إذا كان الحج فرضا علي ، وأنا على وشك رحلة الحج ، ولكن جارى لا يجد قوت يومه : هل من الأفضل أن أحج أم أعطي فلوس الحج لجاري الفقير وأؤجل الحج إلى السنوات القادمة ؟ شكرا.
الحمد لله.
ذهب جمهور أهل العلم إلى أن الحج واجب على الفور على كل مستطيع.
قال ابن قدامة رحمه الله في "المغني" (3/212) : " من وجب عليه الحج , وأمكنه فعله , وجب عليه على الفور , ولم يجز له تأخيره.
وبهذا قال أبو حنيفة ومالك ، لقول الله تعالى : ( وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ ) آل عمران/97 " انتهى.
والاستطاعة هي القدرة البدنية والمالية : جاء في فتاوى اللجنة الدائمة (11/30) : " الاستطاعة بالنسبة للحج أن يكون صحيح البدن ، وأن يملك من المواصلات ما يصل به إلى بيت الله الحرام ، من طائرة أو سيارة أو دابة ، أو أجرة ذلك بحسب حاله ، وأن يملك زاداً يكفيه ذهاباً وإياباً ، على أن يكون ذلك زائداً عن نفقات من تلزمه نفقته حتى يرجع من حجه ، وأن يكون مع المرأة زوج أو محرم لها حتى في سفرها للحج أو العمرة " انتهى.
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : " والاستطاعة نوعان : استطاعة بالبدن ، واستطاعة بالمال ، فالاستطاعة بالمال شرط للوجوب ، والاستطاعة بالبدن شرط للأداء " انتهى.
"اللقاء الشهري" (1 / 391).
وحيث إنك مستطيع فقد وجب عليك الحج وجوبا عينيا ، فهو مقدم على التصدق على جارك الفقير ؛ لأنه ممن لا تلزمك نفقته ، وصدقتك عليه ـ والحالة هذه ـ هي من باب التطوع والنفل ، والفرض مقدم على التطوع.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : " والحج على الوجه المشروع أفضل من الصدقة التي ليست بواجبة.
وأما إن كان له أقارب محاويج ، أو هناك فقراء تضطرهم الحاجة إلى نفقة : فالصدقة عليهم أفضل.
أما إذا كان كلاهما تطوعا فالحج أفضل ، لأنه عبادة بدنية ومالية " انتهى.
"الاختيارات" (116).
والله تعالى أعلم ..