شك أنها مدة طويلة، لكن بفضل الله أرى أن استفاقته جيدة بل جيدة جداً إذا أخذنا في الاعتبار المدة التي دخل فيها في غيبوبة، أي غيبوبة أكثر من أسبوعين نعتبرها مقاساً معيارياً حرجاً.

هذا الأخ -الحمد لله تعالى- حدث له الكثير والكثير جداً من التقدم، لكن بقي كما تفضلت موضوع الذاكرة، والذاكرة بالفعل قد تظل لفترة إذا لم يتحسن بعد سنتين من تاريخ الحادث ربما لا يتحسن كثيراً بعد ذلك.

هذا الأخ يمكن مساعدته بصورة ملجئة جداً، وذلك من خلال الترويض والتأهيل الخاص لتحسين الذاكرة لديه.

أولاً: يجب أن يطلع على الأحداث اليومية، وذلك في فترة الصباح، أن يخطر باليوم والتاريخ والأحداث الموجودة وأن تقرأ له مثلاً صحيفة من الصحف، هذا يساعده كثيراً، وأن نعطيه بعض العمليات الحسابية البسيطة، أن يقرأ شيئاً من القرآن بتدبر وتأمل، فالقرآن يحسن التركيز (واذكر ربك إذا نسيت).

هذا هو نوع التأهيل المطلوب في حالة هذا الأخ، أي كأننا ندربه ونعلمه على اكتساب معارف ومعلومات جديدة حتى وإن كانت على المستوى البسيط جداً.

ممارسة الرياضة خاصة رياضة المشي تساعده كثيراً، هذا الأخ أيضاً يجب أن يكثر من التفاعل الاجتماعي، فيجب أن تشجعوه على ذلك، يذهب إلى صلاة الجماعة، يجلس مع الإمام بعض الوقت، يذهب إلى المناسبات الاجتماعية، الأفراح، تقديم واجبات العزاء، زيارة الأقارب، زيارة الأرحام، زيارة الجيران، زيارة المرضى، الذهاب إلى الأسواق هذا يا أخي الكريم كله يساعده كثيراً، وأيضاً أعطوه فرصة للدخول في الحوارات معكم، أشياء يحبها من الماضي أو من الحاضر هذا يا أخي كله يساعده كثيراً.

بالنسبة للمخاوف هذه يمكن تجاوزها من خلال ما ذكرته لك تأهيل اجتماعي ونفسي، أما إذا كانت شديدة فيمكن أن يتناول أحد مضادات المخاوف، عقار مثل السبرالكس بجرعة بسيطة سوف يساعده كثيراً، لكن أنا أفضل أن يكتب له الدواء بواسطة الطبيب، قلة النوم -أخي الكريم- نساعده لكي يحسن من صحته النومية من خلال تجنب النوم النهاري، عدم تناول الشاي والقهوة بكثرة في فترة المساء، تثبيت وقت النوم، الحرص على أذكار النوم هذا كله يساعده.

كذلك بتناول السبرالكس بالرغم من أنه دواء لا يساعد على النوم مباشرة ولكن يساعد بصورة غير مباشرة، لأنه يتحكم في القلق والخوف والتوتر، وهذا يؤدي إلى حالة استرخائية مزاجية مما يحسن كثيراً من نومه.

الأعراض قطعاً هي ناتجة من الارتجاج الدماغي وهنالك بعض التغيرات الدماغية التي تحدث في خلايا الدماغ ولا تظهر في أي وسيلة من وسائل الفحص المتاحة الآن، لكن الدماغ يمكن إعادة ترتيبه وتأهيله وترويضه وتعليمه.

بارك الله فيك وجزاك الله خيراً.

وبالله التوفيق والسداد..