سؤال و جواب . كوم

اخر المشاهدات
مواقعنا
الاكثر بحثاً

سؤال و جواب . كوم




سؤال وجواب | حكم محبة غير المسلمين

اقرأ ايضا

-
سؤال وجواب | دليل حجية الإجماع والاستحسان والاجتهاد
- سؤال وجواب | حدود تعامل المرأة مع محارمها وغير محارمها
- سؤال وجواب | هل يضر أخذ شيء من أثر العائن لأكثر من مرة في حال عدم معرفة هويته؟
- سؤال وجواب | طفلي قليل الكلام جدا، وأخشى أنه يعاني من حالة نفسية، أفيدوني
- سؤال وجواب | ما هي أفضل الأدوية لعلاج الاكتئاب؟
- سؤال وجواب | الأحوط ألا تظهر المرأة عند المرأة إلا ما يظهر غالبا
- سؤال وجواب | هل يجوز الاتصال بمن نغمة جواله موسيقية وهو في المسجد الحرام؟
- سؤال وجواب | هل تظهر أدوية مضادات الاكتئاب في تحليل المخدرات؟
- سؤال وجواب | عمل أصله في الأرض وفرعه في السماء !
- سؤال وجواب | توبة فتاة كان لديها علاقة مع شاب تعرفت عليه عبر النت
- سؤال وجواب | آثار حب الشباب والدهون في بشرتي. ما علاجها؟
- سؤال وجواب | أعاني من قشرة وحكة في الرأس منذ الصغر. كيف أتخلص منها؟
- سؤال وجواب | هل صح حديث ( إن لقتل الحسين حرارة في قلوب المؤمنين لاتبردُ أبداً)؟
- سؤال وجواب | أتعرق بشدة وتتسارع ضربات قليب وأتلعثم في ازدحام الناس فماذا أفعل؟
- سؤال وجواب | الجميع كان يثني على جمالي في الصغر. هل تعرضت للحسد؟
آخر تحديث منذ 4 يوم
- مشاهدة

عندي عدة أسئلة تتعلق بموضوع معيّن وهو: التعامل مع غير المسلمين ومحبتهم.

أولاً، إذا كان التالي محرّماً: 1) مصادقة غير المسلمين 2) محبة غير المسلمين 3) ما شابه ذلك ، من أمور تُعنى بالعلاقات مع غير المسلمين.

فكيف 1) للمسلم أن يساعد غير المسلمين كي يدخلوا إلى الإسلام ؟ ولا تذكروا الحجة التي تقول : إذا كانت مساعدة غير المسلمين تأليفاً للقلوب ودعوة إلى الإسلام ، لأنني أتعجب من أنه كيف يمكن دعوتهم إلى الإسلام عند تصنّع مصادقتهم ، وعدم الصدق في الصداقة؟ ولذا أرجو ألا تذكروا هذا الأمر كجزء من الإجابة.

2) زواج المسلم من امرأة غير مسلمة.

والسؤال هنا : أليس الإسلام دين المحبة ، والسلام ، فكيف يحرم محبة غير المسلمين ، ومعاملة غير المسلمين كالمسلمين ؟ عندي الكثير من الأسئلة ، ولكني أشعر بأن نوعية الأسئلة التي أود السؤال عنها حرام ، ولذا فسوف أُغلق فمي عنها، ولكن أرجوكم أجيبوني بأدق العبارات وأشملها ، قد أبدو ساذجة لسؤالي هذه الأسئلة، ولكني أحاول أن أتعلم عني ديني أكثر فأكثر.
.

الحمد لله.

أولا: على المسلم أن يسلك السبل التي تزيد من قوة وإيمانه وتثبته في قلبه، وإذا كان القلب تراوده شكوك وإشكاليات تعيق فهم أوامر الشرع ولا يمكن إزالتها إلا بالسؤال؛ ففي هذه الحالة يجب السؤال لأن القاعدة الشرعية تقول: "ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب" ، والله تعالى أمر بسؤال أهل العلم.

قال الله تعالى: ( فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ) النحل (43).

فسؤال المسلم لأهل العلم لإزالة شكوك قلبه ووساوسها هو أمر محمود، وإنما يذم السؤال إذا كان لمجرد التعنت أو لإثارة الشبهات وصرف وجوه الناس إليه.

