نويت الذهاب إلى العمرة إن شاء الله ، واصطحبت معي زوجتي وولدي ، الأكبر له من العمر سنتان ، والأصغر له ثلاثة أشهر ، ولي بعض الأسئلة التي أرجو أن أجد لها جوابًا شافيًا عندكم بإذن الله : هل لا بد من طواف لي ، ثم طواف لأحدهما ، ثم طواف للآخر ، وسعي لي ، ثم لأحدهما ، ثم للآخر ، أم يجزئ لنا كلنا طواف وسعي واحد ، وإن كان لا بد من طواف وسعي لكل منا ، هل يجوز مثلاً أن أطوف بأحدهم ، ثم يسعى به خاله أو أمه ، بحيث نفرق أعمال العمرة علينا ، لما في تكرارها من مشقة كبيرة لا تخفى عليكم؟.
الحمد لله.
اختلف العلماء فيمن حمل غيره وطاف به ، هل يقع الطواف عنهما معاً أو عن أحدهما؟ على قولين : القول الأول : أنه لا يصح ذلك ، بل لابد من طواف مستقل للحامل ، وطواف آخر للمحمول ، وهو قول جمهور العلماء.
قال ابن قدامة رحمه الله : " إن نوى الطواف عن نفسه وعن الصبي : احتمل وقوعه عن نفسه.
واحتمل أن يقع عن الصبي.
لكون المحمول أولى.
واحتمل أن يلغو لعدم التعيين , لكون الطواف لا يقع عن غير معين " انتهى.
"المغني" (3/108).
وقال البهوتي رحمه الله : "فإن نوى الطائف بالصغير ، الطواف عن نفسه ، وعن الصبي ، وقع الطواف عن الصبي ، كالكبير يطاف به محمولا لعذر؛ لأن الطواف فعلٌ واحدٌ لا يصح وقوعه عن اثنين " انتهى.
"كشاف القناع" (2/381).
وقال أبو إسحاق الشيرازي (الشافعي) : "وإن حَمَلَ مُحرِمٌ مُحرمًا ، وطاف به ، ونويا ، لم يجز عنهما جميعا ؛ لأنه طواف واحد ، فلا يسقط به طوافان.) " انتهى.
"المجموع" (8/39).
القول الثاني : أنه يصح طواف واحد عن الحامل والمحمول ، وهو قول الحنفية ، وقول عن الإمام الشافعي.
واختاره كثير من علمائنا المعاصرين ، كالشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله والشيخ ابن جبرين.
قال ابن نجيم الحنفي رحمه الله : " وذكر الإسبيجابي : ومن طِيف به محمولا أجزأه ذلك الطواف عن الحامل والمحمول جميعا, وسواء نوى الحامل الطواف عن نفسه وعن المحمول أو لم ينو " انتهى.
"البحر الرائق" (2/381) ، "المجموع" (8/39).
ونزيد هنا فتوى للشيخ عبد الرحمن السعدي رحمه الله ، فقد سئل : إذا حج بالصبي وحمله في الطواف والسعي فهل يجزئ؟ فأجاب : "الصواب أن الطواف الواحد يجزئ عن الحامل والمحمول ، عن الرجل وعن الصبي ؛ لأنه نوى عن نفسه وعن الصبي ، وبعض العلماء يرى أنه لا يكفي إلا عن واحد ، ولكنه قول ضعيف" انتهى.
"الفتاوى السعدية" (ص/239).
فعلى هذا ؛ يكفيك طواف واحد وسعي واحد ، عنك وعن الصبي الذي تحمله ، ولو وضعتها على عربة ونويت الطواف والسعي عنها وأنت تطوف وتسعى معها ، أجزأ ذلك إن شاء الله.
والله أعلم ..