بسم الله ، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه.

وبعد: طبيبنا محمد بن عبد العليم! سلام الله عليك ورحمته وبركاته.

في الحقيقة لا أعرف من أين أبتدئ، ولا أعرف كيف أوفيك حقك من المديح، ولا أعتقد أن هذه الرسالة ستوفيك حقك، لكن يكفيك فخراً، ويكفيك شرفاً، ويكفيك كرماً أنك من دعاة الخير، وقد استفاضت الأحاديث في الثناء على معلّمي الناس الخير.

كانت إجابتك شافية وكافية ووافية، لله درك لو لم يكن عند العرب غيرك لكفاهم، وكيف لا، وردود البر والإحسان تعبّر عن أخلاقك وعن شهامتك ومحبتك للخير، ونشره ووصوله.

نسأل الله أن يحشرنا وإياكم وجميع القائمين على هذا المشروع وجميع الإخوة الذين يعملون في الخفاء، وجميع الأطباء الذين شاركونا من قبل، مع الذين أنعم عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقاً.

طبيبي الفاضل: عندي مشكلة ينبغي أن أحسمها، ولا عاصم غداً من أمر الله إلا من رحم.

تبدأ مشكلتي من ضعف السمع الذي أعاني منه منذ نعومة أظافري، حيث سبّب لي - والحمد لله على كل حال - بعضاً من المشاكل الاجتماعية والنفسية، كالرهاب وإخوته - ولله الحمد - أدركت الحكمة من ذلك كله، فأصبحت كل يوم بموعظة، وأمسيت بموعظة، فأدركت سر الوجود، وعرفت أنه ينبغي الاستعداد ليوم الرحيل.

وأنا - ولله الحمد والمنة والفضل والإحسان - مقدم على الزواج بعد أشهر، وما زال الوهم يطاردني ويضيق عليّ، ويخبرني بأن مشكلتي التي ابتليت بها سوف تسبب لي مشاكل زوجية في المستقبل، ومع أني - ولله الحمد - أستعين بالآلة السمعية، وبما أنني لا أرضى بالدون ولا بالعيش على هامش الأحداث، وبما أنني كذلك فها أنا بحاجة إلى مساعدتك الطيبة.

أرجو من حضرتك ومن شخصك الكريم أن تعيرني قلبك وسمعك وبصرك، علّ الله يرحم ضعفي بما آتاك من فضله.

وفي الأخير أرجو من حضرتك أن تدعو لي بلسان المقال، وليس بلسان الكتابة أن يرزقني الله الزوجة الصالحة، وأن يوفقني في الدنيا والأخرة، ولك بالمثل.

واكتب لي في الأخير عن الدعاء: (قد فعلت) ولا تزد على ذلك.

سبحان ربك رب العزة عما يصفون، وسلام على المرسلين، والحمد لله رب العالمين...

بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أخي الكريم! ليس لي ما أقوله لك إلا جزاك الله خيراً وبارك الله فيك.

أنا بالطبع لا أملك قدرتك على التعبير، وقد حباك الله بهذه المقدرة، وهذا من نعمة الله عليك، أنا أكرر وأقول لك: جزاك الله خيراً، وأسأل الله تعالى أن يرحمنا جميعاً برحمته وأن يوفقنا وأن يسدد خطانا، وأن يعز الإسلام والمسلمين.

المشكلة التي تعاني منها وهي ضعف السمع منذ الطفولة، هي علة وابتلاء، ولكن في نظري هو ابتلاء بسيط جداً لشخص مثلك، وبهذه القوة الإيمانية العظيمة فهذه العلل البسيطة لا تعني شيئاً لدى الصالحين، ولا تعني أي شيء لدى المؤمنين، رأينا من العلماء من فقد بصره وكان قمة في الإيمان، وروعة في الأداء، وهنالك من فقد سمعه وهكذا.

أخي الكريم! لا أريد مطلقاً أن تشعر بالدونية أو تشعر بأي شيء من النقص، وهذه علة بسيطة وأنت - الحمد لله - لديك الدفاعات الإيمانية القوية التي تحميك من الشعور بالدونية، وأنت - الحمد لله - أخذت بالأسباب وهي استعمال السماعة، هذا يساعد، وهذا من فضل الله ، أنت ذكرت أنك قد أدركت الحكمة من كل الذي أصابك فأصبحت كل يوم بموعظة، ثم تمسي بموعظة، وأدركت سر الوجود، وعرفت أنه ينبغي الاستعداد ليوم الرحيل، هذا كلام عظيم، وكلام جميل، ولك - أخي الكريم - أن تعيش حياة طيبة، وتسأل الله دائماً عيشة هنيئة، وميتة سوية، ومرداً غير مخزٍ ولا فاضح.

ويا أخي! من حقك أن تتزوج، ومن حقك أن تعيش في مودة وسكينة وطمأنينة، وأنا على ثقة كاملة أنك - إن شاء الله - سوف تجد الزوجة الصالحة التي تناسبك، وليس هنالك ما يدعوك للشعور بالنقص، أنت ذهبت إلى بلاد بعيدة، وكتب الله لك الاستقرار، وهذا أيضاً يدل على مقدراتك، وأنت استطعت أن تتكيف وأن تتأقلم مع مجتمع غير المجتمع العربي والإسلامي، وهذا يدل على قوتك وعلى استبصارك وعلى مقدراتك، وأن علة السمع لم تكن أبداً معطلاً أو معيقاً لك.

أقول لك بكل أمانة وصدق أن مثلك يعَالِج ولا يعالَج، فأنت - الحمد لله - لديك قناعات إيمانية ثابتة، والحياة لا تخلو من الصعوبات، ولا تخلو من المشاكل، ولكن رصيدك الإيماني، وشخصيتك الثابتة المستقرة المتوازنة الأبعاد تجعلك - إن شاء الله - تتخطّى كل الصعاب من رهاب وخوف وغيره.

أسأل الله تعالى لك الصحة والعافية، والتوفيق والسداد، وأن يرزقك الله تعالى الزوجة الصالحة، ونسأل الله تعالى أن يجمعنا جميعاً على طاعته ورحمته ومغفرته..