السلام عليكم.
طوال الفترة السابقة من حياتي كنت أضيع وقتي في الثقافة اليابانية، وأشياء من هذا القبيل حتى عمر 15 تقريباً بدأت أتحمل المسؤولية، وكان لديّ امتحانات يتقرر عليها أشياء كثيرة فأنا تعلمت اللغة الإنجليزية، طبعا مع الثقافة، وأتعلم حالياً الألمانية.
ولكن مر على خاطري الكثير من الشبهات الدينية، نظراً لانفتاح مواقع التواصل الاجتماعي، وفضولي الحمد لله مررت بهذه الفترة أحاول التعلم عن الدين بقدر المستطاع، ولكن أجد أن تفكيري، ونظرتي للحياة بالكامل نظرة غربية، أحاول تصحيحها بقدر المستطاع حتى شعرت بالعار منذ أشهر، وأنا أتعلم لغات أخرى، ولغتي الأم ضعيفة، ولم أحفظ القرآن وأشياء كثيرة.
لم يكن لديّ الخيار، لقد كنت بعمر صغير، دائما أقسو على نفسي، وأعتقد أن هذا صحيح للتقدم، ولكن أجد كل المفاهيم الدينية تضع حوائط علي، تقودني بحيث مثلاً تعلم أي لغة يحتاج لتعلم ثقافه اللغة، والمصدر، ولا أستطيع التكلم معهم بهذا المنطق، بينما في اللغة العربية أجد الثقافة اندثرت، ولا أجد حتى من سوف يكلمني لغة عربية صحيحة.
ولن يهتم أحد من الأساس بديني، أو بهذه الأمور خلال هذه الفترة، فدائما أتقلب في أحوالي، ولا أستطيع تحمل كل ذلك أشعر بالتناقض الفكري، يوجد بعقلي أكثر من ثقافة وأتفهم الثقافة الغربية فأشعر بإحساس غريب عند قراءتي للقرآن ومحاولة تفسيره، بينما في الوقت الآخر أبحث عن ثقافات أخرى...
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبًا بك ابننا الفاضل في الموقع، ونشكر لك الاهتمام والحرص على السؤال، وإنما شفاء العيِّ السؤال، ونهنئك بأن شعورك بالخلل هو البداية الصحيحة للتصحيح، ونسأل الله أن يُعينك على فهم كتاب الله وعلى فهم هذا الدّين، وأن يُعينك على الخير، هو وليُّ ذلك والقادرُ عليه.
لا شك أن الإنسان ينبغي أن يبدأ أولاً بلغته، ويبدأ قبل ذلك بتصحيح عقيدته وعبادته وتعامله، ثم بعد ذلك ينطلق بعد أن يضع هذه الأشياء الأساسية التي لا يسع المسلم جهلها، ثم ينطلق في دراسة الثقافات التي يُريد، وعندها يستطيع أن يُؤثِّر ولا يتأثّر، عندها لا يمكن أن تُؤثّر عليه هذه الثقافات الدنيوية المنقوصة التي لا يمكن أن تُقارن بالمنهج الإسلامي والمنهج القرآني الذي هو من خالق الإنسان: {ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير}.
ولا شك أنه لا يعرف أسرار الصنعة مثل الصانع، كما أنه لا يعرف أسرار المخلوق سوى الخالق، والله سبحانه وتعالى أرسل رسله مبشّرين ومنذرين، وأنزل هذه المناهج التي لا يمكن للإنسان أن يسعد إلَّا بها، ولذلك قال: {فمن اتبع هدايَ فلا يضلُّ ولا يشقى ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكًا}، بل من اتبع هذا الهدى {فلا خوفٌ عليهم ولا هم يحزنون}.
وكلّ حضارات الدنيا بحاجة إلى ما عندنا من طمأنينة، وإلى ما عندنا من سكينة، وإلى ما عندنا من بركة، وإلى ما عندنا من أمنٍ وإيمانٍ وأمانٍ، لأن الإنسان لا يمكن أن يصل إلى هذه الأشياء الكبيرة إلَّا باللجوء إلى خالق الكون، إلَّا بالتوكُّل على الله تبارك وتعالى والاستعانة به.
وأرجو أن نُصحِّح مفهومًا مهمًّا، وهو أن ديننا هو الذي علَّم الناس وعلَّم الدُّنيا كيف تتعلَّم، نحن الذين جئنا بالعلم التجريبي، نحن الذين ابتكرنا العلوم المؤسسة لحضارة اليوم، لكنّا نمنا بعد ذلك واستيقظ الآخر، ولذلك نحن ننتظر من الشباب أمثالكم أن يبدؤوا بتعلُّم ثقافتهم الشرعية ولغتهم العربية، ثم بعد ذلك ينطلقوا إلى بقية الثقافات أو التي يجدوا فيها ميلاً ليؤثّروا ولا يتأثروا، حتى يأخذوا المعلومات التي هي كسب بشري ويُفيدوا الآخرين بما عندنا من قيمٍ وثوابتٍ وحضارةٍ، نسأل الله أن يعينك على الخير.
ولذلك أرجو ألَّا تيأس، فلا يزال أمامك الطريق طويل، ولكن أرجو أن تسترشد بعالِمٍ أو أستاذ حريص على الخير وحريص على الدِّين، حتى يُوجّهك كيف تقرأ وكيف تتعلّم، لأن التعليم أيضًا يحتاج إلى منهج يسير عليه طالب العلم.
نسأل الله لنا ولك التوفيق، ونؤكد لك أنك عندما تتعلم ثوابت الدين وأساسيات هذا الدّين سوف تزول عندك الإشكالات، وسوف تشعر بالطمأنينة، وعندها أيضًا تستطيع أن تُفيد وتستفيد..