السلام عليكم ورحمة الله وبركاته لي أخت تبلغ من العمر 43 عاماً، وقد تمت خطبتها قبل خمس سنوات وانفصلت، وقد كنت أحبها وتحبني، وكنت أطلب منها أن تتزوج أو أن نعطي صورتها للخاطبة علها تجد لها رجلاً مناسباً، ولكنها كانت ترفض، وهي تعيش في مدينة أخرى.

وقبل شهرين جاءت لزيارتنا وقالت لي أنها تريد أن تتزوج وتنجب قبل أن تصل لسن اليأس، وبعد أسبوع اكتشفت أنها تريد الزواج من رجل تقدم لخطبتها، وهو متزوج ولديه خمسة أولاد، كما أنه قال لها أنه يرغب بفتح مستوصف باسمها؛ لأنها طبيبة أسنان، ويطمع بالحصول على جنسيتها.

ورغم أنها كانت تراني كل شيء في حياتها إلا أنني عندما نصحتها بعدم الزواج منه زادت في إصرارها، وكنت كلما أتصل بها وأحاول نصحها بالابتعاد عنه تصرخ وتنهرني، وعندما قاطعتها أصرت أكثر على الزواج منه رغم أن لديها فرصاً أخرى، فهل يكون هذا الشخص سحرها أم أنها حالة نفسية؟ وما العمل؟! وجزاكم الله خيراً.
.
.

بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك سؤال وجواب، فأهلاً وسهلاً ومرحباً بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأله تبارك وتعالى أن يجزيك خيراً، وأن يثبتك على الحق، وأن يزيدك رجاحة عقل وتوفيق، كما نسأله تعالى أن يبصرها بالحق وأن يهديها صراطه المستقيم، وأن يمنَّ عليها بزوج صالح يكون أهلاً لها وكفؤاً لها ويكون عوناً لها على طاعة الله ورضاه.

وبخصوص ما ورد برسالتك؛ فإن السحر يغير مزاج الإنسان ويغير موقفه، والسحر حقيقة وليس مجرد خيال أو توهم، كما أخبر الله تبارك وتعالى بقوله: (( فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ ))[البقرة:102]، والنبي عليه الصلاة والسلام سحره يهودي يسمى (لبيد بن الأعصم) فكان يخيل إليه أنه يأتي الشيء ولم يأته، ويفعل الشيء ولم يفعله، فالسحر يغير المزاج وقد يعطل بعض الأعضاء، وقد يصيب الإنسان بنوع من عدم التركيز إلى غير ذلك من أعراض السحر المعروفة.

والاتهام بالسحر أمر خطير ويصعب معرفته، ولا يجوز ذلك دون بينة أو دليل، وأرى أن لا تعترض على هذا الزواج ما دام أن لديها رغبة حقيقية، وقد يكون وصولوها لهذا السن وخوفها من أن يفوتها قطار الزواج جعلها تقبل بهذا العرض المتواضع؛ لاحتمال أن يكون في هذا الرجل بعض التميز، وقد يكون في هذا الرجل ميزة كانت تبحث عنها فوجدتها فيه فقبلته رغم أن وضعه غير مشجع، فهو متزوج ولديه خمسة أولاد، ومن الممكن أن تحصل على زوج أفضل منه إذا صبرت، ولكن قد يكون الرجل فيه نوع من التميز، وهذا التميز هو الذي جذبها ولفت انتباهها وأصرت على الزواج منه.

وإذا كان هناك أحد من أقاربك الكبار أو إذا كان الوالد موجوداً أو الوالدة أو لكم عم كبير أو خال، فمن الممكن أن تدخله في الموضوع حتى يكون الأمر شورى، وأن تتناقشوا معها جميعاً كمجموعة ليس وحدك على اعتبار أنها تنظر إليك أنك أصغر منها بفارق كبير، ولذلك تعتبرك بالنسبة لها أخاً صغيراً وليس من حقك أن تدخل في حياتها بهذا الحجم.

ويمكنك أنك تقرأ على ماء كماء زمزم أو ماء عادي قراءة مكثفة للآيات وأحاديث الرقية من السحر وتركز على ذلك، أو يقرأ على ذلك أحد الأخوة المشايخ الثقات، ويُوضع هذا الماء في الثلاجة حتى تشرب منه ولو بصورة غير مباشرة، لعل ذلك أيضاً أن يكون إن شاء الله مخرجاً من المخارج.

وإذا لم تفد هذه الوسائل كلها ولا تلك الطرق فاترك الأمر لله سبحانه وتعالى، وهذا قدرها، وهي تتحمل مسئولية نفسها، على اعتبار أن هذا هو اختيارها وهي لم تستشركم فيه، وأنتم في ذلك قد أعذرتم إلى الله تعالى، وإذا كان لها فيه من نصيب فسوف يصل إليها قطعاً أو تصل إليه، وإذا كانت هي من نصيبه فسوف يصل إليها، وإذا لم يكن فيها من نصيب ولم يقدر الله أن يكون بينهما زواج فتأكد أنه لن يصل إليها بحال من الأحوال.

نسأل الله أن يجزيك عنها خيراً، كما أسأله تعالى أن يبصرها بالحق وأن يهديها صراطه المستقيم، وأن يوفقها لكل خير، وأن يقدر لها الخير حيثما كان ثم يبارك لها فيه.

وبالله التوفيق.
.