السلام عليكم في العشر الأواخر من رمضان ولدت بنتا في الشهر السادس، وتوفيت بعد 3 أيام، وبعد ولادتها جاءني وسواس، أصبحت أخاف من الموت والمستقبل، وما الذي سوف يحدث؟ وبعدها بشهر أجريت عملية استئصال المرارة، ومنذ ذلك الوقت وأنا أعيش في قلق، واكتئاب، وخوف، حتى الشيطان أصبح يلعب بعقلي ويأتيني بأفكار سوداوية، أنه سوف يحدث لي كذا وكذا، ولزوجي أيضاً.

أحمد الله على ما حدث لي، ولكن بعض الوقت أفكر في الذي حدث لي، وكيف يأتيني البكاء؟ أصبحت أخاف على زوجي، وعلى أهلي، أصبحت أفكر في الموت طوال الوقت.

الأحلام كثيرة منها: أموات، ومقابر، وموت الأشخاص، أصبحت أعيش في دوامة الوسواس، لا أشعر بطعم الحياة، هل ما يحصل معي من أحلام نتيجة حديث نفس لما أفكر فيه؟ وكيف أتغلب على الوسواس؟ لأنه مرةً أحاول أن أتغلب عليه ومرةً هو يتغلب علي، أصبحت أخاف من النوم؛ لكي لا أحلم.

الله يجزيك خيرا يا دكتور، ماذا أعمل؟.

بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أسأل -الله تعالى- لك العافية والشفاء، وأسأل الله تعالى أن يتقبل ابنتك عملاً صالحًا وذخرًا لكم، وأن يجعلها من الشهداء، وأن يلحقها بالصالحين.

قطعًا أنت الآن في مرحلة التعبير عن أحزانك، والحزن أمرٌ وجداني، فإن شاء الله تعالى أنت من الصابرين والمستغفرين، والخوف من الموت والتفكير فيه كثيرًا هذا أمر غير مستغرب؛ لأن الذي حدث هو موت -موت ابنتك العزيزة-، وبدأت بعد ذلك تهيمن عليك الوساوس، واضطرب نومك من خلال هذه الأحلام المزعجة.

أيتها الفاضلة الكريمة: عبّري عن مشاعرك، لا تتناسي ذكريات ابنتك -عليها رحمة الله -، واسألي الله تعالى لها الرحمة، هذا مهم جدًّا؛ لأن بعض الأمهات يتجنبنَ كلِّ ما يربط أو يُثير الذكرى المتعلقة بالمتوفى من الأولاد أو البنات، لا، المواجهة هنا طيبة، وتُقرني ذلك بالدعاء.

الأمر الثاني: أنا أؤكد لك أن هذا التفاعل سوف يتقلص بالتدريج حتى ينتهي، وهذه من رحمة الله تعالى بنا.

والنقطة الثالثة هي: من الضروري ألا تعطلي حياتك، الجلوس ساكنة مع هذه الأحزان يعني أنك تفرغت لها، وهذا فيه مكافئة كبيرة للوسواس، يستشري ويستحوذ ويسيطر حتى يُدخلك في هذه الحلقة المفرغة.

أختِي الكريمة: أنت -الحمد لله- قمت بإجراء العملية، وكانت ناجحة، الآن سيِّري حياتك، كوني فعّالة، اهتمِّ بأمور بيتك إن لم تهتمي بها، وكذلك زوجك، اذهبي إلى مراكز تحفيظ القرآن، تفاعلي مع الطالبات والمحفظات، فيه خير كبير جدًّا.

انخرطي في أعمال الخير حتى ولو بسيطة إن كان ذلك ممكنًا، هذا يجعل مشاعرك طيبة، فيقلل من الوساوس.

وأنصحك أيضًا أن تتجنبي النوم في أثناء النهار، وتناولي وجبة العشاء مبكرًا، ويجب أن تكون خفيفة، هذا مهم جدًّا لإزالة هذه الأحلام المزعجة التي تأتيك.

وأنا أنصحك أن تذهبي وتقابلي الطبيب -الطبيب النفسي أو حتى طبيب الأسرة، أو الطبيب الباطني-؛ حتى يصف لك أحد الأدوية المضادة لهذا الوسواس ولهذه المخاوف، هنالك دواء يعرف تجاريًا باسم (زولفت) ويسمى علميًا باسم (سيرترالين) ويسمى تجاريًا أيضًا (لسترال) وربما يكون موجودا في المغرب تحت مسمى تجاريا آخر.

أرجو التكرم بالحصول على هذا الدواء، والجرعة المطلوبة في حالتك هي حبة واحدة، يتم تناولها ليلاً بعد الأكل لمدة شهر، ثم اجعليها حبتين ليلاً لمدة شهرين، ثم حبة واحدة ليلاً لمدة شهرين، ثم حبة يومًا بعد يوم لمدة شهرٍ، ثم حبة واحدة كل ثلاثة أيام لمدة شهرٍ آخر، ثم توقفي عن تناول الدواء.

هذا دواء جيد ولا يسبب الإدمان، وهو مفيد جدًّا للكدر والمخاوف والوساوس، وإن اختار لك الطبيب أي دواء فهذا جيد.

باركَ الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد..