ما حكم مياه الشوارع؟ أعلم بأنكم قد أجبتم -بارك الله فيكم- في بعض الفتاوى حول هذا الموضوع، لكن بعض الأمور لا تزال ملتبسة لدي، خاصة وأنني مصابة بالوسواس القهري، وأرجو أن أجد من أقوال أهل العلم ما يخفف عني العناء والمشقة..
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:فاسترسالك مع تلك الوساوس خطر عظيم، وتشقيقك المسائل وتعمقك في الافتراضات مما يجلب لك مزيد الوسواس، والذي يريحك من هذا العناء كله أن تحملي طين الشوارع وغيره من مياهها على الطهارة، ولا تحكمي بنجاسة شيء من ذلك، وحتى لو تيقنت نجاسة شيء من ذلك، فإن يسيره معفو عنه، أي: لا يجب تطهيره عند كثير من أهل العلم، وانظري الفتوى رقم:
انتهى.وزاد الدسوقي هذا المعنى في حاشيته إيضاحا فقال: وَأَمَّا إذَا شَكَّ فِي أَيِّهِمَا أَكْثَرُ مَعَ تَحَقُّقِ الْإِصَابَةِ، أَوْ كَانَ الطِّينُ أَكْثَرَ مِنْهُمَا تَحْقِيقًا أَوْ ظَنًّا أَوْ تَسَاوِيًا فَالْعَفْوُ.
وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْأَحْوَالَ أَرْبَعَةٌ: الْأُولَى: كَوْنُ الطَّيْنِ أَكْثَرَ مِنْ النَّجَاسَةِ تَحْقِيقًا أَوْ ظَنًّا، أَوْ مُسَاوِيًا لَهَا كَذَلِكَ وَلَا إشْكَالَ فِي الْعَفْوِ فِيهِمَا، وَالثَّالِثَةُ: غَلَبَةُ النَّجَاسَةِ عَلَى الطِّينِ تَحْقِيقًا أَوْ ظَنًّا وَهُوَ مَعْفُوٌّ عَنْهُ عَلَى ظَاهِرِ الْمُدَوَّنَةِ، وَيَغْسِلُ عَلَى مَا لِابْنِ أَبِي زَيْدٍ، وَقَوْلُهُ: لَا إنْ غَلَبَتْ إلَخْ، وَالرَّابِعَةُ: أَنْ تَكُونَ عَيْنُهَا قَائِمَةً وَهِيَ قَوْلُهُ: وَلَا إنْ أَصَابَ عَيْنُهَا، وَكُلُّهَا مَعَ تَحَقُّقِ وُجُودِ النَّجَاسَةِ فِي الطِّينِ.
وَأَمَّا عِنْدَ عَدَمِ الِاخْتِلَاطِ أَوْ الشَّكِّ فِيهِ فَلَا مَحَلَّ لِلْعَفْوِ إذْ الْأَصْلُ الطَّهَارَةُ.
انتهى.فلك أن تعملي بما هو ظاهر المدونة كما مر بك، وإن كان إعراضك عن هذه الوساوس وتجاهلك لها هو السبيل الأمثل للعلاج، نسأل الله لك العافية.والله أعلم..