إذا أحرمت بابني الصغير ، ثم واجهتنا صعوبات الزحام ، ونحو ذلك مما هو مشاهد في الحج ، في هذه الأيام ، فهل لنا أن نفسخ إحرامه ، بعد ما تلبس به ؟ وما الذي يلزمنا حينما نفسخه ؟..
الحمد لله.
قد سبق بيان مشروعية حج الصغير ، وبيان أن هذه الحجة لا تجزئه عن حجة الإسلام ، وسبق بيان ما يفعله الولي بصبيه ، [ انظر الأسئلة
ومع ذلك فينبغي أن يراعي الولي ظروف الوقت الذي يريد أن يحرم فيه بالصبي ؛ فإن كان في وقت لا يشق فيه الإحرام بالصبي ، لقلة الزحام ، ونحو ذلك ، فإنه يحرم به ، وإن كان في وقت يشق فيه الإحرام بالصبي ، لشدة الزحام في الحج ، أو العمرة في رمضان ، أو ضعف وليه ، ونحو ذلك ، فالأولى في حقه ألا يحرم به ؛ لأنه ربما يشغله عن أداء نسكه الذي هو مطالب به على الوجه الأكمل.
انظر الشرح الممتع 7/24.
لكن كثيرا من الأولياء لا يحسنون تقدير هذه الصعوبات ، أو يغلب على ظنهم أنهم يستطيعون تحملها ، ثم يكون الأمر على خلاف ما قدروه ، وربما لم يتحمل الصبي نفسه البقاء في الإحرام ، ويشق على الولي أن يلزمه بالاستمرار فيه ، فما الحكم في هذه الحالة ؟ قال الشيخ ابن عثيمين ، رحمه الله : المشهور من المذهب [ يعني مذهب الحنابلة ] أنه يلزمه الإتمام ؛ لأن الحج والعمرة يجب إتمام فعلهما.
والقول الثاني ، وهو مذهب أبي حنيفة ، رحمه الله تعالى ، أنه لا يلزمه الإتمام ؛ لأنه غير مكلف ، ولا ملزم بالواجبات.
وهذا القول هو الأقرب للصواب ، وهو ظاهر ما يميل إليه صاحب الفروع [ يعني ابن مفلح ، تلميذ شيخ الإسلام ابن تيمية ].
وعلى هذا له أن يتحلل ، ولا شيء عليه ، وهو في الحقيقة أرفق بالناس ؛ لأنه ربما يظن الولي أن الإحرام بالصبي سهل ، ثم يكون على خلاف ما يتوقع ، فتبقى المسألة مشكلة ، وهذا يقع كثيرا من الناس اليوم ، فإذا أخذنا بهذا القول ، الذي هو أقرب للصواب لعلته الصحيحة ، زالت عنا هذه المشكلة.
) الشرح الممتع 7/25 ، وانظر الفتاوى 22/148 ..