سؤال و جواب . كوم

اخر المشاهدات
مواقعنا
الاكثر بحثاً

سؤال و جواب . كوم




سؤال وجواب | تفسير قوله تعالى : ( كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ ) .

اقرأ ايضا

-
سؤال وجواب | أول مولود في الإسلام.
- سؤال وجواب | لدي موهبة في كتابة النثر وأريد خدمة الإسلام، ولكن كيف؟
- سؤال وجواب | أشعر بضيق في الصدر وصعوبة وألم في البلع، هل هذه حالة نفسية؟
- سؤال وجواب | هل اقترض المجاهدون من عمر بالربا؟
- سؤال وجواب | هل يمكنني زيادة جرعة أدوية الاكتئاب دون التأثير على الرضاعة؟
- سؤال وجواب | ظهور بعض أعراض هلاوس ما قبل النوم الكاذبة
- سؤال وجواب | بعد تعرضي لمشاكل عانيت من تساقط الشعر وفقدان للذاكرة، هل من حل؟
- سؤال وجواب | نشأة الكون بين دلالة القرآن والعلم الحديث
- سؤال وجواب | حكم استخدام خطاف في الألعاب للفوز بهدية
- سؤال وجواب | من البيوع الربوية
- سؤال وجواب | ابنتي عندها قصور في الغدة الدرقية ما تأثيره على تطورها الجسدي والعقلي؟
- سؤال وجواب | أخي يعاني من الانطوائية . فهل قسوة أبي عليه هي السبب؟
- سؤال وجواب | تعرضي للظلم من إخوتي وأبي جعلني ضعيف الشخصية. ساعدوني
- سؤال وجواب | القمار هو الميسر
- سؤال وجواب | مشكلة العي في الكلام وعدم استطاعة التعبير عما يدور في النفس وعلاجها.
آخر تحديث منذ 17 ساعة
1 مشاهدة

ما تفسير قوله تعالى : كتب عليكم القتال وهو كره لكم.

الآية ؟ ، وما تفسير فرار الصحابة رضي الله عنهم إن صح التعبير في غزوة حنين ؟ وهل الشعور بالخوف أو الجبن من الجهاد في سبيل الله يعد نفاقا أم هو مسألة قوة إيمان ؟ وما الحل إذا وجد هذا الشعور ؟.

الحمد لله.

أولا : قال الله عز وجل :( كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ) البقرة/ 216.

قال السعدي رحمه الله : " هذه الآية ، فيها فرض القتال في سبيل الله ، بعد ما كان المؤمنون مأمورين بتركه ، لضعفهم، وعدم احتمالهم لذلك ، فلما هاجر النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة ، وكثر المسلمون وقووا ، أمرهم الله تعالى بالقتال ، وأخبر أنه مكروه للنفوس ، لما فيه من التعب والمشقة ، وحصول أنواع المخاوف والتعرض للمتالف ، ومع هذا، فهو خير محض ، لما فيه من الثواب العظيم ، والتحرز من العقاب الأليم ، والنصر على الأعداء والظفر بالغنائم ، وغير ذلك ، مما هو مُرْبٍ (أي : يزيد ) على ما فيه من الكراهة (وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ) وذلك مثل القعود عن الجهاد لطلب الراحة ، فإنه شر، لأنه يعقبه الخذلان ، وتسلط الأعداء على الإسلام وأهله ، وحصول الذل والهوان ، وفوات الأجر العظيم وحصول العقاب.

وهذه الآيات عامة مطردة ، في أن أفعال الخير التي تكرهها النفوس لما فيها من المشقة أنها خير بلا شك ، وأن أفعال الشر التي تحبها النفوس لما تتوهمه فيها من الراحة واللذة فهي شر بلا شك.

(وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ) فاللائق بكم أن تتمشوا مع أقداره ، سواء سرتكم أو ساءتكم ".

انتهى من " تفسير السعدي" (ص 96).

ثانيا : قال الله تعالى :( لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئًا وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ * ثُمَّ أَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَنْزَلَ جُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا وَعَذَّبَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَذَلِكَ جَزَاءُ الْكَافِرِينَ ) التوبة/ 25، 26.

