ترك أحد أقربائنا ذهبها في بيتنا مغطى في ورق قديم بدون معرفتنا أو علمنا ، وقد وجدنا الذهب مؤخراً ، وأخبرناه بذلك ، ولكنه أتى بعد شهر ، وكنَّا قد فقدنا الذهب ، فأبي رجل كبير ولديه مشكلة في ذاكرته ونحن نتوقع أن يكون ألقاهم هنا أو هناك معتقداً أنها ورقة قديمة ، ونحن نريد أن ندفع له نصف ثمن الذهب ولكن الذهب قد تضاعف ثمنه الآن فيكون دفع نصف ثمنه بمثابة دفع المبلغ بأكمله ، هل علينا أن ندفع قيمته وقت شرائه أم وقت بيعه ؟ ..
الحمد لله.
أولاً : هذا الذهب الذي وجدتموه يكون أمانة عندكم يجب عليكم حفظه ، حتى يأتي صاحبه ويأخذه.
وحكم الأمانة : أنها إذا ضاعت ممن هي عنده بتقصير منه وجب عليه ضمانها لصاحبها ، وإذا ضاعت بدون تقصير فلا شيء عليه.
قال ابن قدامة رحمه الله : "الوديعة أمانة فإذا تلفت بغير تفريط من المودَع : فليس عليه ضمان سواء ذهب معها شيء من مال المودع أو لم يذهب ، هذا قول أكثر أهل العلم.
فأما إن تعدى المستودَع فيها أو فرَّط في حفظها فتلفت : ضمِن بغير خلاف نعلمه ؛ لأنه متلف لمال غيره فضمنه كما لو أتلفه من غير استيداع" انتهى.
" المغني " ( 7 / 280 ).
فكان الواجب عليكم أن تحفظوا هذا الذهب في المكان الذي تحفظون فيه ذهبكم ، لا أن تجعلوه في ورقة قريباً من أيدي الناس.
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله : "فليس حِرز الذهب والفضة كحرز الأواني ، فالأواني تودَع في ظاهر البيت في الحُجَر والغرف بدون أغلاق وثيقة ، والذهب والفضة في الصناديق في أغلاق وثيقة" انتهى.
" الشرح الممتع على زاد المستقنع " ( 10 / 288 ).
فالذي يظهر : أنه قد حصل منكم تقصير في حفظ ذلك الذهب فيلزمكم ضمانه.
والأصل في الضمان : أن يضمن بمثله يوم ضاع ، فإن لم يمكن الإتيان بمثله فيضمن بقيمته.
فإذا وُجد في السوق قطعة تماثل القطعة الذهبية لقريبكم : فيُخيَّر بين شرائكم لها ، أو أخذ ثمنها.
وإن لم يوجد لقطعته مماثل في السوق : فتُقدَّر قيمة القطعة الذهبية وقت ضياعها ويُعطى ثمنها.
قال الشيخ العثيمين رحمه الله : "والمعتبر: زمن التلف [يعني : في تقدير قيمة الشي المتلف] ؛ لأنه هو الذي خرج ملك صاحبها عنها فيه ، أي : في وقت التلف" انتهى.
" الشرح الممتع على زاد المستقنع " ( 10 / 122 ).
هذا ما يجب عليكم أداؤه تجاه ذاك القريب إلا أن يعفو عن حقه بالكامل أو عن جزء منه.
والله أعلم.