هل بالإمكان سرد السيرة الذاتية للشيخ آق شمس الدين بن حمزة ، معلّم محمد الفاتح ، والذي يُعتبر واحداً من أفضل علماء عصره ؟.
الحمد لله.
هو الشيخ محمد بن حمزة بن محمد بن محمد الرومي ، شمس الدين الحنفي المعروف بابن الفَنَري ، كانت له مشاركة حسنة في العلوم الشرعية ، وله معرفة جيدة باللغة والقراءات، وله بعض التصانيف في التفسير والأصول ، مع معرفته بالطب.
وكان يُقرئ الفصوص ، ويشرحها على الناس.
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله : " ولد في سنة 751 في صفر، وأخذ ببلاده عن العلامة علاء الدين المعروف بالأسود ، شارح المغني ، وعن الكمال محمد بن محمد المعري ، والجمال محمد بن محمد بن محمد الأقصرائي وغيرهم، ولازم الاشتغال، ورحل إلى الديار المصرية سنة ثمان وسبعين وله عشرون سنة، فأخذ عن الشيخ أكمل الدين وغيره ، ثم رجع إلى الروم فولي قضاء برصا مدة ؛ ثم تحول إلى قونية فأقام بها، فلما وقع الحرب بين ابن قرمان وابن عثمان ، وانكسر ابن قرمان ، أخذ ابن عثمان الشيخ شمس الدين المذكور إلى برها ، ففوض إليه قضاء مملكته وارتفع قدره عنده ، فوصل عنده المحل الأعلى ، وصار في معنى الوزير واشتهر ذكره وشاع فضله.
وكان حسن السمت كثير الفضل والإفضال، غير أنه يعاب بنحلة ابن العربي وبأنه يقرىء الفصوص ويقرره ! وكان عارفاً بالقراءات والعربية والمعاني ، كثير المشاركة في الفنون.
ثم حج سنة ثلاث وثلاثين على طريق أنطاكية ، ورجع فمات ببلاده في شهر رجب ، وكان قد أصابه رمد ، وأشرف على العمى ، بل يقال إنه عمي ثم رد الله عليه بصره ، فحج هذه الحجة الأخيرة شكرا لله على ذلك " انتهى من "إنباء الغمر بأبناء العمر" (3/ 464).
وجاء أن السلطان العثماني محمد خان فاتح القسطنطينية كان يجلّه ويعظمه ، فذكر صاحب كتاب "الشقائق النعمانية في علماء الدولة العثمانية" (ص: 140): " أن السُّلْطَان مُحَمَّد خَان جاء إلى خيمة الشَّيْخ وَهُوَ مُضْطَجع ، فَلم يقم لَهُ ، فَقبل السُّلْطَان مُحَمَّد خَان يَده وَقَالَ: جئْتُك لحَاجَة عنْدك ، قَالَ مَا هِيَ؟ قَالَ: أريد أن أدخل الْخلْوَة عنْدك أياما ؟ قَالَ الشَّيْخ : لَا.
فردد عَلَيْهِ مرَارًا وَهُوَ يَقُول : لَا.
فَغَضب السُّلْطَان مُحَمَّد خَان وَقَالَ: إن وَاحِدًا من الأتراك يَجِيء إليك ، وتدخله الْخلْوَة بِكَلِمَة وَاحِدَة ! قَالَ الشَّيْخ : إنك إذا دخلت الْخلْوَة تَجِد هُنَاكَ لَذَّة تسْقط السلطنة من عَيْنك ، وتختل أمورها ، فيمقت الله إيانا، وَالْغَرَض من الْخلْوَة تَحْصِيل الْعَدَالَة ، فَعَلَيْك أن تفعل كَذَا وَكَذَا، وَذكر مَا بدا لَهُ من النصائح ، فَقَامَ السُّلْطَان مُحَمَّد خَان وودعه وَالشَّيْخ مُضْطَجع كَمَا هُوَ.
وَلما خرج السُّلْطَان مُحَمَّد خَان قَالَ لِابْنِ ولي الدّين : مَا قَامَ الشَّيْخ لي ، وأظهر التأثر من ذَلِك.
قَالَ ابْن ولي الدّين : إن الشَّيْخ شَاهد فِيكُم الْغرُور بِسَبَب هَذَا الْفَتْح الَّذِي لم يَتَيَسَّر للسلاطين الْعِظَام ، وإن الشَّيْخ مربّ ، فأراد بذلك أن يدْفع عَنْكُم الْغرُور " انتهى.
وانظر : "بغية الرعاة (1/97)، "شذرات الذهب" (9/304).
وتوفي سنة (834 هـ) كما في" الأعلام " للزركلي (6/110).
والله تعالى أعلم .
.