وقع زواجي من زوجي عندما كنا على دين النصارى ، حيث حدث الزواج في محكمة مدنية ، مع العلم أنّه في تلك الفترة كانت له زوجة أخرى ، كان قد انفصل عنها قبل زواجنا ، ولكن دون حدوث طلاق ، وحسب القانون لا يجوز الجمع بين أكثر من زوجة في وقت واحد ، وقد اعتنقت أنا وزوجي الإسلام ، ولم يحدث زواجنا كما أسلفت حسب أحكام الشريعة الإسلامية، وزوجة زوجي الأخرى لا تريد الطلاق ؛ لأن دينها يحرم الطلاق ، فهل علاقتي مع زوجي في مثل هذه الحالة تعتبر علاقة زنا؟ وما حكم زواجه من المرأة الأخرى؟.
الحمد لله.
أولاً : إذا أسلم الزوجان : أُقِرَّا على نكاحهما السَّابق , ولا يُلزَمان بتجديده ، ولا بفسخه ، إلا إذا كان هناك مانع من استمرار هذا النكاح.
ومثال المانع : أن يتزوج رجل إحدى محارمه ، كعمته ، أو خالته ، أو أخته من الرضاع ، ثم يسلمان ؛ فإن الإسلام يفرق بينهما.
أما إذا لم يكن هناك مانع من استمرار النكاح ، فإن الشريعة الإسلامية تقر نكاحهما السابق.
وقد أسلم الكثير من المشركين مع زوجاتهم في عهد النبي صلى الله عليه وسلم ، ولم يتعرض لنكاحهم السابق ، ولا سأل عنه.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : "ولو أسلم الزوجان الكافران : أقرا على نكاحهما بالإجماع" انتهى من "مجموع الفتاوى" (32/175).
وقال ابن قدامة - رحمه الله - في "المغني" (10/5) : " أَنْكِحَةُ الْكُفَّارِ : صَحِيحَةٌ ، يُقَرُّونَ عَلَيْهَا إذَا أَسْلَمُوا ، أَوْ تَحَاكَمُوا إلَيْنَا ، إذَا كَانَتْ الْمَرْأَةُ مِمَّنْ يَجُوزُ ابْتِدَاءُ نِكَاحِهَا فِي الْحَالِ ، وَلَا يُنْظَرُ إلَى صِفَةِ عَقْدِهِمْ وَكَيْفِيَّتِهِ ، وَلَا يُعْتَبَرُ لَهُ شُرُوطُ أَنْكِحَةِ الْمُسْلِمِينَ ، مِنْ الْوَلِيِّ ، وَالشُّهُودِ ، وَصِيغَةِ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ ، وَأَشْبَاهِ ذَلِكَ.
بِلَا خِلَافٍ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ.
قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ : أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ الزَّوْجَيْنِ إذَا أَسْلَمَا مَعًا ، فِي حَالٍ وَاحِدَةٍ ، أَنَّ لَهُمَا الْمُقَامَ عَلَى نِكَاحِهِمَا ، مَا لَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمَا نَسَبٌ وَلَا رَضَاعٌ.
وَقَدْ أَسْلَمَ خَلْقٌ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَأَسْلَمَ نِسَاؤُهُمْ ، وَأُقِرُّوا عَلَى أَنْكِحَتِهِمْ ، وَلَمْ يَسْأَلْهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ شُرُوطِ النِّكَاحِ ، وَلَا كَيْفِيَّتِهِ ، وَهَذَا أَمْرٌ عُلِمَ بِالتَّوَاتُرِ وَالضَّرُورَةِ ، فَكَانَ يَقِينًا.
وَلَكِنْ يُنْظَرُ فِي الْحَالِ : فَإِذَا كَانَتْ الْمَرْأَةُ عَلَى صِفَةٍ يَجُوزُ لَهُ ابْتِدَاءُ نِكَاحِهَا : أُقِرَّ.
وَإِنْ كَانَتْ مِمَّنْ لَا يَجُوزُ ابْتِدَاءُ نِكَاحِهَا ، كَأَحَدِ الْمُحَرَّمَاتِ بِالنَّسَبِ أَوْ السَّبَبِ ، أَوْ الْمُعْتَدَّةِ ، وَالْمُرْتَدَّةِ ، وَالْوَثَنِيَّةِ ، وَالْمَجُوسِيَّةِ ، وَالْمُطَلَّقَةِ ثَلَاثًا : لَمْ يُقَرَّ.
وَإِنْ تَزَوَّجَهَا فِي الْعِدَّةِ ، وَأَسْلَمَا بَعْدَ انْقِضَائِهَا ، أُقِرَّا ؛ لِأَنَّهَا يَجُوزُ ابْتِدَاءُ نِكَاحِهَا [يعني: بعد انتهاء العدة] " انتهى.
وبناء على هذا : فعلاقتك مع زوجك : علاقةٌ شرعيّة ، ولا إشكال في ذلك.
ثانيا : أما زوجته الأولى : فالظاهر من سؤالك أنها نصرانية ، وإذا أسلم الزوج وكانت زوجته نصرانية ولم يحصل طلاق فالنكاح باقٍ بينهما ، ولا تزال في عصمته ، لأن المسلمَ يجوز له أن يتزوج امرأة نصرانية ، كما سبق بيانه في الفتوى رقم : (
فهذه المرأة لها حقوق الزوجة على زوجها من النفقة والقِسْم (المبيت عندها) والمعاشرة الحسنة.
إلخ.
فإن أسقطت هي شيئا من حقوقها برضاها : فلا بأس بذلك.
وأهم شيء ينبغي على زوجك القيام به تجاه تلك المرأة : أن يدعوها إلى الإسلام ، ويسعى في نجاتها من نار جهنم ، فذلك أعظم معروف يقدمه إليها ، وينبغي أن تعينيه أنتِ على ذلك.
نعلم أن هذا قد ييثير غيرتك – وهو أمر فطري في المرأة – ولكن الحرص على هداية الناس فوق كل اعتبار ، وإن وفقها الله تعالى للإسلام بسببكما ، فسوف يكون ذلك في ميزان حسناتكما ، إن شاء الله.
نسأل الله تعالى أن يهديك وأن يوفقكم لكل خير.
والله أعلم ..