أختي مطلقة منذ 5 أعوام, وعمرها الآن 38 عاما, تعيش مع أخي في البيت, وهو في الثانوية العامة, وهي تريد أن تجلس بمفردها, وتبكي وتصرخ, ولا تريد تنظيم البيت, وتريد أن تستقيل من عملها, ولا تريد أن تعد الطعام لها ولأخيها, وحاولت مرة أن تجرح نفسها بزجاجة, ولا تريد التحدث مع أخواتها, وتريد منهن أن يزرنها, وأي أحد يزورها لا تتحدث معه, وتتشاجر معه, وتقول إنها لا تريد أن يتدخل أحد في حياتها, وتعتبر زيارتنا لها تدخلا في حياتها.

أريد أن ألفت انتباهكم لشيء وهو أنها إنسانة ملتزمة جدا, ولكن منذ 3 شهور كانت تحدث زميلها والذي يصغرها بـ 7 سنوات, تحدثه عبر الهاتف, وكانت تحبه كثيرا, ولكنها شجعته على الارتباط بزميلتها.

عرفت ذلك عندما شككت بها, وواجهتها فتغيرت صفات وجهها, وبعد أن كانت شخصية قوية وحبابة أصبحت شخصية انطوائية وعديمة الشخصية, وتجرح أقرب أخواتها بكلامها.

الآن سؤالي هو: هل هي مريضة نفسيا, وبم تنصحني أن أفعل معها حتى تخرج من أزمتها؟.

بسم الله الرحمن الرحيم

الأخت الفاضلة/ نور إيماني حفظها الله.

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد: بارك الله فيك وجزاك الله خيرا, ونشكرك على اهتمامك بأمر هذه الأخت, وكما أوضحت توجد تغيرات سلوكية واضحة, والتغير السلوكي أيا كان نوعه لا بد أن يبحث له عن سبب, هل هو من الظروف الحياتية؟ هل هو ناتج من تغيرات نفسية؟ هل هو ناتج من تغيرات عقلية, المهم هذه التساؤلات لا بد أن تطرح إذا كان هذا السلوك بالفعل خارجا عن النطاق المألوف من ذاك الشخص, أو أن هذا السلوك لا يتطابق ولا يتلاءم مع ما هو مقبول اجتماعيا.

يصعب علي بالطبع تقييم سلوك هذه الأخت لأنني لم أفحصها بالطبع, أو لم تخاطبني مباشرة, لكن ما ذكرته له قيمة لا يمكن تجاهله, وربما تكون هنالك بعض مظاهر الاكتئاب هي التي دفعت بهذه الأخت إلى هذه الانطوائية, والانعزال, وعدم الثقة بالناس, وما بدر منها حول التواصل بالتلفون مع زميلها الذي يصغرها, وهذا لم يكن من طبعها, هذه كلها مؤشرات ربما تدل أنها تعاني من حالة اكتئابية تحاول أن تخرج منها بطرق متعددة, لكن الاكتئاب يطبق عليها, مما يجعلها لا تتخذ القرار الصحيح, أو لا تلجأ إلى التصرف الاجتماعي المنضبط.

نصيحتي لك هي أولا: أن تتناصحي معها, أن تسأليها إن كان هنالك شيء يدور في خلدها ويسبب لها عدم الارتياح, وبعد أن يتطور النقاش والحوار الودي فيما بينكما؛ لا مانع من أن تسأليها أسئلة مباشرة إن كانت مدركة ومستوعبة للتصرفات التي تبدر منها من خلال بناء هذه العلاقة الودودة معها, وإبداء المساندة دائما, وعدم الانتقاد إذا اتضح لك بالفعل أنها غير متوازنة في وجدانها, وكيانها, وسلوكها, هنا لا بد أن تذهبي بها إلى الطبيب النفسي ربما يكون هنالك نوع من الرفض, أو الصد من جانبها, لكن الطريقة التي سوف تعرضين عليها من خلاله الفكرة، هي البوابة التي يمكن أن تدخلي من خلالها وتقنعيها.

لا تقولي لها أنت مريضة أبدا, يمكن أن تقولي لها نلاحظ عليك شيئا من الانعزال والانطوائية, وكأنك مجهدة نفسيا وغير مرتاحة, لماذا لا نذهب سويا ونقابل أحد المختصين, ويمكن أن تسمي لها اسم هذا المختص, وتقولي أنك قد سمعتي عنه كل خير, وأنه طبيب متميز, ويحفظ السر, ويفيد ويرشد, وربما تكوني محتاجة لبعض الفحوصات العضوية للتأكد من مستوى الدم والهرمونات, وهكذا.

إذن من خلال هذا المنهج الودي والمتأني واللطيف يمكن أن تقنعيها وتذهبي بها إلى الطبيب, إذن المساندة, التحاور الجيد, بناء المزيد من الثقة فيما بينكما, هو الوسيلة التي تساعدين بها هذه الأخت, لا أود أن أطلق عليها لقب مريضة نفسيا, نعم هنالك ظواهر لكن هذه الظواهر تتطلب المزيد من البحث والاستقصاء, وليس من الضروري أن نطلق على الإنسان مريضا نفسيا حتى نقدم له المساعدة, حتى وإن كانت هنالك بدايات أو مظاهر غير طبيعية لم ترق لدرجة المرض, لكن يجب أن يحد منها من خلال التدخل الطبي النفسي الاستشاري الصحيح, هذا أيضا فعل جيد, وإن شاء الله تعالى أنت مأجورة على ذلك.

بارك الله فيك وجزاك الله خيرا..