قال ابن عبد البر رحمه الله تعالى: " فمن سأل مستفهما راغبا في العلم، ونفي الجهل عن نفسه، باحثا عن معنى يجب الوقوف في الديانة عليه، فلا بأس به، فشفاء العي السؤال.

ومن سأل معنتا غير متفقه ولا متعلم، فهذا لا يحل قليل سؤاله ولا كثيره " انتهى.
" التمهيد" (21 / 292).

فلهذا ندعوك ، أيتها الأخت الكريمة ، ألا تترددي في السؤال لفهم ما يشكل عليك فهمه من أمور الشرع.

وفقنا الله وإياك إلى الحق وثبتنا عليه.

ثانيا: أمرنا الله تعالى بالبراءة من الكفر وأهله : قال الله تعالى: ( قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ ) الممتحنة (4).

وقال الله تعالى: ( لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُولَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ) المجادلة (22).

وقال الله تعالى: ( يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ) المائدة (51).

وأمر أيضا بموالاة الإيمان وأهله : قال تعالى : ( وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ ) آل عمران/ 103.

وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إِنَّ أَوْثَقَ عُرَى الْإِيمَانِ: أَنْ تُحِبَّ فِي اللهِ، وَتُبْغِضَ فِي اللهِ ) رواه أحمد (

18524)

وحسنه محققو المسند ، وكذا حسنه الألباني في "صحيح الترغيب" (3030).

وعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " ثَلاَثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ وَجَدَ حَلاَوَةَ الإِيمَانِ: أَنْ يَكُونَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِمَّا سِوَاهُمَا، وَأَنْ يُحِبَّ المَرْءَ لاَ يُحِبُّهُ إِلَّا لِلَّهِ، وَأَنْ يَكْرَهَ أَنْ يَعُودَ فِي الكُفْرِ كَمَا يَكْرَهُ أَنْ يُقْذَفَ فِي النَّارِ ".

رواه البخاري (16) ومسلم (43).

ثالثا : ما سبق تقريره لا يمنع أن يكون بين المسلم وبين معينٍ من الكفار محبة فطرية لسبب ما ، إما لقرابة أو نسب ، أو مصاهرة ، أو صلة وإحسان.

أو نحو ذلك ، مع بقاء البراءة من دينه ، والمعاداة له فيه.

فقد أثبت الله تعالى حبَّ النبي صلى الله عليه وسلم لعمِّه أبي طالب مع كفره ، قال تعالى (إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْت) القصص/56.

، وقد كانت تلك المحبة محبة طبيعية لقرابته.

وأجاز الله نكاح الكتابية ، مع أن النكاح ينبت المحبة بين الزوجين ؛ كما قال تعالى ( خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً ) الروم/ 21.

وهذه المحبة هي المحبة الطبيعية الغريزية ، كمحبة الطعام والشراب والملبس ونحوه ، ولا يمتنع أن تجتمع العداوة الدينية ، مع المحبة الطبيعية ؛ لأن مورد الأمرين مختلف.

ومثل ذلك الدواء ، فإن الدواء يجتمع فيه الحب والبغض، فهو محبوب من وجه مبغوض من وجه آخر.

رابعا : إذا فهمنا أنه قد يجتمع في الشخص الواحد أن تحبه لأجل قرابته ، أو إحسانه ، أو نحو ذلك ، وتتبرأ من كفره ، أو تعاديه عليه ، فالامتحان الحقيقي إنما يظهر حينما تتعارض هاتان المحبتان.

ولهذا حذر الله عباده المؤمنين من أن يقدموا هذه المحبة الطبيعية ، والأهواء النفسية ، على المحبة الإيمانية ، والأوامر الشرعية.

قال الله تعالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا آبَاءَكُمْ وَإِخْوَانَكُمْ أَوْلِيَاءَ إِنِ اسْتَحَبُّوا الْكُفْرَ عَلَى الإيمَانِ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ * قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ) التوبة/23-24 قال الشيخ السعدي رحمه الله : " يقول تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اعملوا بمقتضى الإيمان، بأن توالوا من قام به، وتعادوا من لم يقم به.

و لا تَتَّخِذُوا آبَاءَكُمْ وَإِخْوَانَكُمْ الذين هم أقرب الناس إليكم، وغيرهم من باب أولى وأحرى، فلا تتخذوهم أَوْلِيَاءَ إِنِ اسْتَحَبُّوا أي: اختاروا على وجه الرضا والمحبة الْكُفْرَ عَلَى الإيمَانِ.

وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ لأنهم تجرؤوا على معاصي الله، واتخذوا أعداء الله أولياء، وأصل الولاية: المحبة والنصرة، وذلك أن اتخاذهم أولياء، موجب لتقديم طاعتهم على طاعة الله، ومحبتهم على محبة الله ورسوله.

ولهذا ذكر السبب الموجب لذلك، وهو أن محبة الله ورسوله، يتعين تقديمهما على محبة كل شيء، وجعل جميع الأشياء تابعة لهما فقال: قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ ومثلهم الأمهات وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ في النسب والعشرة (1) وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ أي: قراباتكم عموما وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا أي: اكتسبتموها وتعبتم في تحصيلها، خصها بالذكر، لأنها أرغب عند أهلها، وصاحبها أشد حرصا عليها ممن تأتيه الأموال من غير تعب ولا كَدّ.

وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا أي: رخصها ونقصها، وهذا شامل لجميع أنواع التجارات والمكاسب من عروض التجارات، من الأثمان، والأواني، والأسلحة، والأمتعة، والحبوب، والحروث، والأنعام، وغير ذلك.

وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا من حسنها وزخرفتها وموافقتها لأهوائكم، فإن كانت هذه الأشياء أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فأنتم فسقة ظلمة.

فَتَرَبَّصُوا أي: انتظروا ما يحل بكم من العقاب حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ الذي لا مرد له.

وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ أي: الخارجين عن طاعة الله، المقدمين على محبة الله شيئا من المذكورات.

وهذه الآية الكريمة أعظم دليل على وجوب محبة الله ورسوله، وعلى تقديمها على محبة كل شيء، وعلى الوعيد الشديد والمقت الأكيد، على من كان شيء من هذه المذكورات أحب إليه من الله ورسوله، وجهاد في سبيله.

وعلامة ذلك : أنه إذا عرض عليه أمران، أحدهما يحبه الله ورسوله، وليس لنفسه فيه هوى، والآخر تحبه نفسه وتشتهيه، ولكنه يُفَوِّتُ عليه محبوبًا لله ورسوله، أو ينقصه، فإنه إن قدم ما تهواه نفسه، على ما يحبه الله، دل ذلك على أنه ظالم، تارك لما يجب عليه.

".

انتهى من "تيسر الكريم المنان" (332).

خامسا : البراء من الكافر ، وبغضه : ليست لأجل نسبه ، أو بلده ، أو لونه ، أو صورته ؛ إنما هي لأجل ما هو عليه من الكفر ، والمعاداة لدين الله.

فلا تعارض بين ذلك ، وبين حب الهداية له ؛ بل هذا هو شأن عامة المرسلين ، وعباد الله المؤمنين مع أقوامهم ، أنهم تبرؤوا مما عليه أقوامهم من الشرك بالله جل جلاله ، والبعد عن دينه ، وتكذيب رسله.

وأحبوا – مع ذلك – هدايتهم ، ودخولهم في دين الله جل جلاله.

عَنْ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: اللَّهُمَّ أَعِزَّ الإِسْلَامَ بِأَحَبِّ هَذَيْنِ الرَّجُلَيْنِ إِلَيْكَ بِأَبِي جَهْلٍ أَوْ بِعُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ قَالَ: وَكَانَ أَحَبَّهُمَا إِلَيْهِ عُمَرُ: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ غَرِيبٌ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ.

رواه الترمذي (3681) وصححه الألباني.

وقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بن مسعود رضي الله عنه : كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَحْكِي نَبِيًّا مِنَ الأَنْبِيَاءِ، ضَرَبَهُ قَوْمُهُ فَأَدْمَوْهُ، وَهُوَ يَمْسَحُ الدَّمَ عَنْ وَجْهِهِ وَيَقُولُ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِقَوْمِي فَإِنَّهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ.

رواه البخاري (3477) ومسلم (1792).

وتأمل هذه القصة ، لترى كيف تتحول المعاداة ، في الدين ، حتى من جهة الكافر ، إلى محبة إيمانية ، متى دخل في دين الله ، وترك ما عليه من الكفر : عن أبي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: ( بَعَثَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَيْلًا قِبَلَ نَجْدٍ، فَجَاءَتْ بِرَجُلٍ مِنْ بَنِي حَنِيفَةَ ، يُقَالُ لَهُ ثُمَامَةُ بْنُ أُثَالٍ، فَرَبَطُوهُ بِسَارِيَةٍ مِنْ سَوَارِي المَسْجِدِ.