قال ابن كثير رحمه الله : " يَذْكُرُ تَعَالَى لِلْمُؤْمِنِينَ فَضْلَهُ عَلَيْهِمْ وَإِحْسَانَهُ لَدَيْهِمْ فِي نَصْرِهِ إِيَّاهُمْ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ مِنْ غَزَوَاتِهِمْ مَعَ رَسُولِهِ صلى الله عليه وسلم ، وَأَنَّ ذَلِكَ مِنْ عِنْدِهِ تَعَالَى ، وَبِتَأْيِيدِهِ وَتَقْدِيرِهِ ، لَا بعَددهم وَلَا بعُددهم ، وَنَبَّهَهُمْ عَلَى أَنَّ النَّصْرَ مِنْ عِنْدِهِ ، سَوَاءٌ قَلَّ الْجَمْعُ أَوْ كَثُرَ، فَإِنَّ يَوْمَ حُنين أَعْجَبَتْهُمْ كَثْرَتُهُمْ ، وَمَعَ هَذَا مَا أَجْدَى ذَلِكَ عَنْهُمْ شَيْئًا فَوَلَّوْا مُدْبِرِينَ إِلَّا الْقَلِيلَ مِنْهُمْ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

ثُمَّ أَنْزَلَ اللَّهُ نَصْرَهُ وَتَأْيِيدَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ مَعَهُ ، لِيُعْلِمَهُمْ أَنَّ النَّصْرَ مِنْ عِنْدِهِ تَعَالَى وَحْدَهُ وَبِإِمْدَادِهِ ، وَإِنَّ قَلَّ الْجَمْعُ ، فَكَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ ، وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ.

وَقَدْ كَانَتْ وَقْعَةُ: "حُنين" بَعْدَ فَتْحِ مَكَّةَ فِي شَوَّالٍ سَنَةَ ثَمَانٍ مِنَ الْهِجْرَةِ ، وَذَلِكَ لَمَّا فَرَغَ عَلَيْهِ السَّلَامُ مِنْ فَتْحِ مَكَّةَ ، وَتَمَهَّدَتْ أُمُورُهَا، وَأَسْلَمَ عَامَّةُ أَهْلِهَا ، وَأَطْلَقَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فبلغه أن هَوَازِنَ جَمَعُوا لَهُ لِيُقَاتِلُوهُ ، وَأَنَّ أَمِيرَهُمْ مَالِكَ بْنَ عَوْفٍ النَّضْري ، وَقَدْ أَقْبَلُوا مَعَهُمُ النِّسَاءَ وَالْوِلْدَانَ وَالشَّاءَ والنَّعم ، وَجَاءُوا بقَضِّهم وقَضِيضهم فَخَرَجَ إِلَيْهِمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي جَيْشِهِ الَّذِي جَاءَ مَعَهُ لِلْفَتْحِ ، وَهُوَ عَشَرَةُ آلَافٍ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَقَبَائِلِ الْعَرَبِ، وَمَعَهُ الَّذِينَ أَسْلَمُوا مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ ، وَهُمُ الطُّلَقَاءُ فِي أَلْفَيْنِ أَيْضًا، فَسَارَ بِهِمْ إِلَى الْعَدُوِّ، فَالْتَقَوْا بِوَادٍ بَيْنَ مَكَّةَ وَالطَّائِفِ يُقَالُ لَهُ "حُنَيْنٌ" ، فَكَانَتْ فِيهِ الْوَقْعَةُ فِي أَوَّلِ النَّهَارِ فِي غَلَسِ الصُّبْحِ ، انْحَدَرُوا فِي الْوَادِي وَقَدْ كَمَنَتْ فِيهِ هَوَازِنُ ، فَلَمَّا تَوَاجَهُوا لَمْ يَشْعُرِ الْمُسْلِمُونَ إِلَّا بِهِمْ قَدْ ثَاوَرُوهُمْ وَرَشَقُوا بِالنِّبَالِ ، وَأَصْلَتُوا السُّيُوفَ ، وَحَمَلُوا حَمْلَةَ رَجُلٍ وَاحِدٍ ، كَمَا أَمَرَهُمْ مَلِكُهُمْ.

