لقد وجدتْ أُمّي قلادة من الفِضّة مُلقاةً أمام بيتِنا، فبِعتُها لصاحب مصاغة، وقد اشتراها بثمن التّكسير، وتصدّقتُ بالمال عن صاحِبها، لأنّني لا أعرِفُه، فهل التصدّق بثمنها يكون بتقدير الثّمن المعمول به في السوق؟ أم يكفي الثّمن الذي بِيعت به؟.

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:فلا يجوز التصرف في اللقطة بالصدقة ولا غيرها قبل تعريفها سنة كاملة، فقد سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن اللقطة: الذهب أو الورق؟ فقال: اعْرِفْ وِكَاءَهَا وَعِفَاصَهَا، ثُمَّ عَرِّفْهَا سَنَةً، فإنْ لَمْ تعرفْ فَاسْتَنْفِقْهَا، وَلْتَكُنْ وَدِيعَةً عِنْدَكَ، فإنْ جَاءَ طَالِبُهَا يَوْمًا مِنَ الدَّهْرِ فأدِّهَا إلَيْهِ.

رواه مسلم.

وقال ابن أبي زيد القيرواني في الرسالة: من وجد ‌لقطة فليعرفها سنة بموضع يرجو التعريف بها، فإن تمت سنة ولم يأت لها أحد، فإن شاء حبسها، وإن شاء ‌تصدق ‌بها، وضمنها لربها إن جاء.

اهـ.

وقال ابن عبد البر في الاستذكار: أجمعوا أن صاحبها إن جاء وثبت أنه صاحبها أنه أحق بها من ملتقطها، وأنه يضمن الملتقط قيمتها إن كان أكلها أو استهلكها قبل الحول أو بعده.

هذا كله لا خلاف بين أهل العلم فيه، وأجمعوا أن يد الملتقط لها لا تنطلق على التصرف فيها بوجه من الوجوه قبل الحول إن كانت مما يبقى مثلها حولا دون فساد يدخلها.

وفي حال اختلاف الثمن المأخوذ عند بيع اللقطة مع قيمتها، فالواجب لصاحب اللقطة هو الأعلى منهما -الثمن والقيمة- قال النفراوي في الفواكه الدواني: فربها مخير عند عدم فواتها في إجازة البيع وأخذ الثمن الذي بيعت به، وعند فواتها يجب له الأكثر من الثمن أو القيمة يوم التعدي، لأنه فضولي، فالحاصل أنه عند قيامها له الإجازة وأخذ الثمن، وله رد البيع وأخذ سلعته، وأما عند فواتها، فيقضى له بأخذ الأكثر من الثمن أو قيمتها يوم التعدي، ومثله كل متعد بالبيع على سلعة غيره ولو غاصبا.

له الأكثر من ‌الثمن ‌والقيمة.

وقال أيضا في الفواكه الدواني: قاعدة بيع الفضولي إذا فات يجب فيه الأكثر من الثمن والقيمة.

والله أعلم..