السلام عليكم عمري 26 سنة، لدي شغف بعلم النفس، وأيضًا شغف بالأمن السيبراني والبرمجة، ولدي درجة البكالوريوس في علوم الكمبيوتر، ومنذ الطفولة كنت شغوفاً بفهم حقيقة الناس، وإحساسهم، وطريقة عمل عقولهم، وأيضاً بالاختراق والبرمجة.

الأمر أن في هذه اللحظة من الحياة، أود بالفعل أن أبدأ شيئًا لنفسي، مثل شركة تكنولوجية وأغوص في مجال الأمن السيبراني -جهاد بالعلم والمال-، وفي نفس الوقت لا أستطيع أن أصف مدى حبي لعلم النفس، وأرى أنه جزء مني، ومنذ الصغر كنت مرتبطًا به، وبالطبيعة البشرية والعقل البشري، وآمنت بأنه مفتاح الحياة على كوكبنا، بخلاف فهم الآخرين بعمق، فهو يتيح لي أن أصنع شيئًا جيدًا وقيمًا للأفراد والمجتمع، وليس شيئًا ماديًا.

الآن لا أعرف ما إذا كان ينبغي عليّ أن أدرس علم النفس في الجامعة، فإذا كانت الإجابة بنعم، كيف أفعل ذلك؟ وما زلت أمارس البرمجة والأمن السيبراني، وهو شيء أحبه أيضًا وأكسب عيشي منه.

المعرفة في علم النفس متوفرة في الكتب، ولكنها ليست مثل البرامج الأكاديمية التي تكون جيدة التنظيم، وتتعامل مع المعرفة بطريقة متناغمة، بالإضافة إلى ذلك، لا أعرف ما إذا كانت كل المعرفة الموجودة في الجامعة متوفرة في الكتب أم لا! وسؤالي: ما هي نصيحتكم لحالتي؟ وكيف أحصل على معرفة الطب النفسي؟ هل يمكنني العثور عليها في أي مكان إذا لم أتمكن من الدراسة لمدة 4 سنوات في الجامعة؟ فبدون معرفة علم النفس، أشعر بالانفصال بطريقة أو بأخرى عن هذا الواقع.

شكرًا...

بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نرحب بك -أخي الفاضل- عبر استشارات في موقعنا سؤال وجواب، ونشكر لك تواصلك معنا بهذا السؤال اللطيف، والذي من خلاله أشكرك على حماسك ونظرتك الإيجابية لعلم النفس في مجتمعاتٍ ربما لا يشتركُ معك الكثيرون في هذه النظرة، ولكني معك تمامًا في أهمية العلوم الإنسانية بشكل عام، ومنها علم النفس والطب النفسي؛ لأننا نحن المسلمون قصّرنا كثيرًا في العلوم الإنسانية، وانصرفنا إلى العلوم المادية والتي لا غنى عنها، ولكن التوازن مطلوب في حياتنا.

أخي الفاضل: سرّني أيضًا أنك مدرس للبرمجيات، وأنك من الواضح أنك مهتمٌّ ومتعمّق بالأمن السيبراني.

أطمئنك -أخي الفاضل- أن هناك تخصصًا جديدًا منذ عدة سنوات، وهو (سايبرسيكولجي cyber-psychology) أي (علم النفس السيبراني)، أو (علم النفس ديجيتال)، فهذا سيمكنك من أن تجمع بين التخصصين.

أخي الفاضل: علم النفس طبعًا غير الطب النفسي، فالطبيب النفسي كحالتي درس الطب العام، ثم تخصص في الأمراض النفسية والطب النفسي، بينما مَن يدرس علم النفس ليس بالضرورة أن يكون طبيبًا، وإنما يدرس مادة علم النفس، كما يدرس طلاب علم الاجتماع وعلم الأنثروبولوجيا (Anthropology)، وغيرها من العلوم الإنسانية.

أخي الفاضل: للتعرُّف على الإنسان وخصائصه وصفاته ليس بالضرورة أن يكون عن طريق الدراسة الجامعية بوقتٍ كامل، وإنما نعم أشجعك على قراءة ما تحتاج أو ما تريد من كتب علم النفس، وهي كثيرة ومتوفرة، وأنا شخصيًا لي كتاب بعنوان (المدخل الميسّر إلى علم النفس).

أنصحك بأن تكتفي بقراءة الكتب، وأن تزيد من تعمُّقك في علم الكمبيوتر، وخاصة الأمن السيبراني، ولكن كما شرحت لك هناك الآن فرع جديد نسبيًّا، وهو (علم النفس السيبراني).

إن شاء الله يكون في جوابي هذا ما يُقنعك في أن تستمر على طريقك، وأشجعك على حماسك للقراءة والاطلاع وتوسيع معرفتك، ولا تنس -أخي الفاضل- الاهتمام أيضًا بالقرآن الكريم، فهو كتابٌ يُعرِّفُنا بأنفسنا، ففيه الكثير ممَّا يصف حالة الإنسان، وكلام بعض المفسرين أيضًا مفيدٌ في هذا، بالإضافة إلى كتب متخصصة في علم النفس.

أدعو الله تعالى أن يشرح صدرك، وييسّر لك العلم، وينفع بك في مجال تخصصك، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته..