إن كان الحامل للمصحف في صلاة التراويح، هو الإمام؛ لحاجته للقراءة من المصحف، فلا حرج في ذلك؛ فقد كان لعائشة رضي الله عنها غلام يؤمها من المصحف في رمضان ([46]).
وقال النووي رحمه الله: "لو قرأ القرآن من المصحف لم تبطل صلاته سواء كان يحفظه أم لا ، بل يجب عليه ذلك إذا لم يحفظ الفاتحة, ولو قلَّب أوراقه أحيانا في صلاته لم تبطل.
هذا مذهبنا ومذهب مالك وأبي يوسف ومحمد وأحمد " انتهى ([47]).
وأما اعتراض من اعترض على ذلك بأن حمل المصحف وتقليب أوراقه في الصلاة حركة كثيرة فهو اعتراض غير صحيح؛ لأنه قد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى بالناس وهو حامل أمامة بنت ابنته ([48])، فحمل المصحف في الصلاة ليس أعظم من حمل طفلة في الصلاة.
وقال الشيخ ابن باز رحمه الله: "لا حرج في القراءة من المصحف في قيام رمضان، لما في ذلك من إسماع المأمومين جميع القرآن، ولأن الأدلة الشرعية من الكتاب والسنة قد دلت على شرعية قراءة القرآن في الصلاة، وهي تعم قراءته من المصحف وعن ظهر قلب، وقد ثبت عن عائشة رضي الله عنها أنها أمرت مولاها ذكوان أن يؤمها في قيام رمضان، وكان يقرأ من المصحف، ذكره البخاري رحمه الله في صحيحه معلقاً مجزوماً به" ([49]).
وأما المأموم، فالأولى والأفضل في حقه أن لا يحمل المصحف؛ لما فيه من الانشغال وتفويت بعض السنن، كوضع اليدين على الصدر([50]).
سئل الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله: ما حكم حمل المأموم للمصحف في صلاة التراويح؟ فأجاب : " لا أعلم لهذا أصلا ، والأظهر أن يخشع ويطمئن ولا يأخذ مصحفا ، بل يضع يمينه على شماله كما هي السنة ، يضع يده اليمنى على كفه اليسرى الرسغ والساعد ويضعهما على صدره ، هذا هو الأرجح والأفضل، وأخذ المصحف يشغله عن هذه السنن ، ثم قد يشغل قلبه وبصره في مراجعة الصفحات والآيات وعن سماع الإمام ، فالذي أرى أن ترك ذلك هو السنة ، وأن يستمع وينصت ولا يستعمل المصحف، فإن كان عنده علم فَتَح على إمامه ، وإلا فتح غيره من الناس ، ثم لو قدر أن الإمام غلط ولم يُفتح عليه ما ضر ذلك في غير الفاتحة إنما يضر في الفاتحة خاصة ؛ لأن الفاتحة ركن لا بد منها أما لو ترك بعض الآيات من غير الفاتحة ما ضره ذلك إذا لم يكن وراءه من ينبهه ، ولو كان واحد يحمل المصحف على الإمام عند الحاجة فلعل هذا لا بأس به، أما أن كل واحد يأخذ مصحفا فهذا خلاف السنة"([51]) انتهى.
سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: ما حكم حمل المصحف من قبل المأمومين في صلاة التراويح في رمضان بحجة متابعة الإمام؟ فأجاب: "حمل المصحف لهذا الغرض فيه مخالفة للسنة وذلك من وجوه : الوجه الأول: أنه يفوت الإنسان وضع اليد اليمنى على اليد اليسرى في حال القيام.
والثاني: أنه يؤدي إلى حركة كثيرة لا حاجة لها وهي فتح المصحف وإغلاقه ووضعه تحت الإبط.
والثالث: أنه يشغل المصلي في الحقيقة بحركاته هذه.
والرابع: أنه يفوت المصلي النظر إلى موضع السجود وأكثر العلماء يرون أن النظر إلى موضع السجود هو السنة والأفضل.
والخامس: أن فاعل ذلك ربما ينسى أنه في صلاة إذا لم يكن يستحضر قلبه أنه في صلاة، بخلاف ما إذا كان خاشعاً واضعاً يده اليمنى على اليسرى مطأطئاً رأسه نحو سجوده فإنه يكون أقرب إلى استحضار أنه يصلي وأنه خلف الإمام" انتهى ([52]) ..