السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

عندى استشارة بخصوص أختي، وأرجو عرضها على الدكتورة رغدة عكاشة.

أختي عمرها 35 عاماً، متزوجة، وعندها 4 أطفال، عندها مشكلة وجود كيس ماء على المبيض الأيمن، حجمه (4 سم)، وتشعر بألم شديد، فما هي أفضل الوسائل للعلاج؟ وهل العلاج الدوائي يكفي أم يجب إزالته؟ وهل هناك أي خطورة من وجود مثل هذه الأكياس؟ فقد قرأت أنه من الممكن أن تتحول هذه الأكياس لأورام.

مع العلم بوجود تاريخ عائلي بخصوص مرض السرطان، فقد توفي والدي - رحمة الله عليه - بهذا المرض اللعين، وكان نوعه من الدرجة الثالثة سريع الانتشار بالجسم، ومازلنا نعاني صدمة فراقه؛ لأننا لم نكتشف السرطان إلا قبل 6 شهور من الوفاة، وكان والدي طول عمره بصحة جيدة جداً، ولم يعان من أي مرض؛ لذلك أصبح القلق يساورني، وخفت على أختي جداً منذ قرأت أنه من الممكن تحول أكياس المبيض إلى أورام؛ لذا أرجوك أن تشرحي لي عن هذا الأمر، وأن تنصحيني بالواجب فعله لنطمئن عليها، ونزيل القلق.

مع خالص شكري وتقديري وامتناني.
.
.

بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فأستطيع أن أتفهم مخاوفك - يا عزيزتي - وبالتأكيد هي تعكس حبك وحرصك على أختك.

وما حدث عند الوالد - رحمه الله - يجب ألا يولد عندك ردة فعل أو مبالغة في الخوف إلى هذه الدرجة، بل يجب أن يزداد يقينك بأنه لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا.

والأكياس على المبيضين تحدث وبشكل كثير عند النساء والفتيات، وخاصة في العمر الذي نسميه (عمر النشاط التناسلي) وهو يمتد من فترة البلوغ إلى الفترة التي ينقطع فيها الطمث؛ لأن المبيضين يعملان بنشاط في هذه الفترة، ويطوران بويضات في داخل أجربة أو حويصلات باستمرار في كل شهر.

ففي كل دورة شهرية عند المرأة يقوم المبيضان بإنضاج بويضة داخل جراب صغير جداً، والمفروض أن جراب البويضة وعند موعد التبويض ينفتح ويتمزق جداره تلقائياً، وتخرج البويضة منه وتدخل في إحدى الأنبوبتين لتكون مستعدة للإلقاح والحمل - بإذن الله تعالى - لكن قد يحدث أحياناً في هذه المرحلة أن يفشل جراب البويضة بالتمزق لسبب ما، قد يكون بسبب أن جداره سميك بعض الشيء، فيستمر هذا الجراب الصغير بالكبر، ولا تخرج منه البويضة، ويتجمع بداخله السائل، ويصبح فيما بعد كيساً.

كما قد يحدث أيضاً أن ينفتح الجراب بشكل طبيعي وتخرج البويضة منه إلى الأنبوبة، ولكن لا يلتحم مكانه ولا يندمل، وإنما يبقى على شكل فراغ يكبر باستمرار ويتجمع فيه السائل، وبهذه الطريقة قد يحدث كيس أيضاً رغم خروج البويضة.

وهذه الأكياس عندما تتشكل تكون بأحجام مختلفة، ولكنها كلها تحتوي على السائل فقط، وليس على أنسجة أخرى، وهذا ما يميزها عن الأكياس الخبيثة أو الأورام السرطانية، وهذا يبدو بالتصوير التلفزيوني.

والكيس قد يسبب الألم في البطن؛ لأنه يظهر فجأة ويضغط على المبيض وما حوله، كما أنه قد يسبب اضطراباً في الدورة الشهرية، وهذا لا يعني بأنه ورم خبيث، بل على العكس فإن الأورام الخبيثة عادة ما تتطور ببطء وبشكل خفي بحيث لا تسبب الألم، ولا تؤدي إلى اضطراب في الدورة الشهرية؛ مما يؤدي إلى تأخر اكتشافها وتشخصيها.

والتشخيص الأساسي للكيس يتم عن طريق التصوير التلفزيوني، وكذلك الفحص النسائي البسيط في العيادة.

وأحب أن أطمئنك، وأقول لك بأن الغالبية العظمى من أكياس وأورام المبيضين هي سليمة، وليست خبيثة، وتزول وحدها، وخاصة في مثل عمر أختك الفاضلة، ولكن يجب أن تتابع من قبل الطبيب أو الطبيبة بكل حرص وحذر إلى أن تختفي كلياً، وفقط نسبة قليلة جداً هي التي تكون خبيثة، وتكون في أعمار متقدمة، وبعد سن انقطاع الدورة عادة.

وعلاج هذه الأكياس يكون حسب الحجم، وحسب حالة المريضة، وحسب محتوى الكيس.

وبشكل عام إن كان الحجم أقل من 6 سم، والمريضة بحالة جيدة، ولا يوجد ألم شديد أو أن الألم بدأ يخف، وتأكدنا من أن محتوى الكيس هو سائل فقط، فهنا نقول بأن الكيس هو وظيفي: (أي بسبب أن المبيض يقوم بوظيفته)، ويجب علينا أن ننتظر ونراقب، فغالباً أن هذا الكيس سيزول خلال (4 - 8) أسابيع من تلقاء نفسه - بإذن الله - ولا خوف منه، ويمكن إعطاء حبوب منع الحمل العادية والمؤلفة من هرمونين، مثل: (ياسمين أو جينيرا) من أجل تسريع زواله وانطماره إن تم التأكد بأنه وظيفي.

إذا - يا عزيزتي - غالباً ومن الوصف الذي ذكرته هو أن الكيس الذي عند أختك هو وظيفي، ولكن يجب التأكد من ذلك من طبيبتها، وهذا يتم بالتصوير التلفزيوني الدقيق والمفصل، فإن كان كذلك فهنا لا داعي للخوف والقلق، وسيزول - بإذن الله - خلال شهرين.

لكن إن بقي الكيس ولم يزل بعد هذه المدة أو إن استمر الألم شديداً، وحتى لو كان التصوير قد أظهر بأنه بسيط ووظيفي، فهنا يجب إزالته جراحياً.

نسأل الله - عز وجل - أن يمتعك أنت وأختك بالصحة والعافية دائماً وأبدا.
.