قبل قليل قرأت الفتوى: 6707، المتعلّقة بإجماع الأمّة -صحابة، وتابعين، ومن جاء بعدهم من أهل القرون المفضّلة- على أنّ اللّه عزّ وجلّ فوق عرشه، بائن عن خلقه، وهي فتوى في غاية الوضوح والدّقّة، ولا مجال للتّشكيك فيها..
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله، وصحبه، أما بعـد:فإن الذي يعتقده أهل السنة والجماعة أن الله تعالى متصف بالعلو، وأنه استوى على عرشه، وعرشه فوق سمائه، فالله تعالى فوق كل شيء، وهذا هو ما أجمع عليه سلف الأمة من الصحابة، والتابعين، وأهل القرون المفضلة، وهذا ما دلت عليه نصوص الكتاب، والسنة، قال الله تعالى: سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى {الأعلى:1}، وقال الله تعالى: يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ {النحل:50}، وقال الله تعالى: ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ {الرعد:2} في سبعة مواضع من القرآن، وقال الله تعالى: إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ {فاطر:10}، وقال تعالى: بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ {النساء:158}، وقال الله تعالى: أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ {الملك:16}، وقال الإمام الأوزاعي: كنا والتابعون نقول: إن الله تعالى فوق عرشه، ونؤمن بما وردت به السنة من صفاته.
وقال الإمام عثمان بن سعيد الدارمي في رده على بشر المريسي: اتفقت الكلمة من المسلمين أن الله تعالى فوق عرشه، فوق سماواته.
وقال الإمام ابن سعيد: هذا قول الأئمة في الإسلام، وأهل السنة والجماعة، نعرف ربنا عز وجل في السماء السابعة على عرشه، كما قال: الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى {طه:5}.
وأما حديث الجارية، فصحيح، فقد رواه مسلم من حديث معاوية بن الحكم السلمي في قصة ضربه لجاريته، وفيه: فقلت: يا رسول الله ، أفلا أعتقها؟ قال: ادعها، فدعوتها، فقال لها: أين الله ؟ قالت: في السماء، قال: من أنا؟ قالت: أنت رسول الله ، قال: اعتقها، فإنها مؤمنة.
فالواجب السعي في إقناع الناس بالحق، ودعوتهم للإيمان بما أثبت الله تعالى لنفسه، وأثبت له رسوله صلى الله عليه وسلم.وأما العالم الذي يعلم الناس القرآن، ويفسره لهم، ويفتيهم في الأمور العقدية، فهو مأجور -إن شاء الله - فيما علم الناس من الحق، مخطئ فيما دعا له من الباطل، ونرجو أن يسامحه الله ، إن لم يكن حقق في آيات، وأحاديث الصفات، وأما إن كان على علم بها، وأنكرها تعصبًا، وعنادًا، فهو على خطر عظيم، فقد قال الذهبي في الرد على ابن خزيمة في تكفيره المطلق لمن لم يثبت الصفات: من أقر بذلك تصديقًا لكتاب الله ، ولأحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، وآمن به، مفوضًا معناه إلى الله ، ورسوله، ولم يخض في التأويل، ولا عمق، فهو المسلم المتبع، ومن أنكر ذلك، فلم يدر بثبوت ذلك في الكتاب، والسنة، فهو مقصر، والله يعفو عنه؛ إذ لم يوجب الله على كل مسلم حفظ ما ورد في ذلك، ومن أنكر ذلك بعد العلم، وقفا غير سبيل السلف الصالح، وتمعقل على النص، فأمره إلى الله -نعوذ بالله من الضلال، والهوى-.
اهـــ.هذا وننصحكم بالتلطف بالشيخ نفسه، لعله يرجع، ويستبين هداه، فأهدوه ما تيسر من تفاسير السلف المتبعين لمنهج السلف في الصفات، كابن كثير، ورسالة ابن أبي زيد القيرواني، إضافة لبعض كتب العقيدة السلفية، فلعله حين يطالعها وحده يستفيد منها، كما حصل لكثير من العلماء في مصر، والهند، والمغرب، رجعوا لمذهب السلف بعدما اطلعوا بأنفسهم على كتب شيخ الإسلام، وابن القيم، وأبي الحسن الأشعري.ولا ننصحكم بسؤاله عما يحتمل أن يفتي فيه بالباطل، بل تعلموا منه القرآن، والفقه، واللغة، وراجع هاتين الفتويين: