السلام عليكم سؤالي هو: أني أحب فتاةً، وأريد الزواج منها بالحلال، فهي فتاة طيبة، وعائلتها طيبة، وأعرف أباها، فهو أستاذي، وقد علمني، وعلاقتي جيدة معه، وأشعر أنه بعض الأحيان يحاول أن يقول لي شيئاً، فهو يجلس معي بكثرة، وأشعر بأنه يريد أن يزوجني منها؛ لأنه دائماً يسألني إذا كنت أشتغل أم لا؟ وأنا أقول له: نعم، رغم أني لا أشتغل.

أنا أعاني من خجل، وخصوصاً في هذه الأمور، رغم أني أريد الزواج منها، ولكن ليس لدي عمل، وأنهيت دراستي الثانوية حديثاً، وأبحث عن عمل ولا أجد.

هل من دعاء أو أمر يعينني على إيجاد عمل حلال؟ وأما والد الفتاة فإنه يعرفني وأعرفه جيداً، وبيننا محبة واحترام، رغم أني أتهرب منه بعض الأحيان خوفاً؛ لأني أعاني من رجفة شديدة عند رؤيته، بسبب أني أحب ابنته، ولا أعلم ماذا أفعل! فقد تعبت من هذا الأمر، والفتاة كانت زميلتي بالصغر، ونعرف بعضنا، وتعرف أخلاقي وأعرف أخلاقها، ولكن لا أعلم إن كانت ستقبل بي، أم لا! المشكلة أشعر بأنها تحبني، فقد كانت تنظر لي وتبتسم لي بعض الأحيان بالثانوية، وأنا شاب خجول، وبعمر 18 عاماً.

ساعدوني، أعانكم الله ، فأنا لم أعد أعلم ماذا أفعل؟ فأخاف من أن أبقى أعزب بسبب هذه الارتجافات المحرجة.

بارك الله فيكم...

بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أهلاً بك في موقعك في موقعنا سؤال وجواب، وإنا نسأل الله الكريم أن يبارك فيك، وأن يحفظك، وأن يجعلك من الصالحين، وأن يحفظك من كل شر، إنه جواد كريم.

ما أجمل أن يُرزق المرء الحياء والخجل، والأجمل منه ألا يضع نفسه في دائرة الشبهات، وألا يكلف نفسه ما لا تطيق.

أخي الكريم: أنت في الثامنة عشرة من عمرك، لا زلت في مرحلة التعليم، ولا يزال أمامك مشوار طويل، ونبيك صلى الله عليه وسلم أخبرك بالطريق الصحيح، والنفس تدعوك إلى طريق آخر، فأي الطريقين تسلك؟! حبيبك يقول: -كما في حديث عبد الله بن مسعود رضي الله تعالى عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج؛ فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء)، وعليه: فالطريق الصحيح لك ليس الإقبال على الزواج وأنت غير مستعد، بل عليك بالاستعداد ومن ثم الإقبال على الزواج بالفتاة التي تحب.

أخي الكريم، دعنا نخبرك بعدة أمور، من قواعد محكمة تعينك على تجاوز ما أنت فيه: أولاً: خلق الله الخلق جميعاً، وكتب لك قبل أن يخلقك زوجتك فاطمئن، من كتبها الله لك معلومة باسمها ووصفها ورسمها، من قبل أن يخلق الله السموات والأرض بخمسين ألف سنة، والله لا يقدر لعبده إلا الخير، فقد روى مسلم في صحيحه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (أول ما خلق الله القلم قال له: اكتب، فكتب مقادير كل شيء قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة، وكان عرشه على الماء).

إذا قدرها الله زوجة لك، فلن يأخذها غيرك، وإن لم تكن في قدر الله لك زوجة فلن تكون لك، ولو جيشت الدنيا كلها، وستعلم في الخاتمة أن اختيار الله لك كان أفضل مما أردته لنفسك.

ثانياً: العرب تقول: (ثبت العرش ثم انقش)، وقلب هذه الحكمة ضار بنفسك، وبتدينك، وموجب لك الكسل والقعود، فما دمت غير قادر الآن على تكاليف الزواج فلا تعذب نفسك، ولا تتعبها بالحرام، واعلم أن من سار في هذا الطريق خسر الاثنين معاً، خسر حاضره فلم يستطع النجاح، وخسر ما يؤمله لأنه غير قادر، فلا تعذب نفسك بما لا يحل ولا يجوز.

لا تعلق آمالك على غيب لم تصل إليه، ولا تضيق واسعاً، واعلم أن مدارك المرء كل يوم تتسع، وما تريده وأنت ابن الثامنة عشر قد لا ترغب فيه بعد ذلك، وما تراه اليوم صالحاً قد ترى غداً غيره أصلح، فدع ما لا تقدر عليه، واجتهد في إنهاء دراستك، وابحث لك عن عمل جاد، وانتظر حتى يتسنى لك الوقت المناسب، فإن استطعت مادياً فاستشر أهلك واستخر ربك، وتقدم للفتاة إن كانت موجودة، وإن لم تكن فاحمد الله الذي لم يعلق آمالك على من ليست في علم الله لك، وابحث عن صالحة غيرها، والنساء كثير، وقد تجد ساعتها أن غيرها أصلح لك منها، فلا تقلق.

ثالثاً: من الجيد إذا حادثك والد الفتاة أن تكون واضحاً وصريحاً، وأن تخبره أنك لا تعمل، وأنك تبحث عن عمل، فهذا ليس عيباً تخاف منه، وأن تُعلمه بنفسك؛ خير من أن يعلم من غيرك، فتكون أمامه كاذباً، أو أصغر من المكانة التي تستحقها.

رابعاً: احذر أن تفعل شيئاً بدون معرفة أهلك أو رغبتهم، فإن من فعل ذلك خسر كثيراً يا أخي، اعلم أنهم الأقرب لك، والأحنُّ عليك، وأنت الأحب عندهم، فلا تخطُ خطوة إلا بعد إخبارهم، واستشرهم في كبير أمرك وصغيره، واستخر الله قبل القدوم على أي فعل، فلا خاب عبد استخار ربه، واستشار الصالحين العقلاء من خلقه.

نسأل الله أن يوفقك وأن يسعدك، وأن يقدر لك الخير لك حيث كان، وأن يرضيك به، والله الموفق..