كيف يكون البر بأم عاقة، لا تعرف الرحمة، ولا تخاف الله رب العالمين، مع أنها تصلي وتصوم، ولكن صلاتها لا تنهاها عن المعاصي؟ كيف يكون البر بأم لم تربي أولادها تربية صالحة، بل على العكس؟ كيف يكون البر بأم تدعو على أبنائها ليل نهار، وعلى أولادهم بالغضب، والتعاسة، والشقاء، بلا سبب؟ كيف يكون البر بأم تمشي بالغيبة، والنميمة، وحديثها كله كذب ونفاق؟ كيف يكون البر بأم تسرق من أبنائها، وحاولت من قبل قتل جدتهم؟ كيف يكون البر بأم لا يذكر أولادها حسنة واحدة عنها، بل ما يذكرونه منها هو التعاسة، والعذاب فقط لا غير،.
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله ، وعلى آله وصحبه، أما بعد: فإن كانت هذه الأم على ما ذكر بالسؤال: فإنها آتية بموبقات عظيمة، ومع ذلك فالأم حقها عظيم، ومكانتها سامية، وبرها واجب على أولادها، مهما بلغت من السوء، ويكفي في الدلالة على ذلك أن الله تعالى أمر الأولاد ببر والديهم، ولو كانا كافرين، جاهدين في حملهم على الكفر، قال تعالى: وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ {لقمان:15}، وانظري الفتوى رقم:
ومن البر والإحسان: السعي في إصلاحها، أولًا بدعاء الله ، والتضرع إليه أن يلهمها رشدها، وأن يقيها شر نفسها، وسيء عملها، ومناصحتها بالمعروف، وبالحكمة والموعظة الحسنة، شفقة عليها، ورجاء صلاحها، فإن تصلح فهو خير لكم ولها، وإن استمرت في غيها فقد أعذرتم.
وما دمت مضطرة للسكن معها فما عليك إلا الصبر، فعاقبة الصبر خير، وراجعي فضائله في الفتوى رقم:
وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم الوالدين عن الدعاء على الأولاد حيث قال: لا تدعوا على أنفسكم، ولا تدعوا على أولادكم، ولا تدعوا على أموالكم، لا توافقوا من الله ساعة يسأل فيها عطاء فيستجيب لكم.
وراجعي الفتوى رقم:
وهي بعنوان: الدعاء على الآخرين بين القبول والرفض.والله أعلم.