أملك قطعة أرض وقد اتفقت مع شخص على بيع نصف مساحتها واستلمت منه جزءا من المبلغ، إلا أنه لم يقم بتسديد باقي المبلغ إلى الآن، وقد حان وقت زكاة مالي لهذا العام، فهل أقوم بحساب المبلغ المستلم من ضمن المال أم لا؟ مع العلم أنه يمكن إلغاء عملية البيع في حال عدم مقدرة المشتري على السداد..
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:فإن لم يكن في هذا البيع خيار ـ كخيار الشرط أو خيار نقد الثمن، كما في الفتوى رقم:
اهـ.وإذا لم يحل الحول على الجزء المستلم من الثمن، فبإمكان السائل أن يفسخ عقد البيع، ويسترد أرضه ويرد المبلغ المدفوع للمشتري، طالما كان مماطلا أو معسرا ببقية الثمن، جاء في الموسوعة الفقهية: ذهب المالكية والشافعية والحنابلة إلى أن المشتري إذا ظهر مفلسا فللبائع خيار الفسخ والرجوع بعين ماله، ولا يلزمه أن ينظره، عملا بقوله صلى الله عليه وسلم: من أدرك ماله بعينه عند رجل أو إنسان قد أفلس فهو أحق به من غيره ـ وينطبق ذلك الحكم على المعسر عند الحنابلة ولو ببعض الثمن.
ويرى ابن تيمية أن المشتري إذا كان موسرا مماطلا فللبائع الفسخ دفعا لضرر المخاصمة، قال في الإنصاف: وهو الصواب.
اهـ.وأما إن كان في هذا البيع نوع من أنواع الخيار، ففي وجوب الزكاة على السائل في مدة الخيار نظر وخلاف بين أهل العلم، باعتبار انتقال الملك، هل يحصل بمجرد العقد، فتجب عليه الزكاة، أم لا يحصل إلا بمضي مدة الخيار، فلا تجب الزكاة إلا بعد ذلك، أم الأمر موقوف، فإن تم البيع وجبت الزكاة وإلا فلا؟ قال الماوردي في الحاوي الكبير: إن قيل: إن الملك قد انتقل بنفس العقد، فزكاتها على المشتري، وإن قيل: إن الملك لا ينتقل إلا بالعقد وتقضي الخيار، فزكاتها على البائع، وإن قيل: إنه موقوف، نظر، فإن تم البيع فزكاتها على المشتري، وإن انفسخ البيع فزكاتها على البائع.
اهـ.والذي اختاره ابن قدامة في المغني هو الأول، حيث قال: ينتقل الملك إلى المشتري في بيع الخيار بنفس العقد في ظاهر المذهب، ولا فرق بين كون الخيار لهما، أو لأحدهما، أيهما كان، وهذا أحد أقوال الشافعي.
لأنه بيع صحيح، فنقل الملك عقيبه، كالذي لا خيار له.
اهـ.وعليه؛ فحكم الزكاة هنا كالحالة الأولى، كما لو لم يكن هناك خيار، وهذا جار على القاعدة العامة بأن الغنم بالغرم، فكما يمكنه الانتفاع بهذا المال في مدة الخيار، كذلك تجب عليه تبعته من الزكاة وغيرها.والله أعلم..