فَخَرَجَ إِلَيْهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: مَا عِنْدَكَ يَا ثُمَامَةُ؟.

فَقَالَ: عِنْدِي خَيْرٌ يَا مُحَمَّدُ، إِنْ تَقْتُلْنِي تَقْتُلْ ذَا دَمٍ، وَإِنْ تُنْعِمْ تُنْعِمْ عَلَى شَاكِرٍ، وَإِنْ كُنْتَ تُرِيدُ المَالَ فَسَلْ مِنْهُ مَا شِئْتَ.

فَتُرِكَ حَتَّى كَانَ الغَدُ، ثُمَّ قَالَ لَهُ: مَا عِنْدَكَ يَا ثُمَامَةُ؟.

قَالَ: مَا قُلْتُ لَكَ: إِنْ تُنْعِمْ تُنْعِمْ عَلَى شَاكِرٍ، فَتَرَكَهُ حَتَّى كَانَ بَعْدَ الغَدِ، فَقَالَ: مَا عِنْدَكَ يَا ثُمَامَةُ؟.

فَقَالَ: عِنْدِي مَا قُلْتُ لَكَ ! فَقَالَ: أَطْلِقُوا ثُمَامَةَ.

فَانْطَلَقَ إِلَى نَخْلٍ قَرِيبٍ مِنَ المَسْجِدِ، فَاغْتَسَلَ ، ثُمَّ دَخَلَ المَسْجِدَ.

فَقَالَ: أَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ ! يَا مُحَمَّدُ، وَاللَّهِ مَا كَانَ عَلَى الأَرْضِ وَجْهٌ أَبْغَضَ إِلَيَّ مِنْ وَجْهِكَ، فَقَدْ أَصْبَحَ وَجْهُكَ أَحَبَّ الوُجُوهِ إِلَيَّ ! وَاللَّهِ مَا كَانَ مِنْ دِينٍ أَبْغَضَ إِلَيَّ مِنْ دِينِكَ، فَأَصْبَحَ دِينُكَ أَحَبَّ الدِّينِ إِلَيَّ ! وَاللَّهِ مَا كَانَ مِنْ بَلَدٍ أَبْغَضُ إِلَيَّ مِنْ بَلَدِكَ، فَأَصْبَحَ بَلَدُكَ أَحَبَّ البِلاَدِ إِلَيَّ ! وَإِنَّ خَيْلَكَ أَخَذَتْنِي وَأَنَا أُرِيدُ العُمْرَةَ، فَمَاذَا تَرَى؟ فَبَشَّرَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَمَرَهُ أَنْ يَعْتَمِرَ.

).

رواه البخاري (4372) ومسلم (1764).

سادسا : مما ينبغي أن يعلم ، ويتقرر : أن الجمع بين هذين الأمرين : البراءة من الشرك وأهله ، ورحمة الخلق في الله ، ومحبة الإيمان لهم ، والسعي لأن يدخلوا جميعا في دين الله : هو أعظم أسباب الخيرية لهذه الأمة ، التي مدحهم الله بها.

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ.

قَالَ: خَيْرَ النَّاسِ لِلنَّاسِ ؛ تَأْتُونَ بِهِمْ فِي السَّلاَسِلِ فِي أَعْنَاقِهِمْ، حَتَّى يَدْخُلُوا فِي الإِسْلاَمِ.

رواه البخاري (4557).

وتأمل قصة هذا العبد المؤمن الصالح ، وما كان من شأنه مع قومه الكفار المكذبين الجاحدين ؛ كيف أنه سعى في هدايتهم ، وكفروا به وبدعوته ، حتى قتلوه ، وهو على ذلك ؛ يرجو لهم الخير والهداية ، حتى بعد ما مات ؟! قال الله تعالى : ( وَجَاءَ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَى قَالَ يَاقَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ (20) اتَّبِعُوا مَنْ لَا يَسْأَلُكُمْ أَجْرًا وَهُمْ مُهْتَدُونَ (21) وَمَا لِيَ لَا أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (22) أَأَتَّخِذُ مِنْ دُونِهِ آلِهَةً إِنْ يُرِدْنِ الرَّحْمَنُ بِضُرٍّ لَا تُغْنِ عَنِّي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا وَلَا يُنْقِذُونِ (23) إِنِّي إِذًا لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (24) إِنِّي آمَنْتُ بِرَبِّكُمْ فَاسْمَعُونِ (25) قِيلَ ادْخُلِ الْجَنَّةَ قَالَ يَالَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ (26) بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ ) يس/20-27 قَالَ قَتَادَةُ: جَعَلُوا يَرْجُمُونَهُ بِالْحِجَارَةِ، وَهُوَ يَقُولُ: "اللَّهُمَّ اهْدِ قَوْمِي، فَإِنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَ".

