أولاً: أشكركم على إتاحة الفرصة لنا لإرسال الاستفسارات والتساؤلات، وإجابتكم عليها بصدرٍ رحب من أكبر الأساتذة المتخصصين، ونسأل الله أن يعينكم على ذلك، وأن يدخلكم فسيح جناته.

عندي استفسار يحيرني من وقتٍ لآخر، فأنا أعاني منذ فترة من ألم في يسار صدري يستمر معي لمدة لا تزيد عن خمس دقائق، ويزداد بشدة مع أخذ نفس طويل أو حركة مني تجعلني أتنفس، وأنا قلقة جداً وأخاف الذهاب إلى متخصص بالقلب.

فماذا يعني هذا الألم؟ مع العلم أنه يحدث لي كل فترة طويلة تتعدى الشهر أو أكثر، ولكن الدقائق التي يحدث لي فيها لا أستطيع أخذ نفس طويل، وأشعر بأن شيئاً يخترق صدري.

أرجو أن تفيدوني برأيكم، جزاكم الله خيراً.
.
.

بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أيتها الأخت الفاضلة! آلام الصدر دائماً تذكر الناس بأمراض القلب، ولكن هذا ليس صحيحاً، وهنالك عدة أسباب تؤدي إلى ألم الصدر في حين يكون القلب سليماً (100%).

عموماً: هذا الوصف الذي وصفته في رأيي هو ناتج من انقباضات عضلية، انقباضات في القفص الصدري، وهنالك عدة عضلات وعدة أعصاب، خاصةً العضلات الدقيقة، والأعصاب الدقيقة التي تتخذ من بين الأضلع مسارها، هذه قد يحدث فيها نوع من الانشداد التلقائي واللاإرادي، وهذا الانشداد في بعض الأحيان يؤدي إلى ألم شديد جداً.

إذن: أنا أعتقد أن هذا الذي يحدث لك هو ناتج من انشداد عضلي، والانشدادات العضلية لها عدة أسباب، من أهم أسبابها: القلق النفسي حتى وإن كان بسيطاً، ففي بعض الأحيان يتحول من توتر نفسي إلى توتر عضلي، ومن العضلات التي تتأثر عضلات الصدر وعضلات البطن، وعضلات القولون وأسفل الظهر، وكذلك عضلة فروة الرأس، ولذا يلاحظ أيتها الأخت الفاضلة هذه الأماكن التي ذكرتها في الجسم هي مرتكز الشكوى من كثير من الناس.

إذن: هذا الألم هو ألم عضلي في نظري، ولكن بالطبع حتى نكون متأكدين (100%)، ربما يكون من الأفضل أن تقومي بإجراء صورة للصدر، وكذلك تخطيط للقلب، وأنت -والحمد لله- بعيدة جداً من أمراض القلب في هذا العمر، كما أن هذا الألم كما ذكرت لك لا يدل أنه ناتج من القلب، ولكن إذا أردت الاطمئنان فليس من الضروري الذهاب إلى طبيب القلب، إنما أي طبيب، مثل طبيب الأسرة، يمكن أن يقوم بإجراء صورة الأشعة العادية وكذلك تخطيط القلب.

الذي أوصيك به أيضاً هو أن تقومي ببعض تمارين الاسترخاء، وتمارين الاسترخاء -خاصةً تمارين التنفس المتدرجة- تعتبر جيدة جداً، يمكنك الاستلقاء في مكانٍ هادئ، وأن تتأملي في شيء طيب، أغمضي عينيك قليلاً، ثم بعد ذلك افتحي فمك، وقومي بأخذ نفس عميق وبقوة، خذيه عن طريق الأنف وهذا هو الشهيق، بعد بذلك أمسكي على الهواء في صدرك لمدة ثانيتين أو ثلاث، ثم بعد ذلك يأتي إخراج الهواء وهو الزفير، ويجب أن يكون أيضاً بقوة وشدة حتى يكون فعالاً.

كرري هذا التمرين من أربع إلى خمس مرات في الجلسة الواحدة بمعدل مرة في الصباح ومرة في المساء.

سوف تجدين إن شاء الله أن هذه الانقباضات قد بدأت تقل حتى تختفي بإذن الله ، وسيكون من المفيد لك أيضاً أن تتناولي أحد الأدوية البسيطة المضادة للقلق، هنالك دواء يُعرف باسم فلونكسول، لا مانع أن تأخذي منه حبة واحدة ليلاً، وقوة الحبة هي نصف مليجرام، خذيها مرة واحدة في اليوم لمدة أسبوعين أو ثلاثة، ثم توقفي عن تناولها.

هنالك في بعض الحالات يكون هذا الألم الصدري ناتجاً من تراكم بعض الأحماض في المريء؛ ولكن الألم في هذه الحالة يكون في منتصف الصدر، ويكون حاداً، وقد يشعر به الإنسان أيضاً من الناحية الخلفية في القفص الصدري، هذا أيضاً من الحالات التي تحدث لبعض الناس، ولكن لا أعتقد أن ذلك ينطبق على حالتك، وبالطبع إذا كان هنالك أي تكون للأحماض في المريء؛ فهذا يُعالج ببساطة جداً عن طريق تناول مضادات الأحماض وهي كثيرة جداً.

أسأل الله لك الشفاء، وأرجو أن تطمئني، وبالله التوفيق والسداد.
.