فَعِنْدَ ذَلِكَ وَلَّى الْمُسْلِمُونَ مُدْبِرِينَ ، كَمَا قَالَ اللَّهُ ، عَزَّ وَجَلَّ، وَثَبَتَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهُوَ رَاكِبٌ يَوْمَئِذٍ بَغْلَتَهُ الشَّهْبَاءَ يَسُوقُهَا إِلَى نَحْرِ الْعَدُوِّ، وَالْعَبَّاسُ عَمُّهُ آخِذٌ بِرِكَابِهَا الْأَيْمَنِ، وَأَبُو سُفْيَانَ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ آخِذٌ بِرِكَابِهَا الْأَيْسَرِ، يُثْقِلَانِهَا لِئَلَّا تُسْرِعَ السَّيْرَ، وَهُوَ يُنَوِّهُ بِاسْمِه عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، وَيَدْعُو الْمُسْلِمِينَ إِلَى الرَّجْعَةِ وَيَقُولُ :" أَيْنَ يَا عِبَادَ اللَّهِ؟ إليَّ أَنَا رَسُولُ اللَّهِ"، وَيَقُولُ فِي تِلْكَ الْحَالِ: أَنَا النَّبِيُّ لَا كَذِبْ.

أَنَا ابْنُ عَبدِ الْمُطَّلِبْ وَثَبَتَ مَعَهُ مِنْ أَصْحَابِهِ قَرِيبٌ مِنْ مِائَةٍ ، وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: ثَمَانُونَ، فَمِنْهُمْ: أَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، وَالْعَبَّاسُ وَعَلِيٌّ، وَالْفَضْلُ بْنُ عَبَّاسٍ ، وَأَبُو سُفْيَانَ بْنُ الْحَارِثِ، وَأَيْمَنُ بْنُ أُمِّ أَيْمَنَ ، وَأُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ ، وَغَيْرُهُمْ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ ثُمَّ أَمَرَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَمَّهُ الْعَبَّاسَ -وَكَانَ جَهِيرَ الصَّوْتِ -أَنْ يُنَادِيَ بِأَعْلَى صَوْتِهِ : يَا أَصْحَابَ الشَّجَرَةِ -يَعْنِي شَجَرَةَ بَيْعَةِ الرِّضْوَانِ ، الَّتِي بَايَعَهُ الْمُسْلِمُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ تَحْتَهَا، عَلَى أَلَّا يَفِرُّوا عَنْهُ -فَجَعَلَ يُنَادِي بِهِمْ: يَا أَصْحَابَ السَّمُرَةِ.

وَيَقُولُ تَارَةً: يَا أَصْحَابَ سُورَةِ الْبَقَرَةِ ، فَجَعَلُوا يَقُولُونَ: يَا لبيك، يا لبيك، وانعطف الناس فجعلوا يتراجعوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، حَتَّى إِنَّ الرَّجُلَ مِنْهُمْ إِذَا لَمْ يُطَاوِعُهُ بَعِيرُهُ عَلَى الرُّجُوعِ ، لَبِسَ دِرْعَهُ ، ثُمَّ انْحَدَرَ عَنْهُ ، وَأَرْسَلَهُ ، وَرَجَعَ بِنَفْسِهِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَلَمَّا رَجَعَتْ شِرْذِمَةٌ مِنْهُمْ، أَمَرَهُمْ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَنْ يَصْدُقُوا الْحَمْلَةَ، وَأَخَذَ قَبْضَةً مِنَ التُّرَابِ بَعْدَمَا دَعَا رَبَّهُ وَاسْتَنْصَرَهُ ، وَقَالَ: "اللَّهُمَّ أَنْجِزْ لِي مَا وَعَدْتَنِي" ثُمَّ رَمَى الْقَوْمَ بِهَا، فَمَا بَقِيَ إِنْسَانٌ مِنْهُمْ إِلَّا أَصَابَهُ مِنْهَا فِي عَيْنَيْهِ وَفَمِهِ مَا شَغَلَهُ عَنِ الْقِتَالِ ، ثُمَّ انْهَزَمُوا ، فَاتَّبَعَ الْمُسْلِمُونَ أَقْفَاءَهُمْ يَقْتُلُونَ وَيَأْسِرُونَ ، وَمَا تَرَاجَعَ بَقِيَّةُ النَّاسِ إِلَّا وَالْأُسَارَى مُجَدَّلَةٌ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " انتهى من "تفسير ابن كثير" (4/ 125-126).

والحاصل : أن تولي من تولى من الصحابة رضي الله عنهم ، يوم حنين : لم يكن عن جبن ، حاشا وكلا ، ولكن هوازن كانوا رماة ، وقد كمنوا لهم في غلس الصبح ، ففاجئوهم ، فكان ما كان لأجل هول المفاجأة ، والبغتة التي بغتتهم.

قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: حَدَّثَنِي عَاصِمُ بْنُ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ، عَنْ عبد الرحمن بن جابر، عَنْ أَبِيهِ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: " لَمَّا اسْتَقْبَلْنَا وَادِيَ حُنَيْنٍ ، انْحَدَرْنَا فِي وَادٍ مِنْ أَوْدِيَةِ تِهَامَةَ أَجْوَفَ حَطُوطٍ ، إِنَّمَا نَنْحَدِرُ فِيهِ انْحِدَارًا ، قَالَ: وَفِي عَمَايَةِ الصُّبْحِ ، وَكَانَ الْقَوْمُ سَبَقُونَا إِلَى الْوَادِي، فَكَمَنُوا لَنَا فِي شِعَابِهِ وَأَحْنَائِهِ وَمَضَايِقِهِ قَدْ أَجْمَعُوا وَتَهَيَّئُوا وَأَعَدُّوا ، فَوَاللَّهِ مَا رَاعَنَا - وَنَحْنُ مُنْحَطُّونَ - إِلَّا الْكَتَائِبُ ، قَدْ شَدُّوا عَلَيْنَا شَدَّةَ رَجُلٍ وَاحِدٍ ، وَانْشَمَرَ النَّاسُ رَاجِعِينَ ، لَا يَلْوِي أَحَدٌ مِنْهُمْ عَلَى أَحَدٍ".

انتهى من "زاد المعاد" (3/ 411).

فلما نادى فيهم منادي رسول الله صلى الله عليه وسلم اجتمعوا من كل صوب ، وتراجعوا إليه ، وقاتلوا العدو فأظفرهم الله بعدوهم.

ثالثا : الشعور الطبيعي بالخوف ، أو الابتلاء بشيء من الجبن عن الجهاد ، أو كراهة الموت ، لا ليس من اللازم أن يكون من النفاق ، ولا نعلم في النصوص الشرعية ما يستلزم ذلك ؛ ما لم يحمل العبد على كراهة حكم الله الشرعي فيه ، وعدم التسليم لأمره ونهيه.

فإذا رضي المسلم بحكم الله ، وأذعن له ، ولم يرفضه ، ولم يعترض عليه ، فهذا هو الواجب ، ولا يضره ، إن شاء الله ، لو كانت نفسه تكره الفعل طبعا.

كما قال الله تعالى في ذلك : ( كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ ).

قال الشيخ السعدي رحمه الله : " هذه الآية ، فيها فرض القتال في سبيل الل ه، بعد ما كان المؤمنون مأمورين بتركه، لضعفهم، وعدم احتمالهم لذلك، فلما هاجر النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة، وكثر المسلمون، وقووا أمرهم الله تعالى بالقتال، وأخبر أنه مكروه للنفوس، لما فيه من التعب والمشقة، وحصول أنواع المخاوف والتعرض للمتالف، ومع هذا، فهو خير محض، لما فيه من الثواب العظيم، والتحرز من العقاب الأليم، والنصر على الأعداء والظفر بالغنائم، وغير ذلك، مما هو مُرْبٍ على ما فيه من الكراهة.

وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ ، وذلك مثل القعود عن الجهاد لطلب الراحة، فإنه شر، لأنه يعقب الخذلان، وتسلط الأعداء على الإسلام وأهله، وحصول الذل والهوان، وفوات الأجر العظيم وحصول العقاب.

وهذه الآيات عامة مطردة، في أن أفعال الخير التي تكرهها النفوس لما فيها من المشقة ، أنها خير بلا شك، وأن أفعال الشر التي تحب النفوس لما تتوهمه فيها من الراحة واللذة ، فهي شر بلا شك.

وأما أحوال الدنيا، فليس الأمر مطردا، ولكن الغالب على العبد المؤمن، أنه إذا أحب أمرا من الأمور، فقيض الله له من الأسباب ما يصرفه عنه ، أنه خير له ، فالأوفق له في ذلك أن يشكر الله ، ويجعل الخير في الواقع ، لأنه يعلم أن الله تعالى أرحم بالعبد من نفسه ، وأقدر على مصلحة عبده منه ، وأعلم بمصلحته منه كما قال تعالى: ( وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ) فاللائق بكم أن تتمشوا مع أقداره ، سواء سرتكم أو ساءتكم " انتهى، من "تفسير السعدي" (96).