فَلَمْ يَزَالُوا بِهِ حَتَّى أَقَعَصُوهُ وَهُوَ يَقُولُ كَذَلِكَ، فَقَتَلُوهُ، رَحِمَهُ اللَّهُ.
".

"تفسير ابن كثير" (6/571).

وتأمل ما حكاه الله عن "مؤمن آل فرعون" ، وبراءته من قومه ، ودعوته لهم إلى النجاة ، مع كفرهم ، وتكذيبهم ، وجحودهم.

وقصته مطولة في سورة غافر، التي سميت – أيضا- باسمه "سورة المؤمن".

وفي صحيح البخاري (3231) ومسلم (1795) عن عُرْوَةَ، أَنَّ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، حَدَّثَتْهُ أَنَّهَا قَالَتْ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: هَلْ أَتَى عَلَيْكَ يَوْمٌ كَانَ أَشَدَّ مِنْ يَوْمِ أُحُدٍ ؟ قَالَ: ( لَقَدْ لَقِيتُ مِنْ قَوْمِكِ مَا لَقِيتُ، وَكَانَ أَشَدَّ مَا لَقِيتُ مِنْهُمْ يَوْمَ العَقَبَةِ، إِذْ عَرَضْتُ نَفْسِي عَلَى ابْنِ عَبْدِ يَالِيلَ بْنِ عَبْدِ كُلاَلٍ، فَلَمْ يُجِبْنِي إِلَى مَا أَرَدْتُ، فَانْطَلَقْتُ وَأَنَا مَهْمُومٌ عَلَى وَجْهِي، فَلَمْ أَسْتَفِقْ إِلَّا وَأَنَا بِقَرْنِ الثَّعَالِبِ فَرَفَعْتُ رَأْسِي، فَإِذَا أَنَا بِسَحَابَةٍ قَدْ أَظَلَّتْنِي، فَنَظَرْتُ فَإِذَا فِيهَا جِبْرِيلُ، فَنَادَانِي فَقَالَ: إِنَّ اللَّهَ قَدْ سَمِعَ قَوْلَ قَوْمِكَ لَكَ، وَمَا رَدُّوا عَلَيْكَ، وَقَدْ بَعَثَ إِلَيْكَ مَلَكَ الجِبَالِ لِتَأْمُرَهُ بِمَا شِئْتَ فِيهِمْ، فَنَادَانِي مَلَكُ الجِبَالِ فَسَلَّمَ عَلَيَّ، ثُمَّ قَالَ: يَا مُحَمَّدُ، فَقَالَ، ذَلِكَ فِيمَا شِئْتَ، إِنْ شِئْتَ أَنْ أُطْبِقَ عَلَيْهِمُ الأَخْشَبَيْنِ؟ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: بَلْ أَرْجُو أَنْ يُخْرِجَ اللَّهُ مِنْ أَصْلاَبِهِمْ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ وَحْدَهُ، لاَ يُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا ) ! وقد قال الله تعالى مخاطبا نبيه صلى الله عليه وسلم: ( وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ ) الأنبياء (107).

قال ابن كثير رحمه الله تعالى: " يخبر تعالى أن الله جعل محمدا صلى الله عليه وسلم رحمة للعالمين، أي: أرسله رحمة لهم كلهم، فمن قبل هذه الرحمة وشكر هذه النعمة، سعد في الدنيا والآخرة، ومن ردها وجحدها خسر في الدنيا والآخرة.

قال مسلم في صحيحه.

عن أبي هريرة قال: ( قيل: يا رسول الله، ادع على المشركين، قال: إني لم أبعث لعانا، وإنما بعثت رحمة ).

" انتهى.

"تفسير ابن كثير" (5 / 385).

سابعا : نرجو أن يكون فيما قدمناه في جوابنا كفاية.

مع أن القراءة المنصفة لواقع الناس ، ونفوسهم ، وتاريخهم ، تدل على ذلك ، بأيسر طريق.

