السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

سؤالي: لدي أخ عمره الآن تقريبا 12 سنة، مشكلته دائما مع أمي، لا يسمع كلامها، ودائما يسبها ويلعنها، لا أعرف من أين تعلم هذه العادة، والمشكلة أنه كذلك لا يريد الدراسة، وهو الآن داخل المرحلة الثانوية، وأكثر وقته في الشارع، أنا لا أستطيع أن أعمل شيئا؛ لأنني لست في بلدي، حيث أني مغترب في دولة أخرى، أخاف عليه من الضياع وأريد مساعدته، حاولت معه بالكلام والنصح، لكن دون جدوى، إذا صرخت عليه في التلفون يرد علي: وماذا تستطيع أن تعمل وأنت بعيد؟ لا تستطيع أن تعمل أي شيء، لا أخاف منك، ومن هذا الكلام.، علما بأنه يخاف مني أكثر من والدي، لكن الآن أصبح لا يهمه أحد؛ لأننا أصبحنا بعيدين عنه، أخاف على مستقبله، والمشكلة أن كل أصدقائه طائشون، وفي زمننا هذا أصبح الأصدقاء الصالحون نادرين جدا.

أنا بصراحة لا أعلم ما هو الحل لهذا الولد، فكرت أن أسافر لأجله، لكن أرجع وأسأل نفسي: هل في كل مرة يقوم بمشكلة أسافر لأجله؟ سيضيع مستقبلي، وفي نفس الوقت لا أريد أن أتركه فيضيع، كذلك هو مقصر في صلاته، ودائما يصرخ في وجه أمي وأخواتي، هو مسكين وطيب، لكن لا أعرف لماذا يتغير في البيت.

بصراحة أنا كنت كذلك، كنت لا أستمع لأمي كثيرا، وللأسف كنت أغضبها، صحيح أني أحس بالذنب، لكن لا أستطيع أن أعتذر لها، لا أعرف لماذا! الآن أتمنى أن أعود إلى أمي وأقبل رجليها، كأنه شيئا في بيتنا، كنت أحس بنفور وضيق من البيت، ويمكن أحب الأقارب أكثر من حبي لأهلي، أخاف أن يكون أخي كذلك، لكن وأنا في الغربة أشتاق لهم، وأقول كنت مقصرا معهم وأتمنى أن أعود قريبا لأعوض ما فاتني.

أفيدوني جزاكم الله خيرا...

بسم الله الرحمن الرحيم

الأخ الفاضل/ صقر حفظه الله.

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد، نرحب بك في الموقع، ونشكر لك هذا الاهتمام براحة الوالدين وبمصلحة هذا الأخ، ونسأل الله أن يقر أعينكم بصلاحه، وقد أعجبني وأسعدني أنك قلت هو طيب، وأرجو أن تبني على هذه المسألة، فتثني عليه، وتعطيه الثقة، وتقول (أنت الآن رجل البيت، أنت الآن الابن البار، أنت الآن الذي يقوم مقامي، وعندما تكبر ستكون معي؛ لأنك رجل تتحمل المسؤولية، وأنا أحبك) وتبني على هذا الاتجاه؛ لأنه يدخل في مرحلة عمرية من المهم أن يعرف فيها مكانته، وأن نتيح له فرصة، وألا نجبره على أن يعاندنا ويخالفنا.

نؤكد لك أن الأمر سهل إذا أحسنا التعامل معه بهذه الطريقة، ونتمنى أيضًا من الوالدين أن يكون لهم خطة موحدة، فالطفل في هذه المرحلة يستفيد من التناقضات الموجودة، وعلى الأم كذلك أن تعطيه مقدارًا من الثقة، فهو يهرب، لأنه يشعر أنها تريد أن تعامله على أنه طفل، وهو يدخل على أبواب مرحلة جديدة يريد أن يُشَاور فيها ويحاور ويعرف مكانته، وإذا كنت أنت كذلك فهذه مرحلة عمرية والإنسان فعلاً بعد ذلك يعرف قيمة الوالدين، ونحن نستطيع أن نستفيد من تجاربنا ومن أخطائنا ومن خبراتنا فنتفادى مثل هذه الأخطاء في إخواننا الصغار، وهذا الذي ينبغي أن تسعى فيه.

