بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فأنا أقدر جدًّا موضوع التردد الذي تعاني منه؛ لأن هذا من طبيعة الحالة التي تعاني منها، -كما ذكرت لك- حالتك تشير وبصورة واضحة جدًّا على أنها حالة نفسوجسدية، بمعنى أن المكون النفسي هو الذي أثار الأعراض العضوية.
نحن في الطب النفسي دائمًا نحاول أن نضع التشخيص ليس من خلال ما يسمى بالتأكد السلبي، والتأكد السلبي هو أن تجد بعض المرضى مثلاً يشتكي من صداع، تجده يتردد على أطباء ويُجري فحوصات كثيرة قد تصل إلى الصورة المقطعية أو الرنين المغناطيسي وتخطيط الدماغ، يفحص العينين، والجيوب الأنفية والأسنان، وفي نهاية الأمر يُقال له: أنت لا تعاني من أي شيء، هذا الصداع ربما يكون نفسيًا.
نحن لا نشخص بهذه الطريقة، إنما في الطب النفسي -وهذا بالطبع يتطلب بعض الخبرة- نشخص الحالات اعتمادًا على المعايير الإيجابية، يعني حالة الصداع التي أشرت إليها، هنالك أنواع خاصة جدًّا حول طبيعة الصداع، كيفيته، بدايته، نهايته، مُثيراته، وهكذا.
فهذه هي الروابط الأساسية التي تجعلنا نقول أن هذا الصداع صداع عُصابي أو نفسي، وليس صداعًا عضويًا، وهذا ما ينطبق عليك أيها الفاضل الكريم، مؤشرات النفسية قوية جدًّا لديك، لكن هذا لا يمنع أبدًا من أن تعرض نفسك على أطباء -أطباء الجهاز الهضمي مثلاً- لا مانع في ذلك أبدًا، اعرض نفسك على الطبيب، وقم بالفحص التام، لكن أنصحك بشيء واحد ضروريّ: لا تتردد على الأطباء كثيرًا؛ لأن الحالات النفسية الجسدية خاصة حين يكون منشؤها قلقيًا ووسواسيًا تجد صاحبها يتردد من طبيب إلى طبيب دون أي قناعات بما يقوله الطبيب الذي ذهب إليه، أو ربما تكون قناعاته لفترة قصيرة، ثم بعد ذلك تبدأ لديه الهواجس والوسواس، فأنا أرى أن حالتك نفسوجسدية، وهذا هو اجتهادي، والله أعلم.
أسأل الله لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد..