السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا خريجة جامعة، أعاني بشدة من رهبة الوقوف أمام الجمهور، قاومت هذا الخوف مرات عديدة في المرحلة الثانوية وخلال دراسة الجامعة، حيث كنت أقوم بتقديم بحث أو عرض ولا أتهرب من الموقف، للأسف تجارب المرحلة الثانوية لم تصقلني خلال دراسة الجامعة، فكان يلازمني خوف شديد، وارتباك، وتعرق بالأطراف، وارتجاج بالصوت أثناء الإلقاء من البداية حتى النهاية وكأني لم أجرب من قبل.

مستواي خلال الدراسة كان متفوقا -والحمد لله-، وأحسن الحديث والحوار وترتيب الأفكار عند الكلام، ولكن للأسف لا يظهر أي شيء من هذا عندما أقوم بالإلقاء أمام الجمهور.

بالنسبة لحياتي الشخصية لم تكن لدى أسرتي ثقافة تعزيز الثقة بالطفل بالحد المطلوب، فلم تكن هذه الثقافة منتشرة كما هي الآن، ورغم تفوقي الدراسي لم أكن أحظى باهتمام مستحق ولكن لم أكن ألتفت كثيرا لهذا، فأنا استمررت بالحرص على تفوقي الدراسي وكنت دائما من الأوائل -والحمد لله- قناعة مني بأن ما أفعله صحيح، وأني لست بحاجة لتعزيز، أكتفي بتعزيز نفسي وأنمي الثقة بنفسي.

قبل تقديم أي عرض أخطط له مسبقا عدة أيام، وأنظم الأفكار وأرتبها جيدا؛ حتى يكون العرض متقنا، وأتدرب على التقديم بمفردي أمام المرآة، وأتدرب عليه أمام صديقاتي، ويكون كل شيء على ما يرام، ولا يأتي يوم العرض إلا وأنا متقنة ومقتنعة وواثقة من عرضي، ولكن عندما يقترب وقت عرضي أصاب باهتزاز وبرودة شديدة، صديقاتي يعانون كما أعاني ولكن لا يظهر عليهم بالشكل الواضح الذي يظهر علي، جربت قول كلمات تزيد ثقتي مثل (أنا واثقة من نفسي، أنا سأقدم عرضا ناجحا).

قرأت مواضيع عن رهبة الوقوف أمام الجمهور وطبقت النصائح الواردة ولكن عندما تحل لحظة التقديم يذهب كل شيء، استشرت بعضا ممن يهتمون بعلم الطاقة لأخذ الأفكار منهم وقمت بتطبيقها ولكن لم أجد نتيجة، جربت أن أتخيل بأن عرضي ناجحا، وبأن التجربة ناجحة لكن في كل مرة أقدم فيها عرضا أظهر بمظهر ضعيف جدا، العجيب أن الرهبة تصيبني حتى مع فئة أصغر مني عمرا، كما تصيبني مع الفئة التي بنفس مستواي الدراسي، وتصيبني بنفس الشدة حتى لو كان عدد الحاضرين قليلا جدا، فقد قمت بتقديم عرض والتحدث أمام جمهور لا يتجاوز 5 أشخاص وشعرت بكل الأعراض التي تصيبني بكل مرة.

لا أعرف موضع الخلل، وأريد حقا معالجته، مضت سنة على تخرجي من الجامعة وأخطط على التقديم لوظيفة أو إكمال الدراسات العليا وكلها مواقف تتطلب مني أن أتجاوز هذه الرهبة، ترددت كثيرا في التقديم لوظيفة التدريس؛ لأني لست متأكدة من نفسي هل سأقف وقفة واثقة أم لا؟ ويضايقني هذا الأمر كثيرا، وأخشى بأن ما أفعله جعل هذا الخلل شماعة أقنع بها نفسي وترددي.
.
.

بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

بارك الله فيك وجزاك الله خيراً، ونرحب بك في موقعنا ونبارك لك التخرج من الجامعة، ونسأل الله تعالى أن يحقق كل أمنياتك ويجعلك من الناجحين.

من الواضح أن لديك درجة بسيطة مما نسميه بالرهاب الاجتماعي الظرفي، والحالة التي تعانين منها منتشرة ولا نعتبرها مرضاً إنما هي ظاهرة، وأول طريقة أو أهم مفتاح للعلاج هو تصحيح المفاهيم، كثير من الذين يعانون من الرهبة عند المواجهات لديهم أفكار خاطئة كثيرة، فعلى سبيل المثال تأتي للإنسان فكرة أنه سوف يفقد السيطرة على الموقف أمام الناس حين يقدم عرضاً أو أي شيء من هذا القبيل، أو أنه سوف يرتعش ويتلعثم ويتصبب عرقاً، ويرتجف، وربما يسقط أرضاً، وأنه ملاحظ من قبل الناس هذا كله ليس صحيحا، الذي يحدث من الناحية العلمية أن الإنسان يحتاج لطاقات نفسية وجسدية عند المواجهات، أنت حتى تنجزي وتؤدي عملك بصورة جيدة يجب أن تكون درجة الانتباه والتحفيز لديك عالية، وهذا لا يتم إلا من خلال ضخ مادة الأدرينالين في الجسم وهذه المادة مهمتها أنها تزيد من قدرة القلب على ضخ الدم، والدم حين يضخ بكميات كبيرة يزداد مستوى الأوكسجين في العضلات المختلفة، وهذه طاقة مطلوبة لفاعلية الإنسان أين كانت.

هذا الوضع قد يجعل بعض الناس يحسون بشيء من تسارع في القلب أو شيء من التلعثم البسيط، يبالغون في تقديره وهكذا تبنى فكرة الخوف والرهبة ويبدأ الإنسان بعد ذلك في التجنب، وتجنب الموقف يؤدي إلى مزيد من التجنب وكل ذلك قائم على تفسيرات ليست صحيحة، إذاً تصحيح المفاهيم أمر مهم فأرجو أن تبني قناعات بذلك.

والخطوة الثانية هي أن القلق طاقة يحتاجها الإنسان لينجح، ومن تخاطبين من الناس هم بشر مثلك، بشر في كل شيء مكوناتهم البيولوجية، مكوناتهم العضوية والنفسية مثل كل الناس فهذا أمراً مهم جداً.

بعض الناس يضعون صورة مضخمة ومتعاظمة لمن هم أمامهم، لا، علاقتك مع الناس تكون قائمة على الاحترام وليس الرهبة.

ثالثاً طبقي تمارين بما نسميه التعرض في الخيال، أن تتصوري أنك بالفعل تقدمين هذه العروض ومدتها وتقومين ببعض التدريبات والتكرار من وقت لآخر وهذا سوف يدعم مقدرتك على المواجهة.

الأمر الآخر ضروري جداً: تطبقين تمارين استرخائية وتمارين رياضية، الاسترخاء وممارسة الرياضة تمثل جوهر التغير الإيجابي في مثل هذه الحالات.

وخطوة أخرى هي أن تنخرطي في عمل اجتماعي، مثلاً عمل ثقافي، عمل دعوي، عمل خيري، الذهاب إلى مركز لتحفيظ القرآن إن كان ذلك متوفراً وهكذا.

والخطوة الأخيرة هي أنه إذا تناولت أحد الأدوية المضادة لقلق المخاوف سوف يساعدك كثيراً، ومن أفضل الأدوية العقار الذي يعرف باسم باروكستين وهو زيروكسات والجرعة في حالتك صغيرة جداً وهي زيروكسات سي أر 12.
5 مليجرام يومياً لمدة 3 أشهر ثم 12.
5 مليجرام يوم بعد يوم لمدة شهراً ثم يتم التوقف عن تناوله، وبعض الناس يتناولون عقار إندرال وهو كابح للبيتا ويساعد أيضا.
.