غير أننا ندعو إلى تأمل ذلك الجمع البديع بين الأمرين ، في أول سورة الممتحنة : تقرير أصل البراءة من الشرك وأهله ، وعدم تأييس المؤمنين من هداية الكافرين ، وتحولهم إلى دين الله ، وانتقال هذه العداوة إلى محبة إيمانية.

قال الله تعالى : (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُمْ مِنَ الْحَقِّ يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ أَنْ تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ رَبِّكُمْ إِنْ كُنْتُمْ خَرَجْتُمْ جِهَادًا فِي سَبِيلِي وَابْتِغَاءَ مَرْضَاتِي تُسِرُّونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَأَنَا أَعْلَمُ بِمَا أَخْفَيْتُمْ وَمَا أَعْلَنْتُمْ وَمَنْ يَفْعَلْهُ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ (1) إِنْ يَثْقَفُوكُمْ يَكُونُوا لَكُمْ أَعْدَاءً وَيَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ وَأَلْسِنَتَهُمْ بِالسُّوءِ وَوَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ (2) لَنْ تَنْفَعَكُمْ أَرْحَامُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَفْصِلُ بَيْنَكُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (3) قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ إِلَّا قَوْلَ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ لَأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ وَمَا أَمْلِكُ لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ رَبَّنَا عَلَيْكَ تَوَكَّلْنَا وَإِلَيْكَ أَنَبْنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ (4) رَبَّنَا لَا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا وَاغْفِرْ لَنَا رَبَّنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (5) لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِيهِمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَمَنْ يَتَوَلَّ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ (6) عَسَى اللَّهُ أَنْ يَجْعَلَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ الَّذِينَ عَادَيْتُمْ مِنْهُمْ مَوَدَّةً وَاللَّهُ قَدِيرٌ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (7) لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ (8) إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَنْ تَوَلَّوْهُمْ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ ) الممتحنة/1-9 ونرجو أن نكون قد وفقنا في الجواب عن إشكالك ، ومتى بقي عندك سؤال ، أو بقي في نفسك شيء لم يبلغه جوابنا ، فنحن نرحب بدوام المراسلة ، والبحث عما نحتاج إلى معرفته من ديننا.

والله أعلم .
.



شاركنا تقييمك




اقرأ ايضا

- سؤال وجواب | أعاني من قشرة وحكة في الرأس منذ الصغر. كيف أتخلص منها؟
- سؤال وجواب | هل صح حديث ( إن لقتل الحسين حرارة في قلوب المؤمنين لاتبردُ أبداً)؟
- سؤال وجواب | أتعرق بشدة وتتسارع ضربات قليب وأتلعثم في ازدحام الناس فماذا أفعل؟
- سؤال وجواب | الجميع كان يثني على جمالي في الصغر. هل تعرضت للحسد؟
- سؤال وجواب | تفاقمت المشاكل مع خطيبها بعد الخطبة فهل للعين أثر
- سؤال وجواب | حديث لا أصل له في حديث النفس في الصلاة .
- سؤال وجواب | ضوابط استعمال ظلال العيون
- سؤال وجواب | أصاب بالرهاب الاجتماعي كلما تحدثت أمام أناس لا أعرفهم. أريد علاجًا
- سؤال وجواب | حول الأحاديث الواردة في المداعبة قبل الجماع
- سؤال وجواب | أعاني من دوخة وعدم توازن فهل سببها نفسي أم عضوي؟
- سؤال وجواب | أعاني من آلام في معدتي، فما العلاج؟
- سؤال وجواب | حكم قص الشعر الكثيف في طرفي الحاجبين وقص الرموش
- سؤال وجواب | لدي قلق لإهمالي دراستي وضياع فرصٍ مهمة.
- سؤال وجواب | دعاء المصر على كشف ما فوق ركبته
- سؤال وجواب | فوائد وأضرار الشاي الأخضر والشاي الأحمر
 
شاركنا رأيك بالموضوع
التعليقات

لم يعلق احد حتى الآن .. كن اول من يعلق بالضغط هنا


أقسام سؤال و جواب . كوم عملت لخدمة الزائر ليسهل عليه تصفح الموقع بسلاسة وأخذ المعلومات تصفح هذا الموضوع ويمكنك مراسلتنا في حال الملاحظات او التعديل او الإضافة او طلب حذف الموضوع ...آخر تعديل اليوم 2024/09/22




كلمات بحث جوجل