طبعًا لا ننصح بمسألة السفر، ولا بمسألة الصراخ معه في الهاتف، أو إجباره على أن يقول (لن أفعل، وماذا تريدون؟) هذا يعني أننا ندفعه ونجبره ولا نعطيه قيمة، ولا نعطيه فرصة ليعبر عن رأيه، ونعطيه مكانته، فحسن التعامل معه هو المفتاح الذي تصلين عن طريقه إلى قلبه، كذلك الهدية بين الفترة والأخرى، فأثرها عظيم ولكن الكثيرين يتغافل عنها.

الوالدة قد تعتبره صغيرًا، ولعله ربما يكون الصغير أيضًا في البيت، أو على كل حال هو يشعر، والوالدة تدللـه، أو قد دللته وهي الآن تحاول أن تغير طريقة التعامل معه، ولكن الأفضل الآن التعامل معه على أنه رجل وتوكل له المهام، وألا يكون فارغاً عاطلا عن أي نشاط أو مهمة، فيسخر نشاطه للمشاكل.

هذه المرحلة فيها تداخلات لأشياء كثيرة، ولكن نعتقد أن الحوار وأن الإقناع سيفيده كثيرا، وتحميله بعض المسؤوليات، والثناء عليه، وإشعاره بأن البيت بحاجة إليه، كل هذا -بإذن الله - سيغير من هذا الأخ، كذلك أيضًا معرفة خصائص هذه المرحلة، فنفوت بعض الأمور الصغيرة، ولا نقف إلا عند الأمور الكبيرة.

نتمنى ألا تُعلن الوالدة عجزها أو ضيقها، لا تقول (لم نقدر عليه، وهذا الولد عنيد، ماذا نفعل؟ لقد أتعبنا، وكذا.) لأن هذا يزيد الأمر سوءاً.

كذلك ينبغي ألا نُسيء لأصدقائه، فنشتمهم أمامه، فهذا يثير حفيظته، ولكن نحرضه على مصادقة الأخيار، فنعطيه معايير وقواعد يختار على أساسها الأصدقاء الذين يصلح أن يكون معهم ومع أمثالهم من الفضلاء.

نوصيكم بكثرة الدعاء له، وبمحاورته، والكلام معه عن المستقبل وعن فوائد وأهمية بر وطاعة الوالدين، وتسأله أنت من حين إلى آخر عن الأشياء التي يريدها، والأشياء التي تضايقه، ما الذي يُعجبه؟ كيف الوضع في البيت؟ اسأله أسئلة تحسسه فيها بمكانته وأهميته، وأخبر أهل البيت بأن يشعروه أنهم بحاجة إليه، حتى يشعر أنه رقم، وأنه شخص مهم في داخل البيت؛ لأن هذا مما يعينه على الإقبال على الأسرة والقيام بدوره، وشعوره بأهميته، وهذا يدفعه إن شاء الله لمزيد من النجاحات، لكن دون المبالغة هذا الأمر إن كان سيرجع بأثر سلبي على أخواته فيتسلط عليهم.

أيضًا ينبغي أن يكون للأهل الموجودين، خاصة القريبين منه في السن -كالأعمام والأخوال- دور ولو بالخفاء، أن يوجهوه وينصحوه، ولكن بطريقة مصادقته، فهو في هذه السن أيضًا يحتاج إلى أن يُتخذ صديقًا، يحاور، ويُشاور، ونعطيه هذه المساحة.

نسأل الله تبارك لنا ولكم التوفيق والهداية، ونسأل الله أن يجعل الصلاح ميراثًا في ذرياتنا إلى يوم الدين..