ما حكم التصرف بالوقف مما يؤدي إلى ضياعه دون قصد ؟ فقد وضع صندوق للتبرعات في مسجد الجامعة وقفاً لمن أراد الانتفاع به في جمع التبرعات لمن يحتاجها ومن ثم إعادته إلى المسجد مرة أخرى ، وقد استخدمت هذا الصندوق للغرض الذي وقف له ، ثم ضاع مني دون أن أجده فما عليَّ الآن ؟ هل يجب عليَّ ضمان هذا الصندوق ؟..
الحمد لله.
إذا كان هذا الصندوق قد ضاع منك من غير تفريط أو تقصير في حفظه فلا ضمان عليك ، أما إذا كنت قصرت في حفظه فعليك ضمانه ، وضمان الأموال التي كانت فيه ، إن كان فيه أموال.
لأنك كنت مؤتمنة على هذا الصندوق ، والأمين لا يضمنه إلا بالتعدي أو التفريط.
جاء في " الموسوعة الفقهية " ( 28 / 258 ، 259 ) : " المشهور تقسيم اليد إلى قسمين : يد أمانة ، ويد ضمان.
ويد الأمانة : حيازة الشّيء أو المال ، نيابةً لا تملّكاً ، كيد الوديع ، والمستعير ، والمستأجر ، والشّريك ، والمضارب ، وناظر الوقف ، والوصيّ.
ويد الضمان : حيازة المال للتّملّك أو لمصلحة الحائز ، كيد المشتري والقابض على سوم الشّراء ، والمرتهن ، والغاصب والمالك ، والمقترض.
وحكم يد الأمانة ، أنّ واضع اليد أمانةً ، لا يضمن ما هو تحت يده ، إلاّ بالتّعدّي أو التّقصير ، كالوديع.
وحكم يد الضّمان ، أنّ واضع اليد على المال ، على وجه التّملّك أو الانتفاع به لمصلحة نفسه ، يضمنه في كلّ حال ، حتّى لو هلك بآفة سماويّة ، أو عجز عن ردّه إلى صاحبه ، كما يضمنه بالتّلف والإتلاف.
فالمالك ضامن لما يملكه وهو تحت يده ، فإذا انتقلت اليد إلى غيره بعقد البيع ، أو بإذنه ، كالمقبوض على سوم الشّراء ، أو بغير إذنه كالمغصوب ، فالضّمان في ذلك على ذي اليد ، ولو انتقلت اليد إلى غيره ، بعقد وديعة أو عاريّة ، فالضّمان - أيضاً - على المالك " انتهى.
وعليه : فما دمت قد استعملت الصندوق فيما أوقف عليه ، ولم يحصل منك تعدٍّ ولا تقصير ولا إهمال في حفظه والعناية به : فلا يلزمك ضمانه ، ولو فعلت وأتيت بغيره أو أحسن منه فهو أطيب لك وأبعد لك عن الشبهة والقيل والقال فيك ، وهو صندوقٌ لجمع التبرعات لا يكلفك كثيراً ولك فيه أجر ، فاحرصي على الإتيان بصندوق آخر من غير إلزام.
والله أعلم ..