لدي سؤال بخصوص الدراسة بجامعة المدينة ، أريد أن أسافر لأدرس بالجامعة الإسلامية بالمدينة ، ولكن والدي يرفض ذلك ، معللا ذلك بأنه يخاف أن تعتبرني الولايات المتحدة الأمريكية "مشتبه به" في حال عودتي ، مما قد يسبب لي مشاكل في الإقامة مرة ثانية في الولايات المتحدة ، وأمي توافق على سفري إلا أن أبي يرفض.
فهل يمكنني أن أسافر في سبيل الله لأدرس الإسلام بدون موافقة أبي؟ أم يجب عليّ إقناعهما بسفري ؟ فالسفر للدراسة أمنية من أمنياتي حياتي أسأل الله أن يعطيني إياها.
.
الحمد لله.
طلب العلم من آكد الأعمال ، وأجل القربات ، وهو نوعان : واجب : وهو علم ما تصح به عقيدة الإنسان وعبادته.
والثاني : تطوع ، وهو ما عدا الواجب.
وللابن أن يسافر دون إذن والديه المسلمين لطلب العلم الواجب ، إذا لم يمكنه معرفته في بلده.
وأما غير الواجب فلا يسافر إليه إلا بإذنهما.
قال ابن قدامة رحمه الله : " إذا وجب عليه الجهاد ، لم يعتبر إذن والديه ; لأنه صار فرض عين وتركه معصية , ولا طاعة لأحد في معصية الله ، وكذلك كل ما وجب مثل الحج , والصلاة في الجماعة والجمع , والسفر , للعلم الواجب.
قال الأوزاعي لا طاعة للوالدين في ترك الفرائض والجمع والحج والقتال ; لأنها عبادة تعينت عليه , فلم يعتبر إذن الأبوين فيها , كالصلاة , ولأن الله تعالى قال : ( ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا ) ولم يشترط إذن الوالدين " انتهى من "المغني" (9/ 171).
وقال ابن مفلح في "الآداب الشرعية" : (1/ 462): " والمراد والله أعلم أنه لا يسافر لمستحب إلا بإذنه كسفر الجهاد ، وأما ما يفعله في الحضر كالصلاة النافلة ونحو ذلك فلا يعتبر فيه إذنه، ولا أظن أحدا يعتبره ، ولا وجه له ، والعمل على خلافه والله أعلم " انتهى.
ومن أهل العلم من فرق بين السفر الآمن وغير الآمن.
وينظر : الموسوعة الفقهية (29/ 83).
والأصل في ذلك : ما روى البخاري (3004) ومسلم (2549) عن عَبْد اللَّهِ بْن عَمْرٍو رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قال : جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاسْتَأْذَنَهُ فِي الْجِهَادِ ، فَقَالَ : ( أَحَيٌّ وَالِدَاكَ؟ قَالَ : نَعَمْ ، قَالَ : فَفِيهِمَا فَجَاهِدْ ).
ونحوه من الأحاديث.
ولا يخفى أن العلم الواجب يمكن تحصيله اليوم دون سفر ، عن طريق الكتب والأشرطة والإنترنت ، أو عن طريق الشيوخ إن وجدوا.
وعليه : فليس لك أن تسافر للدراسة إلا بإذن والديك ، فاجتهد في إقناع والدك ، واستعن في ذلك بمن يوثق فيه من صديق أو قريب ، لعل الله أن يحقق لك أمنيتك.
والله أعلم .
.