وليس من شرط الرضا والتسليم ألا يحس بالألم والمكاره ، بل ألا يعترض على الحكم ولا يتسخطه.

ولكن لا شك أن الذى يلقى العدو قوي الجنان ، غير هياب : أكمل إيمانا وتسليما ممن يجد في نفسه الخوف والقلق.

ولذلك كان النبي صلى الله عليه وسلم يكثر أن يتعوذ بالله من الجبن ، كما روى البخاري في صحيحه (6369) : أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ، قَالَ: " كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: ( اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الهَمِّ وَالحَزَنِ ، وَالعَجْزِ وَالكَسَلِ ، وَالجُبْنِ وَالبُخْلِ، وَضَلَعِ الدَّيْنِ، وَغَلَبَةِ الرِّجَالِ ).

وكان النبي صلى الله عليه وسلم يعتني بتعليم أصحابه التعوذ من ذلك : وفي صحيح البخاري (6390) عن سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ ، عَنْ أَبِيهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: " كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُعَلِّمُنَا هَؤُلاَءِ الكَلِمَاتِ ، كَمَا تُعَلَّمُ الكِتَابَةُ: ( اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ البُخْلِ ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنَ الجُبْنِ ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ أَنْ نُرَدَّ إِلَى أَرْذَلِ العُمُرِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ الدُّنْيَا، وَعَذَابِ القَبْرِ).

وإذا وجد العبد من نفسه شيئا من ذلك فعليه أن يستعين بالله ويتوكل عليه.

قال الله تعالى : ( الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ * فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ * إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ) آل عمران/ 173- 175.

وعليه أن يتذكر ما وعد الله به عباده من النصر والفوز المبين أو الشهادة والمنزلة العالية الرفيعة.

وأيضا : فليتذكر سير السلف الصالحين ، وأهل الجهاد والنصرة ، الذين سخرهم الله تعالى لفتح البلاد ونشر دينه في الآفاق ، وقد كانوا المثل الأعلى في الشجاعة والإقدام.

فذلك كفيل أن يصرف الله به عنه ما يجده في نفسه.

والله تعالى أعلم .
.



شاركنا تقييمك




اقرأ ايضا

- سؤال وجواب | أول مولود في الإسلام.
- سؤال وجواب | لدي موهبة في كتابة النثر وأريد خدمة الإسلام، ولكن كيف؟
- سؤال وجواب | أشعر بضيق في الصدر وصعوبة وألم في البلع، هل هذه حالة نفسية؟
- سؤال وجواب | هل اقترض المجاهدون من عمر بالربا؟
- سؤال وجواب | هل يمكنني زيادة جرعة أدوية الاكتئاب دون التأثير على الرضاعة؟
- سؤال وجواب | ظهور بعض أعراض هلاوس ما قبل النوم الكاذبة
- سؤال وجواب | بعد تعرضي لمشاكل عانيت من تساقط الشعر وفقدان للذاكرة، هل من حل؟
- سؤال وجواب | نشأة الكون بين دلالة القرآن والعلم الحديث
- سؤال وجواب | حكم استخدام خطاف في الألعاب للفوز بهدية
- سؤال وجواب | من البيوع الربوية
- سؤال وجواب | ابنتي عندها قصور في الغدة الدرقية ما تأثيره على تطورها الجسدي والعقلي؟
- سؤال وجواب | أخي يعاني من الانطوائية . فهل قسوة أبي عليه هي السبب؟
- سؤال وجواب | تعرضي للظلم من إخوتي وأبي جعلني ضعيف الشخصية. ساعدوني
- سؤال وجواب | القمار هو الميسر
- سؤال وجواب | مشكلة العي في الكلام وعدم استطاعة التعبير عما يدور في النفس وعلاجها.
 
شاركنا رأيك بالموضوع
التعليقات

لم يعلق احد حتى الآن .. كن اول من يعلق بالضغط هنا


أقسام سؤال و جواب . كوم عملت لخدمة الزائر ليسهل عليه تصفح الموقع بسلاسة وأخذ المعلومات تصفح هذا الموضوع ويمكنك مراسلتنا في حال الملاحظات او التعديل او الإضافة او طلب حذف الموضوع ...آخر تعديل اليوم 2024/09/21




كلمات بحث جوجل